ندوة سياسية حول المتغيرات في السياسة الروسية الشرق أوسطية
نشر بتاريخ: 01/11/2016 ( آخر تحديث: 01/11/2016 الساعة: 15:53 )
بيت لحم- معا- نظمت جمعية الصداقة الفلسطينية الروسية تحت رعاية الدكتور نبيل شعث رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية الروسية، والسفير الروسي في فلسطين "الكسندر روداكوف" ندوة سياسية بعنوان المتغيرات في السياسة الروسية الشرق أوسطية وأثرها في العلاقات الدولية.
وعقدت الندوة في المركز الروسي للثقافة والعلوم في بيت لحم، بحضور مدير المركز الروسي للعلوم والثقافة ورؤساء مؤسسات وجامعات وأعضاء هيئات تدريسية من الجامعات الفلسطينية واطر طلابية مختلفة بالإضافة إلى شخصيات اعتبارية فلسطينية.
في كلمته أكد الدكتور نبيل شعث أن جمعية الصداقة الفلسطينية الروسية حريصة على تنظيم نشاطات سياسية وثقافية تسهم في فهم وتطوير العلاقات الفلسطينية الروسية والعربية الروسية وركز على حرص القيادة الفلسطينية على تطوير وتوطيد العلاقات ما بين روسيا الاتحادية وفلسطين وقال نحن ندعم كل النشاطات والفعاليات التي تخدم العلاقة الروسية الفلسطينية وشدد على ان العلاقات الروسية الفلسطينية راسخة وثابتة حيث ان روسيا تعتبر دولة صديقة وحليف استراتيجي للشعب الفلسطيني وتقف دائما مواقف تأيد للشعب الفلسطيني مرتكزة على قرارات الشرعية الدولية وبذلك فهم شركاء لنا كشعب فلسطيني ومنظمة التحرير وسلطة وطنية فلسطينية في كل المحافل الدولية وأهمها مجلس الأمن حيث لم يسجل ان اتخذت فيتو واحد ضد فلسطين بل على العكس فهي داعمة دوما لفلسطين في مجلس الأمن وفي اللجنة الرباعية وكذلك في العلاقات الثنائية.
من جهته تحدث الدكتور اسعد العويوي نائب رئيس الجمعية وأستاذ القضية الفلسطينية في جامعة القدس المفتوحة أن هذا اللقاء محاولة للإطلالة على الدور الروسي الجديد على مسرح السياسة الدولية ، بعد مدة انكفاء طويلة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م . وقال العويوي انه عند الحديث عن محددات وأهداف السياسة الخارجية الروسية، يمكن القول بأن روسيا شأنها شأن الدول العظمى، توازن بين المحددات المحلية والدولية، وبين الاعتبارات الداخلية والخارجية، بل وتسعى لأن توظِّف السياسة الخارجية بما يتفق ومصالحها الداخلية. وعند الحديث عن الدور الروسي في المنطقة العربية، فلا يمكن فهم المحددات دون النظر إلى تاريخية هذا الدور، سيما في ظل الحقبة السوڤياتية، كمدخل لقراءة الدور الراهن، أو فهم مدى إمكانية إعادة تفعيله. إذ يمكن القول إن السياسة الخارجية الروسية الجديدة تنطلق من رؤية ترتكز في أحد مرتكزاتها على إبلاء أهمية للقيمة الجغرافية والإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط ، باعتبارها تمثل مكان الصدارة في سلم الاهتمامات العالمية ، وأنه لا يمكن لأي نظام عالمي أن يتشكل بعيدًا عن تلك المنطقة الإستراتيجية؛ لما تمثِّله من قلب العالم: حيث تتقرر فيها مراكز التوازنات والقوى الدولية.
من جهتها اشارت الدكتورة "فكتوريا كاروتشكينا" على ان الانخراط الروسي في ألازمه السورية جاء بناء على طلب الحكومة السورية ضمن الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وهذا الانخراط الى جانب الدولة السورية لا يتعارض مع القانون الدولي. وأكدت ان الرئيس بوتين تحدث ان هدف التدخل العسكري الروسي هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية المهددة بالتقسيم على أساس عرقي وطائفي من قبل قوى ارهابية مرتبطة بدعم وتأييد من دول الناتو وعلى رأسها الولايات المتحدة. وقال كاروتشينا أن التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الوليات المتحدة الأمريكية ومعها أكثر من 65 دولة لم يحقق أي نجاحات في الحرب ضد القوى التي دمرت البنى التحتية لدولة العراق وسوريا بل على العكس من ذلك توسعت المساحات المسيطر عليها من قبل القوى الإرهابية في الدولتين. ولكن بعد التدخل الروسي في الأزمة السورية تراجعت سيطرة الإرهابيين في الأراضي السورية إلى حد كبير. وأكدت "كاروتشكينا" أن روسيا صحيح تدافع عن مصالحها في علاقاتها مع الدول الا انها تراعي في نفس الوقت المصالح الوطنية للدول الأخرى التي تتعاون معها . وأكدت أن السياسة الروسية الجديدة في الشرق الأوسط والأزمة السورية بالتحديد وضعت حد نهائي للأحادية الأمريكية في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم.وأكدت أن السياسة الأمريكية تنطلق من مصالحها الاستعمارية للسيطرة على الموارد الطبيعية للدول ، وهذه السياسة الامبريالية لا تراعي ابدا مصالح الدول الوطنية في منطقة الأوسط والعالم.
من جهته استعرض تاريخ العلاقات الروسية العربية في مراحلها الثلاث القيصرية والسوفيتية والمرحلة الحالية . حيث تطرق الدكتور حلاوة إلى مساعدة الاتحاد السوفيتي لحركات التحرر الوطني العربية في نضالها ضد الاستعمار الأجنبي ووقف إلى جانب مصر في العدوان الثلاثي عليا عام 1956م وساعدت الجزائر ومصر والعراق وسوريا في تنمية مجتمعاتها في شتى المجالات الاقتصادية من بناء مشاريع صناعية وبناء السد العالي في مصر . وأكد حلاوة على السياسة الروسية المتجددة في الشرق الأوسط أيضا تنطلق من منطلقات مبنية على المصالح المشتركة للدول. وروسيا اليوم بقيادة الرئيس بوتين وضعت حدا نهائيا للقطبية الأحادية الأمريكية في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص.
من جهته ركز الدكتور محمد فرحات على أن الأمم العتيقة والعميقة والعريقة هي أمم غير متعبة من حيث وصفها وتشخيصها ومعرفة خارطة الطريق إلى فهمها، لكنها مركبة بالضرورة ، وروسيا هي واحدة من أهمم الأمم على المسرح الكوني الحديث على الأقل، كما أنها أمة مكتفية وهذا الأمر هام ، لان الأمم المكتفية لا تبحث عن شيء ينقصها خارج نطاقها، ولكن التاريخ والجغرافيا والضرورة والإرادة تقلدها كما تقلد نفسها مهمات وادوار مهمة.
كما اكد الدكتور فرحات أن روسيا دولة مهمة للتوازن والسلام والأمن الإقليمي والكوني، وذلك بحكم دورها وخياراتها وليس ونستون تشرشل قال ذلك ذات يوم، لذلك لطالما كانت روسيا دولة تحركها أخلاق المسؤولية خصوصا عندما كانت الدول الكبرى أو بعضها على الأقل تميل للخيارات المجنونة او المدمرة في إدارة شؤون العالم.
وفي روسيا الراهنة- مرحلة بوتن- التي تنهض من ثنايا تعثر عقد التسعينات وموروث غورباتشوف ويلتسين في التيه والوهن والمذلة، سنلاحظ تواجد هذه العناصر وغيرها على نحو جوهري في دورها المتجدد وحضورها المطلوب.
غير أن ثلاث مكونات أساسية يتعين على المعنيين بروسيا ودورها أن يأخذوها بعين الاعتبار:
الأول: المكون الروحي متمثلا في الارثودوكسية المشرقية ودورها الروحي العميق في وجدان روسيا وفي روابطها مع محيطها وتحديدا الشرق الأوسط وحصرا مع سوريا. حيث للارثودوكسية التزماتها الروحية والأخلاقية والوجدانية التي لها مجال صرف سياسي واستراتيجي أيضا.
الثاني : المكون الثقافي الذي يعكس الرؤية الثقافية لروسيا وأهمية إقامة روابط مع العالم في الجبهة الثقافية بالمعنى العميق للكلمة .
المكون الثالث هو المكون السياسي الذي يقوم على معادلة مصلحيه أخلاقية ، حيث تبحث روسيا عن مصالحها ودورها بالتقاطع مع مصالح الأخرين وليس على حسابهم وربط ذلك بمسالة المن والاستقرار والسلام والتحقق المناسب للجميع.
وبدون مثالية وبدون عاطفية وبدون مبالغة إن هذه الإحداثية هي إحداثية مركزية في قراءة دور روسيا وحضورها المتصاعد من خلال إقليم الشرق الأوسط بالتحديد، حيث تقف روسيا على رأس حلف ممتد يسعى لإعادة صياغة العالم على أساس تعددية الأقطاب والمصالح المتبادلة والأمن والاستقرار.
اما الناشط السياسي الفلسطيني نصار إبراهيم أكد ان صمود الجيش العربي السوري وحلفائه من محور المقاومة وخاصة حزب الله في المعركة ضد قوى الظلام المدعومة من الرجعية العربية والقوى الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هو الذي دفع روسيا لاتخاذ موقفا متقدما في الانخراط في الأزمة السورية إلى جانب النظام ومحور والمقاومة. وشكر الدولة الروسية على حضورها القوي في الشرق الأوسط الذي وضع حدا لسياسة الاستفراد الأمريكي في ملفات المنطقة ، وأكد نصار إبراهيم أن على القيادة الفلسطينية أن تختار وتميز في علاقاتها من هو صديق ومن هو عدو للفلسطينيين وحقهم في التحرر والانعتاق الحقيقي من الاحتلال الصهيوني. وأكد أن على الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية أن توطد وتطور علاقاتها مع الاتحاد الروسية في كافة المجالات.
واكد الحضور من خلال اغلب المداخلات على نظرتهم الايجابية والمؤيدة للموقف الروسي في سياسته الشرق اوسطية الحالية.
وأكد الحضور على شكرهم وتضامنهم مع الموقف الروسي في الشرق الأوسط وعبروا عن إعجابهم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبر من وجهة نظرهم أن حقبته كان لها عظيم الأثر في إعادة روسيا كقوة عظمى يحسب لها حساب من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيين ومقررة على المسرح الدولي.