الإثنين: 14/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران حنا يلقي محاضرة عن الحضور المسيحي في المشرق

نشر بتاريخ: 01/04/2017 ( آخر تحديث: 01/04/2017 الساعة: 13:21 )
القدس- معا- أقام المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس خدمة المديح الاخيرة في الكنيسة الارثوذكسية في الرباط بمشاركة عدد من ابناء الرعية.
وكان هناك محاضرة بحضور ومشاركة عدد من المثقفين والاكاديميين والمفكرين والسياسيين والاعلاميين المغاربة، بعنوان "الحضور المسيحي في المنطقة العربية واقع وتحديات".
وأعرب حنا في مستهل محاضرته عن سعادته بزيارة المغرب العربي ولقائه مع عدد من المسؤولين والشخصيات الوطنية والاعتبارية المغربية ومع كافة اللجان والهيئات التي تعنى بالتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي لقاء له "اتينا من فلسطين الارض المقدسة حاملين معنا رسالة محبة واخوة وسلام من ابناء شعبنا الفلسطيني الى الشعب المغربي الصديق الذي وقف دوما الى جانب شعبنا في معاناته وآلامه واحزانه وما يتعرض له، ونود ان نخاطبكم عن الحضور المسيحي في المشرق العربي وهذا موضوع هام يرتبط بتاريخ منطقتنا وهويته الثقافية والانسانية والروحية، الكثيرون يظنون وهم مخطئون في هذا الاعتقاد بأن المسيحية اتت الى منطقتنا العربية من الغرب في حين ان العكس هو الصحيح فالمسيحية انطلقت من مشرقنا العربي، وفلسطين هي ارض الميلاد والتجسد والفداء التي منها انطلقت الرسالة المسيحية الى مشارق الارض ومغاربها، نحن لم نستورد المسيحية من الغرب ولم يأتينا الانجيل من اي مكان في هذا العالم فكل الاحداث الخلاصية المتعلقة بإيماننا المسيحي تمت في هذه البقعة المقدسة من العالم التي اسمها فلسطين، والمسيح من مهده الى لحده وبعد قيامته وحتى صعوده الى السماء كان في بلادنا ينتقل من مدينة الى مدينة ومن قرية الى قرية مناديا بقيم المحبة ونصرة المحزونين والمظلومين والمتألمين".
يذكر أن هناك قديسا سوريا عاش ناسكا في فلسطين اسمه القديس يوحنا الدمشقي الذي وصف كنيسة القدس المقدسة بأنها أم الكنائس باعتبارها اول كنيسة شيدت في العالم، ولذلك فإن معشر المسيحيين في مشرقنا العربي عندما يتحدثون عن كنيستهم وعن ايمانهم لا يلتفتون الى الغرب بل يلتفتون الى وطنهم الذي هو وطن المسيح الارضي، يلتفتون الى القدس والى بيت لحم والى الناصرة والى بحيرة طبريا وجبل طابور والى غيرها من الاماكن المرتبطة بالاحداث الخلاصية الواردة في الانجيل المقدس.
واضاف حنا: "المسيحية في المشرق العربي هي جذورها العميقة في تربة منطقتنا وعندما نتحدث عن كنيسة القدس وعن كنيستي الاسكندرية وانطاكية فإننا نتحدث عن أعرق وأقدم مراكز روحية مسيحية في مشرقنا، انطلق منها نور الايمان الى كافة مشارق الارض ومغاربها".
وقال حنا المسيحيون المشرقيون العرب هم اصيلون في انتماءهم لاوطانهم وكما قلنا سابقا فهم ليسوا أقليات او جاليات او عابري سبيل او ضيوفا عند احد في هذه المنطقة العربية التي هم جزء اساسي من مكوناتها وهويتها الثقافية والفكرية والاجتماعية والوطنية.
 وقال حنا نحن في فلسطين الارض المقدسة وان كنا قلة في عددنا، ونسبتنا لا تتجاوز الـ 1% الا اننا لسنا اقلية ونرفض ان ينظر الينا كذلك، في فلسطين نحن مكون اساسي من مكونات شعبنا الفلسطيني المناضل من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق السليبة، المسيحيون الفلسطينيون كانوا دوما مدافعين حقيقيين عن عدالة قضية شعبهم وكانوا دوما في ساحات النضال والكفاح من اجل الحرية، وهم قدموا لفلسطين الشيء الكثير جنبا الى جنب مع اخوانهم المسلمين شركائهم في الانتماء الانساني اولا وفي الانتماء العربي الفلسطيني ثانيا.
وتابع أن الكنيسة المسيحية في فلسطين كان لها دوما مواقف يشار لها بالبنان من القضية الفلسطينية فقد كان دوما انحيازنا لشعبنا ولكل انسان مظلوم ومستهدف ومضطهد، هذا هو ايماننا وهذا هو انجيلنا الذي يحثنا دوما ان نكون منحازين للمظلومين والمعذبين والمأسورين والمضطهدين والمستهدفين في هذا العالم.
ولفت المطران:" لقد تراجعت اعداد المسيحيين في فلسطين بشكل مقلق بسبب الظروف السياسية التي ألمت بنا وما الم بنا ألم بكل شعبنا الفلسطيني ولكن من بقي من مسيحيين في فلسطين هم مطالبون كما نقول دوما بأن يكونوا ملحا وخميرة لهذه الارض وان يكونوا ايضا مصدر خير وبركة وبناء ورقي وخدمة وتضحية في سبيل أعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث، الا وهي قضية شعبنا الفلسطيني".
 وقال حنا في خطابه "لقد بشرتنا الادارة الامريكية في وقت من الاوقات بما سمي في ذلك الحين " الشرق الاوسط الجديد" وكذلك اشاعة الفوضى الخلاقة، ويبدو ان الشرق الاوسط الجديد التي بشرتنا به الادارة الامريكية في يوم من الايام هو شرق اوسط خال من المسيحيين تسوده ثقافة التوحش والارهاب والعنف والقتل وتدمير الحضارة والتاريخ والثقافة وكل ما هو جميل في منطقتنا العربية، انه مشروع استعماري بامتياز اوجد لنا داعش واخواتها من المنظمات الارهابية، ولكن الملفت في هذا الموضوع ان اعداءنا يخططون لتدميرنا وبعض العرب يمولون هذا المشروع الاستعماري بأموالهم النفطية التي اصبحت وبالا على امتنا العربية واصبح النفط العربي مصدر كوارث ومصائب في منطقتنا بدل من ان يكون مصدر خير وبناء ورقي.
وبين حنا انه صرفت حتى الآن مئات المليارات من الدولارات على الحرب في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الاماكن، هذا المال العربي النفطي الذي اغدق بغزارة على الحروب والدمار والخراب لو استعمل استعمالا جيدا لادى الى حل الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة في منطقتنا العربية.
وتابع:  أن هذا المال العربي لو استعمل استعمالا جيدا لانتهت ظاهرة البطالة والفقر والجوع في منطقتنا العربية، كنا نتمنى ان يستعمل هذا المال من اجل بناء المدارس والجامعات والمستشفيات، كنا نتمنى ان يستعمل هذا المال من اجل دعم صمود الشعب الفلسطيني ولكن وللاسف الشديد هذا لم يحدث على الاطلاق.
واضاف حنا قائلا ان مستقبل المسيحيين في المنطقة العربية مرتبط بمستقبل هذه المنطقة وحل القضية الفلسطينية وافشال هذا المشروع الاستعماري القديم الحديث الذي يستهدف منطقتنا واقطارنا العربية وشعوبها التي تدفع فاتورة السياسات الغربية الخاطئة في منطقة الشرق الاوسط.
وأوضح ان المسيحيين في فلسطين لن يتنازلوا عن انتماءهم لوطنهم وقضية شعبهم رغما عن كل الالام والجراح والمعاناة كما ان المسيحيين في منطقتنا العربية لن يتنازلوا عن اصالتهم الايمانية وجذورهم العميقة في هذا المشرق العربي.
وشدّد: لا يجوز لنا ان نستسلم للواقع الذي يرسمه لنا الاعداء بل علينا ان نخطط من اجل الغد لكي يكون افضل من اليوم، علينا ان نعالج الكثير من القضايا والهواجس والهموم التي تعصف بمنطقتنا، علينا ان نكرس الخطاب الديني المتسامح والمتصالح بعيدا عن ثقافة التكفير والتحريض والكراهية.
وقال المطران: بدلا من التحريض الطائفي والمذهبي فليكن خطابنا خطابا انسانيا ملؤه المحبة والخير واحترام الاخر، وبدلا من التكفير نحن بحاجة الى التفكير للنهوض مما نحن فيه اليوم من مظاهر سلبية تحتاج الى معالجة ومساهمة من قبل الجميع.
وتحدث عن المبادرة المسيحية الفلسطينية مقدما وثيقة الكايروس الفلسطينية ومتحدثا عن مضامينها ورسالتها واهدافها، مجيبا على عدد من الاسئلة والاستفسارات.
واختتم  المطران كلمته: المسيحيون باقون في منطقتنا وستبقى اجراس كنائسنا في هذا المشرق العربي تبشر بقيم المحبة والاخوة والتلاقي بين الانسان واخيه الانسان، وان ثقافتنا هي ثقافة المحبة وانتماءنا هو لقيمنا ومبادئنا الروحية والانسانية والوطنية، سنبقى مدافعين عن انتمائنا العربي النقي وستبقى فلسطين الارض المقدسة هي وطننا وقضيتنا كما انها قضية الامة العربية الواحدة والمسيحيين والمسلمين في كل مكان وقضية كافة احرار العالم.
يشار إلى أن المطران عطا الله حنا سيترأس يوم غد الاحد قداسا احتفاليا في الكنيسة الارثوذكسية في الرباط.