الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأديب المصري سعيد رمضان: الفن الفلسطيني حصن متين ضد محاولات الطمس

نشر بتاريخ: 08/10/2016 ( آخر تحديث: 08/10/2016 الساعة: 12:24 )
الأديب المصري سعيد رمضان: الفن الفلسطيني حصن متين ضد محاولات الطمس

اجرى الحوار : رامي أبو شاويش
الأديب سعيد رمضان على ، كاتب مصري يعيش حاليا في غزة، جمع بين النقد وكتابة القصة القصيرة والرواية والمسرحية ، منشوراته على الفيس بوك تؤكد إحساسه العميق تجاه القضايا القومية ، اصدر عدد من الكتب الأدبية والنقدية، آخر كتاب أصدره هو كتاب " الحصن الفني" عن الفن التشكيلي الفلسطيني . التقيناه في هذا الحوار:

ما الدافع وراء كتابك "الحصن الفني" وما سبب اهتمامك بالفن التشكيلي الفلسطيني ؟

اهتمامي بالفن التشكيلي الفلسطيني، سببه الاهتمام بالإنسان والقضية ، الإنسان الفلسطيني يعانى، والقضية أهملت ، صحيح أن هناك كلام عن القضية الفلسطينية بالعالم العربي ، لكنه مجرد كلام اخذ حجما اكبر من الحراك الفعلي للحل .. حتى تحول الكلام ليكون هو القضية نفسها .. بينما الحقوق تنهب والمعاناة تزيد والأوضاع تسوء .. إنها لوحة لغوية تتمسك بمشهديه اقرب ما تكون إلى الفشل، وتعبر عن العجز في مواجهه الاحتلال. أما الأمل في التغير فهو يشحب وعاد الشعب الفلسطيني للمعاناة من الاحتلال والحصار ، كانت هناك آمال لتحقيق اتفاق يضغط على الاحتلال ليقبل الحقوق الفلسطينية ، لكن ذلك لم يحدث .. الصورة الآن ليست جميلة ، ربما يوجد أمل .. وربما يتحقق شيء ما في المستقبل ..

لماذا الفن التشكيلي بالذات ؟

كنت يوما بملتقى أدبي بصالون نون الثقافي بغزة ، حين وصلتني دعوة لزيارة معرض الفنان فارس عياش، هناك رأيت لوحات أثَّرت فيَّ كثيرًا... كان مشهدها مخيفا .. فزع ورعب في عيون الأبرياء وسحق طفولة كانت زيارة المعرض تجربة هزت كياني ، حقا عاشرت عدوان ورأيت أهوال بغزة، لكن الرعب والفزع في اللوحات هي التي جعلتني اتجه لمسار الفن التشكيلي الفلسطيني. ثم انه ليس مجرد فن أو لوحات إبداعية ترسم ، ربما هو فن يقترب من الرواية الفلسطينية ، من حيث انه يحوى في ثناياه مجموعة متشابكة من الوقائع من خلال مزج حركة المجتمع والشخوص الفنية ، إن فحوى مهارة الرواية الفلسطينية هي إعادة كتابة الألم البشري، من الخلف نحو الأمام ، ابتداء مما لم يبصره الجيل الحالي أو عايشه ، وهو ما يشترك مع الفن التشكيلي الفلسطيني الذي يعيد كتابه هذا الألم لكن بشكل بصري .

لماذا اخترت عنوان " الحصن الفني " ما رمزية هذا العنوان ؟

عنوان الكتاب ( الحصن الفني ) يوضح شيئا .. فكما قلت في كتابي فالفن يلعب دورا هاما في حفظ التراث ، وعن طريق الاختيار الخاص للأفكار والصور والأوضاع والألوان والرموز، جعل الفنان الفلسطيني من فنه حصنا متينا يودع فيه كل ماله علاقة بتراث وتاريخ بلاده حتى لا يندثر أو يسرق ، وعلى نحو خاص لعب دورا أيضا ضد الاحتلال ، وفى عملية طويلة وصعبه ساهم في إزالة الزيف الذي يمارسه الآخرون ضد قضايا بلاده .
في الرواية الفلسطينية ، نتخيل التراث من خلال الكلمات ، وفى اللوحة نجد التراث مجسم أمامنا في الأشكال كالثوب البدوي والبيارات والصبار والحصان والقدس والمباني الفلسطينية القديمة والأزياء ... إنها تحفظ وتصان وتحارب من قبل الاحتلال الذي يحاول طمس التراث أو نسبته لنفسه كما حصل مع الأزياء الفلسطينية والموسيقى وحتى رمز الصبار الفلسطيني نسبه لنفسه .

هل صادفتك عقبات في تأليف الكتاب ؟

نعم ، واجهتني عقبات .. فما هي الأسس..؟ وكيف نبدأ ومن أين؟ وما هو المنجز النقدي السابق الذي نعتمد عليه في التناول النقدي للفن التشكيلي الفلسطيني سواء في مجال التنظير، أو في مجال التطبيق !!! والمقصود بلغة بسيطة " المراجع" لا شيء منها توفر لي بغزة ، حاولت البحث بالمكتبة البلدية لكنى لم أجد شيئا .. ربما توجد كتب نقدية هنا أو هناك لكنى لا اعلم بها .. هناك مقالات متفرقة بمواقع على الانترنت استفدت منها وذكرتها كمرجع لكن الكتب الدسمة لم أجدها .. في أوربا مثلا نجد عشرات الكتب عن فنان واحد .. بغزة لا شيء من ذلك .. هناك تقصير خطير بحق الفنان الفلسطيني الذي يبدع في ظروف غير مواتيه .. ويقيم معارض على نفقته الشخصية بدون دعم لا من الحكومة أو الجمهور .

هل ساعدك بعض الفنانين ، وكم عدد من شملهم الكتاب ؟

ساعدني البعض فعلا ذكرتهم في كلمة شكر بمقدمة الكتاب وغيرهم داخل الصفحات، والأستاذ فايز الحسنى مدير مركز رواسي قدم لي الكثير من خلال منشورات مركز رواسي و دعوتي للمهرجان السنوي، بالإضافة إلى جهات أخرى ذكرتها بالكتاب الذي تناول عدد ( 38 فنان وفنانة ) بداية من جيل الرواد حتى احدث جيل وأصغرهم سنا .

ماهي خلاصة رؤيتك للفن التشكيلي الفلسطيني؟

من خلال رؤيتي للأعمال الفنية بالمعارض والمهرجانات، أدركت أن الفن الفلسطيني يتضح فيه الموقف الذي ينتج عن فهم الفنان لأوضاع وطنه وظروف مجتمعه، كما يظهر فيه الوضوح الذي يعبر عن قدرة الفنان في الاختيار بدون خوف من السجون والمعتقلات ، وقدرته على مواجهة قدره بشجاعة... كل اللوحات الفنية أبدعت نتيجة لظروف غير أدمية فرضت على المجتمع الفلسطيني، وكل فنان عبر بأسلوبه عن الموقف الواقعي الناتج من قرار حاسم. فالفنان الفلسطيني و قضية وطنه وارض بلاده وتراثه وتاريخه أصبحوا كيانا واحدا، يتمرد ويثور في أشكال وخطوط على سطح لوحة مجسدا عملا دراميا عظيما .. يتناول القضية الأبدية والأكثر إثارة في التاريخ البشرى وهى الحرية .

هل يمكننا القول أنّك أوصلت رسالتك من خلال هذا الكتاب؟

من الصعب الإجابة على السؤال بشكل يقيني ، فقد تضمن الكتاب رسالة أوضحتها في كلامي السابق عن القضية والإنسان وقيمة الفن الفلسطيني ، أما وصول الرسالة فهذا يعتمد على عدة أمور ، أولها التوزيع والمقصود طبعا المبيعات .. وهل سيصل لجمهور واسع أم محدود ؟ الأمر الثاني هو المتلقي أي الشخص الذي قرأ الكتاب .. هل استوعب الرسالة أم لم يستوعبها ؟ هل استوعبها بشكل صحيح أم خاطئ؟ هل اهتم أم لم يهتم ؟ الأمر الثالث هو النقاد ووسائل الإعلام ، هل أوصلت الرسالة واهتمت بكتابي كما تهتم أنت بحوارك معي الآن أم لا ؟

هل هناك منشورات أخرى لك عن فلسطين ؟

نعم .. نشرت كتابي عن سيناء ، وتناولت فيه فلسطين في الفصل الخاص بالأطماع الصهيونية .. وفى فصل آخر كتبت عن التراث الفلسطيني الذي يشترك في الخصائص مع التراث السيناوى ، كتاب آخر نقدي تناولت فيه أعمال بعض الأدباء الفلسطينيين في القصة والرواية مع كتاب عرب آخرون، أما روايتي " حقول الموت " عن المقاومة الفلسطينية فهي رواية لم تنشر .. لكنى سأنشرها قريبا .

هل تعتبر أن السوشيال ميديا تساهم في نشر كتبك ؟ هل تعوّل عليها في الوصول إلى متابعينك؟

للتوضيح فالسوشيال ميديا تعنى المجلات و منتديات الانترنت و الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر وغيرها وهى توفر فرصا إلى الوصول إلى جمهور واسع يصل إلى ألاف أو حتى مئات الآلاف من جميع أنحاء العالم أي جمهور غير محدود ومختلف .. سابقا كنت انشر كتبي ورقيا بمصر دون الاهتمام بالميديا .. الآن وبشكل حديث نسبيا قمت بتغير الوضع واهتممت بالميديا حتى يمكن نشر كتبي بشكل اكبر.. واني أؤمل خيرا .. فردود الفعل الآن تصلني بشكل أسرع وأوسع .

في الختام نطرح سؤال : ما هو عملك القادم ؟

هذا الكتاب سنقوم بتطويره وإضافة فنانون آخرون إليه ، في طبعات لاحقة .. أو إصدار جزء ثاني منه.


كل شيء مطروح.. وما بداخل الكتاب الحالي أيضا مطروح للنقاش ، إنني منفتح على الاقتراحات ، فالقضية التي يطرحها الكتاب تخصنا جميعا .. وعلينا جميعا المساهمة فيها .