نشر بتاريخ: 05/04/2017 ( آخر تحديث: 06/04/2017 الساعة: 00:56 )
تونس- معا- قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "لم تكن الإنجازات التي حققها شعب فلسطين في تكريس بنية مؤسساتية متطورة، وفي قلبها مؤسسة أمنية فاعلة تنحاز للمصلحة الوطنية العليا ولقيم العدالة وحقوق الإنسان، أن تتحقق أو تكتمل لولا الدعم المادي والمعنوي الذي كان ولا يزال يقدمه أشقاؤنا العرب، وكلنا أمل بل وثقة، بأنكم ستواصلون هذا الدعم، ولن تتدخروا جهدا لضمان الوصول بمشروعنا الوطني التحرري إلى قدره الحتمي في إنهاء أطول احتلال عرفه تاريخنا المعاصر، وتجسيد دولة فلسطين، دولة مستقلة كاملة السيادة، على حدود عام 1967، والقدس عاصمتها الأبدية، وغزة في قلبها."
جاء ذلك خلال كلمته أمام مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي عقد اليوم الأربعاء، في العاصمة التونسية، تونس، بمشاركة رؤساء الحكومات العربية، ووزراء الداخلية العرب، وعدد من قادة المؤسسات الأمنية العربية.
وأضاف الحمد الله: "يشرفني بداية، ونحن نلتقي معا بمقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، وفي كنف الشقيقة تونس، التي لطالما احتضنت فلسطين والفلسطينيين، وكانت لهم وطنا وحضنا وملاذا، أن أنقل لكم جميعا تحيات فخامة الأخ الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين وتمنياته لأعمال مؤتمركم بالتوفيق والنجاح، وبما يساهم في تحقيق ما تصبو إليه شعوبنا العربية وتستحقه من أمن واستقرار وتنمية. أتقدم كذلك بكل الشكر والعرفان من فخامة الرئيس "الباجي قائد السبسي" وحكومة وشعب تونس الشقيق على حفاوة الاستقبال، وعلى ما تبذله تونس من جهود كبرى لدعم وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، لمواجهة الصعاب والتحديات التي تشهدها منطقتنا العربية، خاصة الأمنية منها."
وأوضح رئيس الوزراء: "يأتي اجتماعنا هذا، في ظل تحديات كبرى وأزمات متلاحقة، وفي غمار منعطف تاريخي حرج تفرضه التطورات السياسية والأمنية في محيطنا العربي، والتي تتهدد بمجملها كيان وهوية وأمن أمتنا، في محاولة لمحو تاريخها الحضاري وتقويض طموحات شعوبها. وفي صلب هذه التحديات، يأتي الإرهاب، الذي يحاول تفتيت مجتمعاتنا ودولنا وتقويض قيم التعايش والسلم الأهلي، وبث الكراهية والتطرف. حيث أدى عدم الاستقرار إلى تنامي وتغلغل التنظيمات الإرهابية التي تحاول إلصاق أعمالها الإجرامية بالإسلام، فباتت بعض الدول تصورنا على أننا نصنع ونصدر الإرهاب، في حين أن الأحداث التي تشهدها منطقتنا، تؤكد أن الإرهاب لا يستثني دينا أو عرقا أو بلدا، بل أن الدول العربية تواجه جميعها نفس المخاطر والتهديدات".
وتابع رئيس الوزراء: "إن مهمة مواجهة التحديات التي تعصف بنا وتعزيز الأمن القومي، إنما تحتم علينا جميعا، ترسيخ تماسك جبهتنا العربية، فهذا التماسك ووحدة الموقف وتكاتف الجهود، هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الاستقرار والأمان، وللدفاع عن دولنا وشعوبنا من أية أخطار أو تهديدات وتحصينها من التطرف والإرهاب والاقتتال. نعم، إننا نجدد، وسط هذا الحضور الأمني الموقر، التأكيد على أهمية بذل جهود مشتركة ومضاعفة لمحاربة بل واستئصال الفكر المتطرف والإرهاب من خلال مراجعة منهج عمل أجهزتنا الأمنية، وتفعيل أطرنا التشريعية، والاتفاقيات والاستراتيجيات الأمنية العربية، واتخاذ المزيد من التدابير والخطوات الجماعية الفاعلة لترسيخ التعاون والتنسيق على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية، وتفعيل اتفاقيات الأمن والقضاء، وبتبادل المعارف والخبرات والتجارب في العمل الأمني، وفي هذا السياق وتخليدا لذكرى الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، نعلن عن تأمين منح دراسية كاملة لطلاب عرب ولمنتسبي وزارات الداخلية في الدول الشقيقة في الجامعات الفلسطينية".
واستطرد الحمد الله: "إننا نثمن عاليا الجهود الحثيثة الذي تبذلها مؤسساتنا الأمنية العربية لتعزيز المنعة الداخلية وبسط الأمن والاستقرار، خاصة في إطار مجلس وزراء الداخلية العرب ومكاتبه المتخصصة، وأمامنا اليوم، على جدول أعمال هذه الدورة، العديد من الموضوعات والتحديات التي نأمل أن يتم التوصل إلى توصيات وقرارات مناسبة وحاسمة حولها."
وأوضح رئيس الوزراء: "إننا، في فلسطين، وإذ نواجه معكم هذه المخاطر، يستمر الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا ومواردنا ومقدرات شعبنا، وتمعن حكومته في توسعها الاستيطاني غير الشرعي. وتطوق إسرائيل شعبنا بالجدران والحواجز والحصار، وتهدم البيوت والمنشآت في القدس والأغوار وسائر المناطق المسماة (ج)، كما في أم الحيران وقلنسوة ووادي عارة، وهي تستمر منذ أكثر من عقد من الزمن، بحصارها الظالم على قطاع غزة، وتحاصر مدينة القدس وتنتهك مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتفرض مخططات التهجير والاقتلاع على أهلنا فيها. هذا وتستمر معاناة نحو سبعة آلاف أسير فلسطيني من بينهم حوالي ثلاثمائة طفل وقاصر، وستين أسيرة وسبعمائة من الأسرى المرضى."
واستدرك الحمد الله: "إن هذا كله، إنما يستدعي، أيها الأخوة والأخوات، موقفا دوليا حازما وموحدا للجم انتهاكات إسرائيل، وإلزامها بوقف أنشطتها الاستيطانية غير الشرعية، ونطالب أشقائنا العرب بمواصلة دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز ثباته وصموده، لا سيما في مدينة القدس المحتلة الصامدة، التي تحاول إسرائيل تغيير تاريخها وهويتها وفصلها عن محيطها العربي والإسلامي".
وأردف رئيس الوزراء: "إزاء المعاناة والألم الذي تعيشه بلادنا، تركز عمل الحكومة، بمتابعة وتوجيهات من سيادة الرئيس محمود عباس، على حماية مشروعنا الوطني وتحقيق الاستقرار المجتمعي وتعزيز صمود ومنعة شعبنا، وتوفير المناخ الإيجابي المحفز للاقتصاد والاستثمار. وكنا في كل خطوة نخطوها، ندرك تماما، أن المدخل الرئيسي لتحقيق ذلك، هو بفرض القانون والنظام ومنع الفلتان الأمني واجتثاث الجريمة والفوضى، وعلى قاعدة إعمال مبادئ حقوق الإنسان، فقد انصب قسم كبير من عملنا على تطوير قطاع الأمن، وعمل ضباط ومنتسبي مؤسستنا الأمنية، بكل كفاءة ومهنية، متحدين كافة الصعاب التي تحاصر مهامهم وتتهدد سلامتهم، على صون وإعمال مصالح وسلامة المواطنين وإرساء سيادة القانون. ونحن ندرك تماما، أن تحقيق الأمن القومي لمنطقتنا، ينطلق أساسا من تكريس الأمن الداخلي وضمان حقوق المواطنين."
وأضاف رئيس الوزراء: "إننا ماضون في مسيرة البناء والتنمية، وفي تطوير المؤسسات والخدمات، في وقت تواصل القيادة الفلسطينية، جهود تدويل قضية شعبنا والانضمام إلى شبكة كبيرة ومتنامية من الاتفاقات والمؤسسات الدولية، والوصول بمعاناة شعبنا إلى كل محفل ومنبر دولي، فحققنا نجاحات دبلوماسية نوعية، وانتزعنا اعتراف دول وشعوب العالم بحق وجدارة وجاهزية شعبنا لإدارة شؤون دولته".
وقال الحمد الله: "قبل أن أختم كلمتي، أتوجه من معالي الأخ مـحمد بن كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بالشكر الجزيل على دوره الحيوي الهام في متابعة القرارات والتوصيات التي تصدر عن المجلس، وأحيي جميع العاملين في الأمانة العامة ومكاتبها المتخصصة، وفي جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية. والشكر موصول أيضا إلى أخي معالي الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة وزير الداخلية في مملكة البحرين على الجهود التي قام بها خلال رئاسته للدورة الماضية لتعزيز التعاون الأمني العربي. وأتمنى لمعالي وزير داخلية تونس، كل التوفيق بمهامه في رئاسة الدورة الجديدة، كما وأتوجه بالتهنئة إلى الأخوة الوزراء الذين تولوا مناصبهم حديثا وينضمون اليوم إلى اجتماعاتنا".
واختتم رئيس الوزراء كلمته: "أتمنى أن يلبي حصاد هذا المؤتمر وعملنا الأمني المشترك عموما، طموحات شعوبنا التواقة للمزيد من الأمن والاستقرار، وكلي أمل بأن نجتمع سويا على أرض فلسطين، وقد تحررت من كافة أشكال الاحتلال والاستعمار، ونهضت غزة وتجسدت سيادتنا على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس العاصمة الأبدية لدولتنا. واسمحوا لي أن أشكر من على هذا المنبر، كل من وقف ويقف إلى جانب شعبنا الفلسطيني الصامد في معركته اليومية ضد الاحتلال والظلم والطغيان، ونتمنى على الدول العربية الشقيقة والصديقة المزيد من دعم حضور وعضوية فلسطين في المؤسسات والمنظمات الدولية الفاعلة، بما في ذلك الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول"".