نشر بتاريخ: 29/09/2016 ( آخر تحديث: 29/09/2016 الساعة: 11:41 )
القدس- معا- استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، اليوم الخميس، عددا من المطارنة والاباء الكهنة والرهبان وحشد من الحجاج الاتين من بلاد اليونان الذين شاركوا في احتفال عيد الصليب الذي اقيم في كنيسة القيامة، ورحّب بهم في مدينة القدس والتي يزورنها في زيارة حج لاماكنها المقدسة.
وشدد المطران في كلمته على مكانة ومركزية مدينة القدس في التراث المسيحي باعتبارها حاضنة اهم المعالم المسيحية في العالم وفي مقدمتها القبر المقدس.
وقال إن كنيسة القدس هي الكنيسة الام والكنيسة الاولى التي شيدت في العالم وذلك لان المسيحية انطلقت من هذه البقعة المقدسة وانتشرت في كافة اصقاع العالم، ففي هذه الارض المقدسة عاش السيد المسيح من مهده الى لحده وبعد قيامته وحتى صعوده الى السماء وفي هذه المدينة المقدسة اجتمع الرسل القديسين حيث انطلقوا بعدئذ الى مشارق الارض ومغاربها لكي يبشروا بالكلمة الالهية، ان زيارتكم للقدس هي عودة الى جذور الايمان فمن هنا كانت الانطلاقة وعندما تتجولون في هذه المدينة وفي هذه الديار المقدسة سوف تكتشفون بأن في كل زاوية وفي كل مكان هنالك مزار يذكرنا بالاحداث الخلاصية التي تمت في هذه الارض المباركة.
وأفاد المطران: ان مدينتنا المقدسة هي حاضنة لاهم مقدساتنا المسيحية ولكننا نعتقد بأن كنيستنا هي ليست كنيسة حجارة صماء واماكن مقدسة تشير الى تاريخ مدينتنا المجيد فحسب بل ان كنيستنا هي كنيسة الانسان وهي كنيسة هذه الارض ، انها كنيسة وطنية بامتياز مرتبطة بهذه الارض المقدسة، انها كنيسة البشر وليست كنيسة الحجر وهي كنيسة شاهدة على تاريخ هذه المنطقة وهذه البقعة المقدسة من العالم.
وتابع: انها كنيسة عايشت وشاهدت ما ألم بشعبنا الفلسطيني من نكبات ونكسات ولذلك فإن صوت الكنيسة في بلادنا كان ومازال صوتا مناديا بالعدالة والسلام.
وأكّد المطران:" نحن منحازون لشعبنا الذي قضيته هي قضيتنا وآلامه هي آلامنا ومعاناته هي معاناتنا وتطلعه نحو الحرية هو تطلعنا جميعا".
وأضاف، ان ابناء كنيستنا في هذه الديار ينتمون الى هذا الشعب المناضل والمكافح من اجل الحرية وهم يرفضون الارهاب والعنف والكراهية والتعصب والتطرف والعنصرية، نحن جماعة تبشر بقيم السلام والمحبة والاخوة وترفض ان يظلم الانسان لاي سبب كان.
وأوضح المطران: ان انحيازنا لشعبنا الفلسطيني هو الانحياز للحق والعدل والقيم الانسانية والاخلاقية، فإيماننا يدعونا دوما ان نكون الى جانب المظلومين والمعذبين والمتألمين في هذه الدنيا ولا يمكننا ان نكون الا منحازين لهؤلاء الذين وصفهم الانجيل بأنهم اخوة يسوع الصغار.
وقال:" ان مدينتنا المقدسة يكرمها المؤمنون في الديانات الابراهيمية التوحيدية الثلاث انها مدينة تتميز بمكانتها الروحية وتاريخها وتراثها وعراقتها وبعدها الانساني والروحي والوطني، انها مدينة مقدسة نعتبرها مدينة السلام ولكنها اليوم هي ابعد ما تكون عن السلام لانها مدينة يظلم فيها ابناء شعبها ويعاملون بطريقة فيها الكثير من الاجحاف والظلم والعنصرية والاستهداف، انها مدينة ينتمي اليها الفلسطينيون ويعتبرونها عاصمتهم الروحية والوطنية ولكنها ايضا مدينة يستهدف فيها ابناء شعبنا في كافة مفاصل حياتهم، تستهدف مقدساتهم ومؤسساتهم ويعاملون كأقلية او جالية في هذه المدينة المقدسة التي هي مدينتهم وحاضنة مقدساتهم".
وأعرب عن أمنياته من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية ومن سائر الكنائس الارثوذكسية في عالمنا ان يكون لها صوتها الواضح والجريء في الدفاع عن فلسطين الارض المقدسة وعن القدس المدينة المستهدفة، مضيفا:" نريد صوتا ارثوذكسيا مناديا بالعدالة والسلام ونصرة المظلومين والمتألمين في هذا العالم".
وأكّد:" فأبناء شعبنا يتوقعون من القيادات الدينية في عالمنا ان يكونوا الى جانبهم وهم يتعرضون لهذا الاستهداف وان يؤازروا قضيتهم العادلة وسعيهم ونضالهم من اجل الحرية، نتمنى من كنائسنا الارثوذكسية في العالم ان تلتفت الى فلسطين التي يسعى البعض لتهميش قضيتها، كما ان البعض الاخر يتجاهل ما يحدث في مدينة القدس من انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ، نتمنى من الكنائس المسيحية العالمية ان تكون منحازة الى جانب العدالة ونصرة المظلومين والمتألمين بعيدا عن اللغة الدبلوماسية المنمقة ارضاء لهذا الطرف او ذاك، فهدفنا الاساسي يجب ان يكون ارضاء الله ومواقفنا يجب ان تكون مستندة الى ايماننا وقيمنا واخلاقنا ولا يجوز الرضوخ لاية ابتزازات من اي جهة كانت، فقضية الشعب الفلسطيني هي قضيتنا جميعا ومن واجب كنائس العالم كافة ان تؤازر شعبنا وان تقف الى جانبه في قضيته العادلة وسعيه الهادف الى الانعتاق من الاحتلال وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية".
وأضاف المطران: نتمنى ان يكون هنالك تعاون بين المرجعيات الدينية من كافة الاديان في عالمنا لكي نعمل معا وسويا من اجل نبذ مظاهر العنصرية والتطرف والكراهية التي تشوه صورة الانسانية وتسيء للقيم المبادىء السامية التي تنادي بها دياناتنا، علينا ان نتوحد وان نتعاون في خدمة انسان هذا العصر.
وشدّد المطران" علينا ان نعمل معا وسويا من اجل عالم جديد تسوده قيم المحبة والاخوة والسلام بعيدا عن الارهاب والتطرف والكراهية".
وتطرّق في حديثه إلى سوريا، وقال:" هذا البلد الذي نحبه جميعا ومن دافع عن فلسطين دافع عن سوريا ودافع عن كافة الشعوب المظلومة في عالمنا ، نتمنى السلام لسوريا وعودة مطارنتها المخطوفين وكافة المخطوفين، نتمنى السلام لهذا البلد العريق الذي فيه فتحت عينا بولس الرسول فتحول من كاره وحاقد على المسيحية الى مبشر ومناد بقيمها ورسالتها، نسأل الله ان ينير القلوب والعقول وان يزيل الغشاوة عن الابصار فيدرك انساننا انه مخلوق لكي يكون اداة خير وحياة ورقي وبناء لا ان يكون اداة موت وحقد ودمار وخراب، وما اكثر اولئك الذين يدمرون ويخربون في منطقتنا ويسعون لنسف كل ما هو حضاري وانساني في مشرقنا العربي، كفانا حروبا ودمارا وقتلا وتخريبا، كفانا موتا ودماء وحزنا ودموعا، كفانا ما حل بنا من نكبات ونكسات وتشريد ودمار وخراب ، ان شعوبنا تريد ان تعيش بسلام ويحق لفلسطين ان تكون في سلام وان تكون سوريا والعراق وغيرها من البلدان العربية في امن وسلام".
وشكر الكنيسة اليونانية على ما قدمته للنازحين واللاجئين اليها هربا من الحروب والقتل في منطقتنا ، نشكر كل من كفكف دموع طفل حزين وكل من قدم قطعة خبز لطفل جائع وكل من قدم ابتسامة محبة واخوة لانسان حزين ومتألم، فالذي يقدم ويعطي لهؤلاء انما ينال بركة ونعمة من السماء لاننا نعتقد بأن المعطي يسبغ عليه الرب الاله بكثير من مراحمه وبركاته ونعمه ، نصلي من اجل السلام في سوريا لكي يعود اللاجئين الى بلادهم والى كافة بلدان منطقتنا التي يستهدفها العنف والارهاب، وتبقى القضية الفلسطينية هي مفتاح السلام في منطقتنا وفي عالمنا".
وقدم للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية متحدثا عن اهدافها ومضامينها ورسالتها، وقال:" المسيحيون الفلسطينيون هم ملتصقون التصاقا بهذه الارض ولن يتخلوا عن جذورهم الايمانية والوطنية، كما ان مسيحيي مشرقنا العربي وبالرغم من كل الاحزان والالام والاضطهادات التي تعرضوا لها لن يتخلوا عن انتماءهم لهذا المشرق العربي الذي يسعى الاعداء لطمس معالمه وتشويه صورته ونسف قيم العيش المشترك القائم بين ابناءه".
وشدّد المطران: سيبقى المسيحيون المشرقيون العرب مرتبطين بهذه الارض ولن يتخلوا عن اصالتهم وجذورهم وانتماءهم تحت اي ظرف من الظروف، فنحن نحب اوطاننا وننتمي الى تاريخ وهوية هذا المشرق العربي الذي المسيحية هي جزء اساسي من مكوناته ومن تاريخه وتراثه الروحي والانساني.
واجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات.