نشر بتاريخ: 14/02/2017 ( آخر تحديث: 18/02/2017 الساعة: 08:26 )
بيت لحم- معا- سافر رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، الاثنين، الى واشنطن لحضور "قمة الخوف" مع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب حسب تعبير المحلل السياسي لصحيفة "هأرتس" ومحررها "الوف بن".
وقال "بن" في مقابلته التحليلية إن نتنياهو وصل قمة الخوف من نقطة ضعف مزدوجة، الأولى تتمثل في خسارته منظومة الضغط التي كان يمتلكها في واشنطن، والثانية في تداعي ائتلافه الحكومي، ما جعل نتنياهو ولأول مرة مرتبطا بشكل مطلق وتام بنوايا "المضيّف" الحسنة، حيث يمكن لترامب أن يدعم نتنياهو ويعده بفترة من الهدوء السياسي او أن يفجر عاصفة تكدر هدوءه وتنهي سكينته وتقصر من عمر حكمه.
وأشار الى أن هذا هو السبب الذي حمل نتنياهو يوم أمس على التوضيح للوزراء مدى خطورة الخصومة مع ترامب، فقد باتت استعراضات القوة التي أطلقها نتياهو ضد الإدارة السابقة برئاسة اوباما مجرد ذكرى، مشيرا أنه تم إغلاق صندوق الحيل والتشنجات والتسريبات بشكل نهائي، وأن من الان وصاعدا سيتم اختبار نتنياهو وفقا لتصرفاته ونفاقه وتذلله للرئيس الجديد، وسيضطر الى التعود على منظومة علاقات جديدة تقوم على أساس أن أمريكا هي القوة الأعظم التي يمكنها فعل كل شيء مقابل اسرائيل "المحمية الأمريكية الصغيرة والهشة"، وقد نجح نتنياهو في الاختبار الاول حين لاذ بالصمت ردا على تجاهل البيت الأبيض للمعاناة الخاصة التي عاشها اليهود خلال المحرقة النازية.
وبين أن النصر الساحق الذي حققه الجمهوريون في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس بمجلسيه أفقد نتنياهو أداة العمل التي استخدمها خلال السنوات الست الماضية، وهي الصراع والمواجهة بين الكونغرس والبيت الابيض، الذي أدخل أمريكا بما يشبه حالة الشلل السياسي ومنح نتنياهو مظلة حماية يمينية ضد الرئيس "اليساري"، مبينا أن فوز الجمهوريين في انتخابات الكونغرس عام 2010 بشر بنهاية عصر الضغوط التي مارسها أوباما على اسرائيل بهدف إجبارها على تجميد الاستيطان وتقديم تنازلات أخرى للفلسطينيين، مضيفا أن الامريكيين منحوا نتنياهو فرصة البناء واكتفوا بالتنديد وبحديث أجوف عن عملية السلام، طالما لم تقم اسرائيل بخطوات استفزازية، مثل ضم مناطق الضفة او البناء في اماكن حساسة، فيما سمح نتنياهو لنفسه مستندا على دعم قوي من قبل الكونغرس، ان يتخاصم علنا مع الرئيس اوباما وإلقاء الخطابات ضده امام الكونغرس فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع ايران دون ان يخشى دفع الثمن السياسي في اسرائيل او على الساحة الدولية .
وأضاف" لقد انتهت فترة الدلال هذه ، صحيح ان ترامب حطم المؤسسة الجمهورية في طريقه نحو البيت الابيض، لكن الحزب الجمهوري اصطف خلفه وهذه طبيعة الاشياء، حيت يجري التعامل مع المنتصرين، لهذا اذا تخاصم ترامب مع نتنياهو فسيقف الكونغرس خلف الرئيس ولن يتم دعوة نتنياهو مرة اخرى ليلقي خطابا معاديا لسياسات الرئيس امام الكونغرس، وحتى اذا وقع الانقلاب وعاد الديمقراطيون للسيطرة على الكونغرس، فمن الصعب تصور تبنيهم لزعيم اليمين الاسرائيلي واعتماده كأداة في اللعبة ضد الرئيس، كما فعل الجمهوريون اثناء تواجدهم على مقاعد المعارضة، ونتيناهو يفهم هذه الحقيقة ويأخذ مسار الحيطة والحذر، ولمزيد من الامان توجه شريكة وداعمة " شلدن ادلسون" للبيت الابيض للإعداد لزيارته ولقائه مع ترامب، الذي بكل تأكيد يفكر حاليا بحملته الانتخابية القادمة عام 2020 وما يمكن لأموال أدلسون أن تقدمه من مساعدة في هذه الحملة، لكن من الصعب الان ملاحظة أي تأثير على لوحة إعلانات البيت الأبيض".
وتابع "بن"، إن وضع نتنياهو الداخلي لا يبشر بالخير رغم أن التحقيقات الجارية ضده لا زالت بعيدة عن تقديم لائحة اتهام هذا في حال أسفرت عن نتيجة كهذه من الأصل لكنها بكل تأكيد أوجدت شرخا في صورته العامة فيما يجلس غالبية وزراء حزب الليكود على الجدار يحافظون على مسافة بينهم وبين رئيس حزبهم دون أن يقدموا لهم الدعم والغطاء منتظرين او آملين أن يختفي ويخلي الطريق أمام تنافس جديد على الزعامة.
وأوضح أن "نفتالي بينت" يطهر كزعيم وقائد ايديولوجي للحكومة ويبحث عن أي فرصة وطريقة لمضايقة نتنياهو وإرباكه فمرة من خلال تقرير مراقب الدولة المتعلق بالحرب الاخيرة على غزة "الجرف الصامد"، وأخرى من خلال تصريحاته "المهينة" عن "سجائر" رئيس الوزراء، وثالثة من خلال تمرير قانون مصادرة أراضي الفلسطينيين الخاصة رغم معارضة نتنياهو وضد إرادته، لكن "بينت" نفسه داخل المصيدة فهو يستطيع أن يهدد يوميا بحل الحكومة واسقاطها لكن من المحظور عليه أن يسقط حكم اليمين بسبب لعبة "الكرامة" والعاب استعراض القوة التي يمارسها مع نتنياهو فإذا فعل ذلك وهرب من الائتلاف الحاكم دون سبب ايديولوجي وجيه فلن يغفر له الناخبين اليمنيين ذلك.
وأكد" أن نتنياهو يقمت بينت يشمئز منه، لكنه وحتى يتمكن من النجاة بحكومته يلتزم بقواعد اللعبة ويلعب ضمن حدود الملعب المتاح الذي يسمح له بتعامل وفقا لقاعدة الشريك الخصم، فمن اعلانه الاسبوع الماضي عن بناء آلاف الوحدات السكنية رغم الشكوك التي تتعلق بإمكانية تنفيذها الى دعمه لقانون مصادرة أراضي الفلسطينيين على أمل أن تتولى المحكمة العليا امر رفضه، ويعلن نتنياهو بصوت ضعيف ومتهدج عن تمسكه بمبدأ حل الدولتين لكن ضمن قيود مشددة حيث عادت للحياة الفكرة القديمة القائلة دولة للفلسطينيين وذلك قبيل الاجتماع مع ترامب وفوق كل هذا أوضح نتنياهو يوم امس للوزراء بأنه صاحب القرار النهائي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمن وإدارة العلاقات مع الولايات المتحدة ما اضطر بينت امام هذا التصميم على مص شفتيه والاكتفاء بالكلام الفارغ الذي سجله في بروتوكولات الجلسة خاصة أقواله المتعلقة بفرصة التنصل من حل الدولتين".
دون استفزازات:
يتساوق الرئيس ترامب حاليا مع نتنياهو، فتصريحاته التي اطلقها منذ انتخابه حتى الان وتململه حول وعود اطلقها خلال حملته الانتخابية مثل نقل السفارة الامريكية الى القدس، تخدم الخط المحافظ لنتنياهو الذي يفضل الحفاظ على الوضع القائم في المناطق الفلسطينية والإقليم بدلا من القيام بتغيرات دراماتيكية.
ليس من المؤكد أن نتنياهو يريد فعلا نقل السفارة الامريكية الى القدس ليس فقط من باب الخشية من اندلاع انتفاضة فلسطينية بل لانه لا يرغب في رؤية التعويض الدراماتيكية الذي قد تقدمه الولايات المتحدة للعرب مثل تجميد الاستيطان وتحسين مكان فلسطين الدبلوماسية وعقد مؤتمر للسلام على اساس المبادرة العربية ما من شأنه في حال حصل أن يفكك الائتلاف الحكومي، وينهي حكم نتنياهو وفي نفس الوقت لا يوجد لنتنياهو مصلحة حقيقة في البناء في المستوطنات او الاعلان عن تطبيق القانون الاسرائيلي على اجزاء من الضفة الغربية لان "بينت" هو من سيستفيد سياسيا من مثل هذه الخطوات التي سيضيفها الى رصيده السياسي، وليس هو لذلك يبدو أن الرسائل التي اطلقها ترامب ونتنياهو حول الاجتماع المنتظر قد جرى فعلا تنسيقها مسبقا فقد صرح ترامب أنه يدعم السلام الاسرائيلي الفلسطيني دون أن يخوض بالتفاصيل باستثناء قراره تعيين صهره "جارد كوشنر" موفدا خاصا للمنطقة فيما اعلن نتيناهو انه يدعم اقامة دولة فلسطينية بشروط سبق للفلسطينيين أن رفضوها ولا زالوا يرفضونها.
ستعارض ادارة ترامب توسيع المستوطنات وستدافع عن نتنياهو في وجه ضغوط نفتالي بينت فيما سيكون النقاش المتعلق بنقل السفارة للقدس عميقا وجوهريا ولن ينتهي في الفترة القريبة وإسرائيل ستحذر من القيام بأية استفزازات فيما سيمتنع البيت الابيض عن اطلاق الادانات والاستنكارات.
وسيلجأ الطرفان في بعض الحالات الى استخدام "الشرطي السيء" لكل منهما لإظهار وجود خلافات في الرأي والموقف وفي هذه الحالة سيلعب "بينت" دور الشرطي السيء من طرف نتنياهو فيما سيتولى المهمة في الجانب الامريكي وزير الخارجية "ريكس تيلرسون ووزير الدفاع" جيم ماتيوس.
سيسير نتنياهو هذا الاسبوع على اطرف اصابعه وذا لم يدوس على لغم غير متوقع سينهي زيارته الى واشنطن بنجاح، لكن وكما قال وزير الجيش الاسرائيلي ليبرمان هذه مجرد محادثة استكشافية وان المحادثات الجدية بين نتنياهو والرئيس الامريكي الجديد وإدارته ستبدأ حين تنتهي الادارة الامريكية من بلورة خطتها للنظام الجديد في الشرق الاوسط بمشاركة الروس حينها فقد سيجد نتنياهو نفسه في اختبار يختبر قدراته الدبلوماسية والسياسية بشكل حقيقي.