كلمة الرئيس بمناسبة افتتاح مؤتمر اقليم فتح بجنين: فتح ماضية في ترسيخ المسار الديمقراطي ولن تسمح لاحد بتشويه هذا الخيار
نشر بتاريخ: 15/12/2007 ( آخر تحديث: 15/12/2007 الساعة: 16:58 )
جنين -معا- القى الطيب عبد الرحيم ، امين عام الرئاسة ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ، كلمة الـرئيـس محمـود عبـاس بمناسبة افتتاح مؤتمر اقليم فتح في جنين .
وفيما يلي النص الكامل للكلمة :
الأخوة والأخوات....
أبناء الفتح....
أعضاء المؤتمر....
الحضور الكرام....
بأعمق مشاعر التقدير والاحترام، وبكل فخر واعتزاز أعلن بسم الله وباسم حركة فتح افتتاح أعمال مؤتمر الحركة في إقليم جنين، جنين الصمود والبطولة، جنين الشهداء، موجهاً إليكم، أعضاء المؤتمر الكرام، وإلى كل أبناء حركتنا الرائدة، إلى الأخوة في لجنة الإشراف وفي مكتب التعبئة والتنظيم ومكتب الرقابة الحركية، ولجنة الإقليم، إلى قيادة حركتنا وشعبنا وباسم الرئيس وباسم مفوض التعبئة والتنظيم وباسم اللجنة المركزية أتوجه إليكم بأصدق التحيات وأصدق التمنيات في هذه الوقفة التاريخية إنشاء الله، على هذه المحطة في مسيرة إعادة بناء حركتنا واستنهاض قوتها الجبارة، لتبقى دائماً كعهد شعبها بها وفية لدماء الشهداء الأبرار، لنضال الأسرى والمعتقلين الأبطال، وفية لميراثها الكفاحي، أمينة على مشروعها الوطني وقائدة لمسيرة شعبنا المظفرة.
وإنه لمن دواعي سعادتنا واعتزازنا ونحن نرى بريق الأمل بريق التصميم والإصرار في عيونكم، أن أكون بينكم اليوم ممثلاً للسيد الرئيس و للأخ مفوض التعبئة في هذا العرس الديمقراطي الفتحاوي، لتدشين مرحلة جديدة في البناء التنظيمي، تمتد لتشمل كافة الأقاليم والمواقع التنظيمية، وللتأكيد على أن فتح في كافة المواقع وعلى كل الجبهات عصية على الكسر، أو التجاوز، فهي صانعة النضال ومفجرة الثورة، ورائدة الكفاح المسلح، تفرض بنضالها إرادة شعبنا في صنع السلام العادل المرتكز إلى ثوابتنا الوطنية، وتفرض بتضحياتها إرادة شعبنا في إقامة أعمدة دولتنا المستقلة.
أيها الأخوة والأخوات ........
لقد أخذت حركتكم العملاقة فتح على عاتقها حمل الراية وعبء النضال الوطني الفلسطيني، وديمومة المسيرة الكفاحية حتى تحقيق أهدافها في بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية ودحر الاحتلال الإسرائيلي بكافة أشكاله وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبناء النظام السياسي الوطني الديمقراطي الفلسطيني على أرض فلسطين باعتبارها وحدة جغرافية وسياسية وقانونية واحدة غير قابلة للتجزئة أو المساومة، فكانت فتح ضمانة للوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي حامية الشعب من نار الفتنة والاقتتال الداخلي.
ومن حقنا أن نسأل نحن الفتحاويون وكل الوطنيين أين كان هؤلاء الإنقلابيون القتلة الذين يحاولون التطاول على حركتنا العملاقة عندما أطلقت الرصاصة الأولى وقذفت حجر الانتفاضة الأولى وصاغت النظام السياسي المكرس لهويتنا وديمقراطيتنا وتعدديتنا، أين كانوا عندما حملت أعباء هذا النضال الممتد إلى ما يزيد عن الأربعين عاماً من المقاومة العنيدة والصمود الأسطوري، عندما بقيت وما زالت وستبقى فلسطين هي البوصلة وهي القرار وهي الخيار، طريقاً لوحدة الأمة ومصيرها ومستقبلها، وهو الأمر الذي لن تسمح حركتنا بتحريفه أو تشويهه، بشطبه أو تجاوزه، حتى لا يعود شعبنا ثانية يفقد اتجاهه الصحيح والضياع في دوامات الوهم والسراب، أو يحولوه لورقة في يد هذا النظام أو ذاك خدمة لمصالح وتطلعات إقليمية.
أيها الإخوة والأخوات..
إننا نستذكر اليوم تلك الكوكبة التي فجرت الانطلاقة المباركة أسست لصنع تاريخنا المعاصر، وبلورت آفاق مستقبلنا الواعد، لننحني إجلالاً وإكباراً لأرواح شهداء شعبنا الأبرار، لروح القائد الرمز الشهيد، صانع البداية وحادي المسيرة، محرك التاريخ ومؤسس المستقبل، حياً وشهيداً، الرئيس الخالد ياسر عرفات، مستذكرين أجيالاً من الجرحى والأسرى الأبطال، الذين ما زالوا معنا على العهد للوطن ولأرواح الشهداء، لوصاياهم وللدرب الذي ساروا عليه، فيما بقيت جراح الجرحى أوسمة شرف وفخار، كما ستبقى حرية الأسرى عنواناً لحريتنا جميعاً، لحرية الشعب الرافع لراية النصر القريب بإذن الله.
الأخوة والأخوات..
إن فتح ماضية في ترسيخ المسار الديمقراطي كرافعة للبعد التحرري، ولن تسمح لأحد بتشويه هذا الخيار أو طعنه في الظهر، ولقد شهد العالم كله كيف أنجزت فتح المشروع الديمقراطي الفلسطيني ، ورسخت منهجاً وطنياً لتداول السلطة بشكل ديمقراطي.
إن حركة تقوم بكل هذا العمل باقتدار ودقة لن تسمح لأحد بتحطيم هذا الإنجاز بالكذب والإدعاء والتحريض والفتاوى الكاذبة، وبث خطاب الفتنة والتجريح كما لن تسمح بالالتفاف على هذا المسار بالانقلاب والقتل وباعتماد الانتقائية التي تتساوق وأهداف حزبية ضيقة من خلال الاكتفاء بالديمقراطية بعنوانها أو مدخلها وهو الانتخابات. فالديمقراطية ثقافة وسلوك وفعل، يجسد مجموعة من الحقوق والواجبات التي يحددها النظام القانوني وهي علاقة الحكام بالمحكومين وليست فقط تداول السلطة. إن حركة فتح ستبقى قائدة للشعب، وفية لتضحياته، حامية لمكاسبه وإنجازاته بما فيها سلطته الوطنية نواة الدولة المستقلة، ولن تسمح لكائن من كان أن يعبث بمصير شعبنا بالتقسيم والتصنيف والتكفير والقتل العشوائي وما حدث يوم أمس أثناء تشييع جنازة الشهيد خليل المسارعي بغزة من قتل وإصابات لأوضح دليل على تلك العقليات وذلك النهج الذي يقوم بتعريض مصالحنا للخطر والتخريب بروح المغامرة اللامسؤولة، ولن يسمح شعبنا بعبث الصغار الذين يقيمون دولة الحشاشين الجدد والغارقين بأوهامهم بعيداً عن الواقع.
إن حركتكم ماضية في طريق عقد المؤتمرات التنظيمية، لأنها أفضل وسيلة لتكريس الديمقراطية في الحركة، وذلك من خلال إشراك كافة الأعضاء والكوادر في تحمل المسؤولية التنظيمية والوطنية، فليس أمامنا سوى أن نسير في هذا المسار الديمقراطي وعن قناعة راسخة لدينا، وليس لنا بدائل في الاستنهاض التنظيمي سوى العملية الديمقراطية داخل الحركة، وما دمنا قد ارتضينا سلوك النهج الديمقراطي داخل حركتنا فلا بد من التسليم بنتائجها فالمنافسة الشريفة حتمية ونتيجتها تكليفاً أكثر منها تشريفاً. فمهامنا الوطنية كثيرة، ومسؤولياتنا جسام، والطريق نحو تحقيق أهدافنا الوطنية، وحلم الرئيس الخالد ياسر عرفات ما زالت طويلة، ولكنها ليست مستحيلة، وتحتاج إلى الكفاءة والقدرة ورص الصفوف.
ومما لا شك فيه أن انعقاد مؤتمر إقليم فتح في جنين بما لها من صورة مشرقة في التاريخ الوطني الفلسطيني منذ الثورات الأولى، ثم أهمية دورها على صعيد فتح تحديداً بوصفها أرض التواجد والخلايا الأولى، وعطائها المتواصل خلال الثورة والانتفاضتين مدينة وقرى ومخيمات، من هذه المنطلقات لهو مؤشر ومرتكز هام لا بد من البناء عليه في كل الوطن لاستكمال عقد المؤتمرات الحركية. ويمكن القياس عليه في إحداث التغير المأمول نحو الوضع الأفضل على صعيد إعادة بناء الأطر الحركية وإعطاء القيادات الشابة الفرصة لتحمل المسؤولية وحمل الراية والانطلاق نحو الأمام.
إن نجاح هذا المؤتمر يؤكد قدرة الحركة على التجدد وتجاوز الصعاب والوفاء بالعهد والاستمرار بحماية المشروع الوطني وتجسيده بالدولة المستقلة، كما أن نجاحه سيشكل حجر الزاوية في تطلعنا وعزمنا على إعادة البناء التنظيمي وتجديد الأطر وتأكيد الحياة الديمقراطية كمدخل لتصويب الأوضاع الحركية وإعادة صياغة البرنامج الوطني بأبعاده النضالية والاجتماعية والتنظيمية من خلال إنعقاد المؤتمر الحركي العام.
كما أن نجاح هذا المؤتمر من شأنه أن يجدد فينا العزم والإصرار على تجاوز الصعوبات وتعزيز الثقة بالنفس وللتعبير عن طموحات شعبنا وتطلعاته، عن قضاياه وهمومه، وملامسة واقعه المعيشي سلوكاً وشعاراً ونضالاً.
فأنتم تحملون ميراثاً عظيماً من التجربة والعطاء والإنجازات والانتصارات وتحملون أمانة كبرى لدماء الشهداء، ألوف الشهداء والجرحى والمعتقلين فلا مجال للتفريط ولا للتراجع أو المساومة أمام المفرطين والمقامرين والانقلابيين القتلة.
أنتم أبناء فتح التي ولدت من رحم الشعب الفلسطيني وأنتم أبناءها، وستبقى حركتكم بكم أمينة على مصالحه وأهدافه كما كانت دائماً، ولن تخذل أبناءها أو جماهيرها، وستعود بإذن الله قوية، راسخة البنيان، عظيمة الشأن، بهمة أبناءها وعطائهم. أنتم وحدكم يا أبناء فتح ومعكم كل الوطنيين في نفس الخندق الأمناء على مسيرة النضال و وصايا الشهداء وعهد الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أنتم طليعة الذين خبرتم النضال وعركتم السياسة بكل تعقيداتها ومساراتها عبر تاريخ كفاحي طويل أنتم المؤتمنون على الثوابت الوطنية التي لا ننحرف عنها أو نقفز من فوقها بفتوى من المشعوذين السياسيين أو المستأجرين بثمن بخس، أنتم القادرون على إعطاء الدروس لكل الذين يراهنون على ضعفنا و تراجعنا، ونحن واثقون بأنكم ومعكم كل الشرفاء والغيورين من أبناء شعبكم ستكونون الحصن المنيع والقلعة الصامدة التي ستتكسر عليها كل دعوات الفتنه والعبث بوحدتنا الوطنية، هذه الفتنه القادمة من خلف الحدود بأدوات محليه مشبوهة افتضح أمرها وارتباطاتها.
نحن أحوج ما نكون فيه إلى رص الصفوف وترسيخ الوحدة لنستطيع إنهاء هذا الاحتلال ولإعادة القضية الفلسطينية على رأس جدول الأولويات العالمية والعربية، لنحفظ منجزاتنا الوطنية التي تحققت بفضل تضحيات شهداء شعبنا الأبرار، ومعاناة أسرانا البواسل، وآلام جرحانا الأبطـال، ونقـول لـ"لانقـلابييـن القتلـة" نحـن أول الحريصـين على الحــوارو الوحدة، ولكن لا بد من العودة أولاً عن انقلابهم ومحاسبة المجرمين والالتزام ببرنامج منظمة التحرير والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، ولن تضلل دعواتهم للحوار بلا شروط أحد ولم تعد أي جهة تقتنع بها حتى تلك الأطراف التي راهنوا عليها، فليعودوا عن غيهم وعماهم وليتوقفوا عن الخداع والمداهنة والكذب فجرائمهم مستمرة حتى لقد أسقطوا كل المحرمات وتجاوزوا جميع الخطوط الحمر.
الأخوة والأخوات.....
إننا إذ نتمسك بخيار شعبنا الإستراتيجي في تحقيق السلام العادل المستند إلى ثوابتنا الوطنية والشرعية الدولية لن يرهبنا التشكيك أو يخيفنا التلفيق بل سنظل نمارس مسؤولياتنا في خدمة مصالح هذا الشعب وإنجاز حقوقه الوطنية كما لمستم ذلك في خطاب السيد الرئيس أبو مازن في مؤتمر أنا بوليس الدولي وفي كل جولات التفاوض السابقة.سوف نواصل الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي واستيطانه من جهة، كما سنواصل النضال، رغم المحاولات الإسرائيلية لسد الآفاق السياسية لتجسيد هذا الخيار ومناوراتهم في التهرب من استحقاقات السلام كمصلحة وطنية تحظى بتوافق وطني عريض في إطار م.ت.ف، التي تشكل الوطن المعنوي لشعبنا ونواة نظامه السياسي الأول وإطار نضاله وإنجازاته ومكاسبه، والتي لا بد أن نكرس جهودنا وطاقاتنا لحمايتها، وتفعيل دورها كضامن لاعتراف العالم بوحدة شعبنا داخل و خارج الوطن، والاعتراف بحقوقه الوطنية الثابتة بتقرير المصير والعودة وإقامة الدولة المستقلة.
الأخوات والأخوة......
لهذا أدعوكم أخواتي وإخواني إلى وحدة الصف والموقف والكلمة، أدعوكم لمضاعفة الجهد والمثابرة، وأن تكونوا على قناعة بأن ميراثكم والأمانة التي تحملون، بأن إنجازاتكم والمستقبل الذي تشيدون،على قاعدة الإصلاح و التطوير، بأن تفردكم بالولاء والانتماء فقط لفلسطين بالأصالة الوطنية، وأنتم المجربون بالقيادة وتحمل المسؤولية، هو الرصيد الأهم المعتمد لديكم، وهو مفتاح القناعة بالفوز العريض إنشاء الله جنباً إلى جنب كل الوطنيين الضفة و القطاع و المهجر.مؤكداً لكم أن مسيرة إعادة البناء والاستنهاض للحركة التي شرعتم بها اليوم ستشكل انطلاقة جديدة لحركتنا.
مرة أخرى أحييكم باسم السيد الرئيس والإخ مفوض التعبئة والتنظيم في اللجنة المركزية، وأتمنى لكم التوفيق ولمؤتمركم النجاح.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
والحرية لأسرانا البواسل
والنصر لشعبنا العظيم بإذنه تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته