الميزان: وفاة طفل مريض وارتفاع أعداد المرضى الممنوعين من السفر
نشر بتاريخ: 22/01/2017 ( آخر تحديث: 22/01/2017 الساعة: 12:29 )
غزة- معا - استنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان وفاة طفل جراء منعه من قبل سلطات الاحتلال من السفر لتلقي العلاج، وقال إنه ينظر بقلق بالغ تجاه تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق المرضى الفلسطينيين في قطاع غزة، والمتمثلة في الإجراءات التي تتخذها تلك القوات بحقهم في معرض سعيهم للحصول على تصاريح للوصول إلى مستشفياتهم في أراضي الضفة الغربية والقدس وداخل دولة الاحتلال لتلقي العلاج، والتي تفضي في معظمها إلى إعاقة وحرمان الآلاف منهم من هذا الحق، مما يتسبب بمعاناة كبيرة لهم ولذويهم، ويؤثر ويسهم بشكل مباشر في تدهور حالاتهم الصحية، ويؤدي في العديد من الحالات إلى الوفاة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.
فبحسب رصد وتوثيق مركز الميزان لحقوق الإنسان، توفي الطفل أحمد حسن جميل شبير (17 عاماً)، من سكان حي النصر وسط مدينة غزة، عند حوالي الساعة 4:00 من فجر يوم السبت الموافق 14/1/2017، نتيجة منعه من قبل قوات الاحتلال من السفر لتلقي العلاج.
ووفقاً لإفادة والده " فقد كان طفله يعاني منذ الولادة من عيوب خلقية في القلب، حيث رافقته والدته عدة مرات عبر معبر بيت حانون، إلى مستشفيات تل هاشومير ومركز شنايدر لطب الأطفال وجمعية المقاصد الخيرية لتلقي العلاج، حتى استقرت حالته الصحية بشكل جزئي، وبعد أن قطع شوطاً كبيراً في رحلة العلاج التي بدأت منذ ولادته، منعته قوات الاحتلال من استكمال علاجه، حيث لم يتلقى رد على طلب التصريح الذي تقدمت به أسرته في بداية شهر فبراير 2016، على الرغم من علم قوات الاحتلال بخطورة حالته من خلال تقاريره الطبية، بل استدعت تلك القوات والدته لإجراء مقابلة أمنية في المعبر، ساومتها خلالها من أجل التعاون معها أمنياً مقابل السماح لطفلها بالسفر والمرور عبر المعبر، غير أنها رفضت، وبعد ساعات طويلة سمحوا لها ولطفلها بالسفر، إلا أن الأسرة تقدمت بطلب آخر للمرور بتاريخ 10/9/2016، لكنهم لم يتلقوا رد، ثم حجزوا للمرة الثانية موعداً آخر، بتاريخ 10/10/2016، ولم يتلقوا أيضاً أي رد، فتقدموا بطلب لموعد ثالث بتاريخ 3/11/2016، فجاء الرد بالرفض، واستدعت السلطات الإسرائيلية الطفل لإجراء مقابلة مع المخابرات الإسرائيلية في المعبر، حيث أجرى المقابلة، وتعرض خلالها للابتزاز والمساومة حيث خيرته قوات الاحتلال ما بين التخابر معها والسماح له بالمرور من أجل تلقي العلاج، أو رفضه للتعاون وبالتالي منعه من السفر، وعندما رفض الأمر، منعته تلك القوات من المرور، ثم تحصل على موعد رابع بتاريخ 30/1/2017، غير أنه توفي نتيجة تدهور حالته الصحية".
هذا وتشير الأرقام والبيانات المتوفرة لدى المركز، أنه ومنذ مطلع العام الماضي 2016، ازدادت أعداد المرضى الذين رفضت قوات الاحتلال طلباتهم للحصول على تصريح للمرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز) للوصول إلى مستشفياتهم لتلقي العلاج، والتي يشكل مرضى السرطان منها ما نسبته (50 – 60%)، حيث قدمت دائرة التنسيق والارتباط في وزارة الصحة الفلسطينية في العام 2015، (21.873) طلباً لقوات الاحتلال الإسرائيلي لاستصدار هذه التصاريح والحصول على الموافقات اللازمة، وتمت الموافقة على (16.988) طلباً، وبنسبة بلغت (77.66%)، بينما رفضت (1244) طلباً، والطلبات الأخرى ظلت بدون ردود وتحت الفحص. وفي عام 2016، بلغ عدد الطلبات المقدمة (26.277) طلباً، وتمت الموافقة على (16.289) طلباً، بمعدل بلغ (61%)، بينما تم رفض (1725) طلباً، والطلبات الأخرى ظلت تحت الفحص. وفي شهر ديسمبر وحده من العام المنصرم 2016، وتراجعت نسبة الطلبات الموافق عليها بشكل كبير إذ بلغت نسبتها (40%)، في حين أفاد مصدر مسؤول في دائرة التنسيق والارتباط، أن تلك القوات وسعت الفئة العمرية التي تخضع للفحص الأمني لتصبح ما بين (16-55) عاماً والتي كانت في وقت سابق ما بين (16-35) عاماً.
وفي مرات عديدة يمنع بالتحديد مرضى السرطان من استكمال العلاج ( أي بعد حضور المريض لجلستين أو ثلاث من العلاج وحين يصبح بحاجة لجلسات إضافية) مما يعيق من فعالية الأدوية والعلاجات التي حصل عليها المريض في السابق، إذ يستوجب العلاج أن يكون وفق سلسلة متواصلة وفي أوقات زمنية محددة، ونتيجة لذلك تتدهور حالة المريض.
وبحسب الميزان لا تتوقف معاناة المرضى عند حد المنع، بل هناك عدد من الإجراءات التي تتبعها تلك القوات داخل المعبر بحق المرضى المسموح لهم بالمرور من بينها إعاقة المرور، والتفتيش، والاحتجاز لساعات، والاعتقال، والعرض على جهاز المخابرات ومحاولة ابتزازهم ومساومتهم على السماح لهم بالمرور مقابل تزويدهم بمعلومات ذات طابع أمنى، ليصبح المعبر عبارة عن مصيدة تتخذها قوات الاحتلال للإيقاع بأصحاب الحاجات الملحة وعلى رأسهم المرضى، حيث سجل المركز على هذا الصعيد اعتقال قوات الاحتلال (9) مرضى، (5) مرافقي مرضى، بعد حصولهم على تصاريح للمرور عبر معبر بيت حانون، كما تشدد تلك القوات من حصارها المفروض على قطاع غزة، والذي طال مختلف القطاعات ومنها القطاع الصحي، وتحجب في الوقت نفسه العلاج عن المرضى بشكل متعمد وعشوائي يطال مختلف الفئات العمرية وحتى الأطفال لتحقيق أهداف سياسية، كما تميز بين الحالات المرضية على أساس حالات تنطوي على تهديد بالحياة، وحالات تعتبرها من الدرجة الثانية حتى وإن كانت تلك الحالات على سبيل المثال يتهددها خطر فقدان البصر أو الأطراف، في شكل من أشكال العقاب الجماعي، وفي مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واستنكر مركز الميزان بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والتي تحرم المرضى من الوصول إلى المستشفيات وتلقي حقهم في الرعاية الصحية، والتي تسببت في وفاة المريض الطفل أحمد شبير، ومحاولة إرغام المدنيين والأطفال على العمل لصالح القوات المحتلة الأمر الذي يحظره القانون الدولي.
ودان المركز حالات المنع العشوائي والارتفاع الملحوظ في أعداد الممنوعين من المرضى من السفر لتلقي العلاج من قبل قوات الاحتلال، والتي تتسبب بمعاناة وألم شديدين لسكان القطاع، وتفضي إلى استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، في انتهاك منظم وجسيم لمعايير وقواعد القانون الدولي.
وطالب المركز بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للنظر في الجريمة التي جرى ارتكابها بحق الطفل شبير والحالات الأخرى المشابهة ونشر نتائجها على الملأ.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة والمستمرة، والعمل على رفع الحصار بشكل فوري كونه يشكل جريمة حرب ويفضي إلى استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، كما طالب المجتمع الدولي التدخل الفوري والعاجل لحماية حياة المرضى، ورفع الغطاء عن قوات الاحتلال وتفعيل آليات المحاسبة والمساءلة، بما يضمن إنهاء حالة الإفلات من العقاب.
دعا الى تكثيف كافة الحملات وأشكال الضغط محلياً وإقليمياً ودولياً لفضح ممارسات قوات الاحتلال.