الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

تطبيع وتدليع ...بقلم نضال حمد - النرويج

نشر بتاريخ: 28/09/2005 ( آخر تحديث: 28/09/2005 الساعة: 11:52 )
معا - قرأت مؤخرا عن عرض أزياء تطبيعي جرى يوم الثلاثاء الفائت (22-09-2005) في مستعمرة جيلو المقامة على أراضي بلدة بيت جالا في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967. وللأسف فان العرض الذي جرى على أنغام أغاني المطرب الراحل عبد الحليم حافظ الذي كان في حياته قد انشد للحب وللحياة كما قد انشد للثورة والمقاومة وللملايين العربية الهادرة من المحيط إلى الخليج. العرض التطبيعي السيئ الذكر جرى فوق عظام أهالي البلدة ومقابر ناسها وسكانها منذ وطأت المدينة أقدام أجدادنا الفلسطينيين والكنعانيين الأوائل. لقد حصل العرض الغريب بمشاركة ثلاث فتيات فلسطينيات غررت بهن الأوساط التطبيعية وبخاصة المقدسية،حيث تم اللعب بعقولهن واستنفار أنوثتهن وغرور الجسد وطيش الشباب،واللعب بمشاعرهن وعواطفهن وطموحاتهن كفتيات شابات من خلال جعلهن يشاركن في المسابقة. وتعتمد المسابقة أساسا على إبراز مفاتن الجسد عبر الدخول من بوابته إلى دار السلام أو زريبة التعايش. وقد دخلت الفتيات ميدان العرض التدليعي، التشليحي ، التطبيعي عبر إبراز مفاتن أجسادهن وجمالهن، متناسيات كل سنوات الألم والعذاب والحصار والإذلال،وذلك من خلال الوقوف في صف واحد مع مجندات صهيونيات وشابات إسرائيليات من مستوطنة جيلو التي ابتلعت أراضي أهل بيت جالا وخنقت البلدة عبر حصارها وإرعابها وإذلال ناسها والتنكيل بسكانها.
إن اصطفاف الشابات الفلسطينيات مع المستعمرات الصهيونيات والمجندات الإرهابيات سوية في عرض تطبيعي، تشليحي، تدليعي يعتبر عملا اخرقا، وخرقا أساسيا للثوابت الفلسطينية وللمحرمات الوطنية. فما السبب الحقيقي وراء جمع شابات من بيت جالا مع مجندات وصهيونيات من اللواتي يقمن باحتلال الأراضي الفلسطينية ويقمن في المستوطنات والمستعمرات المقامة فوق أراضي ومقابر أهالي بيت جالا والقدس ورام الله وبيت لحم وغيرها؟؟ هؤلاء الذين يعبثون بحياة ومستقبل شعب فلسطين ويحتلون ارض الأجداد والآباء ليسوا دعاة سلام وحسن جوار. أما الذين حضروا وشاركوا من الجانب الفلسطيني فهؤلاء من الخانعين والمنبطحين والمروجين لنهج الهزيمة والتسليم والقبول بما يعرضه الاحتلال. ولم يكن حضور السيد فضل طهبوب عضو المكتب السياسي لجبهة وزير السلطة الفلسطينية سابقاً سمير غوشة سوى امتداد طبيعي لعملية التطبيع مع الصهاينة،والتي يقودها الوجه المقدسي المثير للجدل، سري نسيبة المحسوب على شعب فلسطين قائدا في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وسلطة اوسلو. والذي بدوره يمارس ويدعو للتطبيع والاستسلام والتسليم بما يريده الاحتلال ليلا ونهار ودونما عقاب أو محاسبة من قبل فتح والمنظمة والسلطة.
عرض أزياء الثلاث فتيات من بيت جالا يعتبر عملا شنيعا بكل المقاييس الوطنية والأخلاقية وهنا يجب التركيز في القضية على الذين وقفوا وراء المشروع منذ بدايته،خاصة من الجانب الفلسطيني، وبالذات السيدة فرح اسكافي وزوجها والسيد فضل طهبوب لقبوله المشاركة فيه. فمشاركة الفتيات لم تكن لتتم لولا تدخل هؤلاء الناس ومباركتهم للعمل القبيح. فمعاناة سكان بيت جالا لا تسكنها ولا تهدأ من آلامها مشاركة ضعيفة في مسابقة سخيفة تنم عن لامبالاة وقلة وعي الذين أقاموها وعملوا على إقناع الشابات الفلسطينيات المراهقات المشاركة فيها. فالمشاركة في اختيار ملكة جمال مدرسة صهيونية ثانوية مقامة على أراضي الشعب الفلسطيني المصادرة في القدس الشرقية حتى لو كانت منظمة من قبل جماعات مسالمة مثل جمعية المواطن في القدس من اجل السلام تعتبر مشاركات تخدم فقط الجانب الصهيوني الذي يواصل تجهيل الناس وتزوير الحقائق وفرض الوقائع على الأرض. فمشاركة سكان من القدس الشرقية وبيت جالا في العرض التطبيعي تعتبر اعترافا من جانبهم بواقع الحال وموافقة عليه. وهذا ما يبرهنه الكلام الخطير الذي صدر عن الفلسطينيات اللواتي شاركن في العرض.فقد ورد على ألسنتهن كلاما خطيرا مثل الذي قالته كريستين فرح "لم اشعر بالخوف من الحضور إلى المسابقة ووجدت في نفسي الشجاعة الكافية للاشتراك لان قضية الاختلاط بين العرب واليهود مهمة". وفي معرض ردها على سؤال لوكالة الأنباء الفرنسية عن شعورها بان مستوطنة جيلو مقامة ومبنية بمعظمها على أراضي بيت جالا قالت "في البداية شعرنا بالضيق لأنهم صادروا الأرض ثم اعتدنا على ذلك وأصبحنا مثل الجيران". كما رأت الفتاة الفلسطينية أنوش بليان (19 عاما) أنه "إذا كان العالم لا يستطيع صنع السلام فعلينا كأفراد أن نقيمه". كيف تريد تلك المراهقة أقامته بالتدليع والتشليح والتمييع والتطبيع مع الذين يحتلون بيت أهلها ودار جيرانها ووطن أجدادها وارض آبائها وأيضا عبر التفصيع بعد التركيع ؟؟..
يذكر أيضا انه كانت قد فازت بلقب ملكة جمال المسابقة مراهقة فلسطينية أخرى تدعى شيره مديدا (15 عاما) وهي فلسطينية من بيت جالا وحصلت بموجب الفوز على تذكرة سفر إلى باريس مع الإقامة ودعوات لزيارة عدد من كبار بيوت الأزياء. وقبل أن نختتم الكتابة عن عروض الأزياء التي تعري الفلسطيني والفلسطينيات نورد ما قاله المستوطن آزي نجار الإسرائيلي المسئول عن فكرة العرض وشريك فرح اسكافي وزوجها في جلب بعض الفلسطينيين والفلسطينيات إلى حظيرته، فقد جاء على لسانه " عندما فكرنا في عمل نشاطات للترفيه عن سكان جيلو الذين عانوا في الماضي جراء الانتفاضة، فكرت أيضا في ان سكان بلدة بيت جالا المجاورة، الذين عانوا هم أيضا من عمليات الجيش الإسرائيلي... بدأت بالبحث عن نشاطات مشتركة بيننا وبين سكان بيت جالا والمحيطين بنا وعندما كنت اقترح لعب كرة قدم أو أي ألعاب أخرى مع الرجال كانت تفسر سياسيا، وفي النهاية لجأت إلى المرأة حيث ان مسابقة ملكة الجمال التي نجحت في العام الماضي وكررناها هذا العام لقيت معارضة اقل". لو ان آزي نجار هذا اعترف بأنه يسكن على أراضي الفلسطينيين وفي بيوتهم ويحتل أملاكهم ويصادر ممتلكاتهم ويعكر حياتهم واعتذر عن ذلك ورحل من المستوطنة ليقيم في أي مكان آخر لقلنا ان الرجل فعلا يبحث عن حسن الجوار والالتقاء والسلام ،لكن شيئا من هذا لم يكن، ورغم ذلك يجلس بعض الجهلة والمطبعين من أهل القدس وبيت جالا في إسطبل العرض الذي أقيم للتعايش بين الاحتلال والاستيطان والإرهاب وضحاياهم من الفلسطينيين. أما السيدة كلير اسكافي المؤمنة بالتعايش رغم أن التعايش يكون عادة بين الحيوانات لا بين البشر،فقد أبدت حماسها للفكرة وعملت بجد من اجلها حيث رافقت فتيات صهيونيات في رحلات إلى البحر الميت والى بركة كيبوتس رامات راحيل بحسب زعمها. على شعب فلسطين ان لا يركع وان لا يفصع وان لا يطبع وان لا يسمح للمطبعين بالسير قدما وبدون حساب في طريق الهزيمة والاستسلام.