أقدمهم العتبة الذي اعتقل في العام 1977: أسرى فلسطينيون يدخلون موسوعة "غينس" بشكل فرادي وجماعي
نشر بتاريخ: 23/12/2007 ( آخر تحديث: 23/12/2007 الساعة: 11:27 )
بيت لحم- معا- كشف مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين ، عبد الناصر عوني فروانة، اليوم، في تقرير شامل حول " الأسرى القدامى" ، أن هؤلاء الاسرى سجلوا أسماءهم بشكل فرادي وجماعي في موسوعة "غينس" العالمية للأرقام.
مبيناً أن الأسير سعيد العتبة المعتقل منذ أكثر من ثلاثين عاماً، قد حفر اسمه في موسوعة "غينس" للأرقام القياسية، حيث تعتبر أطول فترة في العالم، ولم يسبق لأي أسير سياسي أن أمضى مثل هذه الفترة ، فحتى نلسون مانديلا لم يمض سوى 26 عاماً، وقاتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي أمضى 28 عاماً خلف القضبان.
ويضيف فروانة أن من بين الأسرى القدامى ( 232 ) اسيراً أمضوا أكثر من خمسة عشر عاماً، بينهم ( 73 ) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً, وهؤلاء يطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح عمداء الأسرى، ولم يسبق وأن سجلت تجارب الشعوب، تجربة جماعية لأسرى سياسيين بهذا العدد وقد أمضوا بشكل جماعي أكثر من عشرين عاماً في الأسر، ولا عن مجموعة من الأسرى وصل عددهم ( 10 أسرى) أمضوا أكثر من ربع قرن في الأسر، وهذا يعني أيضاً أن هؤلاء الأسرى القدامى قد سطروا أسماءهم كتجربة جماعية في موسوعة "غينس" للأرقام القياسية، وقد يكونوا قد سجلوا أسماءهم في موسوعة "غينس" بالنسبة لمجموع أيام الإضرابات عن الطعام التي خاضوها في الأسر خلال فترة اعتقالهم.
وبذلك يكون الأسرى القدامى قد سجلوا عدة أرقام بشكل فردي وجماعي في موسوعة "غينس" للأرقام القياسية.
وأعرب فروانة عن فخره بهؤلاء الاسرى وبصمودهم "الإسطوري"، إلا أنه في الوقت ذاته عبر عن حزنه وخجله من إستمرار احتجازهم، وانتقد الفصائل مجتمعة على قصورها وعجزها عن تحريرهم، معتبراً أن لا معنى لأي عملية تبادل قادمة لا تشمل إطلاق سراحهم.
وبين أنه "إذا استمر هذا الحال فسنجد أمامنا العام القادم أكثر من أسير وقد مضى على اعتقاله أكثر من ثلاثين عاماً، وسينضم العشرات من الأسرى لقائمة من أمضوا أكثر من عشرين عاماً، وبدلاً من أن يسجلوا أرقاماً فإنهم سيضطرون رغماً عنهم لأن يسجلوا صفحات في موسوعة "غينس" العالمية.
وأوضح فروانة أن مصطلح "الأسرى القدامى" يطلق على قدامى الأسرى الفلسطينيين والعرب المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو في سبتمبر عام 1993، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في 4 آيار 1994 ، باعتبارهم قدامى الأسرى، حيث أن أقل واحد منهم مضى على اعتقاله أربعة عشر عاماً ، فيما أقدمهم مضى على اعتقاله أكثر من ثلاثين عاماً ، وهؤلاء ليسوا من منطقة جغرافية واحدة، بل من مناطق جغرافية مختلفة ومنهم من مناطق تتخطى حدود فلسطين.
وكشف مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة في تقريره أن عددهم وصل إلى ( 356 ) أسيراً، منهم ( 141 ) أسيراً من الضفة الغربية وأقدمهم وأقدم الأسرى عموماً هو سعيد وجيه العتبة ( 57 عاماً ) من نابلس، وهو أعزب ومعتقل منذ 29/7/1977، و( 139 ) أسيراً من قطاع غزة وأقدمهم الأسير سليم علي الكيال ( 56 عاماً ) من مدينة غزة، متزوج ولديه بنت ومعتقل منذ 30/5/1983 ، و ( 49 ) أسيراً من القدس وأقدمهم الأسير فؤاد قاسم الرازم ( 49 عاماً ) أعزب ومعتقل منذ 30/1/1980 و( 22 ) أسيراً من داخل اخط الاخضر, وأقدمهم وأكبرهم سناً هو الأسير سامي خالد يونس، وهو متزوج ومعتقل منذ 5/1/1983 وقد تجاوز السبعين عاماً من عمره، فيما بينهم ( 5 ) أسرى عرب وأقدمهم وعميدهم هو الأسير اللبناني / سمير سامي القنطار ( 46 عاماً ) من قرية عبية في الجنوب اللبناني، وهو أعزب ومعتقل منذ 22 نيسان 1979، بالإضافة إلى ( 4 أسرى) سوريين من هضبة الجولان المحتلة وهم بشير سليمان المقت ( 42 عاماً ) وصدقي سليمان المقت ( 40 عاماً )، وعاصم محمود والي ( 40 عاماً ) وستيان نمر والي ( 41 عاماً )، وجميعهم معتقلون منذ أغسطس1985.
وأكد فروانة أن لهؤلاء الأسرى القدامى حكايات وقصص طويلة تحتاج لمجلدات ولأشهر الكتاب والشعراء والمؤرخين لتدوينها، وهم يعانون ضعف مما يعانيه الأسرى الآخرون ، ولكل منهم قصصه وحكاياته ، فهم أفنوا زهرات شبابهم خلف القضبان ، وتعرضوا لصنوف مختلفة من التعذيب وتنقلوا للعيش من سجن لآخر ومن زنزانة إلى أخرى، وذاقوا مرارة العزل بأنواعه المختلفة ، وعاصروا أجيال وأجيال، فاستقبلوا آلاف الأسرى الجدد ، وودعوا أمثالهم ، ومنهم من أمضى من عمره في السجن أكثر مما أمضى خارجه ، وبينهم من ترك أبنائه أطفالاً ، ليلتقي بهم ويعانقهم للمرة الأولى وهم أسرى مثله خلف القضبان كالأسير فخري البرغوثى الذي اجتمع بنجليه فى سجن عسقلان ليحتضنهم لأول مرة بعد اعتقال استمر سبعة وعشرين عاماً ، والأمر نفسه بالنسبة للاسير أحمد أبو السعود الذي ترك أولاده الخمسة في السنوات الأولى من عمرهم ليلتقي هو وأحد أبناءه بعد أكثر من عشرين عاماً في السجن بدلاً من أن يلتقيا في منزل العائلة كباقي الناس.
وأضاف أن منهم من كبر أبناؤه وتزوجوا، واكتفى لأن يرسل لهم ببعض الكلمات كهدية بمناسبة زفافهم بدلاً من أن يحضر حفل الزفاف بنفسه، ومنهم من فقد والديه أو احداهما، دون أن يُسمح لهُ بأن يُلقي ولو حتى نظرة الوداع الأخير عليهما قبل الدفن ، وبعضهم محروم من زيارة الأهل منذ سنوات، والكثير منهم لم يرَ أحبة وأصدقاء له منذ لحظة اعتقاله ، بل ونسى صورهم وملامح جيرانه وحتى أقربائه ، ومنهم .. إلخ.
وعن أوضاعهم المعيشية والصحية يؤكد فروانة أنهم يعيشون كباقي الأسرى، فلا اعتبار لكبر سنهم أو لعدد السنين الطويلة التي أمضوها وآثارها السلبية عليهم من جراء ظروف السجون التى هي أصلاً لا تتناسب وأبسط الحياة البشرية وتفتقر لأدنى الحقوق الإنسانية، و إلى وسائل الرعاية الصحية، وهم يعيشون مع باقي الأسرى في ذات الظروف الإعتقالية القاسية ويتعرضون لما يتعرض له الأسرى من معاملة غير إنسانية واستفزازات يومية وقمع متواصل ومداهمة غرفهم بشكل مفاجئ ليلاً ونهاراً واجراء تفتيشات استفزازية، وفي أحيان كثيرة ولأتفه الأسباب تقدم الإدارة على عزل بعضهم في زنازين انفرادية ، كما وتجري تنقلات مستمرة لهم خشية من تأثيراتهم على الأسرى ولإحداث ارباكات وعدم استقرار داخل السجون ، مما يعني جدلياً معاناة للأهل ، حيث عليهم التنقل معهم متحملين اشكال مختلفة من العذاب والمعاناة.
وأعرب فروانة عن قلقه الشديد على أوضاعهم الصحية ، حيث أن جميعهم يعانون من أمراض مختلفة وبدرجات متفاوتة ، في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد ، مما يفاقم أمراضهم ويؤدي الى استفحالها ، ويعرض حياتهم للخطر ، ومنهم من يعاني من أمراض خطيرة تستدعي عمليات عاجلة ، ولكن نادراً ما يتم نقل أحدهم إلى ما يسمى مستشفى سجن الرملة ، في ظل نقص العلاج الضروري وعدم السماح بادخاله من الخارج وهذا مخالف لكل الإتفاقيات الدولية التي تلزم الدول الحاجزة على توفير العيادات المناسبة والعلاج والأدوية الضرورية ، وجزء منهم إلتحقوا بقافلة شهداء الحركة الأسيرة ، بعد ان ساءت وتدهورت اوضاعهم الصحية ، ورفض سلطات الإحتلال الإفراج عنهم رغم مرور سنوات طوال على اعتقالهم مثل الأسير محمد حسن ابوهدوان من القدس، والذى استشهد فى مستشفى اساف هروفيه الاسرائيلى بتاريخ 4-11-2004 ، بعد أمضى 19 عاماً في الأسر، وأيضاً الأسير يوسف دياب العرعير من غزة والذي استشهد في سجن الرملة بتاريخ 20-6-1998.
وتطرق فروانة في تقريره، إلى الموقف الإسرائيلي منهم، مؤكداً أن حكومات الإحتلال المتعاقبة لا زالت متمسكة بشروطها ومعاييرها المجحفة الظالمة ، حيث تصف هؤلاء القدامى ( بالأيادي الملطخة بالدماء ) ، وبالتالي ترفض إطلاق سراحهم ، وبالتالي تم استبعادهم من الإفراجات التي أعقبت اتفاق أوسلو والإتفاقيات الأخرى ، ومن كافة الدفعات التي أطلق سراحها خلال إنتفاضة الأقصى، ليس هذا فحسب بل عملية التبادل مع حزب الله في يناير 2004 لم تتضمن هي الأخرى أيٍ من هؤلاء الأسرى القدامى أيضاً.
وبالنسبة للإتفاقيات الموقعة ما بين الحكومة الإسرائيلية من جانب ومنظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية من جانب آخر ، فبين فروانة أن اتفاق أوسلو والإتفاقيات اللاحقة لم تتضمن نصاً واضحاً يكفل الإفراج عنهم ، سوى اتفاقية شرم الشيخ الموقعة بتاريخ 4 سبتمبر 1999 ، التي عالجت جزءاً من الخلل وتضمنت نصاً واضحاً يكفل الإفراج عن كافة الأسرى القدامى حيث ورد النص التالي : ( ان الحكومة الاسرائيلية ستفرج عن المعتقلين الفلسطينيين الذين ارتكبوا مخالفاتهم قبل 13 ايلول 1993 ، والذين اعتقلوا قبل 4 أيار 1994 ( أي قبل إعلان المبادئ وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ) ، وأوضح فروانة أن حكومة الإحتلال وبموجب ذلك أطلقت سراح المئات منهم ، فيما لا تزال تحتجز المئات منهم وترفض اطلاق سراحهم بالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على تلك الإتفاقية.
وبهذا الصدد دعا فروانة الى ضرورة تفعيل اللجنة الفلسطينية - الإسرائيلية المشتركة ونسف المعايير الإسرائيلية المجحفة التي تعتمد عليها الحكومة الإسرائيلية في تحديد قوائم الأسرى المقرر الإفراج عنهم ، والضغط من أجل إلزام اسرائيل بتنفيذ الإتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية.
الأسرى .. قضية وطنية ويجب أن تكون قضية عربية إسلامية
وعن الموقف الفلسطيني أكد الباحث المختص بقضايا الأسرى عبد الناصر فروانة أن قضية الإفراج عنهم وعن الأسرى عموماً تقف في صلب اهتمام الرئاسة والحكومة الفلسطينية وعلى سلم أولوياتهم وأصبحت المعيار الأساسي لمدى جدية " إسرائيل " فى التعاطي مع العملية السلمية، باعتبارها مقدمة أساسية لنجاح وتقدم العملية السلمية.
والشعب الفلسطيني عامة لن يقبل بعملية سلمية تُبقى أسراه القدامى في السجون ، ودون جدول زمني واضح يكفل الإفراج عن كافة الأسرى ، كما واعتبر أن نجاح أي عملية تبادل للأسرى مرهون بمدى شموليتها للأسرى القدامى.
وأعرب فروانة عن ثقته بالرئاسة والحكومة الفلسطينية بأنها لن تقدم على التوقيع على أي اتفاق لا يتضمن جدولاً زمنياً يكفل الإفراج عن كافة الأسرى وفي مقدمتم القدامى ، مستحضراً رسالة الرئيس أبو مازن للأسرى بمناسبة عيد الأضحى والتي أكد فيها أنه لن يكون هناك اتفاق سلام نهائي بدون الإفراج عن كافة الأسرى المناضلين وتبييض سجون الاحتلال و شدد سيادته على انه لن يألو جهداً من أجل تحقيق ذلك ، كما وأشاد فروانة بجهود وزير الأسرى أشرف العجرمي وزياراته المستمرة لأهالي الأسرى القدامى ، والإطلاع عن كثب على أوضاعهم ، وما تبعه من قرار للحكومة الفلسطينية برئاسة د. سلام فياض والقاضي بتكريم هؤلاء والتخفيف من معاناتهم المضاعفة ومعاناة ذويهم وصرف مبلغ ( 5 الاف دولار) لذوي كل أسير أمضى أكثر من عشرين عاماً ولا زال في الأسر.
وناشد فروانة الأمتين العربية والإسلامية بتبني قضية الأسرى عموماً والقدامى خصوصاً ، لا سيما وأن هؤلاء الأسرى ناضلوا وضحوا من أجل قضية عربية اسلامية ، ومساندتهم والدفاع عنهم والعمل على تحريرهم ، هو أيضاً واجب عربي واسلامي.
وذكر فروانة في تقريره أن من بين الأسرى القدامى ( 73 ) أسيراً مضى على اعتقاله أكثر من عشرين عاماً في الأسر ، وهؤلاء يطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح عمداء الأسرى ، وأورد في تقريره كافة أسمائهم ، وهؤلاء موزعين على مناطق جغرافية مختلفة ، فمنهم ( 32 ) أسيراً من الضفة ، و( 13 ) أسيراً من القدس ، و( 12 ) أسيراً من مناطق ال48 ، و( 11 ) أسيراً من قطاع غزة ، و( 5 ) أسرى عرب.
وبيَّن أن من بين هؤلاء ( 10 ) أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن ، وهم بالترتيب حسب الأقدمية: سعيد وجيه العتبة المعتقل منذ 29-7-1977 من نابلس، نائل صالح برغوثي المعتقل منذ 4-4-1978 من رام الله ، فخري عصفور برغوثي المعتقل منذ 23-6-1978 من رام الله ، الأسير العربي سمير قنطار المعتقل منذ 22-4-1979 من لبنان ، أكرم عبد العزيز منصور المعتقل منذ 2-8-1979 من قلقيلية، محمد ابراهيم أبو علي المعتقل منذ 21-8-1981 من الخليل ، فؤاد قاسم الرازم المعتقل منذ 30-1-1981 من القدس ، ابراهيم فضل جابر المعتقل منذ 1-8-1982 من الخليل ، حسن علي سلمة المعتقل منذ 8-8-1982 من رام الله ، عثمان علي مصلح المعتقل منذ 15-10-1982 من نابلس.
ويلاحظ أن جميعهم من الضفة الغربية باستثناء الأسير فؤاد الرازم من القدس والأسير القنطار من لبنان ، فيما سينضم لهم اسرى آخرين العام القادم من مناطق ال48 وأسير آخر من غزة هو سليم الكيال.
وفي ختام تقريره أعرب الباحث فروانة عن آمله في أن يرى جميع هؤلاء النور وينالوا حريتهم قريباً ، ليعودوا سالمين الى ذويهم وأحبتهم وشعبهم الذي اشتاق لهم وطال انتظاره لعودتهم.
وقال أن على العالم أجمع أن يدرك بأن الأمن والإستقرار في المنطقة لم ولن يتحقق يوماً إلا بالسلام القائم على العدل الذي يبدأ بإنهاء الإحتلال وإطلاق سراح كافة الأسرى وفي مقدمتهم الأسرى القدامى ضمن جدول زمني واضح وملزم.