السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أمن إسرائيل 2016- من بوتين وترامب إلى الضفة وتركيا

نشر بتاريخ: 01/01/2017 ( آخر تحديث: 03/01/2017 الساعة: 13:30 )
أمن إسرائيل 2016- من بوتين وترامب إلى الضفة وتركيا
بيت لحم- معا- تأثر أمن إسرائيل عام 2016 ضمن الدوائر القريبة من السلطة الفلسطينية الى الدول المحاذية ما يجري بها وصولا الى الدوائر الابعد ورؤساء القوى العظمى، اضافة للانتخابات التي قرر فيها الناخبون علاقات دولهم بالعالم عبر جيوبهم حسب تعبير موقع "مكور ريشون" العبري الذي نشر "السبت" ما شبه الجرد الامني الخاص بالعام المنقضي، واهم المؤثرات التي القت بظلالها على الامن الاسرائيلي عام 2016 جاء فيه:
دونالد ترامب: رئيس جديد علاقة جديدة
يعتبر فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الامريكية الحدث الامني الابرز والأكثر اهمية بالنسبة للشرق الاوسط او بالنسبة لإسرائيل على اقل تقدير.
ينبع الالتزام الامريكي بأمن اسرائيل اولا وقبل كل شيء من الدعم الشعبي المكثف الذي تحظى به اسرائيل داخل الولايات المتحدة وهذا التأييد وجد تعبيره ايضا خلال ولاية الرئيس الحالي "اوباما" الذي كان له دور حاسم ومساهمة جبارة في تزويد اسرائيل بمنظومات دفاعية مضادة للصواريخ مثل "القبة الحديدة" اضافة لوصول اولى طائرات "F 35" في نهاية عهده الى اسرائيل.
سيحسن الانطباع السائد أن الادارة الامريكية القادمة ستكون اكثر حساسية ورهافة حس اتجاه اسرائيل مقابلة العدائية التي اظهرها اوباما وجون كيري من وضع اسرائيل الاستراتيجي في المنطقة وذلك لان مراكز القوى في المنطقة والإقليمي ستقدر ان الدعم الامريكي لإسرائيل هو دعم غير مشروط ودون تحفظ، وان طريقها الى قلب الادارة الامريكية عاد ليمر من تل ابيب كما كان في الماضي.
ولكن يوجد ايضا بعض المخاطر لان ترامب يؤمن بالخط والفكر القائم على افضلية المصلحة الامريكية وتفوقها على كل مصلحة اخرى، اضافة الى كون ترامب شخصا من الصعب توقع سلوكه ويمكن ان يقرر فجأة ان كل منطقة الشرق الاوسط لا تعني امريكا في شيء، ورغم هذا يبدو ان فضائل انتخابه تفوق مخاطره من حيث الامن الاسرائيلي، فهناك امكانية لتحسين اتفاقية المساعدات الامريكية الاسرائيلية التي تفرض حاليا قيودا تجبر اسرائيل على شراء منتجات امريكية فقط في المرحلة الاولى وهذا احد نماذج الفائدة المتوقعة لامن اسرائيل من انتخاب ترامب.
والاهم من ذلك، ظهر اوباما وإدارته في الشرق الاوسط كشخص غير وفي لحلفائه واكبر دليل على ذلك ما حدث للرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك الذي ألقى به ليواجه مصيره منفردا عام 2011 وهنا يمكن ان يظهر ترامب التزاما اكبر اتجاه الحلفاء كما فعل الرئيس الروسي بوتين حين لم يتردد لحظة في القتال لأجل حماية حليفه الرئيس السوري.
وفوق كل ذلك سكون لانتخاب ترامب تأثيرا حاسما على الملف النووي الايراني وكما هو معروف فقد عارضت اسرائيل بكل قوتها الاتفاق النووي بين ايران والقوى العظمى، لان التقديرات تشير الى ان عودة ايران للسعي لامتلاك سلاح نووي ما هي الا مسألة وقت فقط كما فعلت كوريا الشمالية قبلها ورغم وجود الاتفاق فإن موقف "ترامب" سيكون حاسما فيما يتعلق بأهم موضوع وقضية امنية بالنسبة لإسرائيل.
لقد عارض ترامب بكل قوة الاتفاق النووي مع ايران ويمكن الافتراض بان الايرانيين سيخشون خداع القوى العظمى عبر مواصلة التخطيط لامتلاك سلاح نووي وذلك خشية اكتشاف الامر ما سيعطي ترامب المبرر لانزال ضربة عسكرية او دبلوماسية حاسمة بهم.
بوتين يفرض الوقائع على الارض:
استغل الرئيس الروسي حتى آخر نقطة الفراغ الذي خلفته ادارة الرئيس الامريكي اوباما في الشرق الاوسط.
لقد جلس الرئيس بوتين هذا العام ساعات طويلة خلال الامسية الاحتفالية التي اقيمت في موسكو لإحياء لذكرى 25 لاستئناف العلاقات الدبلوماسية الروسية الاسرائيلية وخرج المسؤولين الاسرائيليين الذي شاركوا في هذه الامسية وحضروا بعض موائد العشاء مع الرئيس بوتين بانطباع بأنه يحمل هو الآخر مشاعر دافئة اتجاه دولة اسرائيل لكن المشاعر شيء والمصالح شيء آخر.
تبدأ مصلحة روسيا بممارسة الضغوط على الغرب لإجباره على رفع العقوبات التي فرضها عليها بعد ضم جزيرة القرم، ولا تنتهي هذه المصالح بالمناورات الواسعة المشتركة التي تجريها مع الصين في محالة لتوجيه رسالة مشتركة ضد الولايات المتحدة.
كان لدى روسيا مصلحة عليا في الشرق الاوسط تتمثل بإقامة قاعدة جوية في سوريا، تضاف الى القاعدة البحرية التي تملكها في اللاذقية وهذا ما فعلته روسيا عام 2016 وهذه هي الخلفية للدعم المطلق وغير المتحفظ الذي قدمه بتين للرئيس السوري بشار الاسد، هذا الدعم الذي يقود كما يبدو نحو حسم الحرب الاهلية الدائرة في هذا البلد.
أظرت الصور القاسية القادمة من مدينة حلب المدمرة بشاعة الحرب الاهلية واظهرت الحرب في سوريا كواحدة من أسوأ الحروب التي شهدها التاريخ البشري حيث مئات الاف القتلى والجرحى وملايين اللاجئين وحجم دمار هائل أظهر لامبالاة العالم بشكل محزن ومعيب.
تهم الحرب السورية الاوروبيين بشكل خاص خاصة فيما يتعلق بقضية تدفق اللاجئين الذين غمروا القارة العجوز، فيما توقفت الولايات المتحدة تقريبا بشكل كامل عن الاهتمام بهذه الحرب تاركة الساحة فارغة امام الرئيس فلاديمير بوتين.
وتشارف الحرب السورية على نهايتها وروسيا تملك قاعدة بحرية وجوية دائمة وثابتة نصبت فيها منظومات دفاع جوي متطورة تغطي كامل مساحة اسرائيل لتشكل تحديا كبيرا لحرية العمل التي تمتع بها سلاح الجو الاسرائيلي لسنوات طويلة خلت.
خسرحزب الله في الحرب السورية آلاف القتلى والجرحى، لكنه في المقابل راكم خبرات قتالية غنية جدا فيما بيت الجولان منطقة قتال خاصة بتنظيم القاعدة وداعش، مع تواجد سوري رسمي متواضع في منطقة جبل الشيخ.
وتبقى آثار الحرب السورية اكثر دراماتيكية بالنسبة لتركيا المصممة على منع اقامة "دولة كردية في حكم الواقع" على طول حدودها، مع ما كان يعرف فيما مضى بدولة سوريا الكبرى وكذلك الاردن، سيواصل لعق جراح الحرب لفترة طويلة، ومع اكثر من مليون لاجئ سوري يبدو ان الحرب بالنسبة للأردن لا زالت بعيدة عن الحسم حتى بعد معركة حلب.
الجيران وشركاء الضائقة: المصالح ستتغلب على كل شيء
من المزعج تخيل اضطرار الجيش الاسرائيلي الى تخصيص قوات كبيرة لحماية الحدود الاطول مع الاردن ومصر في ظل عدم الاستقرار الذي تشهده الحدود مع سوريا.
إن حقيقة استقرار انظمة الحكم في الدولتين المرتبطتين باتفاقيات سلام مع اسرائيل، تعتبر مساهمة حاسمة في الامن القومي الاسرائيلي، فالأردن ومصر تقيمان علاقات امنية مع اسرائيل، والمصالح هنا مشتركة.
ونجح الملك عبد الله الثاني هذا العام في الحفاظ على استقرار نظام حكمه رغم فيضان اللاجئين السوريين وتهديدات داعش والغليان الداخلي الذي انفجر اكثر من مرة، وتشكل المملكة الاردنية بالنسبة لإسرائيل منطقة فاصلة هامة تبعد عن "حدودها" الفوضى السائدة في العراق وجنوب شرق سوريا.
وفي مصر، يقاتل الرئيس المصري حركة الإخوان المسلمين وقوات اخرى تابعة لداعش والقاعدة تتمركز في سيناء، ورغم الخسائر الجسيمة التي وقعت في صفوف قوات الامن والجيش المصري، انتهى العام 2016 بتعزيز قبضة النظام المصري على خط الحدود مع إسرائيل في سيناء.
ويشن النظام المصري ايضا حربا لا هوادة فيها ضد حماس في غزة التي يعتبرها حليفة حركة الاخوان المسلمين المصرية، ونجح النظام المصري بعد سنوات في هدم غالبية الأنفاق التي تربط رفح المصرية بنظيرتها الفلسطينية، ما فرض صعوبات جمة على حماس ومسعاها لتعزيز قوتها العسكرية.
وفي الدوائر الاكثر بعدا، كان عام 2016 عاما جيدا بالنسبة للعلاقات الامنية الاسرائيلية مع الدول التي تخشى من امتلاك ايران للقنبلة النووية، فعززت اسرائيل تحالفها مع اذربيجان القائمة في منطقة القفقاس الى دول الخليج وصولا الى المصالحة مع تركيا المحكومة من قبل الاخوان المسلمين، حيث ابرمت اسرائيل مصالحة لها ابعاد اقليمية ايجابية جدا.
أبو مازن: معركة الخلافة المحتدمة
مع كل الأهمية للدول القريبة والبعيدة فإن الامن الاسرائيلي يبدأ من "الجيران الفلسطينيين"، فمن هذه الناحية خبت موجة "ارهاب السكاكين" خلال عام 2016، وبنظرة بعيدة المدى كان مؤتمر فتح الذي عقد في ناهية تشرين أول الماضي مهما جدا، كونه دشن وافتتح الصراع الفلسطيني الداخلي الشديد حول خلافة ابو مازن في رئاسة السلطة، وهذا الصراع سيزداد اشتعالا مع مرور الوقت.
وتم انتخاب "الزعيم" البالغ من العمر (81 عاما) لفترة 5 سنوات جديدة، لكن فرصة بقائه على كرسيه طيلة هذه السنوات متدنية، وحرب الخلافة التي ابطالها محمد دحلان المكروه من قبل ابو مازن، وحماس من جهة ومروان البرغوثي المعتقل في اسرائيل من جهة اخرى، ستكون صاحبة تأثير كبير على الامن الاسرائيلي.
واثبت ابو مازن حتى الان، انه زعيم فعالي ومتوازن ورصين وهو لا يؤمن بـ"الارهاب" طريقا لتحقيق الاهداف الوطنية الفلسطينية، لكنه يقوم بكل ما يمكنه لتعقيد وضع اسرائيل على الساحة الدولية، وحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال مثل الانجاز التاريخي الذي حققه بصدور قرار مجلس الامن الخاص بالمستوطنات.
وتقف حماس ايضا امام لحظة انتخاب خلف لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل المقيم حاليا في قطر.
واختتم موقع "مكور ريشون" جرده الامني للعام المنقضي بالقول" بطبيعة الاحوال لا يمكن نشر وإعلان جميع الانجازات العسكرية والتكنولوجية التي حققتها اسرائيل عام 2016، لكن هذه الانجازات تواصل مساهمتها الحاسمة في مجال الامن الاسرائيلي، وتعزيز مكانة اسرائيل الدولية، فعلى سبيل المثال هناك سلسلة طويلة من الدول بدأت العلاقات القوية والثابتة معها بالتعاون التكنولوجي.