السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الماراثون في المخيم

نشر بتاريخ: 01/04/2017 ( آخر تحديث: 08/04/2017 الساعة: 20:40 )
الماراثون في المخيم

بقلم : عمر الجعفري
المحرر الرياضي
حزمت حقائبي وجهزت معدات التصوير الخاصة بي منذ مساء يوم الخميس استعدادا لمهمة متابعة ماراثون فلسطين الدولي الخامس الذي انطلق يوم الجمعة ،كانت تعليماتي لحفيدي " عمرو " 10سنوات " و " زين " 5سنوات" بالنهوض مبكرا لاصطحابهم معي ،للاستمتاع بهذا اليوم الذي اعتبره يوما وطنيا .
كانت مهمتي تصوير الماراثون في مخيم الدهيشة ، فيما تكفل الابن الزميل المصور " وجدي الجعفري " بمتابعة الاحداث في ساحة كنيسة المهد ومدينة بيت لحم .

وصلت الى الشارع العام " القدس - الخليل " الذي لا يبعد سوى امتار قليلة عن بيتنا ، رجال الشرطة الفلسطينية منتشرون في تقاطعات الطرق وكذلك رجال أمن بزيهم المدني يقدمون الخدمة بلباقة لضيوف المحافظة وفلسطين ويوجهون حركة السير بالرغم من قلة عدد المركبات .

احد رجال الشرطة الذي كلف بحفظ النظام في المكان الذي تواجدت فيه ،كان رجلا اجتماعيا ، فقد رأيت العديد من الشباب يلتفون حوله يبادلونه الحديث ، لكن لم يمنعه ذلك عن القيام بالمهام المسندة اليه .
العديد من اطفال المخيم نزلوا الى الشارع منذ ساعات الصباح الباكر ، بعضهم نزل بدراجته الهوائية وان كان العديد منها لا تصلح للسير على الشارع ، اطفال صغار رأيت البرأة في عيونهم ، فهم اعتبروا الشارع ملكا لهم في هذا اليوم ووجدوا فيه متنفسا لهم للعب بعيدا عن ازقة المخيم الضيقة التي تعودوا على اللعب فيها .
وقف الجميع عندما رأوا دراجة نارية قادمة من بعيد ، خلفها عدد من المتسابقين ، أدركوا ان هذه طلائع المتسابقين ، خاصة الذين ينافسون في سباق المسافات الطويلة ، اقتربت الدراجة ومن خلفها المتسابقين رويدا رويدا ، فشاهدت المتسابق الجنوب افريقي " ميرفن ستين كمب " الذي فاز في سباق 42 كيلو متر في الموسم الرابع في المقدمة ، ايقنت حينها ان نتيجة هذا العام ستكون كما كانت في الموسم الماضي على الاقل بالنسبة للفائز في سباق مسافة 42 كيلو متر .

ما هي الا دقائق حتى وصل رجل يحمل علمي البرازيل وفلسطين وعندما اخذت موقعا لتصويره ، بدأ يلوح بهما وقال بصوت عال " الحرية لفلسطين " فبادلته " اهلا بك في فلسطين " وصفق له كل من تواجد في المكان .

العديد من المتسابقين والمتسابقات كانوا يلوحون لكل من اصطف على جانبي الطريق لتحيتهم ، فيما انهمكت عدد من الفتيات الصغيرات في مبادلة الضيوف بالحديث معهم باللغة الانجليزية وبلهجة ركيكة .
شاب  ذهب واحضر عددا من عبوات المياه الصغيرة ، وبدأ يوزع فيها على المتسابقين ، فيما وقفت العديد من العائلات على شرفات المنازل تتابع باهتمام ما يدور .
انه يوم استثنائي في المخيم الذي عهدناه قلعة للمناضلين ، تعاون فيه الجميع من اجل انجاح هذا الكرنفال الوطني ، لما يمثله من اهمية لفلسطين وللمخيم الذي يطالب سكانه بالحرية منذ ان طردوا من ارضهم عام 1948 .

نجح الماراثون بالرغم من كل المراهنات ، وشارك فيه 6000 ، وكانت المدينة والمخيم والقرية على قلب رجل واحد ، وقد كان خلف الكواليس رجال عملوا بصمت من اجل هذا النجاح ،لا يسعنا هنا الا ان نقدم لهم التحية ، وعلى رأسهم رجل نعتز به ، انه محافظ بيت لحم  اللواء جبريل البكري الذي ذلل كل الصعوبات من اجل ان يكون الفائز هو الوطن .