السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

(وثائق) الجرائم الميتة- إحداها فادي المحتسب

نشر بتاريخ: 30/10/2016 ( آخر تحديث: 30/10/2016 الساعة: 22:47 )
(وثائق) الجرائم الميتة- إحداها فادي المحتسب
الخليل- تقرير محمد العويوي- معا- كنا في معا قد نشرنا بتاريخ 2011/3/21، تقريراً حول "لغز" مقتل الطفل فادي المحتسب.. 22 يوما مرت والقاتل مجهول- كما ونشرنا بتاريخ 2011/8/2، خبراً حول -مكافأة 50 ألف دينار- والد الطفل المحتسب يتعهد بانه سيعفي عن قاتل ابنه- وكذلك نشرنا تقريراً مطولاً حول ذات القضية تحت عنوان: هل الطفل المحتسب قتل .. أم مات غرقاً ؟- وذلك بتاريخ 2015/1/22.

قمنا في معا بإعادة فتح ملف مقتل الطفل فادي محمد نجيب المحتسب والذي عثر على جثته هامدة داخل عين ماء واد البصاص في الخليل بتاريخ 2011/2/28، وعلى مدى اربعة اعوام من متابعة هذه القضية سواء من خلال مقابلة عائلته، او النيابة العامة او الطب الشرعي، وشاهد رئيسي شاهد ما حدث، وحتى من خلال مقابلة شخص كان متهماً بقتل الطفل المحتسب، او من خلال ملف القضية والذي زودنا بنسخة عنه والده محمد نجيب.

في العام 2014 اي بعد مرور نحو ثلاثة أعوام، قام رئيس نيابة الخليل الاستاذ اشرف مشعل بارسال كتاب الى النائب العام في حينه المستشار عبد الغني العويوي، وجاء في كتاب مشعل: منذ العثور على جثة الطفل المحتسب، وملف القضية في محل لغط وشائعات، وقد حاز على جانب كبير من الرأي العام المطالب بكشف الحقيقة خصوصاً مع اكتشاف جرائم مشابهة".

يُستدل من المراجعات، التي قمنا بها على مدار الاعوام السابقة، وجود الكثير من اللغط في القضية، سواء من حيث مجريات التحقيقات واستبعاد شاهد رئيسي. وكانت فضائية فلسطين قد بثت حلقة خاصة ضمن برنامج نفض الغبار عن قضية الطفل المحتسب، وعرض في التقرير شهادة الشاهد الرئيسي، بالصوت والصورة وهو يوضح كيفية تعرض الطفل للقتل من مسرح الجريمة حيث قام بتمثيل ما حدث.

يعتقد محمد نجيب المحتسب، ان النيابة العامة وهي صاحبة الاختصاص في هذا المجال، كانت مقصرة ولم تقم بواجبها على اكمل وجه لانهاء القضية، كما القى باللائمة على الطب الشرعي لتدخله في مجريات القضية والذي أثر سلباً في الحصول على نتائج ايجابية بشأن القضية.

ولا ينكر المحتسب كما يقول دور النيابة العامة في متابعة القضية من خلال مراسلاتها الداخلية او الخارجية بخصوص قضية طفله، لكنه يطالبها بمزيد من العمل والمثابرة، لإنهاء عذاب ومعاناة اسرته المستمرة.

وحدة الجرائم الميتة والباردة

من خلال متابعتنا في معا لبعض الجرائم التي حدثت ونذكر منها على سبيل المثال: قضية مقتل آية براذعية، لا زال القاتل طليقاً بعد قرار المحكمة اخلاء سبيل المتهمين بقتلها وتبرأتهم من التهم الموجهة اليهم بعد محاكمة طويلة، وقضية مقتل الطفل المحتسب. وهذه الجرائم وجرائم أخرى حدثت ولم يتم الكشف عن الجناة فيها، كما قال لنا خبير قانوني، هي بحاجة الى قرار من النائب العام لانشاء "وحدة للجرائم الميتة".

وأضاف هذا الخبير والذي رفض الكشف عن اسمه: "من الجيد ان يقوم سعادة المستشار النائب العام الدكتور أحمد البراك، بتشكيل وحدة الجرائم الميتة داخل النيابة العامة، تكون من خيرة أعضاء النيابة العامة، وهم كُثر، ولا ضير ان يتم ارسال فريقها الى الخارج للاستفادة من تجارب الدول التي يوجد فيها مثل هذه الوحدة، ويناط بهذه الوحدة التحقيق في كافة الجرائم التي وقعت دون اكتمال المقتضى القانوني، بمعنى الجرائم التي وقعت دون وجود متهم، كما ويمكن الاستفادة من هذه الوحدة في بعض القضايا التي شكلت وتشكل قضايا رأي عام، وتم صدور أحكام فيها من قبل المحكمة المختصة".

الطب الشرعي

يرى محمد نجيب المحتسب، أن الطبيب الشرعي زياد الاشهب والذي كان يشغل في حينه منصب مدير عام الطب الشرعي، قد غير كثيراً من مجريات القضية، وخاصة بعد تطوعه لتشكيل لجنة من وزارة العدل بموافقة وزير العدل في حينه، وذلك في نيسان 2011، لدراسة ملف قضية ابنه، وقد صدر عنها تقرير خبرة. جاء فيه: قررنا كلجنة فنية بأنه لا داع لاستخراج الجثة من القبر، لأن البينة الطبية واضحة كل الوضوح وان هذه الاصابات تتفق وان تكون ناتجة عن سقوط وارتطام بجسم صلب راض في بركة الماء (عين الماء)، وعليه فإن الوفاة تتماشى ان تكون عرضية لعدم وجود آثار تربيط أو أية علامات لشدة خارجية او عنف".

وأضاف المحتسب: "انا متمسك بتقرير الطبيب الشرعي احمد حنيحن والذي قام باجراء التشريح الشرعي على ابني، حيث أكد أن سبب الوفاة كما جاء في تقريره وافادته امام النيابة العامة، حيث قال: "بناء على قرار من وكيل النيابة العامة الاستاذ سمير بنات، قمت باجراء الصفة التشريحية في مستشفى الخليل الحكومي على جثة الطفل فادي محمد نجيب المحتسب (8 اعوام) بعد ان وجدت جثة طافية في بركة ماء، تبين لي من خلال الصفة التشريحية وجود اصابة في الرأس عميقة وداخلية نتج عنها نزيف دموي بمحاذاة قشرة الدماغ، والنتيجة ان الوفاة ناتجة عن نزيف دموي على سطح الدماغ وانفصال الفقرة العنقية الاولى من قاعدة الجمجمة".

وحول فرضية أن يكون الطفل قد تعرض للغرق وما هي علامات الغرق، أجاب الدكتور حنيحن في افادته امام النيابة العامة: "الوفاة التي تنتج عن الغرق تكون فيها الجثة في وضعية الدفاع (مثل الملاكم) وحالة الطفل المحتسب كانت مسبلة مستقيمة والاطراف بجانب الجثة على الجنبين، هذا بالاضافة الى أنني لم أشاهد وجود اي ماء أو سوائل في الفقرات الهوائية او الرئتين او المعدة".

واضاف حنيحن في افادته امام النيابة العامة: "رأي الفني وخبرتي الطويلة في مجال التشريح وعلوم الطب الشرعي تقودني الى ان المرحوم فادي المحتسب، قد تعرض الى عنف خارجي على رأسه ونتج عنه فتق في الفقرة العنقية الأولى، ونتيجة التكدم على فروة الرأس والنزيف على سطح الدماغ في قمة الرأس، هي أنه توفي خارج بركة الماء ومن ثم تم القاؤه في الماء لاخفاء الجريمة".

هذه الشهادة تتفق، تماما مع شهادة الشاهد الذي ظهر ضمن برنامج نفض الغبار على فضائية فلسطين، وهي تؤكد أن الطفل المحتسب قد قتل خارج عين الماء ومن ثم تم رميه فيها.

بالعودة الى الدكتور زياد الاشهب، لغاية إعداد هذا التحقيق، لم تقم النيابة العامة باستدعائه لوأخذ افادته، رغم وجود شكوى مقدمة من محمد نجيب المحتسب ضده، بالاضافة الى قيام النيابة العامة بمراسلة وزارة العدل، تطالب فيها باجراء تحقيق إداري مع الدكتور زياد الاشهب، طبيب شرعي متقاعد مدير معهد الطب الشرعي سابقاً، للوقوف على آلية الاجراءات المتخذة من قبله بالملف.

هذه المراسلة كانت بتاريخ 2015/1/28، لكن لغاية الآن كما أسلفنا، فإنه لم يتم استدعاء الدكتور الاشهب للتحقيق الاداري معه، وقد علمنا من عائلة المحتسب بأن الأشهب كان قد التقى بهم اكثر من مرة، وأبدى استعداده لأن يشهد أمام النيابة العامة وابداء رأيه في قضية ابنهم فادي.

أدلة جنائية تختفي ونتائج للشهيد ابو نوارة

في يوم 2016/5/8، ارسل رئيس نيابة الخليل الاستاذ اشرف مشعل كتاباً الى النائب العام، يوضح فيه بعض التناقضات في نتائج الفحوصات المخبرية، ونورد بعضاً مما جاء في الكتاب: "بالتدقيق في تقرير إدارة المختبرات والأدلة الاردنية، فإن التقرير معنون باسم المتوفى، وكما ورد في التقرير تم اجراء الفحص على قميص رجالي والدم الموجود على فانيلا رجالي والدم على المنديل داخل عباءة رجالي تبين عدم وجود تطابق".

واضاف الكتاب: "علما ان هذه العينات لا تتعلق بالعينات التي ارسلت للفحص الخاصة بالمتوفي والتي هي عبارة عن شرشف، وفي جدول العينات المرسلة ذكر اسم الشهيد نديم ابو نوارة في البند رقم 4، وكذلك ذكر اسم المتوفى في البند رقم 5، يرجى من حضرتكم -النائب العام- مخاطبة ذوي الشأن وتوضيح تلك التناقضات التي وردت في التقارير، وكذلك العمل على احضار التقارير الطبية الخاصة بالمتوفي والعينات خاصته ونتائجها للسير بالقضية حسب الاصول".

ما ذكر سابقاً هو غيض من فيض، وكما قال والد الطفل المغدور: "كنت اعتقد بأن طفلي الشهيد فادي قد توفي غرقاً في عين الماء، لكن النيابة العامة والشرطة، أخبروني بأنه قتل، وأنا اريد منهم اظهار الحقيقة، نحن نعلم القاتل ولدينا ما يكفي من الادلة والتي قمنا بتسليمها وتقديمها للنيابة العامة وللشرطة، وننتظر منهم العمل على انهاء هذه القضية مرة وللأبد".