نشر بتاريخ: 26/03/2017 ( آخر تحديث: 26/03/2017 الساعة: 13:45 )
الخليل- معا- تقرير محمد العويوي- كان كل شيء يسير بشكل اعتيادي، جرافة الدفاع المدني تقوم باتلاف المركبات غير القانونية، بحماية من الشرطة وبإسناد من الأمن الوطني، قبل أن يثور عدد من المحتجين على فرض النظام والقانون، ويُرشق كل من تواجد بالشارع بالحجارة، وتقوم الشرطة الخاصة باطلاق قنابل صوتية، وقنبلة غاز واحدة في محاولة منها لتفريق المحتجين.
وقد تحولت الحملة من ضبط واتلاف مركبات غير قانونية، الى فرض القانون على من عليهم حماية النظام والقانون، فلا أحد فوق القانون لدى العسكر.
بدأت الحكاية، حينما كان ضابط شرطة المرور يعطي تعليماته لسائق الجرافة، باتلاف مركبة تقف في كراج إحدى العائلات، فتعالت الاصوات بالقرب من المنزل، وحينما وصلت للمكان، كان هناك عدد من أفراد الشرطة الخاصة، وشرطة المرور يطلبون من صاحب المنزل فتح الباب، حتى يتم اتلاف مركبته غير القانونية، وفجأة سمعنا صوت شاب يقف على سطح منزله، ويهدد بالانتحار اذا تم اتلاف المركبة..!
لم يكتف هذا الشاب بالتهديد بالقاء نفسه عن سطح المنزل في الطابق الثاني، بل قام بالقاء حجارة على مركبة الشرطة الخاصة، فقام ضابط باطلاق قنبلة صوت باتجاه هذا الشاب، الذي لم ينفك عن التهديد والوعيد، وحدثت بلبلة وجلبة، وكان صاحب المنزل يتجادل مع الامن، ويرفض ادخالهم للمنزل، حتى قال لهم:" انا عسكري...". حينها طلب الضابط المسؤول عن الشرطة الخاصة من افراده بالانسحاب من امام المنزل، كما فعل ذلك الضابط المسؤول عن قوة الامن الوطني، وخلال ذلك حدث ولا حرج... انهالت الحجارة من كل صوب باتجاه القوة الامنية، وردت قوى الامن باطلاق قنابل صوتية، وقنبلة غاز اضافية..
كنت وبعض الزملاء نرافق القوة الامنية، لتغطية اتلاف المركبات غير القانونية، في قرية الريحية، وبحسب الخطة لدى الامن، فكانت الريحية هي المحطة الأولى ومن ثم الى يطا وان كان هناك متسع من الوقت سيتم التوجه الى السموع.
وخلال انسحاب القوة الامنية، من شارع القرية، باتجاه الشارع الرئيسي والحجارة تنهال عليهم، كان ثائر ابو الفيلات وهو مصور يعمل لإذاعة محلية بالخليل، يحاول اللحاق بهم، فأمسكت به، خشية اصابته بحجر طائش... وتمكنا بمساعدة أحد من الاهالي، من النزول للشارع الرئيسي باستخدام طريق منحدرة، بعيدة نسبياً عن الحجارة الطائشة.. حتى وصلنا الى مكان آمن.
قبل ذلك، وقبل أن يقوم الرجل صاحب المنزل بالتعريف عن نفسه بأنه عسكري، قام افراد الشرطة بمحاولة توقيفه، واخذه الى مركبة الشرطة، وخلال ذلك، القى بنفسه على الارض، وهنا كان عدد من أفراد أسرته يصرخون:" ابوي عامل عملية قلب مفتوح.. ما تصيبوه..". تجمع عدد من افراد الامن حول الرجل وكذلك عدد من المواطنين، وهنا حضر شاب وبدأ بكيل الاتهامات للشرطة، ويُحرض المواطنين:" قتلوه... هذا الشرطي قتله وضربه..". وبدأ صراخه يعلو متهماً الشرطة بقتل الرجل.. والذي كان قد دخل منزله للتو ... !
مضت أربع الى خمس دقائق والرجل ملقى على الارض، حتى تمكن افراد الشرطة من رفعه على الارض ومن ثم توجه لمنزله بمساعدة رجلي امن أحدهما من الشرطة والآخر من الامن الوطني... على الرغم من ان الرجل كان يمشي باتجاه منزله، الا ان ذلك الشاب، كان مستمر في كيل الاتهامات والصراخ: "قتلوا الزلمة .. ضربوه.. مات الزلمة..".
وهنا تقدم منه الضابط المسؤول عن الشرطة الخاصة، وطلب هويته، فقال له:" انا عسكري .. ". وهز هذا الضابط رأسه، وقال:" انت عسكري وتعمل في .... حسناً نحن سنذهب من هنا، لكن المركبة المشطوبة سيتم اتلافها، ولم يعترض هذا العسكري على ذلك، لكن حينما توقفت الجرافة وحاولت اتلاف المركبة، رمى هذا العسكري نفسه على مقدمة المركبة، في محاولة منه لمنع الجرافة من تدميرها، وهنا طلب ضابط الشرطة الخاصة من الجميع الانسحاب ..
في المنطقة الآمنة، تجمعت القوة الامنية، وأخذ الضباط يتشاورون في الأمر وبدأت الاتصالات مع قيادة منطقة الخليل وقيادة شرطة الخليل، وبعد دقائق كان الرد من القيادة في الخليل:" سيتم ارسال قوة دعم وإسناد للموقع وبرفقتهم الاستخبارات العسكرية ويجب توقيف العسكري الذي حرض الأهالي، ولن يتم السماح له بالتمادي أكثر..".
وخلال انتظار وصول قوة الدعم، كانت سيارة اسعاف تابعة للهلال الاحمر قد وصلت الى القرية، وبصعوبة تمكنت من الدخول للقرية نظراً لاغلاق الشارع بالحجارة، ووصلت سيارتا اسعاف تابعتين للهلال الاحمر الفلسطيني الى النقطة الآمنة، وكان التذمر واضحاً على ضباط سيارتي الاسعاف.
لم تمض نصف ساعة، حتى كانت قوة الدعم قد وصلت، وعلى الفور قرر الضباط من الأمن الوطني والشرطة، الدخول للقرية واعتقال واعادة النظام لها، فتم وضع خطة، وتم ذلك، وما ان بدأت القوة الامنية بالدخول للريحية، حتى انهالت عليهم الحجارة فتم معالجة ذلك باطلاق قنبلة غاز، حتى دخلت كامل القوة للقرية، وانتشرت في شوارعها.
وما هي الا دقائق حتى كان الجميع يقف أمام منزل ذلك الشاب العسكري، ليتم اعتقاله من قبل الاستخبارات العسكرية، وخلال عملية اعتقاله قال:" انا لم افعل اي شيء ... ".
لم يُكتب لهذه الحملة ان تنجح، بسبب ذلك العسكري، والقيت باللائمة عليه من قبل ضباط وعناصر القوة الامنية التي حاولت فرض القانون واتلاف المركبات غير القانونية، لكنها نجحت بفرض القانون على من يمثل القانون، والقي القبض على هذا العسكري، ليواجه مصيره أمام القضاء العسكري الفلسطيني.
الحملة انتهت، وتم توقيف ثلاثة مواطنين من "مثيري" الشغب وملقي الحجارة باتجاه قوى الامن الفلسطيني، واعتقال العسكري، واصابة عدد من قوى الامن بجراح طفيفة جراء رشقهم بالحجارة، وتم اتلاف نحو 12 مركبة غير قانونية، وتنهتي الحملة التي بدأت مع انتصاف الليل، واستمرت حتى آذان فجر يوم أمس السبت.
وفي تعقيبه على ما جرى في قرية الريحية، قال المقدم لؤي ارزيقات المتحدث باسم الشرطة: "نحن مستمرون في اجراءاتنا ضد المركبات غير القانونية، قد تحدث بعض الاحتجاجات من مواطنين، وهي قليلة ولا تحدث بشكل دائم، ومن يعتدي على الاجهزة الامنية او عمليها يتم التعامل معه وفق القانون، وهناك موقف شعبي ورسمي تجاه هذه المركبات وضرورة القضاء عليها نهائياً".
واضاف "نثمن عالياً موقف الآباء والأمهات الذين قاموا بتسليم مركبات ابنائهم غير القانونية، ونشكر كافة فئات المجتمع على مساندتهم للاجهزة الامنية في القضاء على الظواهر السلبية ومنها هذه الظاهرة، ونحن مستمرون في اجراءاتنا للقضاء عليها نهائياً، ونؤكد على ضرورة اسناد عمل الاجهزة الامنية من قبل ابناء الشعب الفلسطيني".
وأشار ارزيقات الى أنه ومنذ بداية العام تم تحويل 100 شخص للنيابة العامة لقيادتهم مركبات غير قانونية، كما تم اتلاف نحو 4000 مركبة، مضيفاً: "والاجراءات مستمرة حتى انهاء هذه الظاهرة بالكامل".