الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خبراء يوصون بضرورة تدارك مشكلات قطاع غزة قبل فوات الأوان

نشر بتاريخ: 03/11/2016 ( آخر تحديث: 03/11/2016 الساعة: 01:10 )
غزة- معا - أوصى خبراء بيئيون وزراعيون وصحيون بضرورة تدارك مشكلات قطاع غزة قبل تفاقمها بشكل أكبر في قادم السنوات، بعد تجاوز أعداد السكان حاجز مليوني نسمة مع ضيق مساحة الأرض، مشددين على ضرورة استباق احتمالية ظهور أية أمراض قد تكون ناجمة عن الحرب الإسرائيلية عام 2014م من خلال فحص لما هو موجود الآن في القطاع من مياه وهواء وتربة وصخور وغير ذلك.

وأشار الخبراء خلال ندوة حوارية عقدها مركز العمل التنموي/ معا في مقره بمدينة غزة بعنوان: "الواقع البيئي الغزي الكارثي بعد أكثر من عاميْن على العدوان الاسرائيلي.. مؤشرات ودلائل" إلى أن عمليات الاستهداف الإسرائيلي بالقصف والتجريف والتدبيك للبيئة الأرضية في قطاع غزة أدت إلى فقدان حيوانات برية ونباتات تقليدية، في مقابل انتشار أعشاب وحيوانات وحشرات ضارة إضافة إلى الغياب الملحوظ لأنواع معينة من الأسماك بسبب ضخ المياه العادمة في البحر دون معالجة، وهو ما يستدعى النظر في إمكانية استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دوليًا مثل الفسفور الأبيض واليورانيوم المخصب وغيرها.

وبينوا بأن الحالة النفسية للناس ولدت لديهم عداء للبيئة من خلال حالة اللامبالاة لجهة الانشغال بتوفير لقمة العيش لهم بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة، وهو ما يتطلب التوجه إليهم من خلال وسائل الإعلام عبر برامج توعية وتثقيف وتعليم.

ورأوا أن أي تطور إيجابي في قطاع غزة مرهون بالظروف السياسية، داعين إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبة المسؤولين عن الوضع الانساني في غزة وإعادة فتح المعابر وتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته أمام الواقع في غزة، وإنهاء الانقسام الفلسطيني وإعادة تشكيل نظام سياسي يسمح بإدارة القطاع بشكل أفضل.

وأكد جبر قديح مدير فرع مركز العمل التنموي/معا في غزة على أهمية موضوع الندوة لبيان التأثير الحقيقي لحرب 2014م على القطاع، وتسليط الضوء على مشكلات عديدة ازدادت خلال الفترة الماضية ومنها مرض السرطان.

أدار الندوة الحوارية الدكتور أحمد صافي وتطرق إلى بحثٍ عن "تحديد الآثار البيئية لحرب 2014"، واستُعرضت نتائجه بعد عام من انتهاء الحرب، مفصحًا أن الاستنتاجات كانت متواضعة فيما يتعلق بالمياه، لأن الأثر الممكن بالنسبة للمعادن الثقيلة يصعب على الناس اكتشافه بالممارسة، بينما تعرضت التربة للتدمير والتدبيك المستمر بفعل الانفجارات الناجمة عن القذائف والصواريخ وضغط الدبابات العسكرية عليها وبالتالي إحراقها وتحويلها إلى أراضٍ غير قابلة للزراعة.

ونوه صافي إلى ما وصفها بـ"نتيجة مهولة" وذلك بعد إجراء فحص عينات -لمرة واحدة- من عشرة مواقع متعددة في قطاع غزة (كسارات، مناطق ردم فاعلة، مناطق تخزين الردم) كانت تتواجد بها قبل عام واحد تقريبًا كميات من الردم تقدر بمليون متر مكعب.

وبين أنه خلال تلك الفترة اشتكى المواطنون في المناطق القريبة من الردم من منغصات بيئية عدة أهمها: تلوث الهواء والأمراض الصدرية المصاحبة خصوصًا في حال تفعيل الردم وإزالته وفي مناطق الكسارات والتخزين، وكان أثر ذلك في معظمه على الكبار وصغار السن، لافتًا في هذا السياق النظر إلى أن التلوث في مناطق الردم كانت تتجاوز ما هو مسموح به دوليًا بنحو عشرين ضعفًا.

وأكد أن الحرب الأخيرة أجهزت على ما تبقى من أنظمة حيوية فاعلة خصوصًا في المناطق الشرقية لقطاع غزة، حيث فقدت بعض الحيوانات البرية مع غطاءها النباتي، وأزيلت بقايا أحراش في شمال القطاع فضلًا عن اقتلاع نباتات تقليدية مثل (الخبيزة والحمصيص والرجلة والبابونج)، وفي مقابل ذلك انتشرت أعشاب ضارة يصعب التخلص منها، إضافة إلى حيوانات وحشرات ضارة وروائح كريهة في المناطق الردم.

وبشأن البيئة البحرية أشار إلى أنه كان هناك نقلة نوعية في كمية المياه غير المعالجة التي تتدفق للبحر، وهو ما لوحظ من انتشار الطحالب وبروز شكاوى عديدة من الصيادين حول انتشار أمراض جلدية بينهم، واضعًا في الحسبان احتمالية تغيير تركيبة البنية البحرية، وهو ما يستدعي تساؤلًا عمّا إذا كان للحرب الأخيرة علاقة بذلك.

وفي مداخلته، أكد مدير مكتب منسق الشؤون الإنسانية في قطاع غزة حمادة البياري، أن أولويات السكان في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة بينهم تتجاوز التطرق لقضايا البيئة إلى هاجس توفير لقمة العيش لهم، وأشار إلى أن 44% من القوى العاملة بلا عمل و75% يعتمدون بالأساس على مساعد خارجي لتحصيل أدنى احتياجاتهم، بينما 47% من السكان لديهم مشكلة في توفير الغذاء.

ووصف الوضع العام في القطاع بأنه "معقد جدًا" لكن لا يصل إلى حد أنه يعاني من أزمة إنسانية بقدر ما يعاني من أزمة حقوق وكرامة.

وحذر من التبعات الاقتصادية والحياتية الناجمة عن الكثافة السكانية في قطاع غزة وذكر أن التقديرات بحلول عام 2020م تشير إلى أن القطاع سيتواجد به 6 آلاف نسمة لكل كيلو متر مربع واحد، وهذا الرقم يعتبر الأكبر عالميًا.

الدكتور محمود ضاهر مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة ذكر أن ما حدث في الحرب الأخيرة من تدمير وتدهور في الحالة العامة لقطاع غزة سواء من البنى التحتية أو المقدرات وفقدان الحياة والمراضى هو تراكم لما كان سابقا ولما يستمر إلى حد الآن.

ووصف قطاع غزة بالسجن المؤبد، مشيرًا إلى أن الآلاف فقط من أصل مليوني نسمة يستطيعون السفر وبالتالي فإن حصة كل مواطن في السفر تكون مرة واحدة كل عشرين عامًا، وذلك أثر بشكل كبير على الصحة العامة سواء النفسية أو الجسدية.

وأكد بأن الجهاز الصحي في غزة يحاول أن يتعامل مع العبء الكبير، لافتًا في الوقت ذاته إلى وجود أجهزة حديثة ومتطورة وأعداد عاملين مدربين يفوق ما هو موجود في الضفة الغربية.

بدوره، أشار مدير التوعية البيئية في سلطة جودة البيئة الدكتور أحمد حلس إلى أن هناك اشياء مسرطنة تظهر على المدى البعيد تسبب تضخمًا غير طبيعيًا في الخلايا أو قد تصل إلى المياه أو القنوات المتعددة.

وأكد أن المؤسسات البيئة في غزة تعمل ضمن ظروف معقدة جدًا، مشيرًا في هذا السياق إلى منع السلطات الإسرائيلية إدخال معدات خاصة بالبيئة في غزة بحجة الاستخدام المزوج وهو ما تسبب بعجز في تطوير وتنمية القطاعات البيئة المختلفة.

وفي مداخلة له، قال مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل المهندس منذر شبلاق :"إنه تم إعادة إعمار قطاع المياه بنسبة 100% والأحسن أن ما تم إعماره من ناحية استراتيجية أفضل مما كان عليه الحال قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة عام 2014م".