معهد الإعلام والسياسات الصحية والتنموية يعلن إصدار التقرير الثاني حول أضرار الجدار الفاصل
نشر بتاريخ: 27/09/2005 ( آخر تحديث: 27/09/2005 الساعة: 22:04 )
رام الله-معا- اعلن معهد الإعلام والسياسات الصحية والتنموية، بالتعاون مع مؤسسة "مديكو إنترناشيونال" الألمانية، اليوم، إصدار التقرير الثاني حول أضرار الجدار الفاصل على الخدمات الصحية، والخطوات التي يجب على واضعي السياسة الصحية تطبيقها لمواجهة هذه الاضرار.
جاء هذا خلال مؤتمر صحفي، عقد في الغرفة التجارية برام الله، تحدث فيه كل من الدكتور مصطفى البرغوثي وجوان جبران من معهد الإعلام والسياسات الصحية والتنموية، وكاثيا مورر من "مديكو إنترناشيونال" الممولة للتقرير، وحضره اضافة للصحافيين عدد من المؤسسات المحلية والاجنبية العاملة في مجال الصحة.
يشار الى ان هذا التقرير هو الثاني، اذ ان تقريرا سابقا صدر عام 2004، تناول التأثيرات الصحية لمقاطع الجدار التي انتهى من بنائها انذاك، على القطاع الصحي الفلسطيني.
فمن جانبه، قال الدكتور البرغوثي ان المعهد اضطر الى اجراء التقرير الثاني، لاستمرار اسرائيل في بناء الجدار، لحصر الاضرار التي لم يستطع التقرير الاول تغطيتها جميعا، مضيفا الى ان المعهد قد يضطر الى اجراء دراسة ثالثة في حال استمرت اسرائيل ببناء الجدار.
واشار الدكتور البرغوثي الى ان انشاء الجدار هو جزء من سياسة اسرائيلية متكاملة ابتدأت بالمستوطنات ومن ثم بالحواجز -التي يبلغ عددها حاليا 706 حاجزا عدا الحواجز الطيارة-، واخيرا الجدار الذي يقطع اوصال الضفة الغربية ويحولها الى معازل.
واوضح ان من النتائج الجديدة التي يتضمنها التقرير الاشارة الى الاضرار الناجمة عن بناء الجدار بعمق 35 كم في منطقة سلفيت وقلقيلية، اضافة الى عزل مدينة القدس عن محيطها، والتوسعات الاستيطانية في مستوطنة معالية ادوميم وبيت لحم والخليل.
ومن المستجدات التي يحملها التقرير التطرق الى الشوارع الاستيطانية التي تساهم في تقطيع اوصال الاراضي الفلسطينية، كمنطقة شمال غرب القدس، حيث قررت المحكمة العليا الاسرائيلية ابعاد مسار الجدار في تلك المنطقة، ليلتف الجيش الاسرائيلي على هذا القرار ببناء شارع في نفس الموقع، هو اعرض من الجدار، ممنوع على الفلسطينيين استعماله.
وأشار الدكتور البرغوثي الى ان الناتج عن هذه السياسات الاسرائيلية هو خلق معازل حيث اصبحنا نتحدث عن 28 معزلا تضم 64 تجمعا سكانيا فلسطينيا.
واوضح الدكتور البرغوثي الى وجود 41 عيادة تم عزلها نهائيا بالجدار، اضافة الى تأثر 450 الف فلسطيني به مباشرة، و800 الف فلسطيني بشكل عام.
وتحدث عن وجود مخطط لاقامة جدار في المنطقة الشرقية من الضفة الغربية، مما يعني مصادرة 28% من مساحة الضفة الغربية، تضاف الى 9% من مساحة الضفة التي اخذها الجدار، و9% اخرى اضحت معزولة، ما يعني عمليا مصادرة من 42-50% من مساحة الضفة.
وعرض الدكتور البرغوثي صورا لمقاطع من الجدار تبنيها قوات الاحتلال في الجزء الشرقي من الضفة، كقريتي بردلة وكردلة، رابطا بينها وبين عمليات الهدم المتواصلة في الاغوار، ما يعني اغلاق المنطقة الشرقية بالكامل في حال استمرت هذه العملية.
وعرض صورا اخرى لجدار تبنيه قوات الاحتلال في شمال قطاع غزة، داخل اراضي القطاع، اضافة الى جدار اخر يبنى في الناحية الشرقية، ما يعني تطويق غزة من كافة النواحي.
واوضح ان الوضع في مدينة القدس مريع، اذ يسبب الجدار والمستوطنات والحواجز مشاكل صحية خطيرة، ويؤدي الى عزل تجمعات سكانية بكاملها كقرية عناتا ومخيم شعفاط المجاور لها عن مدينة القدس، وعن اهم المرافق الصحية التي تخدمهم، كمستشفى العيون والمقاصد والهلال الاحمر الموجودة في المدينة.
وتطرق الى الخطر الذي يتهدد نحو 70 الف فلسطيني يحملون الهويات المقدسية، اذ ان الخطوة الاسرائيلية بعد بناء الجدار هي منعهم من الوصول الى القدس، ومن ثم سحب تأميناتهم الصحية وهوياتهم بالادعاء انهم لم يعودوا قاطنين في المدينة.
وأشار الى وضع مدينة قلقيلية، حيث لا يوجد فيها الا مستشفى وحيد وبسيط، ما يدفع سكانها وعددهم 46 الف نسمة الى الاعتماد على المستشفيات في المدن الاخرى كنابلس، والتي بات الوصول اليها يستغرق ثلاث ساعات ونصف الساعة، بعد ان كان لا يتجاوز 20 دقيقة بسيارة الاسعاف، بسبب الحواجز والجدار.
وخلص الدكتور البرغوثي الى كل اموال الدعم لا يمكن ان تنهض بالوضع الصحي الفلسطيني اذا استمر الحال على هذه الشكل، اذا ان ذلك يستدعي بناء مستشفى في كل قرية على حدة.
واستنكر الدكتور البرغوثي عدم تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي الداعي الى اسقاط الجدار، منتقدا في الوقت ذاته التقصير في عدم عرض السلطة الفلسطينية للقرار على مرافق الامم المتحدة حتى اللحظة، لالزام اسرائيل لازالة الجدار.
من جهتها، اكدت جوان جبران تأثر حتى القرى التي تبدو بعيدة عن الجدار نتيجة بنائه، بسبب شبكة الطرق التي لا يسمح للفلسطينيين باستعمالها، اذ لا يستطيع العديد من الفلسطينيين الوصول الى رام الله والقدس مثلا بسبب هذه الطرق، وكذلك الامر في منطقة سلفيت، حيث يجد حتى الاطباء صعوبة في الوصول.
واشارت الى ان التقرير يهدف الى رصد تأثيرات الجدار على القطاع الصحي خلال السنوات الثلاث الاخيرة، والجهود التي بذلت في سبيل التخفيف من الاضرار التي يلحقها،
وتشير نتائج التقرير الى ان البنية التحتية في المناطق المعزولة اخذة بالضعف، ليس فقط في نطاق صعوبة وصول المرضى والعاملين والادوية الى الخدمات الصحية، بل وايضا في تأثر برامج التثقيف الصحي سلبيا بهذا الامر.
واوضحت جبران ان 80 الف فلسطيني باتوا يواجهون صعوبة في الوصول الى الخدمات الطبية في منطقتي رام الله والقدس، اضافة الى 35 الف فلسطيني لا يجدون خدمات كافية، وخمسة الاف يفتقرون الى اية خدمات صحية ولا يستطيعون الوصول لها، وستة الاف فلسطيني يعانون نقصا في الادوية والعيادات والاطباء.
واشارت الى عزل الجدار مناطق كاملة عن بعضها البعض ما يصعب على سكانها الوصول الى الخدمات الصحية، كالقرى في مناطق القدس وجنين وسلفيت، وقرية زعيم التي سيتم عزلها نهائيا عن القدس، ومنطقة قلنديا وبيت لحم والولجة التي ستعاني صعوبات بالتزود بالعناية الطبية.
ونوهت الى تمكن الناس سابقا من سلوك طرق فرعية لتفادي الحواجز والوصول الى المرافق الطبية، وهو ما بات مستحيلا حاليا بسبب الجدار، اذ لا يستطيع المواطنون الوصول الى العيادات الواقعة خلفه، والعكس صحيح.
وذكرت ما خلص اليه التقرير من وجود نقص في المختبرات في قرى القدس المعزولة.
واكدت وجود اعمال دعم متفرقة للقطاع الصحي، ولكن غياب خطة موحدة في هذا المجال، مستشهدة بمشاريع العيادات المتنقلة التي تمتد فترة تمويلها من 6-9 اشهر، تقف بعدها حتى ايجاد تمويل جديد.
وتحدثت عن عدد من التوصيات التي خلص اليها التقرير، بعد مشاورات مع وزارة الصحة الفلسطينية وعدد من المنظمات المحلية والدولية، كإجراءات مؤقتة للأزمة، بضرورة تحديث العيادات، وتدريب الطواقم الطبية، وتفعيل برامج التأهيل، مؤكدة ضرورة الانتقال الى ادارة طويلة ومتوسطة المدى للازمة، عن طريق تقييم احتياجات القطاع الطبي وايصالها الى المانحين. واختتمت جبران حديثها بالاشارة الى اهمية الدعم الدولي في هذا المجال، للوصول الى المناطق المعزولة وتلبية احتياجاتها.
من جهتها، قالت كاثيا مورر التي تعمل مؤسستها في مجال حقوق الانسان منذ 30 عاما، ان تغيير الوضع غير ممكن مع استمرار الجدار الذي يمنع حرية حركة المرضى والاطباء، مشيرا الى ضغوط التي تبذلها مؤسستها داخل بلدها للتأثير على السياسة الالمانية باتجاه مناصرة اكبر للقضية الفلسطينية.