الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران حنا: ظاهرة الارهاب خارجة عن السياق الإنساني

نشر بتاريخ: 16/01/2017 ( آخر تحديث: 16/01/2017 الساعة: 14:05 )
عمان- معا- قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، اليوم الإثنين،" إن ظاهرة الارهاب والعنف والتطرف والكراهية انما هي مظاهر وظواهر خارجة عن السياق الانساني والحضاري والاخلاقي والروحي، ووجب علينا جميعا ان نتصدى لهذه المظاهر السلبية التي تعصفب بمجتمعاتنا بمزيد من اللحمة والوحدة والاخوة والحوار والتفاهم لان الارهاب يستهدفنا جميعا ولا يستثني احدا على الاطلاق".
وأضاف المطران،" لست من المعتقدين بأن الحملات الامنية والعسكرية قادرة لوحدها على انهاء هذه الظاهرة التي تعصف بمشرقنا العربي وفي غيرها من الاماكن في عالمنا فهنالك حاجة لمواجهة ومعالجة ثقافية فكرية انسانية اخلاقية يكون فيها دور ريادي للقيادات الدينية ولدور العبادة مرورا بالمناهج التعليمية والمؤسسات التربوية والمدارس والجامعات والمؤسسات الاعلامية".
وتابع:" لم يعد كافيا اختصار ردود الفعل على الارهاب الذي يحيط بنا ببيانات شجب واستنكار نسمعها من هنا اومن هناك، بل هنالك حاجة ماسة لاطلاق مبادرات خلاقة هادفة لمعالجة هذه الافة التي هدفها الاساسي هو تدمير مجتمعاتنا ونسف قيمنا والنيل من وحدتنا واخوتنا وتدمير كل ما هو حضاري وانساني في مشرقنا العربي".
وقال المطران: ان داعش وغيرها من المنظمات الارهابية بمسمياتها واوصافها المختلفة والمتعددة انما اوجدها لنا الاستعمار لكي تكون اداة دمار وخراب وتفكيك لمجتمعاتنا والنيل من ثقافتنا وحضارتنا وهويتنا الوطنية ولكن هذه المنظمات وجدت لها حاضنة في بعض الاماكن في مشرقنا العربي بسبب الفقر والجوع والكبت والظلم والقهر وانعدام التربية الصحيحة وغيرها من العوامل الاجتماعية، ولذلك وجب ايضا معالجة هذه الظواهر الاجتماعية.
ولفت إلى أنه "قبل ايام معدودات شهدنا في اردننا العزيز سلسلة عمليات ارهابية، ادت الى استشهاد عدد من الابرياء ناهيك عن الجرحى والمصابين وترهيب وتخويف المواطنين وهذا الارهاب ذاته هو الذي عصف بالقاهرة في الكنيسة المرقسية وفي غيرها من الاماكن".
وقال:" انها المدرسة ذاتها التي تستهدف سوريا والعراق وكافة ارجاء مشرقنا العربي".
وتابع المطران:" انه ارهاب عابر للحدود تغذيه وتموله اطراف نعرفها جميعا، انها مؤامرة كونية على شعوبنا العربية وعلى مشرقنا العربي، انه مخطط مشبوه يستهدف المسيحيين والمسلمين في مشرقنا وفي منطقتنا العربية ، يستهدف هويتنا الوطنية وثقافتنا الانسانية والروحية، انه ارهاب هادف لتقسيم مجتمعاتنا، وتجزئة المجزأ وتفكيك المفكك، انه "سايسبيكو" جديد يراد منه تقسيم ما قسم سابقا".
وأوضح المطران:" لذلك فإننا في ذكرى القائد القومي الكبير جمال عبد الناصر لا بد لنا ان نقول بأنه لم يعد كافيا التغني بأمجاد الماضي فجمال عبد الناصر ترك لنا مدرسة، مدرسة الوحدة الوطنية ومدرسة الكفاح والنضال من اجل مواجهة الفقر والتضامن مع الشرائح المهمشة ومعالجة كافة المسائل الاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتنا".
وأكد المطران:" علينا ان ننظر الى واقعنا المأساوي وان نتعلم من تجربة القائد جمال عبد الناصر وان نسعى اليوم بكافة انتماءاتنا والتعددية الفكرية القائمة في مجتمعاتنا، الى ان نواجه هذه الافة التي تعصف بنا ويراد من خلالها حرق الاخضر واليابس".
وبيّن" أن هنالك حاجة لانتفاضة فكرية ثقافية تصحح من خلالها كافة الاعوجاجات والمفاهيم السلبية، هنالك حاجة لمخاطبة شبابنا والانتقال من القاعات المغلقة التي نخاطب فيها شريحة المثقفين والمفكرين الى ساحات اخرى نلتقي فيها مع الجيل الطالع، علينا ان نهتم اكثر بشريحة الشباب وبطلاب المدارس، علينا ان نكون الى جانب هذا الجيل الطالع الذي تعصف به ايديولجيات وثقافات غريبة ودخيلة تهدف الى تغريبه واقتلاعه من هويته وجذوره وانتماءه العربي النقي".
وشدّد المطران:" علينا ان نواجه آفة التكفير والتطرف والتحريض المذهبي بثقافة التسامح الديني وقبول الاخر واحترام خصوصيته الفكرية والدينية الثقافية، ان انتماءنا للامة العربية الواحدة لا يلغي خصوصية الجماعات المتعددة المكونة لهذه الامة، علينا ان نحترم التعددية الفكرية في مجتمعاتنا".
وتابع:" لا يجوز ان يظلم او ان يضطهد اي انسان بسبب انتماءه الديني او المذهبي او العقائدي، علينا ان ننتقل من مرحلة التكفير الى مرحلة التفكير والابداع والرقي وخدمة الانسانية وتكريس الثقافة الوحدوية ذلك لان البشر كافة ينتمون الى اسرة بشرية واحدة خلقها الله، ونحن في هذا المشرق العربي ننتمي الى امة عربية واحدة بكافة التعددية الفكرية والدينية وغيرها الموجودة في مجتمعاتنا".
وقال:" اتيتكم من فلسطين الارض المقدسة التي منها انطلقت الرسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها، اتيتكم من فلسطين ارض الميلاد والقداسة والنور والبركة، حاملا اليكم رسالة فلسطين وحاملا اليكم رسالة القدس عاصمة فلسطين وهي رسالة محبة واخوة وسلام وتضامن مع كل انسان مكلوم ومعذب ومتألم".
وأضاف المطران:" اعداؤنا يخططون لتقسيمنا وشرذمتنا وذلك بهدف تهميش القضية الفلسطينية وتصفيتها، اعداءنا يريدوننا ان ننسى فلسطين وان نشطب القدس من قاموسنا، يريدوننا ان نتخلى عن عروبتنا التي هي قاسم يجمعنا ويوحدنا وان نتحول الى قبائل وحمائل وعشائر ومذاهب وطوائف متناحرة فيما بينها".
وقدم المطران في كلمته بعض الاقتراحات العملية، مؤكدا على اهمية اطلاق مبادرات خلاقة وعدم الاكتفاء بالتغني بأمجاد الماضي.
وقال: علينا ان ننظر الى المستقبل وان نخطط من اجل المستقبل، معتبرا أن كافة المؤامرات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية وتدمير مشرقنا العربي مالها الفشل ولكن هذا يحتاج الى جهد والى برامج عملية واستراتيجية ويحتاج الى تخطيط.
ولفت إلى أن مقترحاته تحتاج قبل كل شيء الى الانسان العربي المخلص لعروبته النقية المتحلي بالوعي والحكمة والاستقامة والرصانة، الانسان الرافض للعنصرية والتطرف والكراهية، الانسان الذي يؤمن بالوحدة الانسانية والوطنية، كم نحن بحاجة الى اناس من هذا النوع في مجتمعاتنا العربية لكي نفشل المؤامرات والمخططات الكونية التي تعصف بنا مهددة وجودنا وثقافتنا ووحدتنا ولحمتنا.
وجاءت كلمات المطران عطا الله حنا عصر يوم امس في العاصمة الاردنية عمان، في ندوة فكرية بعنوان "لا للطائفية، لا للمذهبية، ولا للتكفير" بمشاركة نخبة من المثقفين والمفكرين والاكاديميين.
وعاد المطران مساء امس الى مدينة القدس، مختتما زيارته السريعة للعاصمة الاردنية عمان والتي شارك خلالها في اعمال هذه الندوة الهامة التي اقيمت بدعوة من المنتدى الناصري العربي الديمقراطي.