السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نعم، دولة شر

نشر بتاريخ: 02/08/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
نعم، دولة شر
نعم، دولة شر

بقلم: جدعون ليفي - هآرتس 2016/7/31 ترجمة امين خير الدين
بعد أن قلنا عن كراهية العرب، وازدرائهم إنها قومية وعنصرية، وإن قداسة الأمن ومقاومة الاحتلال، والظهور بمظهر الضحية التي تريد الخلاص، يجب أن نظيف عنصرا واحدا، بدونه لا يمكن تفسير سلوك نظام الاحتلال الإسرائيلي: عنصر الشر، الشر الصافي، الشر السادي. الشر من أجل الشر، وأحيانا لا تفسيرا آخر.
لقد وجدت افا إيلوز* علامات. في مقالها (2016/7/29 -هآرتس) الذي يؤطِّر مبدأ الشر الشائع، ترى في المجموعة القومية مصدر الشر: وجدت "شبه عائلي" بمفهوم لودفيغ فيغنشتاين** أنه ثمّة تشابه بين الاحتلال الإسرائيلي وأنظمة الشر في التاريخ، لا يقول هذا التشابه إن إسرائيل نازية، ولا حتى فاشية، ورغم ذلك، تنتمي لنفس العائلة الفظيعة، عائلة دول الشر. إنه تحليل محزن وواضح، إن الشر الذي تنسبه إيلوز لإسرائيل ليس مُبْتذلا، ولا يمكن ان يحدث في أيّ مكان، إنه ينبع من معتقدات دينية واجتماعية نابعة من أعماق المجتمع الإسرائيلي. بهذا تنْظَم إلوز إلى زئيف شترنهل الذي حذر بمقال له من المناخ الثقافي الخصب لنمو هذه الفاشية المتنامية الآن في إسرائيل.
إزاء هذا التحليل يجب استعراض مختصر تاريخ هذا الشر: استعراض الأحداث التي تشكل معا الصورة المرعبة، صورة الشر في الأرض المحتلّة، للرد على مَنْ ينفي وجود هذا الشر. ولا أقصد حادثا واحدا - اليئور أزاريا مثلا- إنما أقصد سلوك المؤسسة، وسياسة الاحتلال، هي التي تؤكد وجود الشر، عمليا مجرد استمرار الاحتلال يؤكد الشر، الوز وشترنهل وآخرون يوفّرون التحليل الذي يثير الجدل من مصادره، ومهما كانت مصادره، لا يمكن إلغاء وجوده.
حالة واحدة خير من ألف شاهد، حالة بلال كايد، فتى أنهى مدّة عقوبته، 14 سنة ونصف، بلا يوم إجازة، ولم يُسْمح له بوداع والده، حتى تلفونيا، وهو يحتضر، تهيّء لإطلاق سراحه قبل موعده بشهر ونصف تقريبا، ممثل المخابرات، واحدة من وكالات الشر الكبيرة في إسرائيل، عرض عليه صورة البيت الذي بنته العائلة، لإثارته لمواجهة ذلك اليوم، وعندما كانت عائلته تنتظره على الحاجز، كان هو ينتظر بفارغ الصبر في زنزانته، أبلغوه أنه سيُرْسَل للمعتقل الإداري لنصف سنة على الأقل، بلا محاكمة أو تفسير.
منذ ذلك الحين يضرب عن الطعام: مقيدا لسريره في المستشفى، لا يُسْمح لعائلته بزيارته، السجنانون لا يغادرون غرفته، والضوء لا يُطْفأ فيها للحظة. فقط الشر يمكنه أن يفسر تصرّف الدولة مع كايد، فقط دولة الشر يمكنها أن تتصرّف بهذا الشكل.
فقط الشر يمكنه أن يُفَسّر توقيف فتى آخر حيران جردات ، الأسبوع الماضي، أخ ثاكل، قبل شهرين قَتَل الجنود أخاه عارف الذي كان يعاني من متلازمة داون، توفى ابوه قبل يومين، وهو مُتّهم ب "التحريض على صفحات الفيسبوك"، ومُنِع من حضور جنازة أبيه. الشّر. استمرار الاعتقال اللانهائي للشاعرة دارين طاطور - شرّ. تدمير بركة المياه التي بناها سكان طانا، شمال الضفة الغربية - شرّ. مصادرة صهاريج المياه التابعة للرعاة في الغور، في حرّ أيلول - شرٌّ.
معْظم قرارات نظام الاحتلال التي تقرر مصير أشخاص، وعائلات، وجماهير، وقرى ومدن لا يمكن تفسيرها بغير الشر. القائمة طويلة بطول الاحتلال، الابتزاز، الحقير من الشاباك للمرضى من غزة، من أجل تجنيدهم للعمالة، الحصار المفروض على المدن والبلدات لأسابيع، حصار غزّة، هدم البيوت - كل هذا شرُّ.
أليس موجودا، يجب الاعتراف بوجوده، وبأنه إحدى القيم ذات التأثير الكبير في إسرائيل. نعم في إسرائيل يسود نظام شرٍّ، لذلك هي دولة شرّ، حتى لو كان من السيئ سماع ذلك.
2016/8/1

* افا إيلوز بروفيسور بعلم لاجتماع ورئيسة بتسيلم سابقا محاضرة في الجامعة العبرية
** فيلسوف نمساوي
*** مؤرخ إسرائيلي