الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون*** ما بعد العربياد !! بقلم فايز نصار

نشر بتاريخ: 27/11/2007 ( آخر تحديث: 27/11/2007 الساعة: 17:33 )
بيت لحم - معا - كما بدأت بهدوء ، انتهت الألعاب العربية بهدوء ، لأن امة الضاد- بعدنانييها وقحطانييها - منشغلة هذه الأيام باستحقاق تتراجع أمامه كل الاستحقاقات الأخرى ، في أجواء انشغال العالم "بعميدة " قضايا الظلم "أم المظالم" القضية الفلسطينية ، بالاجتماع الدولي في أنابولس ، الذي يسعى لتحقق العدالة المفقودة في هذه الدنيا !
الحاصل ، أن الستارة أسدلت في قاهرة المعز على ألعاب عربية ، لم تنجح في خطب ودّ الشارع الرياضي العربي ، لأنها - والله اعلم - برمجت على عجل ، وكانت الأهداف غير الفنية تتقدم فيها على الأهداف الفنية ، بسبب البحث المحموم عن الذهب النفيس على منصات التتويج ، وفي حسابات البنوك ... وكل شيء أصبح بثمن في هذا العالم !
وكما خطط المنظمون نجحت " أم الدنيا " مصر في نيل قصب السبق على سبورة الميداليات ، بألوانها الثلاثة ، وكان الذهب المصري وفيرا على اللائحة النهائية لدورة ، ويكاد يقترب من مجموع حصيلة كل الدول الأخرى ، إذا استثنينا تونس ، التي كانت أقرب ندٍّ للمنظمين ، في ظل التراجع غير المفهوم للرياضة الجزائرية في كل شيء !
ولا يختلف اثنان في أحقية مصر بهذا التتويج ، الذي يعزز المركز الأول والثاني في المجموع العام ، وفي حصيلة الذهب بدورة الجزائر ، ولكن السؤال الملح ، الذي لم نجد له إجابة شافية ، ولم يستطع الأشقاء المصريون معالجة تبعاته هو : لماذا تتصدر مصر القائمة في الألعاب العربية ، والأفريقية ، وتغيب عن المنافسة في الدورات الأولمبية ، حيث كانت أخر ميدالية حصلت عليها منذ سبع وعشرين سنة بالتمام والكمال ، أي في أولمبياد موسكو ، بواسطة لاعب الجودو محمد رشوان ؟
إنه سؤال واقعي ، يؤرق القائمين على الرياضة في بلاد الكنانة ، ولعل الجواب ، أن أهداف المنافسات الرياضية المصرية ، تغرق في المحلية ، وتبحث الصدارة لأهداف رياضية وغير رياضية ، ترسخ في الأذهان التفوق المصري ، ولو أمام الأشقاء العرب والأفارقة ، وهذا أضعف الأيمان !!!
ورغم أن السيطرة المصرية على الألعاب كانت عن جدارة واستحقاق ، إلا أن أجواء التنظيم ، والضغوط على الفنيين ، ومنهم الحكام ، زادت في ابتعاد مصر في الصدارة ، ومن الأدلة على ذلك ما حصل في منافسة كرة القدم ، بطرد لاعب سعودي ، بمخالفة قد لا تستحق البطاقة الصفراء !
وبعد انتهاء الألعاب العربية ، من حق الرياضيين العرب أن يتساءلوا عن المستوى الفني للألعاب ، التي شهدت توسعا أفقيا رهيبا ، بالنظر لعدد المشاركين ، وخاصة من الرياضيين المصريين ، الذي اقترب عددهم من الستة آلاف مشارك ، على حساب التوسع العمودي في هذه الزحمة الرياضية ؟ وهل اقترب المشاركون من الأرقام القياسية العالمية ؟ وهل كان الأداء مبشرا بمستقبل يحرق المراحل بين العربياد ، والمنافسات الدولية ؟ الجواب - بكل أسف - أن المستوى الفني العربي مازال بعيدا عن المعايير والنتائج الدولية ، لولا بعض "الخرجات" في ألعاب القوى ، التي تأتيك من بلاد المغرب العربي ، او من قطر والبحرين ، برياضييهما المجنسين !
أمام المشاركة الفلسطينية ، فيجب أن تنسى ، لان الرياضيين الفلسطينيين مروا من القاهرة مرورا عابرا ، ولم يتركوا بصمات تستحق الذكر ، لولا المفاجئة الطيبة لهجن الآتين من جنوبي قطاع غزة ، ولن نتحدث هنا عن الصعوبات ، التي رافقت مشاركتنا ، جراء الحصار ، وبسبب ضيق اليد ، ولكن هل ستحاسب معالي الوزيرة من تسببوا في هذه النكسة ، إذا كان الأمر يتعلق بأخطاء سببها الارتجال ، وضيق الأفق لدى المتنفذين في لجنتنا الأولمبية ؟ وبوضوح أكثر هل سيكون السيد رئيس اللجنة الأولمبية موضع مساءلة على هذه الجبهة ؟
لقد خرجت فلسطين من مولد العربياد بلا حمص ، على أمل المحاسبة ، التي تجعل الرياضيين الفلسطينيين يشعرون بأن ملف المشاركات الفلسطينية العابرة قد طوي إلى الأبد ، وأن زمنا فلسطينيا جديدا قد بدأ باستخلاص العبر ، والتحضير المبكر للعربياد القادمة في بيروت !
والأهم من كل ذلك أننا نريد من وزارة الشباب والرياضة المشاركة الفعالية في القرار الرياضي العربي ، لأن الفلسطينيين كانوا سباقين لمشاركة في الألعاب العرب ، وكانوا مؤثرين في ديمومتها ، ويجب أن ينصب التدخل الفلسطيني على جبهة إعطاء الخبز لخبازه ، وتحويل تسيير الألعاب الرياضية العربية إلى الفنيين في الاتحاد العربي للألعاب الرياضية ، ونزع القرار من الغطاء السياسي ، الذي لم يثبت نجاعته ، والمتعلق بجامعة الدول العربية !
شكرا لمصر لأنها أحسنت جمع العرب ، تحت خيمة الألعاب العربية ، وهنيئا لمصر صدارتها ، التي ترسخ ريادتها ، ولا عزاء لفلسطين ، التي تواصل تراجعها الرياضي في كل شيء ، والأمل في دورات عربية قادمة تركز على الكيف قبل الكم ، ويكون المضمون فيها مهما كما الشكل ، لأن ألعابا عربية تقام بمشاركة مئة رياضي ، و يحطم فيها رقما عالميا واحدا ، أفضل من ألعاب تقام بمشاركة الآلاف الجرارة من الرياضيين ، ولا يقترب المشاركون فيها من الأرقام الدولية !
والحديث ذو شجون
[email protected]