نشر بتاريخ: 27/02/2017 ( آخر تحديث: 01/03/2017 الساعة: 13:32 )
بيت لحم- معا - هاجمت طائرات حربية اسرائيلية وصلت عبر الاجواء اللبنانية الاربعاء الماضي قافلة محمّلة بالأسلحة والوسائل القتالية تشق طريقها من داخل الاراضي السورية الى قواعد حزب الله في لبنان دون ان ترد تقارير عن اصابات في الارواح.
وتناول الاعلام الاسرائيلي الغارة عبر اخباره العاجلة فيما ابدت وسائل الاعلام العربية عدم اكتراث خاصة وانها المرة السادسة التي تتحدث فيها وسائل الاعلام العربية منذ ديسمبر الماضي عن غارات اسرائيلية ضربت اهدافا في سوريا.
وتحدثت تقارير اخرى وتحديا قبل ثلاثة ايام من الهجوم على سوريا عن غارة اسرائيلية استهدفت نشطاء لتنظيم داعش داخل سيناء المصرية ما ادى لمقتل خمسة منهم كانوا على متن سيارة بالقرب من رفح المصرية.
حاولت مجموعة اخرى من داعش الرد على الغارة عبر اطلاق صواريخ باتجاهها، وكان اطلاقا غير مجدٍ لكنه لم يكن لدرجة تجعل الخلية تخجل من عرضه عبر فيلم مصور اظهر نصب صواريخ من 107 ملم فوق اكياس من الرمل كاشفا مستوى تدريب متدنٍ لأفراد هذه الخلية وفقا لتعبير المحلل العسكري للقناة العاشرة "الون بن دافيد" صاحب هذا التقرير المنشور يوم الاثنين على موقع "NRG" الالكتروني.
وكانت هذه المرة السادسة منذ ديسمبر التي تعمل فيها الطائرات الاسرائيلية داخل سيناء المصرية وفقا لادعاءات داعش.
هذا هو الشرق الاوسط الجديد الذي تعمل فيه اسرائيل التي لا تدخر فرصة لتحقيق مصالحها دون ان تستغلها سواء كان ذلك في سوريا المعادية او مصر بعد موافقة ومصادقة نظامها الحاكم وفقا لتقارير اجنبية متعددة لاستند اليها صاحب التقرير.
ان تفكُك دول المنطقة يعمل لصالح اسرائيل وخدمة مصالحها ويجعل من عملها اكثر سهولة فعلى سبيل المثال القاء عشرات الاطنان من المتفجرات على اراضي دولة منظمة تنعم بالهدوء امرا يلفت الكثير من الانتباه ويثير الكثير من الجلبة لكن القاء عشرات الاطنان على اراضي دولة تتعرض يوميا للإلقاء مئات الاطنان ن المتفجرات امرا لن يثير انتباه احد.
لقد طورت اسرائيل نظرية "المعركة التي تقع بين حربين" قبل بداية تفكك الدول في الشرق الاوسط بسنوات طويلة وذلك لقناعتها ان الخروج لحروب كبيرة او عمليات عسكرية واسعة تكلفها اثمان باهظة من الصعب عليها تحملها سواء من حيث اعداد القتلى او التكلفة الاقتصادية وصعوبة تجنيد الشرعية الدولية لصالح مثل هذه الحروب والعمليات.
وتقوم نظرية "المعركة بين حربيين" التي اعتمدها اسرائيل قبل عقد ونصف تقريبا على فكرة قدرة اسرائيل على القيام بأشياء كثيرة جدا تحت السقف الذي سيؤدي في حال تجاوزه لاندلاع حربا واسعة.
وحسب هذه النظرية يجب ان يبقى اعداء اسرائيل شاعرين وكأنهم مطاردين بشكل متواصل ويجب مفاجئتهم في كل مكان يتواجدون فيه وضمان استثمارهم امكانيات وجهود كبيرة جدا في مجال الحماية الشخصية "حماية انفسهم" ما سيبقى امامهم وقتا قصيرا وغير كاف للاستعداد لمهاجمة اسرائيل.
وتهدف "المعركة بين حربين" الى ضرب اهداف اولا رجال وقدرات العدو بما يبعد خطر الحرب القادمة واذا فرضت هذه الحرب فان هدف "المعركة بين حربين" هو ضمان دخول العدو لهذه الحرب وهو في حالة من الضعف وعدم الجهوزية لضمان سحقه.
لا يمكن للهجمات المنسوبة لإسرائيل داخل سوريا ان تمنع حزب الله بشكل كامل من التزود بالأسلحة المتطورة لكن لولا هذه العمليات لكان لدى حزب الله الان منظومات دفاع جوي وبحري متطورة جدا وكذلك الامر بالنسبة لداعش في سيناء اذ لا يمكن هزيمته من الجو فقط وهي لم تهاجم اسرائيل حتى الان تقريبا باستثناء عمليات القصف التي سمعنا عنها.
بقيت 99% من العمليات الجارية ضمن مفهوم "المعركة ما بين حربين" بعيدة عن اسماع الجمهور الاسرائيلي ووسائل الاعلام ولا زالت غالبيتها المطلقة طي الكتمان والسرية وحتى الجهة التي تعرض للهجوم لا تعلم دائما مصدر هذا الهجوم وتلجأ اسرائيل في العادة لاستخدام سلاح الجو في الحالات القصوى فقط لان الغارة الجوية تشكل ما يشبه الاعتراف بالمسؤولية عن الهجوم اضافة الى خطر احراج الطرف الثاني وإجباره على الرد على مثل هذه الغارات لكن في غالبية الاحيان تبقى العمليات سرية بعيدة عن ضجيج الطائرات.
مدنيون في خدمة المخابرات
كشفت شرطة دبي قبل سبع سنوات تفاصيل افراد المجموعة التي اغتالت رجل حماس "محمود المبحوح" ونشرت جوازات سفرهم امام العالم اجمع ما سمح لكل دولة فحص اخر مرة زارها فيها حامل جواز السفر المعني واين كانوا ومع من التقوا ؟ لتشكل علية اغتيال المبحوح اشارة للعالم اجمع ان اساليب القرن الـ 20 لم تعد واقعية في عصر التكنولوجيا الشفاف في القرن الـ 21.
ويبدو ان دروس هذه العملية قد تم استيعابها ودراستها. وقعت في ديسمبر الماضي في بلدة صفاقس التونسية عملية اغتيال استهدفت مهندس الطائرات دون طيار التابعة لحماس "محمد الزواري" واعتقلت الشرطة التونسية حوالي 10 من المشتبه بهم وجميعهم ساعدوا وتعاونوا مع منفذي عملية الاغتيال لكن ببراءة ودون معرفتهم بطبيعة هؤلاء الاشخاص فقد استأجروا سيارات واشتروا هواتف خلوية لصالح "شركة انتاج" اوروبية.
وكان من بين المعتقلين صحفية تونسية تحمل الجنسية الهنغارية تم استئجار خدامتها من قبل شركة الانتاج لتصوير فيلم عن "الزواري".
والتقت هذه الصحفية مع طاقم "الزبائن" بالزواري مرتين وحددت معه لقاءا ثالثا لكنها لم تحضر هذا اللقاء وبدل منها حضر اثنين من فريق الاغتيال اللذان اطلقا عليه 20 رصاصة.
كشفت الشرطة التونسية جوازات السفر التي استخدمها فريق الاغتيال لكن هذه الجوازات كانت "نظيفة" بشكل لا يمكن الربط بينها وبين أي عملية اخرى وقعت في العالم.
ان استخدام المدنيين ضمن ما يعرف في عالم الاستخبارات بـ" المغفلين" او "المخبر المغفل" يسمح للأجهزة الاستخبارية بالعمل في العالم المصور وعالم الانترنت الحالي وعملية الاغتيال التي تعرض لها في ماليزيا الاخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية خير دليل على ذلك حيث طلب من سيدتين فيتنامية واندونيسية من قبل " طاقم انتاج" برنامج تلفزيونا المشاركة في مسلسل عنف فتم اخذهن الى سوق تجاري حيث تم تدريبهن على مواطنين عاديين لا علاقة لهم بالعملية حيث كانت تقف احداهن امام الضحية للفت نظره فيما تفاجئه الثانية من الخلف وتغلق فمه بيدها.
وبعد ان اثبتن قدرتهن تم اخذهن الى المطار وطلب منهن تنفيذ ما تدربن عليه على شقيق زعيم كوريا الشمالية الذي كان واقفا امام " الكاونتر" لختم اوراقه
لكن هذه المرة لم يكتفين باغلاق فمه كما كان خلال التدريب بل قمن برشه بسم قاتل دون ان يتضح فيما اذا كن على علم بحقيقة ما يقمن به خاصة وان احداهن على الاقل اسرعت نحو وحدة حمامات لغسل يديها.
اعتقلت الشرطة الماليزية السيدتين ومشتبه به اخر من مواطني كوريا الشمالية فيما نجح اربع عناصر اخرين بالفرار الى الخارج ثلاثة منهم لم يتمكنوا من الهرب فاعتصموا داخل مبنى سفارة كوريا الشمالية لقد اكن التخطيط كاملا لكن التنفيذ لم يكن بذات المستوى.
تعلمت اسرائيل هذا الدرس قبل 20 عاما في عمان لذلك فهي حذرة هذه الايام من استخدام السم في الاماكن العامة والخاضعة للتصوير فالمنفذين الاسرائيليين هذه الايام اكثر تعقيدا ويدمجون عناصر مختلفة في عملياتهم مثل المخابرات البشرية " العملاء " ، السايبر ، المخابرات التكنولوجية وصولا الى التعاون مع دول اخرى.
واختتم بن دافيد تقريره بالقول ان ابرز نتائج " المعركة بين حربين " تشير الى انه لا يمكن وقف اسرائيل عن تحقيق هدفها في حال قررت حشد كل طاقاتها وخبراتها للوصول اليه لكن من المهم حسن اختيار الهدف الذي يستحق هذا الحشد.