رام الله -معا - قالت وزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة، اليوم الاثنين، ان الاقتصاد الفلسطيني يعاني من انخفاض مستويات الادخار الممول الرئيسي للاستثمار بسبب انخفاض الدخول وارتفاع الميل الحدي للاستهلاك، وفي حال توفر الادخار فهي في الغالب لا تُخصص لأغراض إنتاجية واستثمارية و لا تخدم التنمية الاقتصادية.
وأضافت الوزيرة عودة خلال المشاركة في أعمال المؤتمر الخاص بواقع القطاع المصرفي والحديث حول التحديات والفرص الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع سلطة النقد الفلسطينية، في البحر الميت بالأردن، ان الاقتصاد الفلسطيني يسعى للوصول للتنمية الاقتصادية بما يتوفر لديه من موارد، وهي في الواقع لا تفي باحتياجات التنمية نظرا لما يتطلبه من مصادر تمويل كبيرة لأغراض الاستثمار.
وبينت الوزيرة ان الاقتصاد الفلسطيني يعاني من ضعف لمصادر التمويل نظرا للقيود الإسرائيلية التي عمدت إلى تدمير البنية التحتية للاقتصاد، حيث يلعب الاحتلال الإسرائيلي دورا رئيسيا في إحجام البنوك عن تمويل الاستثمار في القطاعات ذات الإنتاجية نظرا لارتفاع المخاطر المتمثلة بعدم تمكن البنك من استرداد أمواله، واتجه التمويل نحو الاستثمارات الاستهلاكية.
وأشارت الوزيرة أن نـسبة القروض والتسهيلات الائتمانية قصيرة الأجل تصل إلـى 92% مـن مجمـوع القـروض الممنوحة من البنوك، وذلك على حساب القطاعات الزراعية والصناعية التي تعتبر أساسا لتحقيق التنمية الاقتصادية، وازدادت أيضا الاستثمار في القطاعات الآمنة حيث تصل نسبة الاستثمار في البناء السكني والتجاري إلى 80% ، بينما يعتبر الاستثمار في الأنشطة الإنتاجية منخفضا للغاية.
وأكدت ان الاستثمار في السلع الرأسمالية يمثل حوالي 5% من الناتج الإجمالي المحلي، وقد أثر هذا الانخفاض على محدودية توفير فرص العمل للأعداد المتزايدة من السكان حيث يتراوح معدل البطالة في فلسطين حوالي 26% لعام 2015، بينما تصل نسبة البطالة لفئة الشباب إلى 30%.
وفي هذا السياق بينت الوزيرة تأثير ذلك على تحول في البنية الهيكلية للقطاعات من قطاعات إنتاجية إلى قطاعات غير إنتاجية، فانخفضت القدرة التنافسية، و انخفضت مساهمة الزراعة والصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 4%، 13.1 % على التوالي لعام 2014، بينما ازدادت مساهمة حصة السلع غير القابلة للتداول، والخدمات، وقطاعات البناء إلى83% من إجمالي الناتج المحلي .
وأشارت الى محدودية التمويل المصرفي الفلسطيني نظرا لغياب العملة الوطنية، وبالتالي فإن عدم قدرة سلطة النقد على التحكم بسعر الصرف، ينعكس سلبا على أداء الاقتصاد الفلسطيني ويعمل على تفاقم وتزايد قيمة العجز التجاري.
وقالت الوزيرة في ظل هذه التحديات التي تواجه متطلبات تنمية الاقتصاد الفلسطيني، فقد استطاع القطاع المصرفي تحقيق نجاحات تتمثل في مجال تعبئة الادخار، وأصبح الارتفاع المستمر سمة أساسية من سمات الودائع في الجهاز المصرفي الفلسطيني وهذا يدل على نجاح المصارف في كسب ثقة الجمهور، وحشد المدخرات، وتكوين فوائض مالية كفيلة بتسهيل انسيابية المعاملات التجارية والمالية داخل الاقتصاد.
وأضافت يساهم القطاع المصرفي في تشجيع حركة الاستثمار والنشاط الاقتصادي بشكل غير مباشر من خلال تنشيط السوق المالي, الذي يلعب دورا تكامليا في حشد المدخرات, وإعادة توجيهها نحو الاستثمار، وتوفير الموارد المالية اللازمة لتوسيع النشاط الإنتاجي للشركات.
ولفتت الوزيرة إلى دور القطاع المصرفي كركن أساسي في إدارة الاقتصاد والقيام بتمويل خطط التنمية الاقتصادية، مما يتطلب استغلال كل ما أتيح لهذا القطاع من موارد بشكل أفضل ووضع وتنفيذ سياسات مصرفية هادفة تعزز دوره في الاقتصاد، وينعكس إيجابا على الاقتصاد الفلسطيني وعجلة التنمية.
وقالت الوزيرة في كلمتها" تدرك وزارة الاقتصاد الوطني مساهمة القطاع المصرفي في تحفيز الاستثمار في رأس المال العادي (الآلات, والمعدات والنقود والأبنية والبنية التحتية والبضائع والخدمات) ورأس المال البشري وبالتالي في زيادة الإنتاج.
وأضافت تعمل وزارة الاقتصاد على تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه في اتخاذ دوره في تحريك عملية التنمية لذلك فقد تم المضي قدما في عملية الإصلاح القانوني، وبهذا الصدد فقد قامت وزارة الاقتصاد إصدار قانون التأجير التمويلي وقانون الحقوق في الأموال المنقولة في محاولة للتغلب على أهم العوائق التي تواجهها الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل 90% من مؤسسات القطاع الخاص، وهي الحصول على الائتمان في فلسطين، لتشجيع الاستثمار الخاص وتوليد فرص العمل وخاصة أمام الفئات الشابة.
وبينت الوزيرة إن تحقيق النمو الاقتصادي المستدام لن يتم إلا من خلال التحول الهيكلي للاقتصاد والتحول نحو إنتاج وتصدير المنتجات ذات القيمة المضافة والتكنولوجيا المرتفعة، ولغاية تحسين بيئة الأعمال لا بد من تحفيز البنوك على توجيه التسهيلات الائتمانية نحو القطاعات والنشاطات الاقتصادية الأكثر قدرة على الاستدامة، والتي من شأنها توسيع القاعدة الإنتاجية وزيادة التشغيل، من أجل النجاح في تحقيق الإستراتجية القطاعية الاقتصادية والتحول إلى اقتصاد مستقل ومنتج.
بالإضافة إلى تنويع الأساليب التمويلية والاستثمارية منخلال إدخال أساليب جديدة لتمويل وتقديم قروض متوسطة وطويلة الأجل بأسعار فائدة محفزة ومناسبة تعمل على خلق فرص استثمارية، و تعزيزدور البحثالعلمي، والتشجيع على قيام مؤسسات مصرفية كبيرة متخصصة في قطاع الصناعة والإسكان والزراعة وأن يتم تنميـة بنـوك التنميـة ومؤسسات التأمين، والعمل على تحديد الأولويات التنموية على ضـوء مـصادر التمويـل المتوفرة ومحاولة الضغط على البنوك العاملة في فلسطين لتوسيع دورها في الإقراض.