في الذكرى الرابعة لرحيله - جامعة بيرزيت تفتتح مؤتمر "ادوارد سعيد: مقولات نقدية على الحداثة وما بعدها"
نشر بتاريخ: 15/12/2007 ( آخر تحديث: 15/12/2007 الساعة: 20:01 )
بيرزيت-معا- افتتحت كلية الآداب في جامعة بيرزيت اليوم السبت، مؤتمر "إدوارد سعيد: مقولات نقدية على الحداثة وما بعدها"، بحضور نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية في الجامعة د. عبد اللطيف أبو حجلة، وعميد كلية الآداب د. ماهر الحشوة، ومنسق المؤتمر د. عبد الرحيم الشيخ.
وأوضح د. أبو حجلة أن عقد المؤتمر الدولي في جامعة بيرزيت وقدوم نخبة من المفكرين والأكاديميين العالميين إلى فلسطين للمشاركة فيه رغم ما تشهده فلسطين من حصار، هو انتصار لفكرة الخير العام وقضية الحرية الأشهر التي دافع عنها سعيد طيلة حياته خاصة وأن جامعة بيرزيت كانت تمثل الفردوس الأكاديمي الثاني لسعيد بعد جامعة كولومبيا. مشيراً الى أن سعيد شكل حتى بعد غيابه الفيزيائي حالة ثقافية فريدة ليس على المستوى الفلسطيني فحسب بل على المستوى الإنساني عموماً، مضيفاً أن سعيد لا يزال يحمل اسم فلسطين عالياً في كل المحافل الدولية بإحقاق الحق ومنح المظلومين صوتاً والانتصاف إلى قضيتهم بعد ستين عاماً من النكبة والاحتلال.
وأكد د. الحشوة على أهمية تنظيم المؤتمر الثاني بإسم ادوارد سعيد، مشدداً على أهمية وملائمة فكر سعيد خاصة للأكاديميين الذين يعملون في ظروف قهر كالتي يعيشها الشعب الفلسطيني، إضافة إلى المثقفين المهتمين بقضايا التحرر والعدالة في العالم.
وأشار الشيخ الى أن سعيد هو هبة فلسطين كما هي فلسطين هي هبة سعيد، فقد مثل سعيد سيرة وفكراً لنموذج فريد "للمثقف العام" الذي صوره بنفسه كمدافع أكبر عن قضايا الحرية في تيارات ما بعد الحداثة وحقبتها، وكمدافع أكبر لمقولاتها النقدية.
وتطرق د. الشيخ إلى المحاور الأساسية للمؤتمر، حيث خصص المحور الأول للحديث عن "إدوارد سعيد- الأصل والأثر" والذي يتناول الأصول الثقافية لإدوارد سعيد غربية وعربية، وأثره في الأفراد والمدارس والتيارات الفكرية العالمية، كما يتناول الروافد الثقافية التي أسهمت في التكوين الفكري والسياسي والذوقي لسعيد كمثقف كوني، سواء على شكل شخصيات ورموز فكرية أو على شكل تيارات ومدارس في اتجاهي التأثر والتأثير. في حين يتناول المحور الثاني للمؤتمر "قضايا الإستشراق وما بعد- الاستعمار في الثقافة العربية" والذي يستقصي تحولات خطابات الثقافة العربية حول موضوعي الإستشراق وما بعد الاستعمار، بوصفهما موضوعين مفتاحيين في نتاج إدوارد سعيد. ويبحث المحور الثالث للمؤتمر حول "الهوية والآخرية- رؤى طباقية" في مفاهيم الهوية والآخرية وما تشتمل عليه من سياسات في صناعة الهوية الوطنية وما تقود إليه من تضاد تاريخي بين الشعوب على كلاسيكيات الهوية الكبرى مثل الأرض واللغة والناس. ويناقش المحور الرابع من المؤتمر "السردية والذاكرة والتاريخ" دور الأعمال الفردية في بناء الحبكات الوطنية التي تنقل الشعوب من حد الشفاهة إلى حد الكتابة، وتؤسس بذلك إلى انتزاع اعتراف سياسي بحقها في الوجود وتقرير المصير، أي بحقها في بناء حبكتها الوطنية الخاصة المعتمدة على ذاكرة وطنية خاصة.
ويستطلع المحور الخامس من المؤتمر "المثقف والسلطة-بُنى القمع وأخلاقيات المقاومة" دور المثقف الطليعي أو العام في الوقوف في صف الحرية من خلال تفكيكه لبنية التسلط التي في السلطة(الشر)، وتأسيسه لأخلاقية للمقاومة(الخير) في السياقات المحلية والعالمية، كما يستطلع هذا المحور مسألة ظهور النخب وتبلورها كتعبير عن صوت المهمشين في مرحلة ما بعد الاستعمار أو تلك التي لا تزال خاضعة لشرط استعماري مباشر.
ويفحص المحور السادس "فلسطين فلسطين-التمثل والنكران" استقبال سعيد مفكراً وسياسياً في المشهد الثقافي الفلسطيني من حيث مواقفه من القضية الفلسطينية والمسألة اليهودية على صعيد النظري والتطبيقي، كما يفحص سياسات التلقي لإدوارد سعيد على صعيدي الفكر والممارسة السياسية في المشهد الفلسطيني.
وأوضح أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة د. جيل أنيجار في ورقته بعنوان:"جامعة بلا جدران: الدراسات الإسرائيلية بعد إدوارد سعيد"، والتي قدمها خلال الجلسة الأولى التي ترأسها المحاضر في الفلسفة والدراسات الثقافية د. جورج جقمان حول "إدوارد سعيد: والدراسات الإسرائيلية ومسالة المتلقي"، أن جامعة كولومبيا عملت على فصل "دراسات إسرائيل" عن دراسات الشرق والإسلام، وقد باتت مجالات دراسة إسرائيل قوية جداً بالمقارنة مع دراسات الشرق، مشيراً أن دراسات إسرائيل تمثل علامة على سياسة الجامعة والتي تمثل الفردوس الأول لسعيد.
ومن جانبها استعرضت الأستاذة المساعدة في التاريخ في جامعة بيرزيت د. رنا بركات ورقة أستاذة الفنون والدراسات الشرق -أوسطية في جامعة نيويورك إيلا شوحت التي لم تتمكن من الحضور بعنوان: "ما بعد الاستعمار-مترجماً: قراءة إدوارد سعيد بين الإنجليزية والعبرية"، مشيرةً أن هذه الورقة هي ترجمة لأفكار سعيد للعبرية، وتناول للأفكار الاستشراقية وما بعد الاستعمار، وفكرة الصهيونية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتناول إيهاب شلبك المرشح لنيل الدكتوراه في الإعلام والتاريخ من جامعة نيو ساوث ويلز في استراليا في ورقته بعنوان: "إدوارد سعيد والفلسطينيون"، مفهوم النسب والانتساب عند إدوارد سعيد، موضحاً أن مفهوم النسب هو الانتماء لهوية ثابتة وغير دنيوية، أما الانتساب فهو عبارة عن الإختيار للنضال، فعلاقة سعيد مع القضية الفلسطينية هي علاقة إنتساب، مشيراً أن الحركة الفلسطينية الحديثة هي حركة إنتساب، فهم خرجوا من علاقات النسب الإقطاعية والاجتماعية وانتموا لأحزاب وعلاقات حداثية. وأضاف أن في علاقة الانتماء هذه قطعوا وتقاطعوا مع القومية العربية والتراث الإسلامي، والذي يعني أن الهوية الفلسطينية هي هوية متمايزة عبر الانتساب وخلق هوية جديدة، حيث بات بمقدور هذه الهوية قراءة الهم الوطني الفلسطيني في الأيدلوجية اليسارية والنص الديني والنصوص الأخرى من غير أن تنتمي لهذه النصوص.
وتعرض المحاضر في العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح حمودة في ورقته: " الهوية المركبة/الهجينية عند ادوارد سعيد"، إلى مسألة الهوية عند إدوارد سعيد التي تمثل نموذجاً لهوية تتجاوز التقسيم الغربي الشائع لهويات غربية وأخرى شرقية، مشيراً أن سعيد في تقسيمه هو تقسيم أيدولوجي سياسي متخيل ولا يعكس نتائج البحث التاريخي والأنثروبولوجي، حيث طرح في كتاباته وحياته هوية تنتمي إلى فضاء أوسع وهو الإطار الإنساني الذي ينتمي إلى فكرة التقاء البشرية بأممها المختلفة.كما تطرق حمودة إلى كتاب سعيد "خارج المكان"، والذي يلقي سعيد فيه الضوء على هويته الذاتية وموقفه من الهوية عموماً.
وتناول المساعد الأكاديمي في وحدة المساندة الأكاديمية التابعة لكلية الدراسات العليا في جامعة بيرزيت مراد البسطامي في ورقته: "ثنائية إدوارد سعيد"، وجود الثنائية في فكر إدوارد سعيد وسببها ازدواجية المعايير التي استخدمها في تحليله لطبيعة الحركة الصهيونية وشرعية الحق في المقاومة، مشيراً أن أكثر ما يعبر عن هذه الثنائية هو الحل السيمفوني البائس الذي اقترحه لحل القضية الفلسطينية، والمتمثل بربط حل القضية الفلسطينية بحل المسألة اليهودية وخطيئة أوروبا الكبرى، وذلك من خلال الدولة ثنائية القومية.
وتستكمل فعاليات المؤتمر اليوم الأحد، فيما سيتم غداً الاثنين تنظيم زيارة ميدانية إلى جدار الضم والفصل العنصري من قلقيلية إلى القدس، حيث سيتم زيارة المخيمات الفلسطينية والتجمعات البدوية المهجرة في منطقتي رام الله والقدس.
يذكر أن هذا المؤتمر عقد بدعم من مؤسسة التعاون، ومساهمات من معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى وجمعية الكمنجاتي، وتلفزيون وطن، وبيت الشعر الفلسطيني.