الأسير المحرر مجد سعيدة صورة للاهمال الطبي في سجون الاحتلال
نشر بتاريخ: 10/02/2017 ( آخر تحديث: 11/02/2017 الساعة: 09:26 )
القدس- معا - بين أوجاع المرض وقيود الاحتلال واحتياجه لعائلته قضى الفتى المقدسي مجد نادر سعيدة 17 عاماً ثلاثة أشهر من فترة اعتقاله البالغة عام ونصف، متنقلا بين المستشفيات والبوسطة والسجون... حالة تظهر وبشكل واضح قضية الإهمال الطبي للأسرى وتداعياتها النفسية والجسمانية على حياتهم وذويهم، وانتهاك سلطات الاحتلال لحقوق الأسرى المرضى وتركهم يصارعون الألم والأوجاع لفترات طويلة قد تمتد لعدة أشهر.الفتى مجد سعيدة والذي أفرج عنه قبل يومين من سجون الاحتلال عايش الألم وقاوم المرض حتى شارف على الموت المحقق بسبب إهمال إدارة سجن "مجدو"، وتركه يعاني من الأوجاع في بطنه مدة طويلة.اعتقال واعتداءوفي مقابلة معه قال الأسير المحرر مجد سعيدة :"اعتقلت نهاية شهر أيلول/ سبتمبر 2015 على ايدي وحدة المستعربين بالقرب من منزلي، هاجمني حوالي 6 منهم واعتدوا عليّ بالضرب المبرح ومنعوا أي شخص من الاقتراب مني واطلقوا الرصاص بالهواء، ثم نُقلت الى مركز شرطة "عوز" في جبل المكبر، ثم الى مركز المسكوبية، أصبت حينها برضوض وخدوش في رأسي ورقبتي ووجهي..وحتى اليوم لا تزال رضوض في الرأس بسبب تلك الضربات".
مأساة سجن "جيفعون"وأضاف :"نقلت الى سجن الشارون، ثم الى سجن "جيفعون" الذي افتتح خصيصا بعد الاعتقالات التي شهدتها مدينة القدس والذي كان من أسوأ السجون حيث كان مخصصا للأفارقة المتسللين عبر الحدود"، عرف هذا السجن افتقاره لأبسط الخدمات وسوء ظروف الاعتقال في الغرف والأقسام، حيث عانى الاطفال الاسرى من الاهمال ونقص المستلزمات الضرورية من أغطية وأدوات طعام ومياه نظيفة.وقال سعيدة :"كانت الأوضاع الاعتقالية في سجن "جيفعون" سيئة وصعبة للغاية بقيت فيه لمدة شهرين، كانت معاملة سيئة كاقتحامات اسبوعية للاقسام والغرف يتم خلالها الاعتداء علينا بالضرب اضافة الى عمليات تفتيشات".الألم والاهمال الطبيوعن بداية معاناته من الألم والاهمال الطبي قال سعيدة :"في شهر نيسان/ابريل 2016 كانت بداية المأساة..كنت اشعر بأوجاع شديدة في بطني استمرت لمدة اسبوع، عرضت خلالها على طبيب سجن مجدو، والذي كان يكتفي باعطائي "الأكمول" مسكن للألم وليس للعلاج..لكن الأوجاع كانت تزداد يوم بعد يوم وألم لا يمكن وصفه، وفي احدى المرات وبعد فحصي، طلب مني الطبيب شرب المشروب الغازي "الكوكاكولا" لمعرفة سبب الوجع، وقمت بذلك وليلتها لم أنم من شدة الوجع والتعب الذي أصابني."ويضيف سعيدة:"سمعت أصواتا في بطني، لم استطع السير أو الجلوس وكان كل جسمي يؤلمني، وقمت مع رفاقي المتواجدين بالغرف بمناداة الحارس أو الطبيب، لكن لا مجيب، وبسبب شدة الوجع واستمرار الصراخ حضر الحارس ثم الطبيب الذي أجرى لي الفحص الطبي من خلال الشباك الصغير دون فتح الباب، حيث قام فقط بقياس درجة حرارة جسمي، وطلب مني شرب الماء ".ويتابع سعيدة حديثه :"بعد حوالي ساعة تم اخذ الاذن من مدير السجن لفتح الباب، ونقلت الى غرفة اخرى مع اسرى من كبار السن، وفي اليوم التالي نقلت الى مستشفى "العفولة" بسيارة الشرطة وأنا مكبل اليدين والقدمين لمعرفة ما يجري لي واجراء الفحوصات اللازمة".وقال :"رغم ازدياد الوجع وعدم مقدرتي على الحركة انتظرت دوري لاجراء الفحوصات في المستشفى ، وحينها قرر الاطباء تحويلي لاجراء عملية جراحية، وتبين ان الزائدة الدودية انفجرت وسببت لي بتسمم، بقيت مدة 22 يوما تنظيف الجرح، كنت داخل المستشفى مقيد اليد والقدمين،واذا احتجت للذهاب لدورة المياه ابقى نصف ساعة انتظر الإذن من مدير السجن، أما إذا طلبت الاستحمام فالإذن بحاجة لأكثر من ساعة مع تواجد شرطي داخل وخارج الغرفة".واوضح سعيدة انه نقل من مستشفى العفولة الى مستشفى سجن الرملة وبقي تحت العلاج فيه لمدة شهر ونصف.وأضاف :"فقدت من وزني الكثير وأصبح 37 كيلو غراما فقط..عانيت من التعب والإرهاق، وكانت أيام قاسية وصعبة، أوجاع وعملية جراحية وأنا بعيد عن عائلتي وبحاجة لرعايتهم وقربهم مني... آثاره لا تزال حيث امنع من ممارسة الرياضة وحمل أوزان ثقيلة إضافة الى أوجاع بين الحين والآخر مكان العملية".وفي إهمال آخر قال سعيدة:"بحجة ضرورة مراجعة الطبيب في مستشفى الرملة، تم نقلي 3 مرات عبر سيارة البوسطة وأن مقيد ورغم وضع الصحي ومعاناتي من العملية الجراحية، ولكن إدارة السجن كانت تقوم بنقلي فقط الى "معبار الرملة" وابقى فيه 3 أيام دون طعام أو ملابس أو غطاء ولا اعرض على الطبيب.ولفت سعيدة انه قدم طلبا لإدارة سجن مجدو للإفراج عنه بعد قضائه ثلث مدة الحكم "شليش" لكن تم رفضه.مجد في حالة الخطر الشديد!نادر سعيدة – والد الاسير المحرر مجد- قال حول ما تعرض له نجله من اهمال طبي:" اتصل طبيب من مستشفى العفولة وطلب مني الموافقة لاجراء عملية لمجد، لم اصدق حديث الطبيب في البداية وأخبرته ان ابني في السجن، ورفضت اعطائه الموافقة على الهاتف وطلبت منه الحضور على المستشفى للتأكد من صحة كلامه الا ان الطبيب قال لي (اذا لم توافق على العملية ستأخذ ابنك جثة) كان وضعه في غاية الخطورة..فاضطررت للموافقة".وذكر سعيدة أن إنفجار الزائدة لنجله تسببت بتلوث شديد في البطن أدى الى ضعف في أنسجة جدار البطن وعضلات المعدة بسبب إنتشار الإلتهاب.واوضح والده أنه وحسب تقارير المستشفى فإن مجد دخل الى العملية بعد 40 ساعة من انفجار الزائدة الدودية، وهذا يدل بشكل قاطع على الاهمال الطبي الذي تعرض له مجد خلال وجوده داخل السجن في اليوم الثاني من الاتصال توجهت والدته وعمه للاطمئنان عليه في مستشفى العفولة وبعد انتظار لساعات وحضور مدير السجن تمكنوا من زيارته والاطمئنان عليه وسمح لهم بمرافقته لمدة ساعة، وكان لا يزال تحت تأثير البنج.وتقول والدة مجد عن ذلك :"زرته في العفولة 3 مرات (كل اسبوع مرة)، الزيارة كانت بقيود وبوجود أفراد من الشرطة داخل وخارج الغرفة يمنع الاقتراب منه..لكن كنت اطمئن عليه.. كتب لابني عمر جديد، لأنه كان في غاية التعب ووجه اصفر وشاحب ويعاني من ضعف عام". وتتابع والدته :"اتصلت في الاسبوع الرابع للحصول على موافقة لزيارته لكن تم اخباري بأنه نقل الى السجن، وبالفعل قمت بالتسجيل والذهاب الى سجن مجدو ودخلت غرف الزيارة لكن مجد لم يكن موجوداَ..وأخبرني الأسرى بأنه لم يعد بعد نقله الى المستشفى، وبعد السؤال عنه، أجابوني بأنه في العفولة وبعضهم قال أنه بالرملة، وذهبنا يومها لزيارته في الرملة، لكن لم يكن هناك."وتضيف :"نقل الى مستشفى سجن الرملة وزرته 4 مرات، ووالده تمكن من زيارته بعد شهرين من العملية الجراحية داخل مجدو".اهمال مؤسسة الصليب الأحمر!وتتساءل الوالدة عن دور المؤسسات الدولية، حيث توجهت العائلة للصليب الأحمر عدة مرات لإرسال طبيب خاص لمجد لفحصه والاطمئنان عليه، أو مساعدتها بأرسال طبيب اليه لمتابعته ومعرفة وضعه الصحي لكن لم يتجاوب مع مطالبها وقالت :"لماذا لا يتم تأمين طبيب خاص للأسرى المرضى، ولماذا لا يتم تأمين زيارة للأسير المريض أو زيارة محامي له"؟.وأوضحت أنه لم يكن هذا الاعتقال الأول لمجد، حيث اعتقل بداية عام 2015، وأفرج عنه بعد عشرين يوماً بكفالة مالية وبشرط الحبس المنزلي المفتوح، وبقي 5 أشهر متواصلة بالمنزل حرم من الخروج منه، ثم سمح له بتقديم امتحانات النهائية في مدرسته.أبو عصب : إدارة السجون تستخف بأوجاع أسرانامجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين قال أن ما حصل مع الطفل المقدسي مجد سعيدة من إهمال طبي هو دليل واضح على استخفاف أطباء السجون بأوجاع و ألام أسرانا، وهذا الإهمال كاد يودي بحياة سعيدة لولا لطف الله، ورغم من مرور عام على العملية الجراحية التي أجراها مجد إلا أنه لا زال يعاني كثيراً.وأضاف:" أن الاحتلال يتعمد التنكيل بأسرانا من خلال ممارسة الإهمال الطبي المنظم بهدف إخضاع الأسرى و تطويعهم ولإدخال الخوف إلى قلوبهم وجعلهم عبره لغيرهم من أبناء شعبنا الصامد، هناك أسرى بحاجة لعلاج وعلى سبيل المثال محمد برقان وعلاء صلاح بحاجة لزراعة عيون".وأوضح أبو عصب انه تم تسليم مؤسسة الصليب الأحمر رسالة بخصوص الوضع الصحي للفتى مجد، لكن للأسف لم يقم بواجبه تجاهه، وطالبنا إدارة الصليب متابعة أوضاع الأسرى الأطفال في مجدو.تقرير ميسة أبو غزالة