حكايات مخفية تكشفها عدسات مسرح الحرية
نشر بتاريخ: 14/03/2017 ( آخر تحديث: 14/03/2017 الساعة: 12:09 )
جنين - معا - بحكايات مخفية وراء الجدران، وراء العتمة، وراء عبق الماضي والذكريات، وراء الألم والأمل، ووراء ضوء الشمس، حكى لنا معرض صور "حكايات مخفية" قصص لواقع نعيشه بتفاصيله الدقيقة العميقة، تفاصيل تلامسنا كل لحظة، وبرغم من أننا جزء منها ومن تكوينها لكننا لا نراها ولا نلتفت لها.
افتتح مسرح الحرية بتنظيم قسم الوسائط المتعددة، وإشراف المتخصصة الألمانية في مجال التصوير الوثائقي سابين شتاين، وبمشاركة ٨ طلاب من خريجي مسرح الحرية في مجال التصوير الوثائقي معرض صور "حكايات مخفية" في مدرسة التمثيل التابعة لمسرح الحرية في مدينة جنين.
المعرض رسم لوحات وثائقية متنوعة تحمل في زواياها أملا و ألما من خلال محاكاته لأحداث وقصص أشخاص يحملون في خطواتهم واقعا حقيقيا صادقا، معرض "حكايات مخفية" نقل وثائقيات متنوعة تمحورت حول الماضي والحاضر لفهيم عواد، وحياة البدو في أغوار الأردن قدمتها براء شرقاوي، وقصة محمد عابد عرضتها مجد صانوري، وحول المرأة العاملة رؤية لكفاح كميل، وفقرة عائلتي لبريل خلف، فيما قدم خالد مصلح الانتظار لحين العودة، وعرضت شعاع حجيرات إضاءة بعنوان حماية البيئة، وتوسط المعرض صور أثر الاجتياح الذي قدمته عتاب هارون.
محمد معاوية مدير قسم الوسائط المتعددة في مسرح الحرية يقول أن عنوان المعرض "حكايات مخفية" جاء لعكس جانب من الحياة الواقعية المخيفة والبعيدة عن أعيننا، فنحن دائما ننبهر بالجمال وننسى الزوايا المخفية والسلبية في حياتنا، والتفاصيل الدقيقة التي تصنع الفرق، ويضيف أن القيمة المضافة لهذا المعرض هو انفراده باستخدام التصوير الوثائقي هذا الفن الذي يساعد على اكتشاف وملاحظة البيئة لجمع الأفكار والتفاصيل لتوثيق أحداث وحياة أشخاص تعكس الواقع، بسبب قدرته على التقاط صورة حقيقية طبيعية وصادقة للواقع المعاش.
أما الطالبة عتاب هارون المشاركة في المعرض والتي صورت آثار اجتياح المخيم والتي ما زالت قائمة والمعاناة مستمرة إلى اليوم من خلال سبعة صورت مثلت فيها جرحى الاجتياح الذين تحولوا إلى ذوي إعاقة، والذكريات التي حملها سكان المخيم من حاراتهم وشوارعهم وبيوتهم المدمرة، وعن ارتباط سكان المخيم بحق العودة، وكما صورت الفراغ الكبير الذي تركه الشهداء في أماكنهم التي أصبحت فارغة من أصواتهم وضحكاتهم ليحل الصمت حتى الآن ويحمل مسمار صغير ذكرياتهم في صورة على جدار قلوب عائلاتهم، عتاب تقول منذ انضمامي لمسرح الحرية في دورات التصوير الفوتوغرافي في مخيم جنين شعرت أني جزءا من هذا المكان وأنني انتمي له وهذا ما دفعني إلى توثيقه وعكس معاناته من خلال كاميرتي الصغيرة التي تحمل ملايين الحكايا.
مسرح الحرية من خلال نشاطاته وأعماله يجسد الاسم الذي يحمله والرسالة والهدف الذي يسعى لتحقيقه منذ تأسيسه، فبإطلاقه لمثل هذه المعرض الذي نقل واقعا معاش بعدسة فلسطينية شابة شجع حرية الإبداع والتفكير للشباب فلسطيني سأم من حياة يملأها الإحباط واليأس بسب قلة فرص العمل والظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة وفتح لهم آفاق جديدة، فاليوم نرى بذرة العمل والكفاح بدأت بالنمو مع إحدى خريجات مسرح الحرية مجد صانوري التي التحقت منذ سنوات بدورات التصوير الفوتوغرافي في المسرح لتبدأ اليوم بإطلاق حلمها الصغير الذي بدأ يكبر بافتتاحها استديو تصوير خاص بها.
المدربة الألمانية سابين شتاين ترى ان معرض "حكايات مخفية" كان معرضا مميزا بنتائجه وبالجهود التي بذلت لإخراجه للضوء، فالطلاب عملوا لمدة شهر بجد وتحدي كبير وتضيف قائلة أن التبادل الثقافي بينها وبين الطلاب الفلسطينين أغنى المعرض كثيرا، وأن الطلاب أصبحت قدراتهم التصويرية احترافية أكثر ومنظمة بعيدا عن العشوائية وأصبحت عدسات كاميراتهم ترى بدقة بعين انتقادية لكل للأمور وبمنظور أعمق بعيد عن الانبهار بالجانب الجمالي فقط.
الحضور المشارك عبر عن إعجابه بالمعرض وبفكرته والقصص التي ينقلها كما جاء على لسان مدير مركز أمنية الأستاذ محمد حماد الذي عبّر عن سعادته وفخره بمسرح الحرية كونه مركز ثقافي مهم في المنطقة ويرى أن صور المعرض كانت دقيقة وجميلة وأثنى على جهود قسم الوسائط المتعددة في المسرح وأكد على أهمية المواضيع التي تناولها المعرض.
المقاومة الثقافية كانت حاضرة وبقوة في صور المعرض وحكاياته، والموسيقي التي عزفت، فالصور عبرت عن جوانب مختلفة من حياة الإنسان الفلسطيني في ماضيه وحاضره، وطبيعة العلاقات الإنسانية داخله، وظروف الحياة الصعبة للتجمعات البدوية وما يعانونه بسبب التضيق الإسرائيلي المستمر، وموضوع الإعاقة ومعاناتها، وصورة الجريح وعائلات الشهداء، وموضوع اللاجئين وحق العودة، فكل هذه الصور سقطت عليها الأضواء للتأكيد على أن الفن قادر على المقاومة والكفاح وقادر على تأدية مسؤوليته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه من خلال نقل صور حقيقة صادقة لمعاناة الشعب الفلسطيني، صورة تبقى حاضرة في ذاكرتنا لا ننساها بقية العمر لحين العودة إلى يافا وحيفا وصبارين وأم الشوف وزرعين حاملين مفاتيح بيوتنا العتيقة، ولتبقى صورة قوية قادرة على مواجهة كافة الروايات الإسرائيلية والغربية المضادة.