غزة في العام 2007: إنقسام وعنف داخلي وقصف وحصار تجاوز التوقعات
نشر بتاريخ: 31/12/2007 ( آخر تحديث: 31/12/2007 الساعة: 11:14 )
غزة- تقرير معا- عام فلسطيني حاد، عام طويل من الاقتتال الداخلي حصد أرواح 484 فلسطينياً بأيد فلسطينية، شهد موجات اقتتال داخلي عنيفة وعلى ثلاث مراحل انتهت بالحسم العسكري لحركة حماس وبسطها اليد على قطاع غزة، نتيجته الأولى انقسام داخلي وصل إلى البيوت وحصار فاق التوقعات منع الغذاء والدواء من دخول غزة.
حماس بسطت يدها على قطاع غزة واستأثرت فتح بحكم الضفة الغربية وضاعت جهود باقي الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية للجمع بينهما في أي نقطة، فيما ابتلعت الدول العربية والإسلامية وساطاتها وشعرت مكة بخيبة الأمل بعد إعلانها وثيقة وفاق وطني بين فتح وحماس في شباط- فبراير من العام الجاري.
فيما لا تزال تبعات الانقسام الداخلي جلية في قضية حجاج قطاع غزة الذين تقاطروا على معبر رفح بانتظار حل قريب وذلك بالقرب من قرابة الف عالق فلسطيني على الجانب المصري سد القطاع في وجوههم, عقب الحسم العسكري الحمساوي للقطاع وما تلاه من إغلاق معبر رفح بالكامل.
ولم يسمح الاحتلال الإسرائيلي لنفسه بالغياب عن المشهد الفلسطيني بالقطاع فكرر اجتياحاته وغزا سماء القطاع في أكثر من طلعة جوية، واصطاد قادة بارزين من فصائل المقاومة الفلسطينية أبرزهم القائد العام لسرايا القدس في قطاع غزة ماجد الحرازين وقائد السرايا الميداني وسط القطاع محمد عبد الله " أبو مرشد".
جاء ذلك بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة "كياناً معادياً" في التاسع عشر من سبتمبر للعام الجاري، وبعد هذا التاريخ وتحت هذا العنوان كثف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة وصعّد جرائمه واجتياحاته لثغور القطاع راح ضحيتها قرابة 310 فلسطينيين بينهم العشرات من أفراد وعناصر الشرطة المقالة الذين تواجدوا فيما كان يعرف مقرات القوة التنفيذية، عدا عن شهداء من كتائب عز الدين القسام سقطوا على مدار أسابيع متتالية في غارات صباحية على مواقع للمرابطين شرقي القطاع.
موجات الاقتتال الداخلي:
عنوان فلسطيني مخجل ولكنه واقع بدأ بالفعل، ولعل أبرز ما شهدته الساحة الفلسطينية خلال العام الماضي كان ثلاث موجات من الاقتتال الداخلي الفلسطيني في أوائل العام وبالتحديد في الشهر الأول منه حيث شهد القطاع موجة عنيفة من الاقتتال الداخلي فاجأت كافة الفلسطينيين حينما كان وزير الداخلية سعيد صيام، ولتلاشي الأزمة دعت السعودية الطرفين الفلسطينيين إلى المصالحة في مكة وكان اتفاق مكة في الثامن من فبراير الماضي، تبعه في السابع من عشر من مارس /آذار تشكيل أول حكومة وحدة وطنية برئاسة اسماعيل هنية، حيث أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد الاتفاق على هاني القواسمي الشخصية الوطنية المستقلة لشغل منصب وزير الداخلية، وإسناد وزارة المالية للدكتور سلام فياض، ووزارة الخارجية للدكتور زياد أبو عمرو وعضوية ستة وزراء من حركة "فتح" فضلاً عن نائب رئيس الوزراء.
وبدا للفلسطينيين بعد توقيع الاتفاق ان الطريق أصبحت معبدة أمام علاقات فلسطينية- فلسطينية تقوم على الشراكة السياسية.
لكن الأمل خاب عندما عاد الإخوة إلى الاقتتال مجدداً في أيار (مايو) في واحدة من أسوأ موجات الاقتتال التي بدت كل واحدة منها أقسى من سابقتها.
ومن جديد تم التوصل إلى هدنة بين الطرفين برعاية مصرية فاعلة على الأرض من قبل رئيس الطاقم الأمني المصري اللواء برهان حماد وأعضاء طاقمه.
وما كادت تمر أشهر حتى اندلع الاقتتال من جديد في معركته الأخيرة التي أحكمت حماس في نهايتها قبضتها على الأرض, لتبدأ مرحلة جديدة من الانقسام في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
ولكن الاتفاق لم يصمد طويلاً تبعه موجة ثانية من الاقتتال الداخلي وموجة ثالثة وأخيرة كانت الأعنف وكانت الحاسمة حيث دكت حركة حماس مواقع الأجهزة الأمنية في الرابع عشر والخامس عشر من يونيو/حزيران في قطاع غزة وبعدها بسطت سيطرتها على القطاع بعد فرار قادة فتح والأجهزة الأمنية إلى الضفة الغربية عبر معبر بيت حانون -ايرز.
واختلفت الحركتان في تفسير ما حصل وأسبابه, واتهمت حركة «فتح» والرئيس محمود عباس الذي أقال حكومة هنية وشكّل اخرى برئاسة سلام فياض, حركة حماس بأنها خططت لـ "الانقلاب على الشرعية", فيما اعتبرت حماس أنها أقصت تياراً خيانياً، متهمة فتح بأنها كانت تخطط للقضاء عليها في تموز (يوليو) وإقصائها عن المشهد السياسي.
وأصبح 14حزيران علامة فارقة في التاريخ الفلسطيني دشن بعده الفريقان الفلسطينيان مرحلة جديدة من الصراعات والمناكفات أدت بعد مرور ستة أشهر إلى قيام كيانين منفصلين, لكل كيان حكومته ومؤسساته, فيما تعطل المجلس التشريعي, ودخل موظفوا القطاع العام إضراباً عن العمل ومكثوا في منازلهم بعد أن طالبتهم حكومة الضفة الغربية بالمكوث بالمنازل واعدة بتسديد رواتبهم وقطعها في حال التزم أحدهم بالدوام وأدى ذلك إلى قطع رواتب اربعين ألف موظف حكومي فيما حاولت حماس ملء الأماكن الشاغرة فشكلت أجهزة أمنية وكونت جهاز شرطي ومجلس العدل الأعلى للتغلب على الفراغ القضائي بعد تعطل جهاز القضاء.
على ان سيطرة حماس لم تنهي حالة التوتر بين حركتي فتح وحماس في القطاع حيث استخدمت الشرطة التابعة للحكومة المقالة النيران الحية اكثر من مرة ضد انصار فتح ما ادي الى مقتل عدد من ابنائها سواء في مهرجان الراحل ابو عمار او فيما اطلقت عليه حماس اسم الصلوات المسيسة"
وتبع الانفصال الداخلي حصاراً إسرائيلياً على قطاع غزة فاق التوقعات حيث فرض الاحتلال حصاراً محكماً على قطاع غزة وصل الى حد تجويع نحو مليون فلسطيني من سكانه، وأعلنته في 19 ايلول (سبتمبر) كياناً معادياً، اسفر الحصار عن وفاة اكثر من خمسين من المرضى الممنوعين من السفر وفراغ غزة من قائمة طويلة من المواد والسلع الأساسية.
ورغم الحصار المفروض على القطاع تمكنت المقاومة الفلسطينية من تنفيذ عملية نوعية في مدينة ايلات بداية العام الفين وسبعة حيث تمكن استهشادي من قطاع غزة من الوصول الى ايلات عبر الاراضي المصرية في حين استمر اطلاق القذائف الصارخية على سديروت وصولا لعسقلان وزكيم التي قتل فيها جندي اسرائيلي واصيب نحو سبعين فيما اشارات احصائيات الجيش الاسرائيلي الى سقوط 11 من جنود قتلي على حدود قطاع غزة في عمليات التوغل التي زادت وتيرتها.
فتح اسمته عام الانقلاب الشامل وحماس اطلقت عليه عام الحسم ولكنه بتقدير الشعب الفلسطيني عام الانفصال والانقسام والحصار أياً كانت مسميات الطرفين له.