الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

منار، ملك، مرح، نورهان.. كبرن ونضجن بسرعة وهذا السبب!

نشر بتاريخ: 09/03/2017 ( آخر تحديث: 09/03/2017 الساعة: 20:35 )
منار، ملك، مرح، نورهان.. كبرن ونضجن بسرعة وهذا السبب!
القدس- معا- منار، ملك، مرح، نورهان.. فتيات بعمر الورد، لسن نجمات غناء أو دراسة، بل أسيرات تحولن بسبب ظلم الاحتلال من مقاعد الدراسة إلى مقاعد المحاكم الإسرائيلية.
قصص الأسيرات الفتيات متشابهة الى حد ما، طموحهن ونظرتهن للوضع الصعب جعل منهن أكبر وأنضج، جعل منهن متحديات ومناضلات للحق والطفولة.
منار شويكي.. أصغر أسيرة مقدسية
الفتاة منار شويكي (16 عاماً) اعتقلت وهي بالصف العاشر" في شهر تشرين كانون أول عام 2015 مرتين، الأولى أفرج عنها بعد عدة أيام، أما الاعتقال الثاني فلم ينتهِ بعد، وتزال رهينته وحكم عليها بالسجن الفعلي لمدة ست سنوات بعد إدانتها "بحيازة سكين ومحاولة جرح."
والدة منار، تقول:" منار ابنتي الكبيرة هي نوارة البيت، هي ياسمينة الدار ووردة المنزل، علاقتنا مميزة ليست كاي أم وابنتها، فهي اختي وصديقتي، وبعد اعتقالها الدنيا تغيرت ولا يوجد فيها أي شيء جميل، أفتقدها كثيرا في كل الأوقات".
قبل اعتقال منار بيوم واحد كانت قد حصلت على شهادة تفوق ومنحة مالية من مدرستها، تقول والدتها أنها أخبرتها عن رغبتها بأن تصبح صحفية، ولا تريد سوى الاهتمام بدراستها لتحقيق طموحها، "لأنها تحب التصوير ولديها انتماء لوطنها".
"كانت سنة الاعتقال الأولى صعبة علينا، أتعبتني فلم يكن باستطاعتي القيام بأبسط الأمور في المنزل، لم أتمكن من تدريس أولادي، وكنت أصحو ليلا بحثا عنها، سنة مرت على اعتقالها والأيام تزداد صعوبة علينا". أضافت والدتها.
وأضافت :"أرى مقتنياتها وملابسها، وأشعر وكأننا في حلم، لا أصدق بأنها قيد الاعتقال".
وحول ظروف اعتقالها أفادت والدتها:" تمكنا من زيارتها للمرة الأولى بعد أكثر من شهر من اعتقالها، خلال الفترة الماضية كنا نزورها مرة كل أسبوع "لأنها غير محكومة، ومؤخرا مرة كل أسبوعين، تنقلت بين سجن الرملة والشارون".

ملك سلمان..بانتظار الحكم
ملك محمد سلمان (17 عاماً)، من قرية بيت صفافا جنوب مدينة القدس اعتقلت بتاريخ التاسع من شباط العام الماضي، من منطقة باب العمود بالقدس، عرفت العائلة باعتقالها بعد نشر صورها على وسائل التواصل الاجتماعي.
"عرفتها من حقيبة المدرسة والمريول، وكانت صدمة بالنسبة لنا، لم نتوقع أبداً ذلك، حيث توجهت انا ووالدها إلى تحقيق المسكوبية العسكري للاطمئنان عليها، خاصة بعد تضارب الاخبار ما بين اعتقالها وإصابتها". تقول والدتها فاتنة سلمان.
وتضيف سلمان لـ معا،" يومها انتظرنا منذ الصباح حتى المغرب لمعرفة أي خبر عن حالة ملك، وأدخلتنا سلطات الاحتلال الى غرف التحقيق واستجوبتنا، وبعد ذلك سمحت لي برؤية ملك لمدة خمس دقائق، وكانت ملك بحالة صدمة شديدة".
وعقدت لملك ما يزيد عن 20 جلسة عرضت خلالها على القضاة حيث وجهت لها تهمة "حيازة سكين ومحاولة طعن"، وطالبت النيابة بإنزال أقسى العقوبات عليها بالسجن 12-13 عاماً، ولا تزال المداولات في المحاكم.
وتقول والدتها:" تحاول ملك الاستفادة من وقتها بالقراءة والدراسة بمساعدة الأسيرات".
"بحجة حمل الهوية الإسرائيلية، ندفع ضريبة وجودنا بالقدس بالاحكام العالية! فهناك فرق بين أحكام أهالي الضفة والقدس، وللأسف لا يوجد مؤسسات وقيادات ومسؤولون يلتفتون للزهرات في السجون". أضافت سلمان.

وعن البوسطة قالت والدة الاسيرة لـ معا:" وصفها الأسرى بـ"ثلاجة أموات"، الم وتعب وارهاق، ملك تقضي حوالي 12 ساعة في البوسطة (لنقلها الى المحكمة ثم السجن) وتكون مقيدة الايدي والاقدام، يسمح كل ثلاثة اشهر بادخال الملابس القطنية فقط لأن الصوف ممنوع ادخاله."
وعن علاقتها بملك قالت والدتها:" ملك شمعة الدار، كانت تعطيني النصيحة وكأنها هي امي، كلامها متزن، وتدرس اخوتها وتساعدني في تربيتهم وتلعب معهم.. بغيابها غابت الضحكة والفرحة، وكل ما أريده اليوم هو احتضانها وسماع صوتها".
وأضافت :"كانت تريد دراسة الصحافة، زاد حب دراسة الصحافة فسجلتها قبل اعتقالها بدورة لذلك، ملك لم تكن لها أي اهتمامات سياسية لأنها بعمر الزهور".
وعن أجواء البيت تقول والدتها:"أشقاؤها الستة يتحدثون مع صورها في البيت ويعيشون الألم والأمل، ملك تغيرت بعد الاعتقال "أفكارها تغيرت وازادت نضجا، الاحتلال حرمها من طفولتها"، مضيفة أنها ستدفعها العام القادم لتقديم "التوجيهي".

نورهان عواد..حكم وغرامة وصعوبة في الحركة
نورهان ابراهيم عواد (18 عاماً) اعتقلت بتاريخ الـ 23 من تشرين الثاني لعام 2015، حيث أصيبت بثلاث رصاصات بالقدم واليد والبطن، ومنعت عنها الزيارات في بداية الاعتقال لمدة شهر ونصف، وبقيت فترة في المستشفى ثم حولت الى السجن.
وأوضح والدها ظروف تلك الفترة:" رغم اصابتها وصغر سنها منعت الزيارة لنورهان وحقق معها خلال مكوثها في المستشفى إضافة الى تحويلها الى مركز التحقيق، ولا نعرف وضعها الصحي حتى اليوم، فقد استقرت رصاصة في البطن، لا ندري مدى تأثيرها فلا يوجد تقرير طبي تفصيلي ولم يسمحوا بإدخال طبيب خاص، وبسبب الإصابة برصاصة بالقدم تعاني من صعوبة في السير والتنقل".

وقال والدها :"كانت لها علاقات المميزة بين أفراد عائلتها وهي ذات شخصية قيادية ومتميزة في دروسها، وكانت تساعد أخوتها في دراستهم وتهتم بالمنزل، وتعرف واجباتها وتقوم بهم على أتم وجه".
وأضاف:"كانت تحلم بدراسة الهندسة لأنها من الأوائل في مدرسته، لكنها اعتقلت وهي بالصف الحادي عشر، وقد اختلف طموح نورهان لتتحول الى دراسة "الحقوق" بسبب الظلم التي عاشته والواقع الصعب، تريد الدفاع عن المعتقلين."
وأوضح والده انه وخلال فترة اعتقالها لم يتمكن من زيارتها سوى مرتين لعدم حصوله على تصريح زيارتها، حتى المحاكم لم يتمكن من حضورها، وكان لذلك غصة كبيرة".
وأضاف :"نورهان تمر بأوقات صعبة وبجلسات محاكم مستمرة ولم استطيع حضور الجلسات أو الوصول اليها، حكمت بالسجن الفعلي 13 عاما ونصف إضافة الى 30 ألف شيكل غرامة مالية، وهذا حكم ظالم واجحاف ضد فتاة مصابة".
ونوه أن المستوطن والجندي يقتل والوزراء الاسرائيليون يحرضون وللاسف هناك صمت على ذلك، وهناك اعدام لطلبة المدارس في الشارع وصمت، حيث عبر عن أسفه لغياب المؤسسات الرسمية عن اثارة الموضوع بشكل جدي.

مرح بكير..طموح رغم الألم
مرح جودة بكير (18 عاما)، كغيرها من الأسيرات تعاني من اصابة وستقضي سنوات في الأسر، حيث تقول والدتها سوسن بكير :"أصبحت فترة السجن أمرا واقعا، كنت على أمل الافراج عنها، لكن مع المدة أصبحت الأيام تمر أبطأ، وأحسب الأيام والساعات، المهم أنها ارتاحت من البوسطة بعد حكمها بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات ونصف مطلع العام الجاري، فما هي إلا ساعات من المأساة والارهاق للاسرى"
وأضافت أن مرح ستقضي طفولتها وبداية شبابها داخل الأسر، وقالت:" سنين تمر دون وجودها بيننا، الفرح بالمنزل مؤجل حتى الإفراج عنها، أبسط الاشياء لا استطيع القيام بها لغياب مرح عنا".
وتغلبت على أوجاعها من إصابتها بيدها بعد أن هشم الرصاص عظامها، وعلى البعد عن عائلتها، وتمكنت من الدارسة والنجاح والحصول على معدل 69% في التوجيهي.
وعن طموحها بعد نجاحها تقول الوالدة:" قبل اعتقالها كانت تريد دراسة السكرتيرية الطبية، لكن بعد اعتقالها وإصابتها أرادت دراسة الحقوق، خاصة لتعلقها بمحاميتها واهتمام الأخيرة بها في فترة اعتقالها الاولى واحتجازها في المستشفى، فلم يكن أحد يتمكن من زيارتها سواها، لكن للأسف لن تتمكن من دارسة الحقوق لعدم وجود ذلك التخصص في السجن، وستقوم باختيار تخصص آخر لدراسته."
واعتقلت مرح بتاريخ الـ 12 من تشرين أول من عام 2015، بعد خروجها من مدرستها في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، وقد أصيبت بجراح خطيرة في يدها، وبتاريخ الأول من تشرين الثاني من العام نفسه، وخرجت من المستشفى الى السجن.
وتقول والدتها:" بعد أربعة أيام من اجراء عملية جراحية لمرح بيدها تم تحويلها الى سجن عسقلان وبعدها الى سجن الرملة ثم الى الشارون، وخلال هذه الفترة أخبار مرح كانت منقطعة فلا نعرف ماهو وضعها الصحي والنفسي".
وتضيف الوالدة :"لحسن حظ مرح انها أصببت بكسور في يدها اليمنى قبل اعتقالها بعدة أشهر، وهذا أعطاها "الخبرة" بمعالجة نفسها من خلال التمارين الخاصة، واليوم هي تتحسن لكن لا تزال تشعر بأوجاع وهي بحاجة لزراعة عضل."
18 أسيرة مقدسية تقبعن في سجون الاحتلال
وأوضح أمجد ابو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، أن 18 أسيرة مقدسية تقبعن في سجون الاحتلال، بينهن ثماني متزوجات، أكبرهن الأسيرة عالية عباسي (51 عاما) من سلوان أمضت في الأسر 26 شهرا، وهي والدة الأسير عيسى العباسي المحكوم بالسجن 10 سنوات، وأقدمهن الأسيرة المحامية شيرين العيساوي (39 عاما) من قرية العيسوية شرق القدس وتقضي حكما بالسجن لمدة 4 سنوات، ستحرر بعد عام، وأصغرهن الأسيرة منار شويكي، و6 جريحات أصبن خلال اعتقالهن ولا زلن بحاجة لمتابعات طبية.
وأضاف أبو عصب، أن الأسيرات يقبعن في سجني الدامون والشارون، وتعانين كبقية الأسرى الفلسطينيين من سياسات القمع المختلفة سواء خلال الاعتقال أو التحقيق أو الاحتجاز، إضافة الى منع إدخال الملابس والأغطية اللازمة لهن، وسوء الطعام المقدم لهن، ناهيك عن "البوسطة" والمضايقات والاعتداء عليهن خلال نقلهن الى المحاكم.
وقال أبو عصب:" أن أي عائلة فلسطينية لديها أسير في سجون الاحتلال تعاني من الخوف والقلق والشوق لابنها، والعائلة التي لديها أسيرة في سجون الاحتلال فمعاناتها مضاعفة، خاصة عندما تكون فتاة قاصر خبرتها قليلة في الحياة وتهمتها كبيرة وتحكم لسنوات طويلة."
تقرير ميساء ابو غزالة