غزة – تقرير معا – أيمن أبو شنب - ثلاثة عقود مرت دون أن تجري حركة "حماس" على ميثاقها الأول أي تعديلات لكن مياه كثيرة جرت في النهر على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي جعلت الحركة تقدم وثيقة سياسية جديدة خلال الأسابيع المقبلة.
"معا" حاولت البحث فيما ستطرحه حركة حماس في الوثيقة السياسية الجديدة التي أعلن عنها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة قبل أيام.
وأكدت مصادر في الحركة أن الوثيقة السياسية الجديدة التي سترى النور قريبا ستكون نابعة من جميع الهيئات ذات العلاقة في الحركة سواء بالداخل والخارج، مرجحة أن يكشف عنها بعد تشكيل المكتب السياسي الجديد.
بدوره قال الدكتور يوسف رزقة المستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية إن الوثيقة تمثل حالة من حالات التطور الطبيعي التي تمر بها الحركة ".
وأضاف رزقة في حديث لمراسل "معا" من المعلوم أن ميثاق حماس كتب في العام 1988 تقريبا وهي فترة بعيدة جدا عن العام الحالي اذ حدثت تطورات مختلفة سواء داخل الحركة أو خارجها وعلى الصعيد الاقليمي والدولي وكان لابد من تجديد الدماء في الوثائق الفلسطينية".
وتابع :"هذه الوثيقة ستوضح طبيعة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي كما تراه حركة حماس، كما ستؤكد أنها حركة تحرر وطني فلسطيني تعمل داخل الاراضي الفلسطينية وليست لها ارتباطات خارجية من حيث البعد التنظيمي".
وأضاف ان الحركة ومن خلال الوثيقة ستحدد علاقاتها مع الدول العربية والإقليمية لأنها بحاجة أن يكون الاقليم متفهم لوضعها في تبنيها مشروع المقاومة.
وشدد رزقة على عدم وجود ارتباط تنظيمي بين حركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين، قائلا:" إن ارتباط الحركة بالإخوان هو فكري ووجداني أكثر منه تنظيمي - بمعنى ليس على سلطة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي سلطة أخرى توجهه أو تأمره ".
من جهته يرى الدكتور مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر بغزة أن الوثيقة السياسية التي ستصدرها حركة حماس قريبا بمثابة مراجعة لميثاق الحركة الذي صدر في العام 1988.
وقال أبو سعدة في حديث لمراسل "معا" إن الوضع السياسي الفلسطيني والاقليمي والدولي يتطلب من حماس مراجعة مواقفها السياسية السابقة وما صدر بالميثاق خاصة في ظل الأزمة التي تعيشها مع مصر".
وأضاف "يبدو كشرط من أجل تحسين العلاقة بين حماس ومصر لابد من صدور مثل هذه الوثيقة التي ستؤكد أن حماس حركة تحرر وطني فلسطيني مهمتها الأساسية مواجهة الاحتلال، متوقعا أن تتضمن الوثيقة فك الارتباط بجماعة الاخوان المسلمين من ناحية ايدولوجية وإدارية".
ويعتقد أبو سعدة أن ميثاق حركة حماس القديم تحدث عن عدائها لليهود بشكل عام مما أثار سخط اليهود والعالم على الحركة الذين اعتبروها حركة غير سامية، مرجحا أن الوثيقة الجديدة توضح أن العداء هو مع الاحتلال الاسرائيلي فقط وليس مع اليهود بشكل عام.
وأضاف "في حال حسمت حماس أن العداء مع الاحتلال وليس مع اليهود قد يؤدي إلى إعادة النظر في وضع الحركة على قائمة المنظمات الإرهابية وسيكون له دلالات إيجابية على علاقات الحركة مع الاقليم وبعض دول العالم".
وتوقع أن ينظر للوثيقة الجديدة بشكل ايجابي على الصعيد المصري في حال تضمنت فك الارتباط الأيدولوجي أو اداري بين الحركة والاخوان المسلمين.
من ناحيته ، قال ابراهيم المدهون الكاتب والمحلل السياسي: "إن كل ما يثار عن الوثيقة تكهنات ولا يوجد مصدر رسمي يكشف عنها".
وأضاف المدهون لمراسل "معا" أن حماس وصلت إلى مرحلة قادرة على صياغة معادلات سياسية تحافظ فيها على ثوابتها وفي الوقت نفسة تتعامل مع المتغيرات والتعقيدات السياسية المستجدة".
ويعتقد المدهون أن الوثيقة الجديدة لن تمس بالخطوط الحمراء مثل الاعتراف بإسرائيل والقبول بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير ونبذ العمل المسلح والاعتراف بحدود 1967.
وقال :"ربما يكون هناك إشارات سياسية جديدة كالقبول بحكومة ودولة فلسطينية بشرط عدم الاعتراف بإسرائيل أو التنازل عن جزء من فلسطين".
وبالعودة للميثاق فان حركة حماس هي حركة إسلامية وطنية تنادي بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وجذورها إسلامية حيث يرتبط مؤسسوها فكرياً بجماعة الإخوان المسلمين، وتهدف الحركة إلى استرداد أرض فلسطين التي تعتبرها الوطن التاريخي القومي للفلسطينيين بعاصمته القدس.
وأعلن عن تأسيسها الشهيد أحمد ياسين بعد حادث الشاحنة الاسرائيلية في 6/12/1987م، حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة جماعة الإخوان المسلمين العاملين في الساحة الفلسطينية وهم أحمد ياسين وإبراهيم اليازوري، محمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، عبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، عبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، عيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، صلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة.
وأصدرت حماس بيانها الأول في 14/12/1987 إبان الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في 9/12/1987، وأعلنت الحركة في هذا البيان انطلاقتها كحركة مقاومة إسلامية تعمل على تحرير فلسطين، ثم صدر ميثاق الحركة في آب/ أغسطس 1988، لكن وجود التيار الإسلامي في فلسطين له مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر حماس نفسها امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928، وقبل إعلان الحركة عن نفسها عام 1987 كانت تعمل على الساحة الفلسطينية تحت اسم "المرابطون على أرض الإسراء".
فالحركة لا تؤمن بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة بحدود عام 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.
وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي "صراع وجود وليس صراع حدود"، وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي.
وتعتقد الحركة بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.
وتعتقد حماس أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التي انطلقت رسمياً في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقّع عام 1993 ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطاً بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية.
وتعتبر حماس أن إسرائيل هي الملزمة أولاً بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة، وتنشط حماس في التوعية الدينية والسياسية وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية، وتتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج.