القدس - معا - ملخص التقرير السنوي لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل للعام 2016 ان الأغلبية السياسية تزيد من نهج تقليص الحريات وفرض الخناق والتقييدات ونزع شرعية من لا يتماشى معها، هذا إلى جانب تقليص حرّيّة التّعبير والإبداع الفنّيّ وتقييد وسائل الإعلام وإسكات النّقد والمسّ بفصل السّلطات تتطلب متابعة النضال وتظافر الجهود على كافة الأصعدة.
وجاء في التقرير الذي وصلت "معا" نسخة عنه: لم يكن العام 2016 عامًا موفقًا بالنّسبة لحقوق الإنسان. هذه الفترة العصيبة، اتّسمت سياسة السّلطات عمومًا بازدياد الأساليب المُتطرّفة، وانتهاكات غير مبررة لحقوق الإنسان والحرّيّات، والاستخدام المُفرَز للقوّة.
وقعت حرّيّة التّعبير والحيّز الدّيمقراطيّ في إسرائيل هذه السّنة تحت وابل من الهجمات القاسية. وللأسف، فإنّ المسؤولين المُنتخبين -كأعضاء الكنيست والوزراء- لعبوا دورًا مركزيًّا في محاولة تقليص حرّيّة التّعبير، وخاصّة حرّيّة الإبداع الفنّيّ، وتقييد وسائل الإعلام الحرّة، وإسكات النّقد، والمسّ بفصل السّلطات، والتّضييق على خطوات كلّ من لا تتماشى مواقفه أو نشاطاته مع الأغلبيّة السّياسيّة. هذه النّزعة هي استمرارًا للنهج القائم في السّنوات الأخيرة، لكنه في هذه السنة اتخذ طابعًا أكثر هجوميًا على حرّيّة التّعبير مصحوبًا بنزع شرعيّة الخصوم السّياسيّين، والأقلّيّات وجمعيّات حقوق الإنسان.
تغيير السياسات وانتهاكات حقوق الانسان تتطلب المزيد من العمل الدّؤوب والمُمنهج مُقابل جميع فئات المُجتمع - من الطّبقة السّياسيّة، مرورًا بالبيرقراطيّة الحكوميّة، والمحاكم، ووسائل الإعلام، والشّبكات الاجتماعيّة، وصانعي الرّأي العام، ونظام التّربية والتّعليم. ورغم الصّعوبات، فنحن في جمعيّة حقوق المواطن نتعهّد بمُتابعة النّضال الطّويل الأمد على مُختلف الأصعدة، حتّى عندما تواجَه نشاطاتنا بانتقادات وردود فعل عدائيّة، ونتعهّد بعدم التّخلّي عن الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان والمُجتمع في إسرائيل، ونناشد جميع المواطنين بأخذ دورهم كلٌ في موقعه، لتعزيز مكانة وقيم حقوق الانسان، وعدم السكوت عن كل انتهاك يمس بهم او يمارس ضد اي شخص آخر.
تغيير جذريّ في قواعد اللّعبة الدّيمقراطيّة
من بين أكثر المبادرات المُعادية للدّيمقراطيّة بروزًا للعام 2016، هناك مبادرتان وصلتا حدّ المُصادقة النهائية عليهما في الكنيست، ألا وهما "قانون الإقصاء" و "قانون الجمعيّات". "قانون الإقصاء" هو قانون يُتيح لأغلبيّة من أعضاء الكنيست أن يُقصوا زملائهم من أحزاب الأقلّيّة لدوافع سياسيّة، وهو قانون يمسّ بأعمدة الأساس للدّيمقراطيّة، ويمسّ بشكل خاصّ بالجمهور العربيّ وبتمثيله في المنظومة السّياسيّة. أمّا "قانون الجمعيّات"، فيهدف إلى إلصاق وصمة عار بأيّ جمعيّة تختلف أجندتها عن أجندة الأغلبيّة السّياسيّة؛ ويمسّ بشرعيّة الجمعيّات المُرتبطة باليسار السّياسيّ وبجمعيّات حقوق الإنسان وبنشاطات هذه الجهات.
من بين اقتراحات القوانين والمبادرات التي قُدِّمت في السّنة الأخيرة:
• اقتراح "قانون الولاء في الثّقافة"، والذي هدف إلى إعطاء السّياسيّين سلطة لحجب التّمويل عن مؤسّسات ثقافيّة يعتبرون أنّها تزدري الدّولة ورموزها.
• اقتراحات القانون التي حاولت أن تمسّ بـمكانة ودور المحكمة العليا.
• اقتراحات القانون التي تطرّقت إلى المناداة بمقاطعة إسرائيل، وحاولت أن تفرض "ثمنًا باهظًا" عقابًا على تعابير سياسيّة شرعيّة.
• المبادرات التي هدفت إلى المسّ بوسائل الإعلام الحُرَّة.
• محاولات إلغاء الخدمة المدنيّة في جمعيّات حقوق الإنسان، أو منع تلك الأخيرة من الحصول على مزايا ضريبيّة.
• المُبادرات والقرارات الكثيرة التي اتّخذتها وزيرة الثّقافة، التي تمسّ بحرّيّة التّعبير السّياسي في الفنون، وهي مُبادرات وقرارات استهدفت بشكل أساسيّ الفّنانون العرب والمؤسّسات الثّقافيّة العربيّة.
إلى جانب كلّ هذا، بتنا نشهد ازديادًا في الاستبداد والطّغيان تجاه الأقلّيّات القوميّة والاجتماعيّة والسّياسيّة، وفي المسّ بحقوق الأقلّيّات لكلّ هؤلاء، وخاصّة بحرّيّة التّجمّع لدى الأقلّيّة العربيّة. هذا يمسّ بالدّيمقراطيّة، التي تُعتبر فيها حرّيّة انتقاد السّلطة، ومراقبة نشاطاتها ومساعدة كلّ من يتضرّر جرّاءها قواعد أساسيّة. إنّ محاولة جهات رفيعة في البرلمان وفي الحكومة إسكات النّقد تجاه سياساتها تتعارض هي أيضًا مع المواثيق الدّوليّة التي وقّعت عليها إسرائيل، والتي تضمن حماية حقوق الإنسان وكلّ من يعمل للحفاظ عليها، وتتعارض تمامًا مع القضاء الإسرائيليّ، الذي تتمتّع فيه حرّيّتا التّعبير والاحتجاج بمكانة حقوق أساس دستوريّة.
حرّيّة التّعبير: هجمة حكوميّة على وسائل الإعلام
في العام الماضي، كان هناك تطوّر إيجابيّ. في أعقاب التماس قدّمته جمعيّة حقوق المواطن، تمّ إلغاء قانون انتدابيّ أتاح لموظّفي وزارة الدّاخليّة أن يأمروا بإغلاق عشرات الصّحف. كذلك، أعلن وزير الدّاخليّة عن نيّته إلغاء أمر الصّحافة، والذي يشترط إصدار صحيفة ما باستصدار رخصة أولًّا. لكنّ قادة السّلطة لم يستغنوا عن طموحهم بالتّحكّم بالصّحافة وتقييد خطواتها. فقد اهتمّ رئيس الحكومة بأن يُبقي السّلطة على وزارة الإعلام بين يديه، وهو يتدّخّل تدخّلًا فاعلًا في خارطة الاتّصالات القطريّة بأكملها. في سلسلة لقاءات عقدها خلال هذا العام مع أهمّ وسائل الإعلام، وبّخ رئيس الحكومة الصّحفيّين لوجود انقطاع بينهم وبين الشّعب ولأنّهم يكثرون من انتقاد خطواته، على حدّ تعبيره.
موجة العنف: من المسّ بالحقّ في الحياة وحتّى انتهاك الحقّ في الإجراءات العادلة
لعلّ أبرز مثال على الانتهاك غير المُجتانس لحقوق الإنسان من قبل الجيش والشّرطة هو ذلك الذي يخصّ أكثر الحقوق أساسًا، ألا وهو الحقّ في الحياة. في الكثير من العمليّات أو حالات الاشتباه بتنفيذ عمليّات، هُناك أدلّة تُشير إلى أنّ رجال الشّرطة، والجنود وحتّى المُواطنين أطلقوا النّار وقتلوا مُنفّذي العمليّات أو أولئك الذين اشتُبِه بأنّهم قد نفّذوا أو قد يُنفّذون عمليّات، دون أن يكون هناك أيّ خطر يتهدّد حياتهم، أو في ظروف كان يُمكن لهم أن يُسيطروا عليها بأساليب أخرى تُحدث ضررًا أقلّ، وبحسب أنظمة إطلاق النّار. لقد أدّت مُحاكمة الجنديّ إليؤور أزاريا، مُطلق النّار في الخليل، إلى إثارة جدل جماهيريّ عاصف وضروريّ.
من الوسائل الأخرى التي ازداد استخدامها كثيرًا هذا العام هي هدم المنازل أو صبّها بالإسمنت كوسيلة لمعاقبة عائلات المُتورّطين في العمليّات. بحسب مُعطيات مركز حماية الفرد، منذ شهر كانون الثّاني 2016 وحتّى مُنتصف شهر تشرين الأوّل، كان هناك 23 منزلًا في الضّفّة الغربيّة والقدس الشّرقيّة تمّ هدمه، أو هدمه جُزئيًّا أو صبّه بالإسمنت. منذ شهر تشرين الأوّل 2015، وحتّى مُنتصف شهر تشرين الأوّل للعام 2016، قام الجيش بأخذ مقاييس لنحو مئة منزل إضافيّ، دون أن تُصدر ضدّها أوامر هدم حتّى السّاعة. إنّ هدم المنازل كوسيلة عقاب هو وسيلة تضرّ كثيرًا بأفراد العائلة -وهم مواطنون أبرياء- وبحقّهم في المأوى وفي ظروف المعيشة الأساسيّة.
بحسب مُعطيات بتسيلم، حتّى نهاية شهر نيسان من العام 2016، كانت إسرائيل تحتجز في الاعتقال الإداريّ 692 فلسطينيًّا، من بينهم امرأتان و 13 قاصرًا؛ بحسب مُعطيات نشرتها وسائل الإعلام، مع نهاية شهر تمّوز من هذا العام، كان الرّقم 651 شخصًا. خلال السّنة الماضية، بادر بعض المُعتقلين الإداريّين إلى إضراب عن الطّعام، وذلك من باب اليأس واحتجاجًا على توسيع نطاق استخدام هذه الوسيلة.
كما يحدث مرارًا، فإنّ استخدام بعض الوسائل التي تضرّ بالفلسطينيّين في الأراضي المُحتلّة "يتسرّب" في نهاية المطاف إلى داخل إسرائيل، ليتمّ استخدامها ضدّ مواطنين إسرائيليّين أيضًا، بقوّة مُخفّفة ونطاق أصغر. لقد نُفِّذ في إسرائيل بين شهر كانون الثّاني وتشرين الأوّل من العام 2016 نحو 20 اعتقالًا إداريًّا، غالبيّتها بحقّ عرب من مواطني إسرائيل ومُقيمين دائمين من القُدس الشّرقيّة. في الفترة ذاتها، أُصدِرَ 75 أمر إبعاد وتقييد -وهو رقم قياسيّ مقارنة بالسّنوات الماضية- بحقّ إسرائيليّين من سكّان المُستوطنات، ومواطنين مُقيمين في إسرائيل وأيضًا بحقّ مُقيمين من القدس الشّرقيّة.
وقد قدّمت الحكومة اقتراح قانون، يهدف إلى توسيع صلاحيّات وزير الأمن، ليتسنّى له أن يأمر باعتقال المواطنين إداريًّا وأن يُصدر أوامر إبعاد مُبالغة ضدّهم. كما أقرّ البرلمان الاسرائيلي خلال العام المُنصرِم قانونًا جديدًا يسمح بالحكم بعقوبة السّجن على قاصرين يبلغون من العمر 12 - 14 عامًا أدينوا بالقتل عمدًا أو دون قصد. وهي نفس الأنظمة التي تُستخدم منذ سنين ضدّ القاصرين الفلسطينيّين في الأراضي المُحتلّة.
العنصريّة والتّمييز: هل من أمل للنضال المنظوميّ؟
إنّ التّقرير المُشترك لوزارة المساواة الاجتماعيّة ووزارة الماليّة ومكتب رئيس الحكومة بخصوص دمج الأقلّيّة العربيّة اقتصاديًّا كان الأساس الذي استند إليه القرار 922 بخصوص الخطّة الخماسيّة التي وُضعت بهذا الشّأن، إلّا أن فوق تطبيق هذه الخطّة تحوم علامات استفهام كثيرة. وصحيح أنّ وزير التّربية والتّعليم تبنّى توصيات تقرير لجنة بيطون بخصوص تمكين الهويّة الشّرقيّة ودمج مضامين من تاريخ وثقافة يهود إسبانيا والشّرق في نظام التّربية والتّعليم، إلّا أنّ اقتراح القانون لتطبيق هذه التّوصيات رُفِض، فلم يتمّ دمجها في اقتراح التّمويل للعامَين 2017-2018. كذلك، فإنّ تقرير طاقم القضاء على العنصريّة ضدّ القادمين من إثيوبيا ("لجنة بالمور") هو تقرير غير مسبوق من ناحية اعترافه بالعنصريّة تجاه القادمين من إثيوبيا وإلقاء مسؤوليّة هذه العنصريّة على الدّولة، وأيضًا من ناحية التّوصيات المُهمّة فيه؛ إنّه لأمر مُشجّع أنّ الحكومة تبنّت غالبيّة هذه التّوصيات، ونأمل أن يتمّ إدراجها في خطّة التّمويل وتطبيقها.
إنّ أيّ نضال ضدّ العنصريّة يضع في بؤرته مجموعة سكانيّة واحدة دون الأخريات قد يبوء بالفشل، لأنّه لا يُحارب طريقة التّفكير العنصريّة، التي تُقسّم النّاس طبقيّا وتعتبر المجموعات "الأخرى" متدنيّة مقارنة بـ "مجموعتي أنا". وقد أقرّ هذه السّنة مراقب الدّولة: إنّ النّضال ضدّ العنصريّة يتطلّب خطّة تربويّة شاملة، لا الاكتفاء بردود عينيّة على تعابير مُتطرّفة للعنصريّة؛ وتغييرًا عميقًا لتّصوّر العالم، ونقطة انطلاق تعتبر كلّ امرأة وكلّ رجل، أيّ كانوا، متساوين في الحقوق.
حقوق الأقليّة العربيّة
الخطّة الخمسيّة للأقليّة العربيّة – الأمل إلى جانب الخوف من وضعها على الرفّ
تحلّق فوق الخطّة علامات استفهام كثيرة. فمن غير الواضح إلى أيّ مدى ستلتزم الحكومة بتطبيقها وما الذي ستُرصد له الميزانيّات منها وسيتحقق فعليًّا في نهاية المطاف. المبالغ المقترحة غير كافية لوضع حدّ للتمييز، لا بل من غير الواضح ما إذا كان يجري الحديث عن رصد حقيقيّ لميزانيّات إضافيّة أو عن ميزانيّات مخصّصة للأقليّة العربيّة في أيّ حال. جزءٌ من المشاكل الأشدّ حدّة، مثل النقص في الصفوف التعليمية وساعات التعليم، لا تقدّم له هذه الخطّة حلولاً. بالإضافة إلى المبادرة لتشديد قبضة تطبيق قوانين التخطيط والبناء في البلدات العربيّة، وربط تحقيقها، بتحويل ميزانيّات في إطار القرار 922. إنّ هذا الاشتراط يمسّ بحقّ المواطنين العرب في المساواة ويتجاهل قصورات الدولة في مجال التخطيط على امتداد سنوات طويلة، والتي ساهمت في نشوء البناء بدون ترخيص.
خطر جديد على الحقّ في المسكن
اتّخذت الحكومة في العام 2016 القرار 1559، الذي يهدف إلى إحكام تطبيق القانون والعقوبات على مخالفات البناء. يرتكز هذا القرار على تقرير طاقم مواجهة ظاهرة البناء غير القانونيّ ("تقرير كيمينتس")، الذي تمّ تقديمه في بداية السّنة. في أعقاب القرار نُشرت مذكّرة قانون، سارعت الحكومة باقراره مع انتهاء الدورة الصيفية، يهدف الى:
• الحدّ من اعتبارات المحاكم ودورها في إجراءات تطبيق القانون في مخالفات البناء.
• زيادة مبالغ الغرامات وفترات السّجن في مخالفات البناء.
• توسيع دائرة العقاب لتشمل أيضًا جميع المهنيّين المساهمين في عملية التخطيط أو البناء بدون ترخيص.
العرب البدو في النقب: في ظلّ خطر الإخلاء
العرب البدو في النقب يعيشون هم أيضًا تحت خطر متواصل للمسّ بحقّهم في المسكن وفي العيش بكرامة في قراهم. استمرّت سلطات الدولة في السنة المنصرمة بدفع مجموعة من المبادرات الساعية إلى إخلاء آلاف السكّان البدو من بيوتهم. بوضع خطّة لإقامة 5 بلدات يهوديّة جديدة، صادقت عليها الحكومة في تشرين الثاني 2015؛ ستضرّ بشكل مباشر بقريتين: القرية غير المعترف بها قطامات التي يبلغ عدد سكّانها 1,500 نسمة، وقرية بير هداج التي يبلغ عدد سكانها 6,000 نسمة، وقد حظيت بخطّة هيكليّة محليّة مصدّق عليها. ومبادرات مجحفة موجودة في مراحل مختلفة من الإعداد: خطّة العام 2014 لإنشاء خمس بلدات جديدة مخصصة للسكان اليهود على امتداد شارع 25؛ خطّة العام 2011 لإقامة 7 بلدات ريفيّة جديدة في مفوؤوت عراد؛ إجراءات هدم القرية العربيّة البدوية عتير / أم الحيران وإقامة بلدة يهوديّة مكانها؛ وإقامة منجم فوسفات في أراضي ثلاث قرى – الغزّة، الزعرورة والفرعة – التي يقطنها نحو 10,000 نسمة من العرب البدو منذ ما قبل قيام دولة إسرائيل.
تستمرّ دولة إسرائيل في تجاهل وجود نحو 35 قرية عربية بدوية، يقطنها عشرات الآلاف من بني البشر، ترفض الاعتراف بها وتنظيمها من ناحية تخطيطيّة وبلديّة. كذلك فإنّ القرى التي قد تمّ الاعتراف بها لا تزال تعاني هي أيضًا من نقص في الخدمات وفي البنى التحتيّة، وإمكانيّات تطورّها محدودة. هذا الواقع ينتهك الحقوق الأساسية للسكّان البدو، بما في ذلك الحقّ في العيش بكرامة، الحقّ في الامتلاك، الحقّ في السّكن، الحقّ في التعليم والحقّ في الصّحّة، والحقّ في الحفاظ على الطّابع الثقافيّ. يجب على سلطات الدولة أن تتعامل بشفافيّة وتشارك السكان البدو في الحلول المقترحة، وتجنب الحلول أحادية الجانب والنقل القسريّ للسكان من أماكنهم.
الحقّ في الصّحّة
إضافة مُهمّة لرزمة الخدمات الصّحّيّة
بعد تكثيف الضّغوطات على وزارة الصّحّة كي تسمح ببيع أدوية مصيرية ضمن التّأمينات المُكمّلة، خاصّة نظرًا لأسعارها الخياليّة. في شهر آذار من العام 2016، نشرت وزارة الصّحّة مسوّدة قانون من شأنها أن تتيح اختراق إطار سلة الأدوية ونقل هذه الأدوية إلى التّأمينات المُكمّلة التي تعرضها صناديق المرضى، رغم معارضة جمعية حقوق المواطن وجمعيات اخرى بسبب عدم المساواة واتساع الفجوات في نظام الصّحّة، إذ يُبقي نحو & من السّكّان - أي نحو مليونَي مواطن - دون أيّ إمكانيّة لتلقّي علاجات بواسطة أدوية جديدة ومُطيلة لعمر الإنسان حاليًّا أو مستقبليًّا.
احتجاج سكّان المناطق البعيدة عن المركز: عدم مساواة في الميزانيّات والخدمات
خطّة الحكومة الإستراتيجيّة، بمبلغ قدره حوالي 20 مليار ش.ج. في الشّمال، لم تُدرجْ ضمن ميزانيّة عامي 2018-2017، وقد ألغيتْ عمليًّا. تقرير لجنة غروطو مؤخرًا، يظهر وجود فجوات جديّة في الخدمات الصحيّة بين الشّمال والمركز. في الجنوب والشّمال – وقت الانتظار للعمليّات الجراحيّة أطول. عدد الأسرّة لإعادة تأهيل المرضى لكلّ 1,000 نسمة هو حوالي خُمس عددها في منطقة تل أبيب، وحوالي نصف عدد المعدّل القطريّ. هناك نقص في القوى البشريّة المهنيّة، وفي إمكانيات الرقود في مستشفى للأمراض النفسيّة وفي عيادات الأمّ والطفل.
في أيلول الأخير قدّمت جمعية حقوق المواطن التماسًا إلى المحكمة العليا، مطالبةً بإلزام وزارة الصحّة بوضع معايير موحّدة ومتكافئة تضمن تقديم خدمات إعادة تأهيل في وقت، مسافة وجودة معقولة في كلّ أنحاء البلاد.
انتهاك حقوق الإنسان في المناطق المحتلّة
بلا مأوى
وفقًا لمعطيات "بتسيلم"، عدد المباني السكنيّة التي هُدمتْ في المناطق في العام 2016 هو الأكبر منذ العام 2006، حينها بدأ التنظيم لجمع معطيات حول الموضوع: منذ بداية كانون الثاني حتى نهاية تشرين الأوّل 2016 هدمت إسرائيل في أنحاء المنطقة C 255 مبنى سكنيًّا بذريعة البناء غير المرخّص، وتركتْ 1,076 شخصًا بلا مأوى، من بينهم 557 قاصرًا. وهُدم في القدس الشرقيّة من كانون الثاني حتى منتصف تشرين الثاني 2016 أكثر من 194 مبنًى، من ضمنها 123 وحدة سكنيّة، مقارنةً بـ 74 وحدة سكنيّة هُدمتْ خلال العام 2015 و52 وحدة سكنيّة في العام 2014، بحسب معطيات نشرتها جمعيّة "عير عميم". وفقًا للمعطيات التي نشرتها منظمة ACTED، هُدم في هذه الفترة في الضفة الغربية والقدس ما مجموعه 989 مبنى، ومن ضمنها بيوت سكنيّة ومبانٍ لأغراض زراعيّة وغيرها.
الحقّ في الماء
برز في الصيف الأخير نقص حادّ في المياه في أنحاء المناطق: قسم من مجمّعات المياه المخصصة للبلدات والمدن الفلسطينية خلت من المياه. عانى سكان فلسطينيون كثيرون من الانقطاع المتواصل للمياه على مدى أيام طويلة، واضطرّوا إلى الاكتفاء بقدرٍ قليل من المياه تمكّنوا من جمعه، وإلى شراء مياه غالية الثمن جُلبت لهم بصهاريج. واضطرّ أصحاب المصانع والمزارعون إلى وقف عملهم.
في المقابل من ذلك، استمرّت أغلبيّة المستوطنات بالتمتّع طوال الصيف بتدفق مياه عاديّ. صحيحٌ أنّ عدّة مستوطنات واجهت مشاكل في تزويد المياه، لكنّ هذه كانت مشاكل بسيطة وانتهت خلال وقت قصير بمساعدة السلطات. عمومًا، استهلاك المياه في المستوطنات غير محدود، في حين توجد للسكّان الفلسطينيين كميات محدودة من المياه المخصصة لهم، وفقًا لما تنصّ عليه اتفاقيات أوسلو.
الضمّ الزاحف
تقف في صلب إساءة معاملة السكان الفلسطينيين في المنطقة C رغبة إسرائيل في إحكام سيطرتها على هذه المنطقة وتقوية ارتباطها بإسرائيل، ودفع السكان الفلسطينيين إلى المنطقتين A وB. في العقد الماضي، تزايدت كثيرًا تلك الخطوات التي يمكن أن نسمّيها الضمّ الزاحف أو الضمّ الفعليّ بفرض الواقع؛ محاولات تشويش الخطّ الأخضر وإنفاذ القانون الإسرائيليّ على المستوطنات، الواقعة خارج حدود الدولة، استمرّت هذه السّنة أيضًا. فمثلاً، أطلقت هذه السّنة حملة واسعة تطلب بشكل صريح إنفاذ السّيادة الإسرائيليّة على "معاليه أدوميم". ويحاول مسؤولون في الحكومة، في هذه الأيّام، طرح مشروع قانون لتنظيم البناء غير المرخًّص في المستوطنات وفي بؤر استيطانية بنيتْ على أراض فلسطينية خاصّة، وهذا على الرغم من المعارضة الحادّة للمستشار القضائي للحكومة لتبييضها، وعلى نحو مناقضٍ لـ موقف المحكمة العليا في قرار الحكم في قضيّة عمونا. يشكّل هذا الاقتراح تصعيدًا من ناحية دوس حقوق الإنسان الفلسطيني واحتقارًا لسيادة القانون في المناطق.
إنّ خطوات كهذه تعمّق بشكل أكبر وجود جهازين قضائيّين منفصلين في المناطق المحتلّة: الأوّل – إسرائيليّ-مدنيّ، للمواطنين الإسرائيليين، والثاني – عسكريّ، للسّكان الفلسطينيين. وهكذا ففي المنطقة ذاتها وتحت الحكم ذاته تقيم مجموعة سكّانية أولى تتمتّع بحقوق وإلى جانبها مجموعة سكّانيّة ثانية يتمّ انتهاك حقوقها الأساسيّة بشكل دائم. عشيّة الذكرى الخمسين للاحتلال، هذا التمييز آخذ بالتمأسس، والتّحوّل إلى جزءٍ لا يتجزّأ من منظومات الحكم الإسرائيليّ.