نشر بتاريخ: 06/09/2016 ( آخر تحديث: 06/09/2016 الساعة: 13:27 )
رام الله - معا - اصدر أساتذة من الهيئة التدريسية وموظفون في جامعة بيرزيت بيانا وصفوه بـ "نحو حلِّ جذري لأزمة جامعة بيرزيت"، كمساهمة في حوار يفضي لايجاد حل للخطوات الاحتجاجية للطلبة ردا على قرار ادارة الجامعة رفع الاقساط التعليمية، والذي جاء في خضم اجراءات نقابية من العاملين احتجاجا على قرار ادارة الجامعة عدم دفع غلاء المعيشة للعاملين، طالبوا في جامعة بيرزيت ادارة وعاملين وطلبة الى التوحد في جبهة عريضة لإلزام السلطة بالوفاء بالتزاماتها (غير الكافية أصلاً) التي صارت ديوناً متراكمة، والبدء الفوري برفع حصة التعليم من الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية.
وجاء في البيان الصادر " نتابع جميعاً بقلق بالغ تداعيات قرار إدارة جامعة بيرزيت رفع الأقساط التعليمية، وما تبعه من خطوات احتجاجية من قبل الحركة الطلابية والذي جاء في خضم إجراءات نقابية احتجاجا على قرار آخر من الإدارة بعدم دفع غلاء المعيشة للعاملين. وفي حين يتمحور النقاش الدائر، في معظمه، ويختزل في إغلاق الجامعة من قبل الطلبة وليس على جذور القضية المتعلقة بقرار رفع الأقساط، فإننا كمجموعة من الأساتذة والموظفين في جامعة بيرزيت نسعى للمساهمة في الحوار من خلال تسليط الضوء على مجموعة من القضايا التي نعتقد أنها تمس أساس الأزمة، وذلك في محاولة منا للمساهمة في الخروج من هذه الأزمة وعدم تكرارها مستقبلاً.
أولاً: جامعة بيرزيت: شراكة الرؤيا والرسالة والقرار
نؤكد أن وجود جامعة بيرزيت كصرح أكاديمي ووطني متميز تبلور بفعل الإرث التاريخي للجامعة والدور الذي مارسته في المجتمع الفلسطيني، وأنه ينبغي، في كافة الظروف، أن تحافظ بيرزيت على ذاتها كبؤرة علم وتحرر، ومركز تحرير للعقل والإنسان على المستويين الفردي والجماعي، وكفضاء لممارسة الاختلاف والحرية في مجتمع يؤمن بالمساواة، والعدالة الاجتماعية، والاقتصادية.
لتكريس هذا الواقع داخل الجامعة، ولتعزيزه خارج أسوارها، ينبغي أن تُحترم كافة فواعل الجامعة (طلبةً، ونقابةً، وإدارةً) وإشراكهم في عملية اتخاذ القرارات المركزية للجامعة، وخاصة تلك التي قد يؤدي الانفراد بها، أو التعنُّت في الدفاع عنها، إلى مثل هذه الأزمة بغض النظر عن الأشخاص وانحيازاتهم السياسية والفكرية التي لا ينبغي لها أن تربك النسيج العام لمؤسسة الجامعة.
على الرغم من الجهد المشكور للإدارة في العمل على تسيير أمور الجامعة، رغم الأزمة المالية المتواصلة التي تعصف بالجامعة، إلا أن الاحتقان الذي سببته سياسة رفع الأقساط يمس بالفئات المجتمعية الأكثر هشاشة ويحرمها من الحصول على تعليم ذي جودة عالية باعتباره حقاً وطنياً أساسياً لا سلعة، ذلك أن من شأن تسليع التعليم العالي إعاقة مساهمة الجامعة في مواجهة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني والتحرر منه.
ثانياً: جامعة بيرزيت: كفضاء لممارسة الاختلاف والحرية
إن جامعة بيرزيت هي مؤسسة مستقلة في قراراتها، على الرغم من اندراجها في صدارة مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني وهيئاته الرسمية فيما يتعلق بجودة التعلم ونوعيته… غير أن ذلك لا ينبغي أن يؤثر على واقع الجامعة كفضاء مستقل لممارسة الاختلاف والحرية لا تشوبه سياسات الضبط والمراقبة والمعاقبة خارج أسوار الجامعة.
إن الحق المشروع في الاحتجاج، من قبل الطلبة والنقابة، لا يمكن حظره، ولا يمكن تقنينه ما دام مجانباً للعنف بتعريفه المتصالح عليه من قبل مجتمع الجامعة بأسره، لا بأحد تفسيراته من قبل جهة ما والذي يهمل العنف البنيوي المتمثل برفع الأقساط، فيما يؤطر احتجاجات الطلبة والنقابة في تعريفات استشراقية ممجوجة للحضارية و الهمجية.
إن المقترحات المتوالية بزج الجامعة ومكوِّنات مجتمعها الأكاديمي (وخاصة الطلبة) في دوَّامة القضاء والأمن من خارج أسوار الجامعة هو أمر يمس بالحرية الأكاديمية، ويهدد استقلالية القرار على مستوى الجامعة بأسرها. ولذا، فإنه من المرفوض قطعاً التلويح أو التهديد بمنظومة القضاء والأمن من خارج الجامعة لإنهاء أي احتجاج يقوم به أحد مكوِّنات أسرة الجامعة.
يشكِّل مجلس الطلبة وما يمثله من حركة طلابية مكوناً مركزياً من مجتمع الجامعة، وإن أية محاولة لإضعافه أو محاربته أو تشويهه هى إضعاف للجامعة ودورها المجتمعي وإسهامها في عملية التحرر الوطني.
ثالثاً: جامعة بيرزيت: نحو مؤسسة بلا أزمات مالية
بوصف التعليم حقاً أساسياً من حقوق المواطن، فإن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية تتحملان مسؤولية توفير هذا الحق لأبناء الشعب الفلسطيني. وعليه، فإننا ندعو كافة فواعل الجامعة (طلبةً، ونقابةً، وإدارةً) إلى التوحُّد في جبهة عريضة لإلزام السلطة الفلسطينية بالوفاء بالتزاماتها (غير الكافية أصلاً) التي صارت ديوناً متراكمة، والبدء الفوري برفع حصة التعليم من الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية. كما ندعو إدارة الجامعة ومجلس أمنائها إلى تجميد قرار رفع الأقساط حرصاً على سير العملية التعليمية.
إن مبدأ الشراكة في تحمُّل المسؤولية تجاه جامعة بيرزيت يتطلب تحركا عاجلاً من قبل الهيئة التدريسية والموظفين، وفواعل الجامعة والمجتمع عامةً، لحل الأزمة والحيلولة دون تكرارها بغض النظر عن تراشق تحميل المسؤولية بين الشركاء في أسرة جامعة بيرزيت، وذلك في حوار مفتوح وفعَّال ومتواصل.
التفكير بشكل جدي وخلاق في تنمية موارد الجامعة من خلال التخطيط الاستراتيجي لمشروع اقتصادي تنموي شامل (يضم عدداً من المشاريع المحددة والمتكاملة) تديره الجامعة بمواردها البشرية لتحقيق كفاءة اقتصادية، على أن يتمحور هذا المشروع حول الاعتماد على الذات، بما في ذلك: تأميم الكافيتيريات، ومراكز التصوير، والخدمات الطلابية، وتأميم خط المواصلات بين رام الله والجامعة، وإنشاء محطة وقود لأسرة الجامعة، واستصلاح الأراضي الزراعية التي تملكها الجامعة، وتفعيل مصنع الأدوية في برنامج الصيدلة… وغيرها من المشاريع الممكنة.
تحويل حيثيات هذه الأزمة إلى مناسبة لإطلاق حوار واسع حول آليات اتخاذ القرار في الجامعة وسياسات الجامعة ورؤاها، وعدم الوقوع في القرارات المتسرعة والمنفردة التي أثبتت التجربة عدم جدواها، بل وأثرها السلبي في كل مرة.
إن هذه الرسالة، التي قام على صياغتها أعضاء في الهيئة التدريسية وموظفون وهم كذلك أعضاء في نقابة العاملين في جامعة بيرزيت، موجهة إلى أسرة الجامعة (من طلبة، وعاملين، وموظفين، وأساتذة، ومجلس جامعة، ومجلس أمناء)، كما هي موجهة إلى فواعل المجتمع المدني الفلسطيني وأصدقاء جامعة بيرزيت للتنادي إلى إنقاذ الجامعة من أزمتها الحالية، وممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية للوفاء الفوري بتعهداتها تجاه مؤسساتها الوطنية، وعلى رأسها جامعة بيرزيت.