الصين من الاقتصاد ... للرياضة
نشر بتاريخ: 09/01/2017 ( آخر تحديث: 09/01/2017 الساعة: 15:45 )
الصين من الاقتصاد ... للرياضة
دوافع.. ورؤيا
بقلم : د. مازن الخطيب
جامعة القدس - فلسطين
الصين هذا العملاق الاقتصادي الذي لا يتدخل في اشكاليات القارة ولم تمسه الارتدادات التي عصفت ببيت الفيفا ولم يدخل في اي صفقة مشبوهة علما ان رئيس الاتحاد الصيني شغل منصب نائب رئيس الفيفا ورئيس مؤقت للاتحاد الاسيوي خلفا لابن همام ولم ينافس المرشحين على رئاسة الاتحاد الاسيوي لعدم فتح عش الدبابير على الدوري الصيني والاتهامات التى وجهت للاتحاد الصيني على خلفية التلاعب بالنتائج . وللحفاظ على مصالح الاقتصاد الصيني، لكن سرعان ما تحول هذا التردد الى شغف من نوع اخر .
ففي العام 2015 استثمرت الصين 2 مليار دولار في شراء اندية كبيرة في العالم بلغ عددها 14 نادي منها اي سي ميلان في ايطاليا ووانتر ميلان ومانشستر ستي واتلاتيكو مدريد واندية هولاندية وانجليزية ومن المعروف التناغم بين الاقتصاد والسياسة في الصين و(سيطرة الدولة) على الاقتصاد فهذه الخطوات ممنهجة ضمن السياسة الصينية في الاستثمار في هذا المجال وهذا ما عبر عنة الرئيس الصيني بينغ -حين ابدى رغبة بلادة في تنظيم بطولة كاس العالم وفوز منتخب بلادة بالبطولة وهو المحب لكرة القدم والرياضة يصاحبة رغبة في التطور وان تلعب الرياضة دورا في نمو الاقتصاد. ودعمت هذه الرؤيا بخطة تطوير الصين 13 والممتدة من 2016 وحتى 2020 بزيادة صادرات الرياضة في العام 2020بحوالي 3 ترليون رمببي (432 مليار دولار) بما يعادل 1% من الناتج القومي الصيني وبما يعادل 2% من ناتج الولايات المتحدة الامريكية القومي .
ناهيك عن بيع حقوق البث للدوري الصيني والتي بلغت 1.2 مليار دولار لخمس سنوات ستضخ للنوادي الصينية اضافة للزيادة في اعداد الجماهير في بلد يزيد تعدادة عن 1.3 مليار نسمة وبلغ متوسط الجماهير حوالي 22 الف مشجع بما يضاهي الدوري الفرنسي والايطالي او يقل ببضع بمئات .
كما عمدت الدولة الصينية على الاهتمام بالبنية التحتية بحيث زادت مساحة الملاعب الرياضية المخصصة للمواطن الي حوالي (2 م مربع ) وهذا ساهم في زيادة عدد الممارسين للرياضة وبالتالي ارتفاع في مستوى الصحة لدى المواطنين ، بالاضافة للعمل على انشاء الاكاديميات الاضخم في العالم التي تحوي ألاف الطلاب الصينيين اضافة لتصريحات ملاك الاندية الاوربية الصينيين ان الهدف من الاستحواذ على هذه الاندية هو اتاحة الفرصة امام المواهب الصينية للتدريب بالنظام الاوربي ، ناهيك عن تعاقد الصين مع العديد من المدربين العالميين امثال ليبي وسكولاري وايركسون وغيرهم.
وهذا يبرر توجه الاندية الصينية للتعاقدات الضخمة مع لاعبين مميزين بمبالغ خيالية علما ان ملاك هذه الاندية يعلمون ان هذه التعاقدات قد تكون غير ذات جدوى على صعيد العائدات للاندية بشكل مباشر او سريع .
وعليه نلخص الدوافع الصينية بالتالي :
- دافع سياسي اقتصادي : توجه الجانب السياسي ليلعب دور اكبر في المجال الرياضي من خلال الرغبة في الدخول بقوة لمجال كرة القدم مستقبل الاقتصاد الرياضي وتنظيم الاحداث الرياضية الكبرى والاستفادة من الخبرات الخارجية في هذا المجال في الدوريات الكبرى ، والاستحواذ على الشركات الكبرى الموثرة في الرياضة العالمية شركة (انفورت السويسرية) والدخول لعالم البث التلفزيوني الرقمي ، كذلك تراكم الخبرات من خلال رعاية الاتحاد الدولي للترايثلون والاتحاد الدولي للملاكمة ودوري كرة السلة الامريكي NBA)) ودوري محترفي كرة القدم الامريكية و قنوات ( ESPN) من خلال العملاق (علي بابا) وغيره من الشركات الكبرى . كذلك التوجه للرعاية في الفيفا والاتحاد الاوربي لكرة القدم (UAFA).
- تجسيد علامة تجارية : من خلال الاستحواذ على اندية متعثرة ومدها بالاموال لاعادتها لمكانه افضل وبيعها خصوصا انها تملك اللاعبين النجوم والملاعب وكل ما تحتاجه الاموال والاستفادة من ادارتها وتنظيم البطولات ويقع تحت هذا الجانب استجلاب المدربين الكبار والتعاقد مع اللاعبين المميزين وبموازنات ضخمة تفوق ما يدفع في دوريات اوروبية ، وعلية نالت الاندية الصينية ال 19 رخصة الاتحاد الاسيوي هذا العام وهم يسعوا للدخول بقوة لبطولات الاتحاد الاسيوي، وخاصة بعد ان اعطى نظام التصنيف الجديد في الاتحاد القاري ميزة كبيرة لنتائج الاندية في هذه البطولات من خلال اعتماد التصنيف الجديد على نتائج الاندية في البطولات بنسبة (70%) للاندية و(30%) للمنتخبات، مما يعزز الاهتمام بالاندية.
- دافع رياضي : تسعى الصين للتوجه نحو التميز في كرة القدم باعتبارها اللعبة الاكبر شعبية في العالم وهم يتطلعوا لليوم الذي ينافسون فيه على كاس العالم كمنافساتهم في الجانب الاولمبي على صعيد الميداليات المختلفة ، فكان التوجه للاكاديميات الرياضية والاعتماد على الخبرات الاوربية في هذا المجال وفتح الباب امام احتراف المواهب الصينية في اقوى الدوريات الاوربية مستقبلا والتي هي مملوكة للشركات الصينية والتي ستبقى محافظة على نسبة اسهم في حال بيعها كاستراتيجية.
الملاحظ هنا ان الصين عملت باستراتيجية مدروسة على كافة الصعد من المستوى السياسي الي عصب الحياة الاقتصاد بمحركاتة جميعها والتعامل مع الجانب الوطني للرياضة ناهيك عن الاهتمام بالنواحي الصحية والبنبة التحتية وهذا ما يجعل الصين القوة القادمة لعالم المستديرة ، والمنافس القوي في مجال التنظيم الرياضي ودخول الصين مجال الاستحواذ والرعاية وحقوق البث التلفزيوني والرقمي وهي الموهلة لذلك ماديا وتكنولوجيا وتسعى لسد النقص الخبراتي لدى كوادرها بما ذكرنا سابقا.
فهل سنسعي كدول عربية لابقاء دورياتنا على ما هي علية ام هل سنبقى كالدوري الامريكي لكرة القدم وبعض دورياتنا العربية، نجلب لاعبين في عمر الاعتزال وهل سنلاحق العملاق الصيني قريبا في شراء حقوق بث او استجداء رعايات صينية ام يبقى الاقتصاد ضاغط على الجانب الصيني في هذا المجال.