مصطفى: بناء الاقتصاد الوطني حق يجب ممارسته وليس منّة من أحد
نشر بتاريخ: 05/04/2017 ( آخر تحديث: 07/04/2017 الساعة: 08:58 )
رام الله- معا - أكدّ الدكتور محمد مصطفى مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية أن بناء اقتصاد وطني قوي ومستقل ومعتمد على ذاته هو أحد الحقوق الوطنية الأساسية التي يجب العمل على تحقيقها جنباً إلى جنب مع الحقوق السياسية في تقرير المصير والاستقلال من الاحتلال.
جاء ذلك خلال لقاءٍ نظمته الغرفة التجارية الفلسطينية الأمريكية لأعضائها يوم أمس في رام الله استعرض خلاله د. مصطفى الوضع الاقتصادي وموضعة الاقتصاد في ظلّ الحراك السياسي في فلسطين والمنطقة، مشدداً إلى أن هناك حاجة لعمل نوعيّ يعيد النظر في المنظومة الاقتصادية الفلسطينية تؤسس لاقتصاد وطني قادر على النمو وخلق الوظائف والصمود والاستمرار في النضال لتحقيق الأهداف الوطنية. وافتتح الجلسة سعيد برانسي رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الفلسطينية الأمريكية باستعراض للوضع العام واهداف الجلسة ومحاورها.
وفي ظلّ ما يتم الحديث عنه في الإعلام الإسرائيلي عن حزم تسهيلات اقتصادية أكّد د. مصطفى إلى أن أي عمل على المسار الاقتصادي يجب أن يتم وفق الرؤية الوطنية الفلسطينية دون مواربة والقائمة على ممارسة الحق الفلسطيني في بناء اقتصاد وطني قوي ومعتمد على ذاته وليس إجراءات شكلية مبعثرة لا تقدم ولا تؤخر، بل ترسخ التبعية وتؤجل التغيير الجذري المطلوب.
وأوضح د. مصطفى بأنه لا يجب رفض استعادة أي جزءٍ من الحقوق الفلسطينية في الجانب الاقتصادي وهي ليست منّة من أحد؛ ولكن وفق الرؤية الوطنية وليس الاجتزاء والشكليات ومنح بعض التصاريح للبناء هنا او للعمل هناك. مضيفاً "على سبيل المثال فإن الحديث عن المناطق المسماة ج يجب أن يكون شاملاً ومنطلقاً من أنها تشكل جزءاً لا يتجزأ من الوطن وتمثّل أكثر من 62% من الصفة الغربية وبحسب الاتفاقات الموقعة كان يجب الانسحاب منها مع العام 1999؛ وبالتالي فإن تولي مسؤليتها من قبل السلطة الوطنية والقدرة على استغلالها لأغراض التنمية مستحق بحسب الاتفاقيات، والحديث عن السماح ببعض التصاريح غير مقبول ولن يجدي. وكذلك الأمر على المصادر الطبيعية والحقوق الفلسطينية مثل المياه، والثروات الطبيعية، والطاقة والحق الوطني في إقامة البنية التحتية الملائمة للاقتصاد والتي تسمح بنموه بشكلٍ صحي."
وقدّم د. مصطفى عرضاً مفصلاُ حول الاقتصاد الوطني والذي وصفه بالأصعب منذ فترةٍ طويلة حيث أن مؤشر النمو الاقتصادي في تراجع في السنوات الأخيرة وهبط من حدود ال15% أواخر التسعينيات إلى ناقص 1% في العام 2015 و1% في العام 2016. في وقتٍ تراجعت فيه المساعدات الخارجية للموازنة الفلسطينية من حوالي 2 مليار دولار إلى أقل من 700 مليون دولار في السنوات الثماني الأخيرة. وكل هذا في ظل منظومة علاقة اقتصادية مع اسرائيل تحكمها اتفاقية باريس الاقتصادية التي مضى على توقيعها اثنين وعشرين عاماً ولم تعد صالحة، خاصة بعد قيام الاحتلال الإسرائيلي ببناء جدار الفصل.
وشرح د. مصطفى بأن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى استثمارات خاصة بتناغم مع الاستثمارات العامة المحفزة بهدف قلب هذه المؤشرات والوصول إلى نمو بمعدل على الأقل 8% سنوياً "إذا ما أردنا الوصول إلى المسار الصحي للاقتصاد الوطني". مضيفاً إلى أن فلسطين بحاجة إلى منتجٍ وطني بجودةٍ منافسة يحل محلّ المستورد -في الغالب من إسرائيل-، وإلى الوصول إلى خلق الوظائف للتخفيض من البطالة التي ترتفع نسبتها لدى الشباب تحديداً.
ولخص د. محمد مصطفى هذه الرؤية بضرورة العمل على عدد من المسارات أولها العلاقة الاقتصادية التعاقدية مع الاحتلال، وثانياً إعادة توجيه المساعدات من الدول المانحة لدعم الأولويات الوطنية التي تزيد من حجم الاستثمار، وثالثاً خلق بيئة استثمارية مناسبة من خلال تهيئة الأنظمة والقوانين الفلسطينية، وأخيراً أن يقوم المسار السياسي بتسهيل هذه المحاور مما سيسمح بضخ الاستثمارات التي ستدير عجلة الاقتصاد من جديد.
واختتم د. مصطفى بالقول بأن "الاقتصاد القوي والمتين مهم لتوفير أساسٍ للصمود، وقاعدة قوية تعزز من الموقف الوطني وتساهم في تقوية الموقف السياسي، وتؤسس لمرحلة الاستقلال حيث أننا نريد دولةً قوية ومعتمدة على ذاتها".