غزة-معا- دعا مختصون في الصحة النفسية الى تطوير خطة وطنية تشارك فيها المؤسسات الحكومية والأهلية للتدخل في الأزمات حيث يتم تحديد الأدوار بناء على الخبرة والتخصصية وتشكيل جسم دائم للتنسيق وإعداد خطط التدخل بين كافة الفاعلين والعاملين في المجال.
كما طالب المختصون بتحديد الأساليب وطرق التدخل المناسبة من ناحية مهنية والاجماع عليها وعمل تدريب لتأهيل فرق التدخل واعتماد التدريب كمتطلب أساسي عند العمل في هذا المجال بالإضافة الى ضرورة إلزام المؤسسات المحلية أو الدولية لتعيين مهنيين مؤهلين حاصلين على تدريب في مجال التدخل النفسي الأولي.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها برنامج غزة للصحة النفسية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وبتمويل من صندوق قطر للتنمية (QDF)، من خلال برنامج الفاخورة التابع لمؤسسة " التعليم فوق الجميع" قطر، بعنوان "خدمات الإسعاف النفسي الأولي: التجربة الفلسطينية" بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف العاشر من أكتوبر من كل عام، بحضور د. ياسر أبو جامع مدير عام البرنامج، وعدد من أعضاء مجلس إدارة البرنامج ومدراء الدوائر والوحدات، والعديد من ممثلي المؤسسات وزارة الصحة والأنروا ومؤسسات المجتمع المدني والمختصين والمهتمين في مجال الصحة النفسية، وذلك في قاعة فندق المشتل بغزة.
كما شدد المختصون على ضرورة توفير إشراف مهني فردي أو جماعي للطواقم العاملة من قبل مهنيين مؤهلين في الإشراف وضرورة تطوير ووضع نظام تحويل بين المؤسسات العاملة حسب التخصص والخبرة بالاضافة الى تفعيل وزيادة التنسيق بين المؤسسات العاملة في المجال الإغاثة والصحي والنفسي والاجتماعي والعمل على تقنين طرق وأساليب التدخل بما يتناسب مع البيئة الفلسطينية.
واشار باسل ناصر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ان هناك 2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة هم بحاجة للدعم النفسي نظراً لظروف الحرب والحصار التي تعمل على تدمير الجوانب النفسية والاجتماعية، شاكراً برنامج غزة وبرنامج الفاخورة على اهتمامهم بعقد هذه الورشة في مجال الصحة النفسية.
ثم تحدث د. جرالد روكن شاوب مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية عن اهتمام منظمة الصحة العالمية بخدمات الصحة النفسية في الواقع الفلسطيني.
ثم بدأت الجلسة الأولى والتي ترأسها د. تيسير دياب نائب المدير العام للشؤون المهنية بالبرنامج.
حيث قدم د. ياسر أبو جامع مدير عام البرنامج ورقة العمل الأولى بعنوان "الوضع النفسي في قطاع غزة: عامان بعد العدوان"، تناول فيها الآثار النفسية للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني والممتدة عبر عقود طويلة كان آخرها عدوان 2014 على قطاع غزة وما نتج عنه من آثار تدميرية طالت جميع مناحي الحياة الاقتصادية والنفسية والاجتماعية حيث بلغ عدد شهداء العدوان حوالي 2200 شهيداً منهم أكثر من 500 طفل، وتدمير وتشريد عشرات الآلاف من المنازل وتشريد حوالي نصف مليون شخص، مركزاً أن الأطفال هم الأكثر عرضة لهذه الصدمات والتأثيرات النفسية حيث ظهرت لديهم العديد من المشاكل بعد الحرب، ودور البرنامج في مساعدة الأطفال نفسياً للتخلص من تأثيرات الحروب عليهم، مشيراً إلى أن عام 2017 سيكون عاماً خاصاً حيث سيشهد مرور 10 سنوات على الحصار، و50 عاماً على احتلال قطاع غزة، و100 عام على وعد بلفور المشؤوم.
وأكد د. محمود ضاهر مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، خلال ورقة عمله التي كانت بعنوان "خدمات الإسعاف النفسي الأولي.. خلفية ورؤية " على أن قطاع غزة يعاني من الاحتلال لعقود من الزمن اضافة إلى الحصار المفروض عليه منذ سنوات طويلة، وما يعانيه من حالة العزل النفسي والاجتماعي لسكان قطاع غزة مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة ومنع التنقل بحرية، مما يؤدي إلى ضعف التواصل مع المجتمع الدولي.
وتحدث د. يحيى خضر مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة عن دور وزارة الصحة بدعم الصحة النفسية والعمل على وضع خطة استراتيجية أولى عام 2008، حيث قامت من خلال فرق الدعم النفسي بتقديم خدمات العلاج والدعم النفسي للمصابين في المستشفيات والمشردين في المدارس والملاجئ، وتحويل الحالات التي بحاجة للمتابعة ببرنامج غزة للصحة النفسية.
وبدوره تحدث د. ديفيد هتن مسؤول برنامج الصحة النفسية المجتمعية في وكالة الغوث، عن اختلاف المفاهيم بين البيئة العربية والغربية في مجال الصحة النفسية، مستعرضاً بعض التجارب الشخصية والتي تصب بمفهوم الاسعاف النفسي الأولي، مؤكداً على ضرورة الاستماع الجيد للمتأثرين بالأحداث والصدمات النفسية، واعطاءهم الاهتمام والحفاظ على كرامتهم وتعزيز تواصلهم مع بيئتم المحيطة، مع ضرورة تطبيق التدخلات النفسية دائما وليس فقط وقت الصدمات.
وترأس الجلسة الثانية حسن زيادة مدير مركز غزة التابع للبرنامج ،حيث قدم ورقة العمل الاولى السيد /عزمي الاسطل مسؤول الصحة النفسية في الهلال الأحمر الفلسطيني التي كانت بعنوان الاسعاف النفسي الأولي-تجربة الهلال الأحمر الفلسطيني، تناول خلالها تجربة الهلال الأحمر الفلسطيني في الاسعاف النفسي الأولي في حرب عام 2008-2009، حيث أقام خلالها الهلال الأحمر مخيمات قدم من خلالها خدمة الاسعاف النفسي الأولي، وفي عام 2012 تم وضع خطة للتدخل النفسي الطارئ تضمنت تدريب 120 متطوع وموظف للعمل في التدخل النفسي الطارئ بمناطق غزة، ووضع شجرة للاتصال بالعاملين والمتطوعين، ووضع خطط جغرافية توضح مناطق الاستهداف من قبل العاملين والمتطوعين كل حسب منطقة سكناه، تجهيز حقيبة للتدخل النفسي الطارئ. كما قام الهلال الأحمر خلال العام 2014 من خلال برنامج الاستجابة بالطوارئ بتقديم خدمة الاسعاف النفسي الأولي من خلال 135 موظف ومتطوع تم تدريبهم على التدخل النفسي الطارئ، كما قام 10 من الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين في الضفة الغربية بمساعدة الموظفين والمتطوعين في تقديم هذه الخدمة.
ثم قام جاسم حميد-مدير برنامج بناء القدرات والدعم النفسي والاجتماعي في مؤسسة ميرسي كور بتقديم ورقة عمل بعنوان الاسعاف النفسي الأولي-تجربة مؤسسة الميرسي كور تناول خلالها خبرة المؤسسة في مجال الاسعاف النفسي الأولي وكذلك بعض الدروس المستفادة وعلاج الفجوات وأخذ الوضع العام في قطاع غزة بعين الاعتبار.