نشر بتاريخ: 25/08/2016 ( آخر تحديث: 25/08/2016 الساعة: 10:21 )
القدس- معا- استقبل الطران عطا الله حنا رئيس
رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، وفدا من الكنيسة الأرثوذكسية اليوناني، مرحبا بزيارتهم لمدينة القدس متحدثا عن اهمية هذه المدينة المقدسة روحيا وتاريخيا وانسانيا وحضاريا.
وقال المطران: إن هذه المدينة المقدسة انما هي حاضنة تراثنا الروحي والانساني والوطني وهي بقعة مقدسة اختارها الله لكي تتجسد فيها افعال محبته ورأفته بالبشر، ففي كل زاوية يمكنك ان ترى مزارات شريفة مرتبطة بحياة السيد المسيح ووالدته الام البتول والرسل القديسين وغيرهم ممن جاهدوا في سبيل الايمان واقتبلوا شهادة الدم ونالوا اكاليل المجد من السماء.
وأضاف: في المسيحية لا يوجد هنالك مدينة اهم من مدينة القدس ومع احترامنا لكافة المراكز الروحية المسيحية في الشرق والغرب فإننا نعتقد بأن مدينة القدس انما هي المركز المسيحي الاساسي الاقدم والاعرق في هذا العالم، ولاعتبارات سياسية هي التي جعلت الكرسي البطريركي الاورشليمي في المرتبة الرابعة ولكن من ناحية التاريخ الكنسي فإن كنيسة القدس هي اول كنيسة شيدت في العالم وفيها تمت كل الاحداث الخلاصية ومنها انطلق الرسل القديسين الى مشارق الارض ومغاربها بهدف البشارة الانجيلية ونشر قيم المحبة والسلام التي تنادي بها المسيحية.
وتابع المطران: ان هذه المدينة المقدسة التي نفتخر بأننا نخدمها ونعيش فيها ونستنشق هوائها ونصلي في معابدها ونسير في ازقتها العتيقة، انما نفتخر بانتماءنا اليها وهي التي نسكن فيها بأجسادنا ولكنها ساكنة في قلوبنا وستبقى كذلك، فهي جزء اساسي من تاريخنا وهويتنا واصالتنا وجذورنا العميقة في هذه الديار.
وأفاد المطران أن مدينة القدس تجمع ابناء الديانات التوحيدية الثلاث فهي مكرمة من اصحاب الديانات التوحيدية الابراهيمية التي تلتقي في هذا المكان وتجسد "لوحة فسيفسائية رائعة بتلاقي الانسان مع اخيه الانسان، انها مدينة السلام التي يعيش فيها المؤمنون ساجدين في معابدها ومصلين الى الله القادر على كل شيء، من اجل ان يحفظ لنا هذه المدينة وهذه البقعة المقدسة من العالم التي اسمها فلسطين".
ولفت إلى أن ابناء الشعب الفلسطيني الواحد مسيحيين ومسلمين يعتبرون مدينة القدس مدينتهم وعاصمتهم الروحية وهم يدافعون عن وجه هذه المدينة الروحي والانساني والتاريخي والوطني ويتصدون لكافة المحاولات الهادفة للتطاول على قدسية هذه المدينة وطمس معالمها، وتشويه صورتها واضعاف الوجود الفلسطيني فيها.
وتابع أن الفلسطينيين المقدسيين في مدينتهم المقدسة هم ليسو غرباء وليسو دخلاء وليسو ضيوفا عند احد، فهم في مدينتهم وفي اكناف مقدساتهم ولن يتخلوا عن مدينتهم المقدسة تحت اي ظرف من الظروف ومهما اشتدت حدة الضغوطات التي تحيط بهم وتستهدف وجودهم وبقاءهم وصمودهم في هذه المدينة المقدسة.
وقال المطران: ان الاحتلال الاسرائيلي لمدينة القدس قد حول هذه المدينة المقدسة من مدينة سلام، وتلاق بين الاديان الى مدينة صراع وعنف وكراهية وتحريض، وان سياسات الاحتلال حولت مدينتنا المقدسة الى مدينة صراع ديني بدل من ان تكون ملتقى للاديان في اجواء من السلام والاخوة والمحبة.
واعتبر أن الاحتلال ادخل الى المدينة المقدسة الثقافة العنصرية والفكر الاقصائي وهو الذي يعامل الفلسطينيين وكأنهم غرباء ضيوفا في دولة اسرائيل.
وشدّد المطران: نحن لسنا ضيوفا في دولة اسرائيل ولسنا نحن الذين اتينا الى دولة اسرائيل، بل دولة اسرائيل هي التي اتت الينا واحتلت اراضينا وشردت شعبنا ومازلنا حتى اليوم نعيش تداعيات ما حل بشعبنا من نكبات ونكسات.
وأضاف: نتمنى منكم وانتم تزورون مدينة القدس وغيرها من المواقع المقدسة في فلسطين ان تتعرفوا على معاناة شعبنا، فلا نريد للزوار والحجاج ان يكتفوا بزيارة الاماكن المقدسة بل يجب التعرف على معاناة الشعب القائم في هذه الديار وهو شعبنا الفلسطيني الذي نحن جزء اساسي من مكوناته انه شعب يناضل من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق السليبة.
وأفاد المرطان ان القدس ليست اماكن تاريخية فحسب، وليست حجارة صماء تشير الى تاريخ مجيد فحسب، بل هي اولا وقبل كل شيء الانسان، فما قيمة مقدساتنا بدون الانسان وما قيمة دور العبادة بدون الشعب، فقدسنا هي مدينة حية ليس فقط بتاريخها ومقدساتها واهميتها التاريخية والوطنية وانما ايضا بإنسانها وشعبها اولئك الذين يحافظون عليها ويقفون في الخطوط الامامية دفاعا عن مقدساتها ومؤسساتها وتاريخها وهويتها العريقة.
وقدم للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية، وقال:" ان المسيحيين الفلسطينيين وكنائس القدس المقدسة ليست حيادية فيما يتعلق بقضية فلسطين وشعبها المناضل من اجل الحرية، بل نحن منحازون لشعبنا ونحن مع هذا الشعب في آلامه واحزانه وجراحه كما اننا معه في نضاله وسعيه من اجل الحرية والانعتاق من الاحتلال وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية".
وبيّن المطران ان رسالته للوفد ولكنسيته هي أنه يتمنى منهم ومن الكنائس في هذا العالم بأن تبقى صوتا صارخا مناديا بالعدالة ونصرة المظلومين والدفاع عن كل انسان متألم ومعذب ايا كان دينيه وايا كانت قوميته.
وقال:" ان كنيستنا كسيدها يجب ان تكون منحازة دوما للمظلومين والمقموعين والمهمشين والمستضعفين، علينا ان نكون تعزية لكل انسان مظلوم وبلسما لكل انسان محزون فلا يجوز للمؤمن ان يبقى متفرجا مكتوف الايدي امام انتهاكات حقوق الانسان بل علينا ان نكون منحازين للانسان في آلامه واحزانه ومعاناته".
وأعرب عن تمنياته بان يسمع الصوت الارثوذكسي المنادي بحرية الشعب الفلسطيني، وقال:" هذا الصوت الذي لا نسمعه كما نتمنى وعندما نسمعه نسمعه بصوت خافت، ان المجمع الاخير الذي عقد في كريت لم يذكر شيئا عن فلسطين وكأن فلسطين لا تعنينا في حين ان فلسطين هي الارض المقدسة وقضية شعبها هو مفتاح السلام في منطقتنا، اراد البعض لهذا المجمع ان يتحدث فقط عن القضايا العقائدية والايمانية في حين اننا كنا نتمنى ان يكون هنالك حضور وصوت للمتألمين والمحزونين والمظلومين في بلادنا وفي منطقتنا، ونتمنى ان يتم تصحيح هذا الخطأ مستقبلا".
وأكد المطران: اننا نعتقد بأن الكنيسة الارثوذكسية كما وكافة الكنائس العالمية يجب ان تكون منحازة لقضايا العدالة، ان تضامنكم مع فلسطين وشعبها هو تضامن مع الحق والعدالة والسلام وهو انحياز للقيم الاخلاقية والانسانية والروحية.
وقدم للوفد تقريرا عن احوال مدينة القدس واحوال الكنيسة الارثوذكسية والحضور المسيحي في فلسطين واجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات.
وعبّر اعضاء الوفد عن سعادتهم بلقاء المطران" ابن فلسطين والمدافع الحقيقي عن قضية وطنه وشعبه والذي نقدر ونثمن عاليا دوره ومواقفه وانسانيته وصوته الذي ينادي بالعدالة ويبشر بقيم السلام والمحبة والاخوة بين الناس كافة".
وقال الوفد:" اننا متضامنون معكم ومع شعبكم واننا نحب فلسطين ارض القداسة والبركة والنعمة وهي جزء من عقيدتنا وايماننا وتراثنا، وقدّموا للمطران كتابا عن اديار الكنيسة الارثوذكسية اليونانية."
وضم الوفد 40 شخصا من ابرشية اثينا وتسالونيكي وغيرها من المدن اليونانية، وستستمر زيارتهم اسبوعا كاملا.