نابلس- معا- نظمت جمعية بذور للتنمية والثقافة، بالتعاون مع الكنيسة الاسقفية العربية في نابلس، اليوم السبت، ندوة بعنوان "المطران الثائر"، تناولت المسيرة النضالية لمطران القدس الراحل "هيلاريون كبوشي" الذي توفي في منفاه في روما مطلع العام الحالي.
وتحدث في الندوة، التي عقدت في قاعة كنيسة الراعي الصالح الاسقفية، كل من الارشمندريت "عبد الله جوليو" الذي عاصر المطران كبوجي ورافقه لسنوات بعد نفيه الى ايطاليا، والكاتب والداعية زهير الدبعي، وراعي الكنيسة الاسقفية الاب ابراهيم نيروز، ومدير جمعية بذور، رائد الدبعي.
وحضر الندوة المحافظ اللواء أكرم الرجوب، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير غسان الشكعة، وأمين سر حركة "فتح" جهاد رمضان، وعدد من رجال الدين المسلمين والمسيحيين والسامريين، وممثلي العديد من المؤسسات والفعاليات المختلفة.
وقال زهير الدبعي، الذي ادار الندوة: "اننا مع العيش المشترك، ومع الحياة، وضد الظلامية والظلاميين والتخلف والطائفية والقبلية والمذهبية، ومع ذاكرتنا واطفالنا واحفادنا واجيالنا القادمة؛ لذلك فموقفنا من المطران هذا المنارة الوطنية والنضالية والروحية الكبيرة، لاتزيده شيئا ولا ترفع من مكانته شيئا فمن كان مع فلسطين ومع القدس ومع المقاومة والوحدة العربية لا يحتاج الى من يضيف الى مكانته ورصيده النضالي شيئا".
واضاف الدبعي بأن المطران كبوجي كان جزءا اساسيا من ذاكرتنا ومقاومتنا وعملنا الوطني ومن محبتنا وولائنا للقدس كعاصمة لدولة فلسطين وأطهر بقعة فيها.
وأشار الى أن استضافة الكنيسة الاسقفية العربية لهذا اللقاء الهام الذي يتحدث عن مناضل بقامة المطران كبوشي، انما يؤكد على ان الكنائس والاديرة والرهبان والراهبات سيبقون مكونا اصيلا وجميلا من مكونات هذا الوطن.
وفي مداخلته، قال الاب نيروز، إنه جاء في الكتاب المقدس "على اسوارك يا اورشليم سيبقى هناك حراس لا يسكنون"، والمطران الراحل هو احد هؤلاء الحراس الذي وقفوا على اسوار المدينة المقدسة ليحميها بالايمان وبالكلمة وبالموقف.
وأضاف بأن المطران كبوجي هو ابن العروبة التي سرت في دمه فانتجت لنا مناضلا كان مستعدا للقيام باعمال عجز عن فعلها الكثيرون.
وأضاف نيروز: "كبرنا ونحن نسمع بهذا المطران المناضل، الذي نحيي اليوم ذكراه في قلوبنا وعقولنا، ونحن كمسيحيين كنا نفخر أمام ابناء شعبنا عندما نقول ان مطراننا يقدم ذاته قربانا على مذبح هذه الوطن المقدس".
وفي كلمته، قال مدير جمعية "بذور" رائد الدبعي، بأن عقد مثل هذه الندوة حول المطران الثائر بالتنسيق والتعاون مع الكنيسة الاسقفية وفي قاعة الكنيسة هو رسالة واضحة على ان الكنائس والاديرة هي مكون اساسي من مكونات هذا المجتمع.
واضاف مدير الجمعية بأن الحديث عن المطران كبوشي يقتضي الحديث كذلك عن القدس التي كان لها مكانة خاصة في عقل ووجدان وقلب المطران، كما هي في قلوب وعقول كل الاحرار في العالم.
واضاف ان انتماءنا للقدس لا يكون فقط من خلال الشعارات والعواطف وانما من خلال برنامج ملتزم وعقلاني ومن خلال خطط استراتيجية تحافظ على وجودنا في القدس وعلى ما تبقى من أرض.
وفي كلمته، قال الارشمندريت "جوليو" بان مشاركته في هذه الندوة ليس من منطلق انه رجل دين مسيحي، ولا لكونه من كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك التي ينتمي اليها المطران كبوجي، وانما من منطلق عشقه ومحبته لفلسطين.
وقال "جوليو" بانه بدأ خدماته الدينية في بيت ساحور عام 79 ثم انتقل الى الاردن، ثم الى ايطاليا وظل لمدة طويلة قريبا جدا من المطران كبوجي، ومن ثم عاد الى فلسطين منذ 6 سنوات كمسؤول عن كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك.
واضاف ان كبوجي كان بالنسبة له الاب والصديق والمرشد والمعلم والقدوة، وانه مدين له بالكثير منذ ان رافقه في ايطاليا بعد ابعاده اليها من قبل الاحتلال.
وقال "جوليو" إنه خلال لقائه الاخير مع كبوجي في ايطاليا قبل نحو 3 شهور في مقر السفارة الفلسطينية، كان هزيلا وقد قال امام الموجودين في السفارة انه حزين لان نبتته التي زرعها في فلسطين لم تثمر.
واضاف "جوليو" لكن بعد وفاته وهو الاسير المبعد ورأيت محبة الناس واحترامهم له وتقديرهم، على اختلاف المكونات والشرائح والفصائل لمسيرته ونضاله، ادركت تماما ان نبتته التي زرعها في فلسطين قد نمت واثمرت، وانه كما جمع الناس ووحدهم في حياته فقد جمعهم في مماته.
وقال الارشمنديت "جوليو" إن المطران كبوجي هو ابن مدينة حلب وكان اسمه جورج بن ابراهيم الكبوجي، موضحا ان "الكبوجي" هي اسم مهنة وهي الحارس او البواب، وقد دخل الى الدير في لبنان ثم أكمل دروسه في القدس، ثم عاد الى لبنان وسوريا ثم عاد الى القدس.
وقال ان المطران كان شاهدا على احتلال القدس عام1967، فانضم الى المقاومة سرا، وجرى اعتقاله عام 1974 وحكم عليه بالسجن مدة 12 عاما، وتم الافراج عنه بعد قضاء 4 سنوات من حكمه بعد تدخل "الفاتيكان" ووجود ضغوطات مختلفة على اسرائيل، وجرى ابعاده آنذاك الى ايطاليا.
وقال ان المطران كبوجي قد توفي وهو ينتظر ان يسمع اجراس العودة.
وفي نهاية الندوة التي تخللها عرض فيلم عن حياة المطران كبوجي، قام المشاركون باضاءة الشموع امام صورة للمطران الثائر ثبتت في قاعة الكنيسة احياء لذكراه.