نشر بتاريخ: 28/01/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
رام الله- معا- على بعد عدّة كيلومترات جنوب مدينة يطا، تبدأ معالم قرية التواني المحاصرة بمستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، الوصول إلى المنطقة لا يعد أمراً سهلاً قبل تعبيد مدخلها وربطها بالشارع الرئيسي من خلال برنامج الاتحاد الاوروبي لتنمية مناطق "ج"، تلك الشارع يجمعها مع المناطق المحيطة، فالطريق ترابية ووعرة وغير مؤهلة.
على مدخل القرية وُضعت بوّابة كبيرة تحمل اسم التواني، وتعلن بداية المخطط الهيكلي، حيث تبلغ مساحتها 200 دونم، ويعيش فيها 550 مواطناً، ومظلّة على جانب الطريق عند رصيف المشاة تقيهم برد الشتاء وتحميهم من حر الصيف، وتعزز صمودهم في أرضهم المهددة بالاستيطان، فنظرة الصمود ومفاهيمه تجذّرت بعد هذا التطّور في البنية التحتية.
المواطن أمجد ربعي، شاب ثلاثيني يعمل آذناً لمدرسة التواني الأساسية، يشير بيده الى مقطع آخر لطريق معبّدة ومجهّزة بطريقة عصرية في وسط القرية وصولاً الى مخرجها، ويقول أن الطريق كانت متعبة جداً، المركبات والبشر والحيوانات تسير فيها بصعوبة، ولكن بعد تعبيدها أصبحت الحركة سهلة داخل القرية، والوصول الى الجيران في القرى والتجمعات المجاورة مثل سوسيا وأم الخير والمفقرة أصبحت سهلة.
"الاحتلال قد يتراجع عن الهدم في ظل تنفيذ المشاريع"
يمتلك أمجد دونمي أرض محاذية للطريق التي تم تعبيدها بالاضافة الى تعبيد المدخل وتهيئته بتمويل من الاتحاد الأوروبي، حيث يقوم بزيارتها وجني محصولها من الزيتون وحراثتها والاعتناء بها بشكل دوري، أضاف ربعي: عندما بدأت الآليات تعمل لتأهيل الطريق، طلب مني المقاول توسيع الشارع على حساب أرضي وقطع شجرتي زيتون، وافقت على ذلك وقلت ليست مشكلة، المهم تأهيل الطريق وسأقوم بمواصلة تعمير الأرض وزراعة المزيد من الأشجار، ولكن الأهم تأهيل الطريق".
وأوضح ربعي أن بيته مهدد بالهدم، حيث أنه مجاور لمستوطنة ماعون المقامة على أراضي مواطني التواني، مشيراً إلى أن الاحتلال أخطره في الوقت التي بدأت فيه الآليات بتأهيل الشارع على الرغم أن بيته في إطار المخطط الهيكلي للقرية، "لكن الاحتلال ممكن يتراجع عن قرار الهدم في ظل تنفيذ المشاريع وإقامة بنية تحتية ثابتة وواقعية على الأرض".
إلى ذلك، قال رئيس مجلس قروي التواني صابر الهريني أن الاحتلال الإسرائيلي سبق وتراجع عن قرارات هدم منازل تلقائياً بعد ضم المنازل في المخطط الهيكلي وتنفيذ مشاريع البنية التحتية ضمن النظام والقانون.
الاسعاف يصل بسهولة !
وقال أنه بعد تعبيد مدخل القرية الشارع الذي يمر من وسطها وصولاً إلى مخرجها على القرى والتجمعات الأخرى، أصبحت التواني مرتبطة بمدينة يطا، وبدأ الاعتبار أنها جزء تم إنقاذه من سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، ونجاح في تعزيز صمود المواطنين الذي سيظهر في التعمير المرتقب للأرض وبناء مشاريع تدعمها البنية التحتية.
وأضاف: الاسعاف كان في 400 متر يحتاج ربع ساعة، وأحياناً لا يستطيع الوصول بسبب سوء الطريق خاصة في أيام الشتاء، ولكن بعد التعبيد يستطيع الوصول إلى كافة المناطق، ويحمل المرضى وينقلهم إلى المستشفيات".
بمحاذاة الشارع، مدرسة التواني الثانوية المختلطة، تقع على منعطف بعد طريق يصعده طلبة التواني مشياً على الأقدام، وتسير عليه حافلة تقل الطلبة من سوسيا والمفقرة، أما طلبة الطوبا يأتون سيراً على الأقدام ويعبرون وسط مستوطنة ماعون كل يوم برفقة جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي بالتنسيق مع الارتباط المدني الفلسطيني.
كفاح: لم نحضر الطابور اطلاقاً ولم نشارك في الاذاعة
تقول الطفلة كفاح أبو جندية (16 عاماً)، أنها تخرج من بيتها في الطوبا الساعة السابعة صباحاً، تفصلها عن التواني مستوطنة ماعون، حيث تقف كفاح مع زملائها على باب المستوطنة وتنتظر جنود الاحتلال الإسرائيلي من أجل عبور مستوطنة ماعون، والوصول إلى المدرسة، فيما تكون العودة عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً.
أضافت كفاح: أحياناً يتأخر علينا الجنود، وتضيع علينا الحصة الأولى والثانية أحياناً، ونصل إلى الصف الدراسي لا نتكلم؛ لأننا لا نعلم أين وصل المعلم في الدرس.. لم نحضر الطابور الصباحي إطلاقا ولا نشارك في الإذاعة المدرسية، لأن الجيش يأتي عند السابعة والنصف وأحياناً يتأخر".
الطالب الطفل حمزة 13 عاماً، يقول بعد الخروج من المستوطنة نبدأ في المشي بقرية التواني، وبعد تعبيد الطريق أصبح الوصول المدرسة أسهل من السابق، ففي فصل الصيف تكون الطريق ترابية، ونصل إلى المدرسة نحمل الغبار وتتسخ ثيابنا، أما في الشتاء فالطريق بمثابة وحل وسيول وأقدامنا تغور في الطين وتبتل كثيراً.
ابو الحلاوة: شتاء السنوات الماضية حملت صعوبات
كما قال مدير المدرسة محمد أبو الحلاوة، أن الأمر لا يختلف على طلبة المدرسة جميعهم والمعلمين، الطريق ضرورية للمدرسة وتأهيلها خدم كافة المرافق، بالإضافة إلى سهولة وصول حافلة طلبة سوسيا والمفقرة.
وأضاف أن شتاء السنوات الماضية حملت صعوبات كبيرة على الطلبة في ظل عدم وجود طريق معبّدة، "كان المعلمون والطلبة يغرقون في الوحل والطين، والمركبات تحفر عجلاتها في الطين وتبقى حبيسة في الطريق لحين قدوم جرار أو مركبة دفع رباعي لإنقاذها".
وتابع: أكثر من حالة سجّلت أن الطلبة يتعرضون لضرر صحي، وحالات أخرى ينزلق فيها الطالب على الأرض، ويأتي للمدرسة متعب وفي حذاءه الطين، إضافة إلى التأثير على نظافة الغرف الصفية".
وأوضح مدير المدرسة أبو الحلاوة أن التواني من المناطق المهشمة، لأنها تقع في منطقة "سي"، وأنها مناطق بالفعل تحتاج للمساعدة، وتعاني من الاستيطان الإسرائيلي، ويجب أن يوليها الجميع الاهتمام.
الشارع متنزه لأهالي التواني
موّل الاتحاد الأوروبي المشروع ليتم تنفيذه بمواصفات ومعايير عالية، حيث راعى وجود طريق واسعة، وعلى جانبيها رصيف للمشاة، وكل مسافة محطة استراحة ومظلّة للشمس والمطر، وكذلك وضع إشارات مرور على الإسفلت وجانب الطريق.
وقال المواطن أمجد ربعي أن الأهالي في القرية يحبذون المشي في الشارع بشكل يومي، ويأتون في ساعات العصر يقضون أوقات سعيدة، "أصبح الشارع متنزهاً لأدهل القرية، التجمعات المجاورة يحسدوننا عليه، ويقولون لنا هذه ليست قرية التواني، حقيقة الذي يتذكر التواني قبل 7 أو 8 سنوات لا يصدّق وجود شارع كهذا في القرية، يقولون: هذا الشارع مثل شوارع رام الله!".
وأضاف: التأثير سيكون كبير على نسبة التعمير في التواني، اعتقد أن أهالي البلد بدأ العديد منهم يفكرون في البناء في أراضي محاذية للشارع، وكانت في السابق أراضي صعب الوصول إليها عن طريق المركبات حتى الزراعية، بالإضافة إلى أن أسعار الأراضي بدأت تتحسن".
ويأمل المواطن ربعي بأن يتم الاستمرار في توسيع نطاق الشارع كجزء مهم في البنية التحتية التي تحمي الأرض وتعزز صمود المواطنين فيها، مشيراً إلى أن أبناءه وأبناء البلدة من الجيل الجديد سيعيشون حياة كريمة، أسهل من الحياة التي عاشها جيله، وأن العامل الأساسي في ذلك هو تسهيل الحياة من خلال مشاريع عصرية.
الهريني: الاحتلال يحاول حصد نجاحاتنا
رئيس المجلس القروي صابر الهريني، أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يجيّر تلك المشاريع لصالحه، من خلال قدوم بعض قيادات الاحتلال وأخذ صور أمام مدخل القرية، من أجل القول أن الاحتلال يسهّل على المواطنين بأن سمح بتعبيد الشارع، على الرغم أن ذات القيادات قامت خلال المشروع باحتجاز الآليات ومنعها من الوصول إلى التواني.
وشكر الهريني الاتحاد الأوروبي على تمويل المشروع الذي يقع في منطقة محاصرة بثلاث مستوطنات، مؤكداً على أنه مشروع حيوي ووطني بامتياز، وضمن المخطط الهيكلي للقرية، بطول 400 متر وعرض 12 متراً، كما يخدم مناطق سوسيا وتجمعات أم الخير والمفقرة.
وأضاف أن المشروع خدم كافة أهالي القرية والقرى والمجاورة، بحيث يستطيع المواطن الوصول لأرضه بسهولة، والتعمير فيها والبناء، حيث كان المواطن يخشى البناء قبل هذه البنية التحتية، ولكن وجود الشارع أعطى شعور بالاطمئنان لدى المواطن والارتياح وتعزيز الصمود على أرضه، وكأنه كفالة لصد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع: الاحتلال الإسرائيلي لم يترك المشروع يسير كما هو مخطط له، عمل على توقيف الآليات أكثر من مرة، واحتجز المعدات، على الرغم أن الشارع يقع داخل المخطط الهيكلي للقرية، إلا أن الاحتلال يعتبرها منطقة تدريب وإطلاق نار، ويريد فرض واقع يخدم أهدافه".
يخدم مشروع تعبيد طريق التواني ومدخلها كافة المواطنين، إضافة إلى أنه يعزز صمود المواطنين ويعطيهم حافزاً لمزيد من التعمير والبقاء على الأرض، كما يسهّل على طلبة المدارس والمواطنين من التجمعات الأخرى المجاورة سهولة الحركة والتنقل.