جامعة بيرزيت تفتتح المؤتمر الدولي حول الحفاظ على المشهد وإدارته في مناطق النزاع
نشر بتاريخ: 29/11/2007 ( آخر تحديث: 29/11/2007 الساعة: 20:44 )
بيرزيت-معا- افتتحت كلية الهندسة في جامعة بيرزيت وكلية عمارة المشهد وتخطيط الفضاءات في جامعة العلوم الحياتية في النرويج يوم الخميس 29 تشرين الثاني 2007، المؤتمر الدولي حول الحفاظ على المشهد وإدارته في مناطق النزاع في قاعة كمال ناصر في حرم جامعة بيرزيت، بمشاركة السفير المصري أشرف عقل والسفير الهندي زكران رحمان ورئيس جامعة بيرزيت د.نبيل قسيس.
وأكد د. قسيس في كلمة الافتتاح أن لجامعة بيرزيت اهتمام خاص بعمارة المشهد حيث كانت قد نظمت في عام 1998 مؤتمرا دوليا حول " آفاق المشهد في فلسطين"، وأن المؤتمر الحالي يأتي تتويجاً لمشروع التعاون بين جامعة بيرزيت وجامعة العلوم الحياتية النرويجية في مجال "بناء القدرات في حقل عمارة المشهد وتخطيط الفضاءات" والمستمر منذ عام 1997، والذي دعمه البرنامج النرويجي للتطوير والبحث والتعليم (NUFU)، بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) والاتحاد الدولي لمعماريي المشهد (IFLA)، وبدعم من مؤسسة نصار للاستثمارات.
وأشار د. قسيس أن هذا المؤتمر يناقش مسألة الحفاظ على المشهد وإدارته في مناطق النزاع، وأن ما يثري أعمال هذا المؤتمر هو إسهام العديد من الاختصاصيين من فلسطين والشرق الأوسط الذين تناولوا تأثير الاحتلال الإسرائيلي على المشهد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك حضور عدد لا بأس به من الاختصاصيين من دول أخرى غطت إسهاماتهم مساحة أكبر لتشمل أموراً مثل الخط الأخضر في قبرص وحواجز الفصل والتحكم بالمشهد والسيطرة عليه، والتعامل مع مناطق المأوى وإدراك التغيرات المشهدية في مناطق مختلفة من العالم.
وأوضح د.قسيس أن الجامعة تعمل باستمرار على توسيع الخيارات فيما تقدمه من برامج أكاديمية، مع الحفاظ على مستوى أكاديمي مرموق يعتمد على توفير الهيئة التدريسية القديرة والمصادر النوعية الكافية واختيار الطلبة الواعدين، كما تعمل على أن تكون هذه البرامج في مجالات يطلبها طلاب العلم ويحتاجها سوق العمل.
وأعلن د. قسيس خلال الافتتاح أن الجامعة قد حصلت مؤخرا على اعتماد لبرنامجين جديدين هما البكالوريوس في التمريض والبكالوريوس في التغذية والحمية، مشيراً أنه سيبدأ قبول الطلبة فيهما حالا للبدء بالدراسة في الفصل الثاني من هذا العام الدراسي، شاكراً السيد غالب يونس الذي تبرع ببناء مبنى الكلية الجديدة.
وأوضح د. أوغسط روزنيس أن هذا المؤتمر يعقد بالتعاون ما بين جامعة بيرزيت وجامعة العلوم الحياتية النرويجية، وذلك ضمن أسس الشراكة بين الجامعتين، مشددا على أهمية المؤتمر الذي يناقش قضايا الحفاظ على المشهد خاصة في الأراضي الفلسطينية، مشيراً أن إدارة الأراضي خاضعة للتناقضات والصراعات والتي تأتي كجزء من الحروب بين الدول، لكن ما نؤكد عليه إن المنطقة التي نعيش فيها في الشرق الأوسط خاضعة للخلافات، ومنها تأتي أهمية ودور الحقول المهنية في الحفاظ على عمارة المشهد والتخطيط الفضائي.
وأكدت رئيسة الإتحاد الدولي لمعماري المشهد د. دايان منزيس أن الاتحاد فخور بدعم المؤتمر الذي تنظمه جامعة بيرزيت، والذي يعكس كافة القضايا الاجتماعية والثقافية في المنطقة من خلال التركيز على عمارة المشهد، وذلك بهدف الحفاظ على الصفات الحقيقية للاماكن التاريخية والثقافية . وأضافت أن المشاركين في مؤتمر الحفاظ على المشهد سيناقشون سبل الحفاظ على الصفات الحقيقية للمشهد في الأراضي الفلسطينية، من خلال مناقشة الجوانب الفعالة في المشهد، والإسهام في العديد من القضايا التي ستكون مدار بحث على مدار أيام انعقاد المؤتمر الثلاثة في جامعة بيرزيت.
ومن جانبه شدد المهندس المعماري جيوفاني انتونيللي من اليونسكو ان مكتب اليونسكو في رام الله لديه توصية من أجل تقديم الدعم الفني على أساس تطوير وحماية الآثار الثقافية وعمارة المشهد في الأرضي الفلسطينية، وذلك باستخدام المشهد الثقافي للحفاظ على القيم العالمية والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بالتعاون مع الوزارات المختصة، للوصول إلى الحفاظ على المخزون الثقافي.
ودارت المداخلة المركزية الرئيسية بعنوان "تسوية النزاعات في قضايا المشهد"، والتي ألقتها د. مينزيس، حول مفهوم التسوية في مناطق النزاع والتقنيات المستخدمة لها، مستعرضة أنواع التسويات المختلفة وبعض النصائح في كيفية استخدام التسوية. وأشارت د. مينزيس أن التسوية هي أحدى الحلول المستخدمة في حل الصراعات، فهي أداة مفيدة متاحة لمهندسي المشهد للمساعدة في أي قضايا تدور حول المشهد، عدا عن كونها أداة تمهيدية لمساعدة المجتمعات على الحوار في بعض مساقات الهندسة المعمارية في بعض الدول الأوروبية، لكنها في ذات الوقت ليست تقنية مألوفة لتسوية المنازعات في حقل هندسة المشهد.
وتناولت الجلسة الأولى التي أدارها د. روزنيس قضية "إدارة البيئة والمشهد-تحديات الحفاظ على التوازن"، حيث ناقش المهندس المعماري جيوفاني انتونيللي من مؤسسة اليونسكو في مداخلته التي دارت حول "الحفاظ على المشهد الحضاري في فلسطين: صيانة المصادر التاريخية والبيئية وتنميتها المستدامة"، المشاريع الحالية والمستقبلية لموضوع التكامل في الحفاظ على المشهد الحضاري وإدارته في الضفة الغربية، وذلك في إطار عمل برنامج اليونسكو لحماية الإرث الحضري في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تهدف إلى المساهمة في الحفاظ على المشهد الحضاري الفلسطيني وإدارته. ونوه انتونيللي إلى خطورة الوضع الذي تمر فيه الأراضي الفلسطينية وخصوصاً في ظل النقص الحاد في القدرة التخطيطية للبيئة المحلية، وحالة التجزئة التي تعاني منها المناطق المأهولة، والتدابير الأمنية المتخذة من الجانب الإسرائيلي، وحالة نقص الفراغ الخدماتي في الأراضي الفلسطينية. وأكد انتونيللي على ضرورة بناء القدرات لإدارة المشهد الفلسطيني كعنصر أساسي للتنويع الثقافي، ومشاركة السكان المحليين كعناصر لحماية هويتهم الثقافية، وترويج الأنشطة المدرة للدخل للإبقاء على الاستخدام التقليدي للأرض والاستفادة القصوى منها، والذي من شأنه أن يساهم في وضع أساس منطقي لاستخدام الموارد المتاحة للمجتمعات المحلية، فضلاً عن إنشاء أرضية لاحترام المشهد من قبل كل من الفلسطينيين والإسرائيليين في ضوء التهديدات الرئيسية التي تؤثر في عراقته وإمكاناته باعتباره سمة من سمات التراث العالمي.
واستعرض الأستاذ المساعد في قسم الهندسة المعمارية في الجامعة الإسلامية في غزة د. أنور عوض الله في ورقته حول " الإدارة الاستدراكية لدرء الكوارث المشهدية في قطاع غزة" والتي قدمت عبر الفيديو كونفرنس، المسائل المرتبطة بإعداد خطة استباقية لإدارة الكوارث مقارناً ذلك مع تخطيط المشهد وإدارته في قطاع غزة منذ 1994.
وأشار أن قطاع غزة يعاني من حالات بالغة الحدة من الصراعات السياسية والتخلف والفقر ونقص المياه وملوحتها، موضحاً أن معظم هذه الظروف نتجت عن السلوك البشري الحاد، الذي أدى إلى إحداث كوارث حقيقية في الطبيعية والتي باتت أكثر وضوحاً بعد الحروب التي أحدثت تدميراً هائلاً للحياة البشرية بما فيها المشهد الطبيعي . وأضاف أنه رغم إنشاء السلطة الفلسطينية عام 1994 الذي ساعد على إقامة نظام للتخطيط الوطني إلا أنه لم يكن هناك نتاج تخطيطي ولذلك لغياب "خطة لإدارة الكوارث". مؤكداً على ضرورة اعتماد خطة استباقية في هذا المجال لإدارة الكوارث ولتخطيط المشهد في قطاع غزة وإدارته، كون القطاع منطقة صراع مسلحة ساخنة.
وأوضح أن خطة إدارة الكوارث لابد أن تنقسم إلى ثلاثة أجزاء وهي: مرحلة ما قبل وقوع الكارثة والتي تعتبر من أهم المراحل خاصة بعد تزايد إمكانية التنبؤ بالكوارث، ومرحلة أثناء وقوع الكارثة، بالإضافة إلى مرحلة ما بعد وقوع الكارثة.
واستعرضت الأستاذة المساعدة في دائرة الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت د. لبنى شاهين في ورقتها بعنوان "أثر التحضر على المشهد الفلسطيني"، آثار عملية التحضر السريع وما يرافقها من نمو سكاني وتنمية على المشهد الفلسطيني عن طريق إبراز أهم الصراعات والتهديدات والتحولات التي يتعرض لها المشهد، خاصة وأن فلسطين هي إحدى البلدان التي تواجه مشكلة ارتفاع معدل النمو السكاني الذي يزيد من الطلب على خدمات الإسكان وخدمات البنية التحتية، مما يؤدي إلى حالة التحضر السريع للمدن والبلدات وبالتالي زيادة الضغط على الموارد المحدودة وبالأخص المراد الطبيعية وخلق صراعات على المشهد المحيط بها، بما في ذلك الأراضي الزراعية والمساحات المفتوحة.
وقدمت د. شاهين بعض التوصيات كمبادرات لحماية المشهد الفلسطيني، وللحد من الآثار الضارة المترتبة على التطورات الحضرية العشوائية والسريعة، والتي من شأنها أن تساعد على الوفاء باحتياجات الشعب واستدامة النمو الاقتصادي، كل ذلك بدون التأثير على نوعية المشهد وخصائص الفراغ الطبيعي.
واستعرضت الورقة التي قدمها د. راشد الساعد من معهد هندسة وعلوم المياه في جامعة بيرزيت وجمال برغوث من مؤسسة المشهد بعنوان: "الوضع الأثري والمشهدي لشبكات تزويد المياه التاريخية في القدس"، القضايا التقنية لشبكات الإمداد بالمياه بالقدس في العصر النحاسي(3500-4500) قبل الميلاد وحتى الوقت الحاضر، خاصة وأن نظم إمدادات المياه القديمة في القدس لها قيمة تاريخية وثقافية، فهي تمثل مرافق بيئية وحضرية مهمة، عدا عن أن حمايتها تتسق مع مبادئ التنمية المستدامة.
ودارت الجلسة الثانية التي ترأسها د. أولا بيتوم حول "إدارة البيئة والمشهد: تحديات الحفاظ على التوازن"، حيث أكدت البروفيسورة الهندية سريديفي راو في مداخلتها التي دارت حول "تايبولوجيا الفضاء المفتوح: مؤشر الإستدامة الحضرية"، على ضرورة الحاجة إلى إعادة النظر نحو التخطيط التقليدي في تحديد احتياجات المجتمع والتي تشكل أصلاً متنوعة ثقافياً في التعبير، إضافة إلى الفهم التقليدي لوظيفة الفضاء المفتوح المادية والبيئية، والإعتراف بأن الدور الثقافي ومظاهره هو أيضاً ذو أهمية متزايدة تؤدي إلى تحقيق وظائف فيزيائية وبيئية يطمح إلها المخطط. وأشارت أن الحلول التكوينية للفضاء المفتوح في الدراسات الغربية الحديثة تعاني من خلل في عنصر السلامة لهذه الفضاءات، خاصة وأن الإعتبارات الامنية تأتي في المقام الأول وبالتالي السيطرة على كل نشاط تحتضنه هذه الفضاءات، مشددة على اهمية هذه القضايا في الهند والتي تشير إلى مواكبة عملية العولمة حيث يميل المخططين هناك لمواكبة أسلوب الحياة الدولية.
ومن ناحيتها قامت المحاضرة في دائرة الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت المهندسة سمر الناظر والمبعوثة للحصول على درجة الدكتوراة من جامعة العلوم الحياتية في النرويج في دراستها حول "إدراك التغيرات المشهدية في وادي أرطاس في فلسطين"، بمقارنة تغير المشهد الفعلي بتغير المشهد المدرك من قبل سكان وادي أرطاس ، مستخدمة في ذلك برنامج نظم المعلومات الجغرافية والذي تم من خلاله تحليل الصور الجوية، ومجالات المكاسب والخسائر في طبقات المشهد بين عامي 1970و2004، مؤكدة أن تغير المشهد الطبيعي المستخلص من الخرائط يختلف عن تغير المشهد الطبيعي المدرك من قبل السكانن المحليين.
وتناولت الدراسة التي قدمها الأستاذ المساعد في دائرة الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت د. سالم ذوابه حول "التطور الحضري المستدام: حالة دراسية من مدينة طولكرم"، مشكلة التنمية الحضرية وتنمية المشهد المستدامة في منطقة طولكرم، وكيفية استيعاب التنمية الحضرية داخل نسيج المشهد دون تغيير طابعه العام ونوعية الفراغ فيه، حيث تم دراسة البنية الخضراء وتطبيقها على منطقة الدراسة من أجل تحديد عناصر البنية الخضراء سواء كانت داخل النسيج الحضري أو خارجها. وأشار د. ذوابه أن تقييم المشهد والبنية الخضراء قد يؤدي إلى تحقيق فهم أفضل لأنشطة استخدام الأراضي والإحتياجات الفعلية لتخطيط المشهد وتطويره، مؤكداً أن تقييم المشهد يمكن أن يساعد في تصنيف المناطق وفقاً لامكانياتها وحساسيتها لاسيما خارج المناطق الحضرية، مضيفاً أن هناك حاجة إلى تطبيق نهج آخر داخل المناطق الحضرية عن طريق عملية دراسة البنية الخضراء للمناطق وبما يتوافق مع نهج تقييم المشهد.
يذكر أن هذا المؤتمر ينعقد تحت رعاية مؤسسات دولية ومحلية منها البرنامج النرويجي للتطوير والبحث والتعليم "NUFU" ومنظمة اليونيسكو للتربية والعلوم والثقافة "UNESCO" والإتحاد الدولي لمعماريي المشهد"IFLA"، وقام بعرافة الحفل د.روجر هيكوك.