القدس –معا- وصل الى مدينة القدس صباح اليوم وفد من ابناء الرعية الارثوذكسية في بلدة الزبابدة في شمال الضفة الغربية وذلك في زيارة للاماكن المقدسة في القدس وفي بيت لحم .
وقد استقبلهمالمطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في كنيسة القيامة حيث ابتدأت الزيارة بصلاة امام القبر المقدس وجولة داخل الكنيسة ومن ثم استمع ابناء الرعية الاتين من الزبابدة الى حديث روحي من سيادة المطران بمناسبة زيارتهم للقدس .
رحب المطران اولا بأبناء رعيتنا الاتين الينا من الزبابدة وقد وصلوا الى المدينة المقدسة بعد مرورهم بكثير من الحواجز العسكرية ولكن وبالرغم من كل ذلك فقد تجاوزوا كافة الصعاب ووصلوا الى مدينة القدس هذه المدينة التي نتعلق بها جميعا وننتمي لمقدساتها وتاريخها وتراثها الروحي والانساني والوطني .
اشاد سيادته بأبناءنا في الزبابدة والذين قدموا للكنيسة والوطن الكثير من الشخصيات البارزة ومنهم من انتقل الى رحمة ربه ومنهم من ما زال يواصل مسيرته وعطاءه وخدمته ، الزبابدة بلدة فلسطينية وادعة نفتخر بها وبابنائها ونفتخر بقيم التلاقي والاخوة والوحدة الوطنية التي يجسدها ابناء الزبابدة دوما .
قال سيادته بأن المسيحيين الفلسطينيين في هذه الديار ينتمون للشعب الفلسطيني وهم حريصون دوما على خدمة هذا الشعب وابراز عدالة قضيته ، المسيحيون الفلسطينيون يحبون وطنهم وينتمون الى شعبهم وهم منحازون لعدالة القضية الفلسطينية ، فنحن كنيسة تبشر دوما بقيم العدالة والاخوة والسلام ولكننا ايضا نشدد على اهمية نصرة المظلومين والمتألمين والمعذبين، وشعبنا الفلسطيني عبر تاريخه تعرض لنكبات ونكسات كثيرة ونتمنى ان يزول هذا الظلم التاريخي وان ينعم شعبنا الفلسطيني بالحرية التي يستحقها ويناضل في سبيلها .
تحدث سيادة المطران عن اوضاع مدينة القدس وما تتعرض له المدينة المقدسة .
كما تحدث سيادته عن الحضور المسيحي في فلسطين خاصة وفي مشرقنا العربي بشكل عام وقال سيادته بأن المسيحيين المشرقيين يعيشون حالة اضطراب وقلق ويفكرون بمستقبلهم في ظل هذه الاوضاع السائدة في منطقتنا ، الكثيرون من المسيحيين تركوا بلدانهم وانتقلوا الى بلاد الاغتراب وهنالك من بقيوا في اوطانهم ولكنهم يعيشون في حالة قلق مستمر على مستقبلهم ومستقبلهم هو مرتبط بمستقبل اوطانهم .
واضاف" اما نحن في فلسطين فقد تعرض الحضور المسيحي الى نكبات ونكسات ادت الى تراجع اعداد المسيحيين في بلادنا ولعل الحقبة العثمانية التي تعرض فيها المسيحيون للاضطهاد هي من اسواء الحقب التاريخية في تاريخ فلسطين الحديث بالنسبة للمسيحيين حيث ترك الكثيرون من المسيحيين وطنهم الام وذهبوا الى اماكن شتى في عالمنا لا سيما في امريكا الجنوبية حيث يقطن اليوم اكثر من نصف مليون مسيحي فلسطيني وخاصة من منطقة محافظة بيت لحم ، اما النكبة الثانية التي تعرض له المسيحيون فكانت عام 1948 وهي نكبة كل الشعب الفلسطيني الذي اقتلع وهجر من دياره والفلسطينيون اللاجئون منتشرون في كل مكان وهم يتوقون الى يوم عودتهم الى وطنهم الام ، وقد تراجع اعداد المسيحيين بسبب الاوضاع السياسية والاقتصادية والتي احتلال الاسرائيلي هو عامل اساسي من مسبباتها ، اضافة الى عوامل اخرى .
من بقي من مسيحيين اليوم في وطننا لا يتجاوز ال 1% ونسبة المسيحيين ممكن ان تتراجع اكثر فأكثر خلال الفترة القادمة ، فيا لها من خسارة فادحة وانتكاسة كبيرة لهذه الارض المقدسة ان يتراجع الحضور المسيحي فيها .
نتمنى منكم ان تثبتوا في وطنكم فالمحبة في مفهومنا المسيحي تعني التضحية ومن يعرف المحبة عليه ان يضحي وان يبقى في هذا الوطن ثابتا صامدا متمسكا بانتماءه الروحي والوطني بالرغم من كل هذه الظروف التي تعصف بنا .
لا نريد ان يختفي الحضور المسيحي من هذه البلاد ولا نريد ان تتحول كنائسنا الى متاحف يؤمها الزوار والحجاج من كافة ارجاء العالم ، نريد ان يبقى الحضور المسيحي الفلسطيني قويا وفاعلا وان يكون لمسيحيي بلادنا دور في الحياة الوطنية والثقافية والابداعية والادبية وغيرها كما كانوا دوما ، لا تتخلوا عن انتماءكم للمسيحية المشرقية النقية التي بزغ نورها من هذه الارض المقدسة وانطلق الى مشارق الارض ومغاربها ، لا تتخلوا عن انتماءكم للشعب العربي الفلسطيني رغما عن كل الالام والجراح والمعاناة ، علينا ان نضحي في سبيل وطننا وان ندافع عن جذورنا وانتماءنا وتشبثنا بهذه الارض المقدسة ، لا تستسلموا لثقافة الخوف ولا تستسملوا لثقافة اليأس والقنوط والاحباط ولا تستسلموا لاولئك الذين يريدوننا ان نعيش في اجواء من الرعب والخوف وان ننظر الى انفسنا وكأننا اقلية مستضعفة ونحن لسنا كذلك ، لاتستسلموا لاولئك الذين يسعون لتشويه هويتنا والنيل من مكانتنا وحضورنا في هذه الديار، هنالك من يريدوننا ان نعيش في ازمة هوية ونحن لا توجد عندنا ازمة هوية البعض يريدوننا ان ننحرف وان ننزلق نحو بوصلة غير وطنية وغير مسيحية وغير فلسطينية ، ان بوصلتنا لن تكون الا نحو الكنيسة ولن تكون الا نحو فلسطين الوطن الذي نحبه والارض المقدسة التي هي ارض التجسد والفداء والنور والقيامة والانتصار على الموت .
لا تخافوا ايها الاحباء فإن الله معنا ولن يتركنا حتى وان تخل عنا الكثيرون ، ان الله نصير لكل انسان متألم ومعذب ومضطهد ومستهدف في هذا العالم .
نحن سعداء بوجودكم في مدينة القدس حيث القبر المقدس هذا القبر الفارغ الذي هو قبلتنا الاولى والوحيدة كمسيحيين وكنيسة القيامة في القدس ما زالت شاهدة على تاريخنا وتراثنا وانتماءنا وارتباطنا بهذه الارض المقدسة ، تمسكوا بقيم الانجيل بعيدا عن التعصب والتقوقع والانعزالية .
تمسكوا بايمانكم وتراثكم الروحي ولكن ليس مطلوبا منا ان نعيش منعزلين عن محيطنا العربي بل يجب ان يكون لنا حضور فاعل في هذه الارض المقدسة وان يكون المسيحيون ملحا وخميرة لهذه الارض .
المسيحيون والمسلمون في هذه الديار هم ابناء شعب واحد يدافع من اجل الحرية وانهاء الاحتلال وتحقيق امنياته وتطلعاته الوطنية ولا يضيع حق وراءه مطالب ومهما تعرض شعبنا للمؤامرات والمحاولات الهادفة لتصفية قضيته الوطنية فستبقى قضية فلسطين قضية شعب حي يعشق الحرية ويعشق هذه الارض التي يدافع عنها وفي سبيلها ومن اجلها يقدم كل التضحيات.
نحن لسنا طائفة ولن نكون طائفة ، نحن كنيسة تبشر بقيم المحبة والاخوة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان بعيدا عن التطرف والكراهية والعنصرية ، نحن كنيسة تنادي بقيم المحبة ونبذ الكراهية ونبذ العنف والارهاب وتكريس ثقافة الحوار والتواصل والتفاهم ، نحن كنيسة تنادي بتحقيق العدالة والحرية لشعبنا ، نحن كنيسة هذه الارض المقدسة نعيش آلام شعبنا ومعاناته ونعيش معه في تطلعه وسعيه من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق السليبة ، نحن لسنا كنيسة تتغنى بأمجاد الماضي فحسب ، نحن كنيسة هذا الشعب القاطن في هذه الديار ونحن مع شعبنا في آلامه واحزانه ومعاناته ونحن معه ايضا في نضاله من اجل الحرية .
لن يتمكن احد من اسكات الصوت الفلسطيني المسيحي الوطني ، لن يتمكن احد من تهميش حضورنا وسنبقى ننادي بتحقيق العدالة والحرية لشعبنا واذا ما كان هنالك من يزعجه هذا الموقف فنحن نطالبه بأن يراجع حساباته لكي يكتشف بأن كل انسان عنده قيم اخلاقية او ايمانية او انسانية يجب ان يكون منحازا الى جانب عدالة قضية شعبنا الفلسطيني والتي هي قضية شعب مظلوم يحق له ان يسعى من اجل ان يرفع هذا الظلم التاريخي عنه .
نرحب بكم في مدينة القدس عاصمتنا الروحية والوطنية وحاضنة اهم مقدساتنا ، يريدون لاجراس كنائسنا واصوات مآذننا ان تصمت ونحن نقول لهم بأن اجراسنا ومآذننا ستبقى تصدح في سماء القدس مؤكدة على وتراثها وتاريخها واصالتها وهويتها الحقيقية .
احبوا بعضكم بعضا ، واحبوا وطنكم وانتموا لهذا الارض المقدسة التي كل حفنة تراب من ثراها يحمل تاريخا مجيدا ، انها ارض مجبولة بدماء القديسين ، انها ارض تباركت برجال الله الذين تنسكوا وصلوا وتعبدوا ووصلوا الى القداسة ، انها ارض الفداء وارض التجسد التي منها انطلق نور الايمان مبددا ظلمات هذا العالم .
ومن ثم اجاب سيادته على عدد من الاسئلة والاستفسارات وقدم للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية وقد ضم الوفد 40 شخصا من ابناء الرعية الارثوذكسية في بلدة الزبابدة الفلسطينية