رام الله- معا- قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "إننا نتطلع إلى أن يكون القطاع المصرفي الفلسطيني، أحد ركائز بناء وتطوير قطاع الطاقة المتجددة، حتى نتمكن من توفير إمدادات كافية للطاقة بشكل مستدام وبأقل تكلفة وعلى نحو أكثر استقلالية وكفاءة، ونتمنى المزيد من التعاون والتنسيق مع المراكز البحثية والعلمية الوطنية والدولية، لرفدنا بما هو جديد ومتطور في مواضيع البيئة والطاقة والتنمية المستدامة".
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر المصرفي الفلسطيني الدولي "الطاقة المتجددة وفرص التمويل"، اليوم الاثنين في أريحا، بحضور محافظ محافظة أريحا والأغوار ماجد الفتياني، ومحافظ سلطة النقد عزّام الشوا، ورئيس سلطة الطاقة د. عمر كتانة، وممثل عن الحكومة الألمانية، وعدد من الشخصيات الاعتبارية.
وأضاف الحمد الله: "يشرفني أن أتواجد اليوم بين هذه النخبة المميزة من الخبراء والمختصين والباحثين في مجال الطاقة، وممثلي قطاعنا المالي ومؤسسات التمويل الدولية، لنناقش معا سبل تسخير واستغلال موارد الطاقة المتجددة في بلادنا وتعزيز كفاءتها كمقدمة هامة ليس فقط لتلبية الحاجات المتزايدة والمضطردة بل واستنهاض وتطوير اقتصادنا الوطني. أحييكم جميعا، وإليكم أنقل تثمين فخامة الرئيس محمود عباس، للجهود والطاقات التي تجتمع اليوم في إطار هذا المؤتمر الهام، لبناء قطاع الطاقة المتجددة وتطوير ركائزه المؤسساتية والتشريعية والتكنولوجية، ليلبي حاجات أبناء شعبنا الفلسطيني ويرقى في الوقت ذاته إلى المعايير الدولية".
وأوضح رئيس الوزراء: "يواجه قطاع الطاقة في فلسطين صعوبات مزدوجة وكبيرة، فبالإضافة إلى ما نواجهه، كما الكثير من دول العالم، من خطر الاعتماد بشكل حصري على الوقود التقليدي وأخطار وتحديات التغير المناخي والتلوث البيئي، فنحن نواجه أيضا تداعيات وتبعات الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك وينهك البيئة الفلسطينية، ويصادر أرضنا ومواردنا التي هي مقدرات الشعب ومقومات الدولة، ويمعن في نظام السيطرة والتحكم التعسفي، الذي من خلاله يعرقل حركة البضائع والأشخاص ويعطل التجارة، ويعيق جهود التنمية والبناء في حوالي 64% من مساحة الضفة الغربية هي المناطق المسماة (ج). إن إسرائيل، إنما تشدد من خلال كل هذا، قبضتها على كمية الطاقة التي تزودنا بها وتهدد بوقف إمدادنا بالوقود وقطع التيار الكهربائي، سيما عن قطاع غزة، هذا بالإضافة إلى تحكمها بالأسعار والتعرفات المفروضة علينا، وقد ألحق العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة، دمارا هائلا في البنية التحتية، وبمصادر الطاقة والمياه والأراضي الزراعية".
وأردف الحمد الله: "في غمار هذه الصعوبات والتحديات، وفي ظل التوجه العالمي لتوسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتسخيرها في رفد الاقتصاد وحماية البيئة وضمان مستقبل الأجيال المتلاحقة، كان لزاما علينا التحرك ومراكمة الخطى، لمعالجة الخلل الناجم عن سياسة وممارسات الاحتلال الإسرائيلي والنهوض بقطاع الطاقة المتجددة. وقطعنا بفضل تكامل الأدوار مع القطاع الخاص ودعم الدول الصديقة، شوطا هاما على طريق النهوض به، وإعداد البنية التحتية والتكنولوجية له وتهيئة الأطر القانونية والتشريعية الخاصة بمصادره، لزيادة الوعي به ومضاعفة إسهامه في مجموع الطاقة الكلي. حيث صدر العام الماضي، قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في فلسطين، الذي ينظم ويشجع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي ويحدد الآليات والمرجعيات لمشاريعه".
واستطرد رئيس الوزراء: "لقد نفذنا بدعم وتعاون مع الجهات المانحة، العشرات من مشاريع الطاقة الشمسية، وأعدت سلطة الطاقة أطلس الرياح والشمس، وتم تزويد عدد من المدارس والمستشفيات ودور الرعاية بأنظمة الخلايا الشمسية، كما وأطلقنا مؤخرا الخطة الوطنية للإنتاج والاستهلاك المستدامين، لإدارة مواردنا الطبيعية بشكل فاعل ومستدام وحماية البيئة. ونحن الآن بصدد إنشاء عشر محطات توليد كهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في مختلف محافظات الضفة الغربية بقدرة تتراوح من (5 -10) ميغاواط لكل محطة، ومحطة في منطقة شرق الخليل بدعم من الحكومة الصينية، ومحطة أخرى في جنين".
وأضاف الحمد الله: "لأننا ندرك أن الأساس لإنجاح وتمكين هذه الخطوات وتوسيعها، هو بتوفير حزمة من الحوافز الضريبية والجمركية، بادرنا إلى إعفاء جميع أنظمة وأجهزة ومعدات مصادر الطاقة المتجددة ومدخلات إنتاجها من الرسوم الجمركية، وحرصنا على أن تستفيد كافة منشآت إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بغرض البيع، من منح فترة سماح من ضريبة الدخل لمدة سبع سنوات من تاريخ تشغيل المحطة، يليها تخفيض لمدة خمس سنوات بنسبة 5%، و10% للسنوات الثلاث التي تليها. كما يتم معاملة القروض التي تمنحها مؤسسات التمويل والبنوك لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة، معاملة القروض الممنوحة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة".
وتابع رئيس الوزراء: "إننا نقدر عاليا الجهود التي وضعتها سلطة النقد، لتنظيم هذا المؤتمر المصرفي الهام، والذي نعتبره حجر الأساس في التحول التدريجي والمدروس نحو الطاقة المتجددة. فنحن جميعا ملزمون، كل من موقعه، بالتحلي بروح المسؤولية المجتمعية والوطنية وحماية البيئة واستنهاض اقتصادنا الوطني. فالتوجه نحو الطاقة المتجددة الخضراء، لا يساهم فقط في خلق مسار تنموي جديد، بل وبيئي يساهم في التقليل من الانبعاثات الكربونية والتصدي لتغير المناخ والتلوث البيئي الذي يتهدد شعوب العالم أجمع".
واختتم الحمد الله كلمته قائلا: "أحيي جميع المشاركات والمشاركين في هذا المؤتمر، ونتطلع إلى أن نستمع ونستلهم من تجارب وخبرات الدول الصديقة في بلورة المحفزات للنهوض بالطاقة البديلة ومأسستها. وكلي ثقة بأنه بجميع هذه الخبرات والطاقات التي نراها اليوم، سيخرج هذا المؤتمر بتوصيات هامة ترفد عملنا جميعا، ويفضي إلى تشكيل فريق وطني يعمل على صياغة إستراتيجية وطنية لاستخدام الطاقة المتجددة، لبلورة مبادرات ومشاريع يكون قطاعنا المصرفي قادرا على تلبيتها وتطويرها".