نشر بتاريخ: 20/02/2017 ( آخر تحديث: 21/02/2017 الساعة: 14:06 )
رام الله- معا- عقد ائتلاف أمان بالشراكة مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، جلسة نقاش مع الاطراف ذات العلاقة والاختصاص، لتسليط الضوء على
قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر بتاريخ 23/1/2017 حول تفسير النص القانوني بشأن الجمع بين الراتب والحقوق التقاعدية للعاملين في القطاع العام،واعتبرت امام "أمان" انه لا يمكن لأي سلطة ان تكون رشيدة في غياب مجلس تشريعي يراقب على اعمالها، حيث أشار الدكتور عزمي الشعيبي رئيس الائتلاف، الى انه لا يمكن بناء نظام ديمقراطي دون فصل واضح بين السلطات الثلاث، مضيفا ان من اجتهد في اعداد القانون الاساسي الفلسطيني كان يشرع لبناء دولة بنظام نيابي برلماني وديمقراطي، وعليه فصل القانون الأساسي الفلسطيني بين السلطات. موضحا انه ولحل أي إشكاليات بين السلطات الثلاث يتم انشاء محاكم دستورية (في التجارب المقارنة)، على أن يتمتع قضاة المحكمة الدستورية بخبرة ومعرفة واسعتين جدا، تفوق مستوى المحكمة العليا التي كانت تقوم بمهام المحكمة الدستورية قبل انشائها.
وهنا، وبعد انشاء المحكمة، لا بد من النظر الى خلفية انشائها حيث ان المحكمة الدستورية نشأت في ظل الانقسام ، "والقضاء الذي تمت السيطرة عليه وانتهكت استقلاليته بشكل أعاق قدرتنا على الدفاع عنه".
تخبط وفوضى في إدارة ملف التقاعد العام
وأشار الشعيبي الى أنه ومنذ نشوء السلطة وهناك إشكاليات تتعلق بالتقاعد، نظرا لوجود نظامين الأول في غزة والثاني في الضفة، حيث استمرت هذه الحالة الى حين صدور قانون خاص فلسطيني. وفي السنوات السابقة، تم اتخاذ قرارات ذات طابع اداري ومالي ارتجالية كما حصل مع تقاعد العسكريين المبكر، إضافة الى استدانة الحكومة من أموال هيئة التقاعد وعدم الالتزام بتحويل مستحقات الهيئة لديها، كما قامت الحكومة بتحويل جزء من أبناء التنظيمات الى التقاعد وغيرها من الحالات التي خلقت حالة فوضى بين الهيئة والخزينة العامة، مشيرا الى حالة تخبط الأرقام الصادرة عن المسؤولين والتي تشير الى المديونية الهائلة على الحكومة لصالح الهيئة.
وفيما يخص قرار المحكمة الدستورية بشأن الراتب التقاعدي لرئيس ديوان الرقابة، أوضح الشعيبي ان القرار ساوى بين كل الحالات مع ان هناك أكثر من تصنيف، مشيرا الى أن المحكمة الدستورية ذاتها أرسلت مسودة قانون تطلب فيه أخذ حقوق تقاعدية اكبر من باقي القضاة، ما يعتبر اخلالا بمبدأ المساواة بين القضاة. واكد أيضا على أهمية الانتباه الى عدم استخدام هذا القرار لتصفية حسابات شخصية، ذاكرا ان الحكومة طلبت تفسيرا لموضوع محدد والمحكمة ذهبت الى ابعد من مجرد التفسير، حين قضت بعدم قانونية بعض النقاط التي تضمنها قرار تعيين رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية، مشيرا الى أن قرار المحكمة بعدم دستورية قرار الرئيس ومصادقته على تعيين رئيس ديوان الرقابة الإدارية والمالية يفتح المجال لالغاء سلطة الرئيس في تعيين رئيس الديوان وتحديد راتبه.
الهيئة المستقلة لحقوق الانسان لا تتفق مع الطريقة التي تناولت بها المحكمة الدستورية القضية
موقف الهيئة المستقلة لحقوق الانسان قدمه الباحث عمار جاموس، مشيرا إن الهيئة راجعت قرار المحكمة من ناحية حقوق الانسان وحق المساواة ومبدأ عدم التمييز وحسن سير النظام المالي والحكم الرشيد. وأوضح الباحث موقف الهيئة من القرار، وان الهيئة تتفق مع ما انتهت إليه المحكمة الدستورية من عدم جواز الجمع بين الراتب الشهري للوزير أو لرئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية، والراتب التقاعدي الذي يتلقاه من هيئة التقاعد العام، داعيا إلى تنفيذه على الكافة، انطلاقاً من مبدأ المساواة وعدم التمييز أمام القانون، وانطلاقاً من مبادئ الحكم الرشيد، وحسن النظام المالي، إلا أن الهيئة لا تتفق مع الطريقة التي تناولت بها المحكمة القضية وتسبيبها لقرارها، والتي لا تقود إلى النتيجة التي خلصت إليها، أي أن هناك فساد في الاستدلال، وهو أحد العيوب التي قد توصم بها القرارات والأحكام القضائية.
وأشار أبو جاموس الى ان الهيئة تعتقد ان النظر والبت في طلب التفسير محل الورقة يرجع إلى القضاء الإداري ممثلاً بمحكمة العدل العليا، وليس إلى القضاء الدستوري ممثلاً بالمحكمة الدستورية، فكان بالإمكان تقديم طعن من أصحاب المصلحة وهم الأشخاص الذين يتساوون مع رئيس الديوان في المركز القانوني، ولا يتقاضون راتباً تقاعدياً إضافة إلى راتبهم الشهري، وكان من الممكن أن تقضي في النتيجة إلى عدم قانونية القرار رقم (61) لسنة 2010، بالاستناد إلى المادة (22) من قانون التقاعد الأردني لسنة 1959 وتعديلاته، والمادة (09) من القانون الأساسي المعدل وتعديلاته، ومن الممكن تعزيز حكمها بالقول ان راتب هيئة التقاعد مصدره الخزينة العامة، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من آثار.
هيئة التقاعد مستقلة ماليا واداريا واموالها ليست جزءا من الخزينة العامة
من جانبه أكد بدر عمارنة ممثل هيئة التقاعد أنها هيئة مستقلة ماليا واداريا، واموالها مستقلة عن الخزينة العامة، مؤكدا على وجود حالة فوضى في العلاقات فيما يخص قانون التقاعد، مضيفا ان قانون التقاعد لم ينه حالة التداخل مع القوانين التي كانت سارية سابقا، وانه من المتوقع وبحلول العام 2021 ان تنتهي حالة التداخل هذه في القوانين التقاعدية. اما بخصوص الأمور المالية من مديونية الحكومة لصالح الصندوق، فشدد على اهمية ان توضع آلية تساهم في حلها. وفيما يخص قرار المحكمة، فقد أشار عمارنة الى ان المحكمة تجاوزت القرار التفسيري ودخلت على غير اختصاصها باتخاذها لهذا القرار، معلقا انه كان يتمنى على المحكمة الدستورية ان ترد القرار شكلاً. وفي ختام حديثة وعند سؤاله عن عدد من سينطبق عليهم قرار المحكمة، افاد عمارنة ان قرارات المحكمة قرارات كاشفة وبالتالي الأثر الرجعي سينفذ 100%، وقد بدأت الهيئة فعليا التطبيق باثر رجعي موضحاً انهم قد بدؤوا بمراجعة سبعة أسماء حتى الان والباقي جاري مراجعة ملفاتهم.
ديوان الرقابة، ملتزمون بتطبيق القرار رغم ملاحظاتنا على الحكم الصادر
المستشار القانوني لديوان الرقابة المالية والإدارية جفال جفال، أكد ان التعليق على الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية بشأن رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية لا يعني عدم قبول القرار. وأكد انه وبالرغم من الحكم الصادر وتأثيره في استقلال الديوان كمؤسسة دستورية وجهاز اعلى للرقابة، ويعامل رئيس الديوان منزلة الموظف في قانون الخدمة المدنية، خلافا لقواعد الحصانة والمساءلة الواردة في قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية؛ فان الديوان ملتزم بقبول قرار المحكمة.
وأضاف جفال انه لم يتقدم الديوان بطلب التفسير ولا يعتبر جهة مخاطبة بشكل مباشر بنتائج القرار للتنفيذ، حيث تقع مسؤولية تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة على هيئة التقاعد العام ووزارة المالية وبما يتوافق والقرار الصادر بشأن جميع المخاطبين بأحكامه (الحاليين والسابقين) من الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي والمحافظين ومن هم بدرجة وزير ورؤساء المؤسسات الدستورية والمؤسسات العامة ورئيس الديوان، موضحاً أن النصوص القانونية لا تقرأ بأسماء عند وضعها بل بصفات وظيفية. وأشار أيضا الى ان المحكمة اقرت لنفسها احكاما خاصة للرواتب والتقاعد عبر مشروع القانون الخاص بالمحكمة الدستورية المرسل من قبلها لمجلس الوزراء وهو ما يخالف بالمجمل مبادئ العدالة والمساواة التي أوردتها في حكمها، متسائلا في ذات الوقت فيما اذا كان قرار المحكمة هو الغاء لقرار الرئيس الخاص براتب وحقوق رئيس الديوان ام لسلطة الرئيس بالمصادقة على مثل هذه القرارات.
من جانبه ماجد حسين من ديوان الرقابة المالية والإدارية، قال ان المحكمة في حكمها لم تنظر في مفهوم أن الراتب التقاعدي على أنه استقطاعات يدفعها الموظف طيلة فترة عمله بالوظيفة العامة، وبالتالي، هو حق مالي مكتسب للموظف، وأن القول برجعية أو عدم رجعية القرار الصادر عن المحكمة يعتمد على أساس تكييفه باعتباره حكم محكمة دستورية أم طلب تفسيري، وأن القارئ لقرار المحكمة يصعب عليه تحديد طبيعة هذا القرار القانونية من حيث هل هو حكم يسري بأثر فوري ام قرار بطلب تفسيري يسري من تاريخ النص الذي جاء لتفسيره.
كان على المحكمة الدستورية رد الدعوة شكلا
من ناحيته أشار القاضي أسامة الكيلاني من نادي القضاة انه وبالنسبة للمحكمة الدستورية "فإننا سنبقى في جدل بسبب تشكيلتها وتجاوزها لكثير من اختصاصاته" حيث تخرج المحكمة من إطار التفسير الى إعطاء احكام، موضحا أن القرار الجاري نقاشه ليس من اختصاص المحكمة وكان عليها رد الدعوة شكلا، وان كنت اتفق معها من حيث النتيجة التي توصلت اليها، مؤكدا ان ذلك يخرجها عن حياديتها في المواضيع التي تنظر فيها.
مؤسسات المجتمع المدني قلقة من تدهور الأوضاع نتيجة لقرارات المحكمة الدستورية
من ناحيته أشار الباحث والقانوني ماجد العاروري الى وجود قلق كبير من قرارات المحكمة، حيث يظهر بعد كل قرار خلاف كبير، مؤكدا ان كل القرارات المتخذة تزيد التعقيدات وفي حال عُدل قانون المحكمة الدستورية وفق ما هو مقترح، فأنها ستمنح صلاحيات خطرة جدا تتغول من خلالها المحكمة الدستورية على باقي المحاكم. وأضاف انه يخشى ان تعديل القانون الخاص بالمحكمة الدستورية سيكون تمهيدا لموضوع تعديل القانون الأساسي الفلسطيني وتحديدا فيما يخص تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا للدولة، بدلا من رئيس المجلس التشريعي خلفاً للرئيس في حال وفاته او غيابه، وفقا لما أشار اليه القانون الأساسي.
وزارة العدل قرارات محكمة العدل ملزمة للجميع حتى لو اخطأت بقراراتها
ممثل وزارة العدل الدكتور توفيق حرز الله، افأد "اننا امام واقع تشكلت فيه المحكمة وباشرت عملها، وان المحكمة ممكن ان تخطئ في قراراتها وتتوسع في طلبات التفسير، ولكن قراراتها ملزمة للجميع وهو قرار لا يمكن الطعن فيه. مضيفا ان المحكمة يحق لها الغاء القوانين والقرارات المتعارضة مع الدستور، وهذا ما قامت به .
أعضاء المجلس التشريعي يبدون تخوفهم من تغول المحكمة الدستورية في دورها على الحياة الديمقراطية والدستورية
أشار النائب في المجلس التشريعي قيس أبو ليلي، الى وجود إشكالية كبرى في موضوع المحكمة الدستورية، ليس له علاقة فقط بانسجام تشكيلها مع تنظيمها، ولكن كون كل حكم من احكام المحكمة يثير جدلا واسعا ومحتدما وخلافا عميقا في صفوف المجتمع وحتى السلطة نفسها، مما يضع علامة استفهام على عمل المحكمة نفسها. وأشار أبو ليلى الى أن هناك منطقا يحكم تنفيذ القانون وهناك تناقضا واضحا يجعل من الصعب التصديق ان هكذا احكام تصدر من جهة واحدة، و"من الواضح ان الاحكام تؤخذ ثم يوضع لها مبررات، لذلك فالموضوع سياسي اكثر منه قضائ"ي، مشيرا الى ان غياب المجلس التشريعي ضاعف المشكلة، ولكن هناك خطورة من استمرار هذا الوضع الذي قد يؤدي لمزيد من الانقسامات. وقد اتفق معه النائب ايمن ضراغمة بان هناك خطورة حقيقية في العلاقة بين السلطات الثلاث، وفي البيئة التي شكلت فيها المحكمة الدستورية.
من ناحيتها اكدت النائب عن كتلة فتح نجاة الاسطل، ان المحكمة تجاوزت اختصاصها وتدخلت في قضايا تتعلق بأشخاص، وتابعت قرارات كان بالإمكان نقاشها في مجلس الوزراء او محكمة العدل العليا او المجلس التشريعي.