نشر بتاريخ: 05/12/2016 ( آخر تحديث: 06/12/2016 الساعة: 16:43 )
شارك
بيت لحم- أحمد تنوح- خاص معا- حين تصرخُ أجراس المنبه فجراً، تقذف روح التحدّي والمثابرة اجسادهم عن أسِرَّتهم، فيبدؤون بمسابقة موعد انطلاق صافرة "الجمع"، بسرعة يرتدون زيهم، ويهرولون نحو ميدان التدريب، يصدح صوت الضابط لتنظيم صفوف السرايا قبل أنّ تبدأ الجموع بالهرولة.
ما ذكر اعلاه هو جزءٌ من مشاهد كثيرة من مراحل "صناعة الشرطي"، تابعها مراسل وكالة معا على مدار يومين في كلية "فلسطين للعلوم الشرطية" في مدينة أريحا، رافق خلالها الطلبة المستجدين وضباط التدريب ليجيب عن سؤال: كيف يتم صناعة الشرطي الفلسطيني؟ وفي هذا الإطار، أوضح العقيد زاهر صباح مدير الكلية الشرطية لـ معا، أنّه بعد اجتياز المتقدم بطلب للالتحاق بالفروع المختلفة لجهاز الشرطة كافة الاجراءات الفنية والأمنية والفحوصات الطبية، يتم استقباله في الكلية ليبدأ مشواره الطويل- ستة أشهر- ليحظى بشرف حمل الشارة الشرطية.
انقطاع عن العالم الخارجي لمدة 45 يوماً
"الدورة التأسيسية لتدريب الشرطي بمراحلها المختلفة، تبدأ بمرحلة الإعداد والتكوين وهي اصعب المراحل، حيث تكون مدتها محددة بـ 45 يوماً يتعرض فيها الطالب المستجد لضغوط كبيرة نفسية وجسدية ينقطع خلالها عن عالمه الخارجي ولا يغادر كلية التدريب، لذلك سميت بالمرحلة المغلقة"، يقول العقيد صباح.
وأضاف لـ معا: نهدف منْ عزل المستجد عن محيطه وعالمه الخاص 45 يوماً، إلى إحداث تغيير في سلوكه وتصرفاته وتفكيره بشكل منتظم ومدروس، وصولاً إلى انتاج رجل أكثر انضباطاً وسعة صدر وتحمل، وقدرة على إدارة الوقت والتحكم بالانفعالات.
الوقت نهاراً- الساعة الـ 11 قبل الظهر- حرارة اشعة الشمس اخذت ترتفع، كما هي اصوات الضباط والمساعدين المدربين في ساحة الميدان، ويضم ذات المشهد الطلبة المستجدين الذين تحملهم الأرض وتظلهم السماء، وهم يهتفون شعارات عسكرية على وقع ايقاع خطواتهم المنتظمة التي تهز الأرض فترتعدُ الأصوات بالميدان.
ويتابع العقيد صباح حديثه لـ معا، فيقول: يوجد برنامج يومي محدد للتدريب ومواعيده، يتخلله استراحات يستجمع اثناءها الطلبة ذكوراً وإناثاً قواهم، ويتضمن تدريبات لياقة ومشاة وعديد التدريبات المختلفة التي تؤسس لتكوين شرطي قادر على تحمل الضغوط.
مهارات قتالية ورماية وحصص اكاديمية
وفيما يتعلق بالمرحلة الثانية، بين صباح أنّها تتمثل بالتدريب الاساسي الفعلي، وتقسم على شكل حصص ميدانية صباحية ومسائية حول فنون الدفاع عن النفس والغير، ورماية ومهارات قتالية مختلفة يشرف عليها مختصون من بينهم النقيب أحمد أبو محميد والنقيب حسن حمدان وغيرهم من الكفاءات والمدربين وعددهم 105 من حملة الشهادات والخبرات، ويشمل الجزء المتبقي حصصاً اكاديمية توعوية، وتستغرق هذه الفترة نحو 4 أشهر.
"في المرحلة الثالثة وهي مرحلة التخصص، يتم امداد الطالب بدروس اكاديمية وتدريبية ميدانية حول مهام الفرع الذي سيعمل فيه لاحقاً ضمن جهاز الشرطة، فعلى سبيل المثال الدورة الشرطية الحالية تستهدف تخريج افراد شرطة للعمل في مراكز الاصلاح والتأهل، فيترتب على ذلك تلقي الطالب لدروس في كيفية التعامل مع المساجين والموقوفين وتأمين حماية هذه المراكز.. إلخ"، أوضح العقيد صباح. ويُعتبر جهاز الشرطة الواجهة الرئيسية للتعامل مع المواطنين، وأهم الأجهزة الأمنية المكلفة بتنفيذ الأمن الداخلي للمجتمع وإنفاذ القانون وتطهير المجتمع من المجرم والجريمة.
التحدّي الأخير..
وأشار صباح إلى أنّه وبعد اجتياز الطالب أو الشرطي المستجد لهذه المراحل، يصل إلى مرحلة التخريج في الشهر السادس، وهنا يكون جاهزاً للتعامل مع المواطنين ولكنه يبقى قيد الاختبار والفحص لمدة سنة من تسلمه عمله كشرطي، فإن أثبت أنّه كفؤ يستمر بعمله، وإن ظهر غير ذلك يتم إعفاؤه من العمل أو يؤخذ بحقه إجراءات معينة.
ويذكر أنّه ومنذ نشأتها- الشرطة الفلسطينية- سارت بخطوات سريعة اتجاه الاعتراف بالعمل الشرطي كمهنة جديرة بالاحترام، فنجد أنّ لرجل الشرطة موقعاً متميزاً ومكانة مرموقة في نفوس أبناء المجتمع، وذلك لطبيعة العمل المسند إليه والمسؤوليات الجسام التي يقوم بها. وجدير بالذكر أنّ إعداد هذا التقرير جاء خلال مشاركة معا بمشروع "الشرطة في عيون الاعلامين" في مدينة اريحا. ويهدف المشروع للتعرف على الشرطة وإداراتها وأقسامها ومعيشة ضباطها وأفرادها وواجباتهم اليومية.
وللشرطة عدة واجبات ووظائف من بينها: صيانة الأمن الداخلي (النظام العام)، وحماية الجمهور وممتلكاته، والعمل على إشاعة الشعور بالأمن والاطمئنان، وتبني كل الإجراءات لمنع الجريمة طبقا للقانون، وحماية المنشآت العامة والبنية التحتية والأماكن ذات الأهمية الخاصة، ومواجهة أعمال العنف والإرهاب ومنع التحريض على القيام بها.