أكرم ... أنت باقي في ذمة الخلود
نشر بتاريخ: 06/03/2017 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
كتب / أسامة فلفل
في سكون الليل وعلى إيقاع الحزن الرابض في أعماقي أقف أمام صورة قرة عيني أخي أكرم وأتأمل وأنا في حالة ذهول، لم أعد أصدق أن طيفه غاب عن الوجود، أقف وأسترجع شريط الذكريات الحافل بالمحطات الدافئة رغم ظلمة الليل الحالكة وأمام قسوة الأيام أبكيك بحرقة يا أكرم ،فأنت الذي كنت رغم التحديات والألم تكسر وتحطم الحواجز والقيود وتسير الطريق رغم وعورتها لتصل منزل الوالدة رحمها الله من أجل الوقوف على مسافة واحدة مع الأسرة المكلومة!!!
أنت الذي ضرب مثالا للقدوة الحسنة وسجل التضحية الصامتة وأشعل الحماس وأعاد للأسرة الصابرة في مواسم الحصاد الهمم وصاغ تاريخا حافلا بالحب والعطاء.
في هذه اللحظات أجهل ماذا أكتب, ولكني أحتاج الصمت أكثر من أي شيء آخر، لأستوعب غيابك الذي طال وحبك المغروس في سويداء القلب مازال، لا أعرف ماذا يمكن في ذكرى رحيلك الثامنة أن أخط ، وكيف يمكننا في هذه اللحظات الموجعة والمفعمة بالحزن والأسى أن أسطر الأحرف والكلمات، وهل يا ترى تستطيع أن تداوي هذه الأحرف المبتورة والمكسورة الجرح الغائر في صميم القلب والفؤاد ؟؟؟ فقدان الأب والأخ والصديق الذي خطفته يدي المنون في لحظة فارقة!!!! ماذا باستطاعتي أن أكتب، وأي الكلمات والعبارات أختار لكي أواسي نفسي المحزونة التي ألهبها نار الفراق القاسي والمؤلم؟؟؟
أخي وقرة عيني التسليم بالقضاء واجب لكن دموعي لا تزال تذرف ونفسي تتألم لانطفاء شمعة الحبيب،أحس وأشعر بمنتهى المرارة والخسارة على رحيل العزيز الغالي الذي رحل دون سابق إنذار.
معقول لهذه الوردة التي كانت تنشر عبيرها في صفحاتنا الرياضية بأمانة ومسؤولية وطنية وإنسانية وتغرس القيم والمبادئ الإنسانية والوطنية أن تغيب وللأبد؟؟؟، معقولُ أن تختفي هكذا؟! وبهذه السرعة، معقول أن أظل وحيدا في هذا الكون بلا أخ ولا حبيب ولا صديق يخفف عني الأوجاع والهموم والأحزان؟؟؟
سأبكيك دما لا دمعاً يا أكرم ،أيها الفارس الذي ترجل عن صهوة جوداه مبكرا رحمك الله يا رمز الوفاء والإخلاص يا أيها الحبيب والقريب والبعيد، سيكون لون الأسى هو ليلنا بعدك ، سأرثيك حبرا ً مطبوعا من ألم الفراق ولن تغادر الذاكرة ما حيينا يا أيها الملاصق للقلوب والمحفوظ في مقلة العيون.
لقد كنت على الدوام ضد الكراهية والعداء وكنت صديق الصديق حيث مازالت رسائلك لم يجف حبرها التي أرسلتها عبر مراحل السنين في مجال التعليم والعمل الوطني في كل الميادين.
كنت يا أكرم لا تبعدك المسافات ولا تهاب المخاطر من أجل الوصول إلى أبعد الأصدقاء حينما تلم به مصيبة أو مناسبة فرح، كم من مرات حملت روحك الغالية على كفك من أجل الوطن والإنسانية ورضا الله والوالدين والرفاق والأحباب.؟؟؟
فارقتنا بعد40 عاماً في ساحة المجد والعطاء وخدمة المسيرة التعليمية ، فارقتنا والساحة التعليمية والرياضية تعج بالكثير من التحديات والمهام ، فارقتنا ونحن أحوج الناس إليك ، مضيت إلى حياة الخلود.
الرحمة على روحك الطيبة يا أبا محمد وأتضرع إلى الله أن يجافي الأرض عن جنبيك وأن يجعل قبرك روضا مزهرا من رياض الجنة.
وداعا يا رمز الشهامة والأصالة والتضحية الصامتة، وداعا يا مربي الأجيال ومحفز الأبطال وراعي الثكلى واليتامى والأسر المستورة، وداعا يا غرس فلسطين العذب , وداعا يا نبض الحب ونفحات نسيم الهواء العليل ، وداعا يا من سطرت وكتبت اسمك على سياج الوطن بحروف من نور ونار.
لن تمسح الدموع الغزيرة حزننا عليك ولن تشفِ الآهات لوعتنا لفراقك وستبقى في ذمة الخلود.