غزة- معا -مع اقتراب موعد افتتاح العام الدراسي بدأ الأهالي في قطاع غزة الاستعداد لهذا الموسم الذي لا تقل تكاليفه عن مواسم العيدين حتى غدا عيدا ثالثا يحتاج إلى أزياء مدرسية جديدة وفي أسواق القطاع انتشرت العديد من معارض القرطاسية التي تتنافس فيما بينها للفت أنظار الأهالي وأطفالهم.
وبينما اعتبر بعض الأهالي أن هناك مبالغة في أسعار بعض المواد يرى التجار أنها في متناول الجميع وأنها تواكب آخر صحيات الموضة في عالم القرطاسية بينما يرى محللون أن الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة تعكس بظلالها على التجار الذين بدورهم حملوها للمواطنين بطريقتهم الخاصة.
فهل يدرك الأطفال أهمية أن تكون المستلزمات المدرسية باهظة الثمن وتواكب آخر الموديلات؟
صدمة:
منار الحداد تخوض تجربة الاستعداد لأول مرة فأعربت عن صدمتها من الأسعار التي اعتبرتها باهظة الثمن لطفل في الصف الأول مشددة أن مستوى المعيشة في غزة لا يتحمل شراء هذه المستلزمات بأسعار خيالية لا يدرك الطفل قيمتها ولا يفكر في جودتها.
وتساءلت الحداد:"هل سيتفاخر الطلاب فيما بينهم حول موديل الحقيبة التي يحملها؟"مؤكدة أن الأطفال لا يعرفون شيئا عن هذه الماركات والأسعار التي يتم الحديث عنها وإنما يتركز اهتمام الطفل على حقيبة مدرسية تناسب ذوقه بألوانه المفضلة وشخصيته الكرتونية المفضلة.
وتتراوح أسعار الحقائب المدرسية في قطاع غزة ما بين 50 إلى 250 شيكلا يخضع بعضها للعروض التنزيلات في آخر الموسم وتخضع هذه الحقائب إلى مواصفات سنة الإنتاج والى الجودة والماركة.
واستنكرت الحداد الثقة المطلقة التي يطلقها التجار اتجاه سلعهم التي يصفونها بالماركات وأنها تستحق أن تكون بأسعار خيالية نظرا لموديلاتها الحديثة متسائلة :وان كانت موديل 2016 ماذا سيفعل بها الطالب فهي حقيبة وليست سيارة".
استغلال:
أسما أبو علبة أم لثلاثة أطفال اتهمت التجار باستغلال حاجتهم للسلع المدرسية بشكل كبير تساعدهم فئة من الناس الذين يقبلون على الشراء بهذه الأسعار غالية الثمن مؤكدة انه كلما اقترب افتتاح المدارس كلما تمسك التجار بالأسعار ورفعوها أكثر.
وأكدت أبو علبة أن العائلة التي لديها عدد كبير من الأبناء لن تستطيع بالتأكيد الإقبال على شراء هذه المستلزمات بهذا الغلاء خاصة إذا كان يعقبها مصاريف مدرسية من رسوم وزي مدرسي.
وتؤكد أبو علبة انه عدا عن شراء القرطاسية وملحقاتها فإنها لن تتمكن من شراء حقائب مدرسية لجميع أطفالها فالأسعار كما تقول ليست في متناول الجميع والأسعار خيالية لا تناسب المستوى المعيشي في غزة.
وترى أبو علبة أن الحديث عن الماركات غير مقنع فالأطفال لا يعرفون معنى الماركات فهي في النهاية حقيبة مدرسة لا يمكن معرفة ماذا سيكون مصيرها.
التجار يبررون:
معا التقت بأحد تجار المستلزمات المدرسية الذي أكد أن الأسعار تخضع للمنافسة بين التجار الذين يتنافسون في عرض نفس السلع مبينا أن الإقبال على الشراء يقل تدريجيا عن السنوات السابقة.
وقال التاجر محمد:"الدخل في غزة يقل كل عام عن الأعوام السابقة لذلك تقل القدرة الشرائية في السوق كذلك فان المحرك الرئيسي للسوق هم موظفي رام الله"مبينا أن ارتفاع الأسعار يعود إلى ارتفاعها من المصدر.
ويؤكد أن الأسعار في متناول الجميع إلا أن المشكلة تكمن في شح الأموال لدى المواطنين مضيفا:"لا توجد أموال نقدية مع الناس إلا أولئك المضطرين للشراء من الموظفين".
ويشير التاجر محمد إلى أن هناك فئة قليلة من الناس التي تقبل على الشراء مبينا أن الجميع ينتظر العروضات على السلعة حتى في السلع المدرسية لشرائها مؤكدا أن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها القطاع لا تساعد على الشراء.
عوامل متداخلة:
وعلى الرغم من تأكيد عدد من التجار انهم لا يربحون أكثر من 1 او 2% في السلع المعروضة وتكون نسبة الربح صفر في تلك التي تخضع للمنافسة يرى محللون اقتصاديون ان التاجر يعمل الازدواج الضريبي والجمركي للمستهلك مؤكدين أن ضعف القدرة الشرائية وضعف في مستويات الطلب والكساد والركود ليس فقط في احتياجات طلبة المدارس وإنما في كل احتياجات المواطنين في قطاع غزة
المحلل الاقتصادي أمين أبو عيشة أكد ان ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين فيما يخص المستلزمات المدرسية سببه إرهاق الأهالي من موسم الأضاحي وموسم الإنفاق على الاحتياجات المدرسية وتأثر منظومة الرواتب على اعتبار انه يتم غالبا صرف الرواتب قبل موسم المدارس وفي هذا الموسم سيتم صرفها بعد العودة إلى المدارس.
ويتفق ابو عيشة مع التاجر محمد أن الأسعار في متناول لجميع إلا أنها تتأثر بالمعاناة التي يعانيها التاجر ويعكسها بدوره على المواطن بالإضافة إلى عدم تناسب منظومة دخل الفرد مع القيمة الشرائية للمواد والخدمات.
ويقول:"الأسعار تفوق ميزانية الموظف ودخله ووضعه الاقتصادي وهذا ناتج عن الحصار والانقسام والازدواج الضريبي والجمركي الموجود في قطاع غزة بالإضافة إلى حالة البطالة والفقر لذلك تكون الأسعار مرتفعة بنظر المستهلك على الرغم من أنها ليست مرتفعة لدى العديد من الأسر البرجوازية في قطاع غزة" .
وتنشط العديد من الجمعيات الاغاثية والخيرية مع بداية موسم المدارس في توزيع المستلزمات المدرسية بشكل مجاني وتوفير الزي المدرسي لذلك يعمد بعض الأهالي إلى التأخر في شراء هذه المستلزمات على اعتبار أنها يمكن أن تتوفر بدون مقابل خاصة للطلبة الحكوميين وطلبة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
تقرير هدية الغول