الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

البرغوثي: الهبة الجماهيرية انتفاضة تحت الرماد

نشر بتاريخ: 25/01/2017 ( آخر تحديث: 25/01/2017 الساعة: 16:49 )
رام الله-  معا  - وصف الدكتور مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية الحالة الفلسطينية الراهنة على أنها تمثل "انتفاضة تحت الرماد" تشتعل تارة وتركد تارة أخرى، مستعرضاً دلائل عديدة على ذلك في أوج اندلاع الهبة الجماهيرية التي نجمت بسبب حالة الرفض والاحباط العام للواقع المعاش وما أفرزه اتفاق أوسلو وما ترتب عليه من اجراءات أدت الى تفاقم الأوضاع الداخلية الفلسطينية لاحقاً.
وجاءت تصريحات البرغوثي خلال انعقاد مائدة أوراد الماراثونية بعنوان:" مراجعة قضايا الرأي العام الفلسطيني للعام 2016 ودلالاتها للمستقبل" بمشاركة أحد عشر متحدثاً استعرض كل واحد منهم قضية أو أكثر تطرقت لها استطلاعات الرأي العام التي أجراها أوراد خلال العام المنصرم.
وشدد البرغوثي على أهمية استطلاعات ودورها في توصيف الحالة السياسية والمجتمعية والاقتصادية بعلمية ودقة تفتح المجال لتفكير صناع القرار بشكل موضوعي، مطالباً بضرورة تركيز استطلاعات الرأي على دراسة أثر اتفاق أوسلو على الفلسطينيين بمختلف القضايا.
التحديات والإنجازات عام 2016
وفي افتتاحية اللقاء، قال الدكتور نادر سعيد مدير عام مركز العالم العربي للبحوث والتنمية (أوراد) " لقد تعودنا أن نجلس خلال السنوات السابقة حول هذه المائدة للتباحث في نتائج دراسات واستطلاعات أوراد ودلالاتها على السياسات والخطط والبرامج وتعودنا على النقاش بجدية في ذوي وذوات العلاقة حول اهتمامات واحتياجات الناس ووجهات نظرهم، وأصبحنا أكثر وضوحا في اسماع صوت الناس لصناع وصانعات القرار من خلال البيانات العلمية ومن خلال الصوت المسموع لممثلات وممثلي المجتمع المدني والاحزاب والنشطاء عامة".
وحول استطلاعات أوراد خلال العام الماضي، قال سعيد :" لقد كان لنا الشرف في ان نرفع الصوت الحقيقي للمجتمع في اضراب المعلمين وأن نساهم بشكل مباشر في دفع القيادة لاتخاذ قرارات حاسمة بهذا الشأن، وأن نعلن عن تأييد غالبية الفلسطينيين لمبدأ المناصفة والعدالة في تمثيل النساء والرجال في الانتخابات، وأن نعمل على ترجمة ذلك عبر نشاط الحركة النسوية وحركة إرادة، وكان لنا الشرف في أن نعلي صوت قطاع غزة وان نقول بأن الوضع غير محتمل وقد وصل السيل الزبا، وكان لنا الشرف في أن نراقب أداء الحكومة ونقول كلمة حق عند كل مفترق حول الاداء بدون مجاملة أو مواربة".
وأضاف د. سعيد:" إننا قلنا حول هذه الطاولة أكثر من مرة لا يمكن شراء الحب بالمال، فلن يجمل التمويل الاحتلال في عيون الفلسطينيين وسيبقى الاحتلال الأولوية مع أن الاستطلاعات أظهرت أن الاهتمام بأولويات الناس وحياتهم والاصغاء لهم بشكل فعلي وجوهري وشفاف المدخل لجميع الناس حول القيادة وحول الهدف الوطني المنشود".
الاحتلال والمرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن حول المستوطنات
وفي مداخلته حول الاحتلال والمرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن حول المستوطنات، أكد حلمي الأعرج مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" أن قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن يؤكد على أن القضية الفلسطينية لا زالت تحتل الصدارة وتشغل الرأي العام العالمي ككل بغض النظر عما يجري في العالم العربي.
وأوضح الأعرج أن قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن هام وهام جداً، إذ يمكننا من خوض غمار معركة جديدة شبيهة بمعركتنا من أجل نيل عضوية الأمم المتحدة عام 2012 وأن على الفلسطينيين المحاولة مجددا من أجل الحصول على عضوية كاملة هذا العام، ويجب ان يكون العام 2017 هو عام إنهاء الاحتلال الاسرائيلي.
وطالب الأعرج بضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتمين الوحدة الوطنية الفلسطينية لما فيه من أثر مهم في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي والإدارة الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب الذي قبل تسلمه للحكم أوصل رسالة شديدة اللهجة للفلسطينيين ولقرار مجلس الأمن في ادانة الاستيطان.
الهبة الجماهيرية بين العفوية والتحرك نحو المجهول
في مداخلته حول الهبة الجماهيرية، أوضح الدكتور ماجد سويلم المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة أن ما ورد في استطلاع أوراد حول عفوية الهبة الجماهيرية نتيجة مهمة ومثيرة تبين هامشية الفصائل الفلسطينية ودورها على نحو غير مسبوق في قضايا النضال الوطني.
وحذر سويلم من خطورة الواقع الحالي للفلسطينيين عند التفكير في الهبة الجماهيرية والكيفية التي صارت بها إليها الأمور كونها خرجت عن السيطرة وهذا مؤشر على تبعات الانفجار الداخلي غير المتوقع أو ربما لظهور داعشية بتصميم وشكل مختلف خارج عن المألوف، موضحاً أن نتائج الاستطلاع تؤكد على الفارق الواضح بين التعاطف والدعم للهبة الجماهيرية وهذا مهم وملفت.
التوازنات السياسية الداخلية والانقسام
وفيما يتعلق بالانقسام الفلسطيني، أكد هاني المصري المحلل السياسي ومدير مركز مسارات على أن الانقسام الفلسطيني تحول عبر الزمن من انقسام وطني يؤثر على القضية الفلسطينية ككل إلى صراع حزبي ضيق، مما دفع بالناس إلى الابتعاد عن الاهتمام بالانقسام كما يجب، وأنه يؤثر على الكل الوطني. محذرا من تنامي التعايش مع هذا الانقسام تحقيقا لما يتم الحديث عنه من فدرالية.
وشدد المصري على ضرورة إنهاء الانقسام لأنه يشكل أزمة حقيقية يجب إنهاءه وصولا لوحدة وطنية شاملة على أساس التوحد نحو انهاء الاحتلال واقامة الدولة، منتقداً ما يجري كونه ادارة لملف الانقسام وليس انهاءً له.
وأعزى المصري تراجع اهتمام الفلسطينيين بالانتماء للفصائل الفلسطينية وأهمية اشراكها في الهبة الجماهيرية الأخيرة إلى أن الناس كانت ترى في الفصائل نموذجاً للتصدي والمقاومة والوحدة الوطنية وليس كما أظهره الانقسام في الوقت الحالي أنه انقسام حزبي وسلطوي. مجددا دعوته الى ضرورة انهاء ملف الانقسام واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية عبر تحرك واسع النطاق تقوده مؤسسات المجتمع المدني وعموم القوى الوطنية الفلسطينية على أنه قضية فلسطينية عامة وليس شأنا يخص حركتي فتح وحماس فقط.
الرئيس ومستقبل الرئاسة
وفيما يخص ملف الرئاسة الفلسطينية، أكد المحلل السياسي جهاد حرب على أن استطلاعات الرأي الفلسطينية بشكل عام تبين حالة من الاحباط العامة تجاه القضايا العامة وتجاه مستقبل القضية الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني ومنصب الرئاسة في ظل حالة الانقسام وتردي الأوضاع الداخلية ومعدلات الفقر والبطالة وغيرها، مشيرا إلى أن ذلك بمجمله دفع بالفلسطينيين إلى العزوف عن متابعة الشأن السياسي والاهتمام بالأحداث اليومية وهذا مؤشر خطير لم يسبق أن مر به الفلسطينيون بشكل عام.
وأشار حرب إلى أن الحديث عن الرئاسة الفلسطينية بالمنحى العام يقصد به رئاسة السلطة ورئاسة منظمة التحرير ورئاسة حركة فتح وتظهر الأزمة في هذا الموضوع في أن الناس تفتقد إلى القدوة والطليعة نتيجة لحالة الاحباط العامة، مبيناً أن إجراء الانتخابات العامة (المحلية والتشريعية والرئاسية) هي السبيل الأمثل لإعادة الثقة بالمؤسسات القيادية على كافة الصعد وما تظهره نتائج استطلاع أوراد وغيرها من الاستطلاعات تؤكد على أن الناس ترغب في الانتخابات كمخرج لكافة المعضلات والازمات التي تمر بها القضية الفلسطينية ونظامها السياسي.
انجاز المؤتمر السابع لحركة فتح
أما بالنسبة لموضوع المؤتمر السابع لحركة فتح، اعتبر محمد شاهين المحاضر في جامعة القدس المفتوحة انعقاد المؤتمر أحد أهم الأحداث الرئيسية من وجهة نظر المواطنين كونه جدد الشرعية الفتحاوية للأطر والمؤسسات القيادية في الحركة، مبيناً أن استطلاعات أوراد قبل وأثناء وبعد انعقاد المؤتمر تظهر التحديات والانجازات التي استطاعت الحركة أن تتجاوزها وتفاديها بشكل ذكي بعيداً عن التحليلات السلبية والانتقادات الجانبية.
وبين شاهين أن المؤتمر السابع لفتح استطاع تمتين الوحدة الداخلية للحركة وتجديد البرنامج السياسي للحركة بغض النظر عن بعض المشكلات التي يتم الآن العمل على تجاوزها كتمثيل قطاع غزة وتمثيل القدس وغيرها، مؤكداً على أن أهم الأولويات انهاء ملف الانقسام ورفع وتيرة التصعيد الدبلوماسي ضد إسرائيل دولياً.
حقوق النساء والمساواة
وفيما يخص استطلاعات حقوق المرأة والعدالة المجتمعية، أكدت ريما نزال عضو الامانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية على انها تدلل على تنامي الوعي النسوي بقضاياهن واهتماماتهن على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، مشيرة إلى أن قدوم السلطة الفلسطينية عزز من قيم المساواة والعدالة وحقوق المرأة في المجتمع الفلسطيني.
وبينت نزال أنه برغم قدوم السلطة وتحقيق العديد من الانجازات لصالح تحسين مكانة وهوية المرأة الفلسطينية إلا أن فجوة واضحة تظهر لصالح الاهتمام بالمحور الاجتماعي على حساب المحور السياسي ودور المرأة الذي كان متنامياً في المنحى السياسي قبل عشرين سنة أي قبل مجيء السلطة. موضحة أن تراجع دور النساء في القضايا السياسية يظهر جلياً في جولات ولقاءات المصالحة الفلسطينية.
وجهة نظر الشباب وقضاياهم
وفيما يخص استطلاعات الشباب وقضاياهم، أكدت سحر عثمان مدير المشاريع والبرامج في منتدى شارك على أهمية استطلاعات أوراد في هذا الشأن مؤكدة على أن هذه الاستطلاعات تدق ناقوس خطر حقيقي وملموس على الأرض تتعلق بمعدلات العزوف عن المشاركة السياسية والانتخابات والعمل المجتمعي والتطوعي والديمقراطي، وهذه المؤشرات خطيرة تنعكس على الواقع الحالي والمستقبل الذي سيرسمه الشباب لاحقا.
وبينت عثمان أن معدلات التشاؤم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية صادمة وتجعل من تحول هذه الطاقات الشبابية الى قنبلة موقتة قد تنفجر في وجه الجميع اذا ما بقيت هذه الاحوال على رداءتها وخصوصا في قطاع غزة وهذا خطير في كون الشباب لا يرون قيادة حقيقة ونموذجية.
إضراب المعلمين 2016
أما بالنسبة لموضوع إضراب المعلمين، فقد أشار عمر عساف النقابي في اتحاد المعلمين إلى أن اغفال قضايا المعلمين واحتياجاتهم الأساسية يعزز من دورية إضراب المعلمين ولم يتم حتى اللحظة إنهاء كافة جوانبه، مشيرا إلى أن الملفت في هذه التجربة أن الإضراب لم تسانده وتدعمه كل الأحزاب والقوى الفلسطينية برغم مشاركة البعض منها، وهذا ما يجعل تعاطف المواطن الفلسطيني مع حقوق المعلم واضح وظاهر في استطلاعي النخب والمواطنين لأوراد، حيث أن الغالبية ترى في حقوق المعلمين مطالب عدالة ومستحقة.
وبين عساف أن ما واجهه المعلمون أثناء الاضراب من قبل السلطة ومحاولة بعض الفصائل تجير الاضراب تحت بند الاجندات السياسية والاستمرار في المماطلة في تلبية حقوق المعلمين يؤكد على أن طريقة التعامل مع هذا الملف لا تزال شائكة ولم يتم استقاء الدروس والعبر من التجارب الماضية بهدف خلق روح حوار وطني وفاعل وناضج.
قرارات عقد وتأجيل الانتخابات
اما بالنسبة لموضوع تأجيل الانتخابات المحلية، فقد أكدت آمال خريشة الناشطة النسوية ومديرة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية على أن استطلاعات أوراد عادة ما "تضرب عصفورين بحجر" وخصوصا فيما يخص متابعة تطورات الرأي العام الفلسطيني فيما يخص الانتخابات المحلية التي كان من المقرر عقدها في الثامن من تشرين أول العام الماضي، مشيرة إلى أن قرار التوجه نحو الانتخابات المحلية في الضفة وغزة كان مفاجئاً للجميع واعتبر على أنه خطوة باتجاه المصالحة الفلسطينية والتمهيد نحو اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة وغزة والخروج من عنق الزجاجة المتمثلة في أزمة النظام السياسي الراهنة.
وبينت خريشة أن دور مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب في الدعوة الى التسجيل للانتخابات والتعبئة التي حدثت من أجل انجاح الانتخابات المحلية كانت مثيرة ومهمة، ولكن عقبات عديدة حالت دون اجراء الانتخابات أهمها؛ ما قامت به اسرائيل من اعتقالات في صفوف قيادات حركة حماس في الضفة ولاحقا موضوع الانقسام عقب ذلك اثارة مسألة الطعون وقرارات المحاكم في غزة مما أدى إلى تأجيل الانتخابات أربعة أشهر.
ودعت خريشة المؤسسات المجتمعية والقوى والاحزاب الفلسطينية إلى ضرورة الزام كافة الأطراف على إجراء انتخابات متزامنة في الضفة وغزة ورفض مبدأ إجراء الانتخابات على مراحل كما يتم الحديث الآن، للحيلولة دون زيادة حدة الانقسام بين الضفة وغزة والرضا بالواقع الحالي.
الديمقراطية والنظام السياسي
وقال كايد ميعاري ممثلا عن مركز شاهد لحقوق المواطن والتنمية المجتمعية أن تعثر العملية الديمقراطية يعكس حالة التخبط التي يمر فيها النظام السياسي الفلسطيني، مشددا على أن دورية الانتخابات هو ما يكسبها قيمتها وفي غياب الدورية تشويه للعملية الديمقراطية.
وأكد ميعاري أن الانتخابات المحلية يجب ان تكون ضمن سياق رؤية للنظام السياسي تجاه تعزيز الحكم المحلي، ووضع الخطط اللازمة لذلك.