نشر بتاريخ: 09/04/2017 ( آخر تحديث: 09/04/2017 الساعة: 12:29 )
القدس - معا - مشاريع التطبيع الإسرائيلية تدخل في صلب الأجندة الأميركية، وفق التقارير الإسرائيلية، التي أوضحت أن ترامب، تحدّث بحماسة عن رغبته في التوسّط للسلام في الشرق الأوسط، واهتمامه بالتقارب الإقليمي الأوسع بين الإسرائيليين والعرب، وأن زيارات عدد من القادة العرب إلى البيت الأبيض، قد تضع الأساس لعقد قمة عربية – إسرائيلية برعاية أميركية.
وسط المساعي الأميركية المحمومة لترتيب عقد قمة إسرائيلية – عربية في الولايات المتحدة، كان الإعلام الإسرائيلي واضحاً في التركيز على جوهر الموضوع عندما تحدّث عن الجديد في المؤتمر الذي تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترتيبه واستضافته، وهو المشاركة الخليجية، لأول مرة، على قدم المساواة إلى جانب إسرائيل، الأمر الذي يُشكُّل بالنسبة لتل أبيب خطوة أولى في طريق التطبيع، وبداية علنية للحلف العربي – الإسرائيلي، الذي تسعى إسرائيل إلى بلورته ضد إيران.
هذه الحقيقة كانت في صلب المُخطط الاقتصادي الإقليمي الذي عرضه وزير المواصلات، إسرائيل كاتس، بطلب من نتنياهو، على مبعوث الرئيس الأميركي الخاص، جيسون غرينبلات، ويتضمَّن خطة "جزيرة الانفصال" عن غزة، وخطة "السكك الحديدية للسلام الاقتصادي الإقليمي"، والتي تشمل ربط الأردن ودول الخليج ومناطق السلطة الفلسطينية بالموانئ البحرية في حيفا، الأمر الذي سيساهم بحسب المخطط الإسرائيلي في تعزيز الاقتصاد في كل من الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، وفي إيجاد محور مضاد "للمحور الشيعي" الذي تقوده إيران.
تفاصيل خطة كاتس، التي عرضها خلال مؤتمر صحافي، يوم الأربعاء الماضي، ليست بجديدة، وسبق وتحدَّث عنها مراراً، وعرضها للنقاش على المجلس الوزاري المصغَّر "الكابينت".
لكن الجديد هو تسويق الخطة لدى الإدارة الأميركية، حيث طرح تفصيلها على الموفد الأميركي، غرينبلات، خلال زيارة الأخير إلى إسرائيل الشهر الماضي، وتلقَّى وعداً منه بأنَّه سيعمل من أجل تجنيد الرئيس ترامب للدعم وتقديم المساعدة في الدفع قدماً بهذه الخُطط، التي تتضمّن إقامة جزيرة اصطناعية قبالة شواطئ قطاع غزة، وخطة السكك الحديدية الإقليمية تربط إسرائيل مع الأردن بداية، ثم مع السعودية ودول الخليج.
الخطة الأولى، تتضمن، بحسب كاتس، إقامة جزيرة اصطناعية توفّر لقطاع غزة علاقة مواصلات اقتصادية ومخرجاً على العالم مع "الحفاظ على أمن إسرائيل".
أما الثانية، فتنص على بناء "سكك حديدية للسلام الاقتصادي الإقليمي"، تشمل ربط الأردن ودول الخليج والفلسطينيين في الضفة بالموانئ البحرية في حيفا، بواسطة شبكة من القطارات الإسرائيلية. وحسب الخطة يجري توسيع مسار "قطار الغور" إلى الشرق حتى جسر الملك حسين على حدود الأردن، ومن هناك يواصل الخط إلى السعودية، وفي المقابل يجري ربط الفلسطينيين بسكة حديدية تصل إلى معبر الجلمة في منطقة جنين.
وأوضح كاتس أنه قال لغرينبلات إنه ليس بحاجة إلى أموال من الولايات المتحدة، وإنما دعمها ومساندتها، حيث أن المستثمرين هم من سيتولَّون هذه المشاريع، وأنه (كاتس) يجري اتصالات مع دول أخرى في المنطقة وفي العالم، بما في ذلك دولاً عربية، من أجل تجنيد التعاون.
وقال كاتس "بطبيعة الأمور، بالنسبة للجانب العربي، لن أذكر التفاصيل، وإنما قلت انطلاقاً من قاعدة صلبة، أن هذه الأفكار ليست غريبة عنهم، وأن هناك حواراً جدياً، وأنا متفائل بشأن القدرة والحاجة للدفع بهذه الأمور".
مشاريع كاتس الاقتصادية التطبيعية التي أبهرت غرينبلات، تلتقي مع توجهات الأخير الذي يُركز في محادثاته في إسرائيل والمنطقة على الجانب الاقتصادي، ويرى أن تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تعتبر كأداة لتحريك "العملية السياسية"، بما يعيد إلى الأذهان فكرة "السلام الاقتصادي" التي سبق أن طرحها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
مشاريع التطبيع الإسرائيلية تدخل في صلب الأجندة الأميركية، وفق التقارير الإسرائيلية، التي أوضحت أن ترامب، تحدّث بحماسة عن رغبته في التوسّط للسلام في الشرق الأوسط، واهتمامه بالتقارب الإقليمي الأوسع بين الإسرائيليين والعرب، وأن زيارات عدد من القادة العرب إلى البيت الأبيض، قد تضع الأساس لعقد قمة عربية – إسرائيلية برعاية أميركية (ترامب التقى في الأيام الأخيرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبدالله الثاني، كما سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس).
وأوضحت التقارير، أنه في حال تمّ عقد قمة من هذا القبيل، فإن قادة خليجيين سينضمون إلى نظرائهم المصريين والأردنيين إلى جانب الإسرائيليين أمام الكاميرات، وهي لحظة تلفزيونية لم يسبق لها مثيل سيستسيغها ترامب.
وبحسب التقارير، فإنَّ حكومة نتنياهو، تقف وراء مثل هذا المُقترح الذي ينسجم مع أجواء التصريحات الإسرائيلية، التي تتحدث مؤخراً عن حل إقليمي للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
وفي هذا السياق، نقلت التقارير الإسرائيلية عن وزراء وموظفين حضروا جلسة المجلس الوزاري المصغَّر "الكابينيت"، قبل أسبوع تقريباً، قولهم إن نتنياهو شدد خلال الجلسة على نية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التوصّل إلى تسوية سياسية في المنطقة، وأنه بصدد الدفع بمبادرته علناً، وقال للوزراء إنه لا يعلم تحديداً ما هي الخطوات التي سيتخذها ترامب، لكن "يجب على إسرائيل أن تظهر نيتها الإيجابية، وأن لا تتصرف كمن يريد إفشال المسعى الأميركي".
وكشف نتنياهو أمام الحاضرين طلب الولايات المتحدة، المتمثل بالأساس باتخاذ عدد من الخطوات تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن يظهر تأثير هذه الخطوات على الفور.
وأشار نتنياهو إلى أنه سيوافق على الطلب الأميركي، وأنه سيقوم بخطوات من شأنها التأثير إيجابياً على الاقتصاد الفلسطيني، دون أن يذكر ما هي تلك الخطوات، لكن الوزراء ألمحوا إلى أن إحدى هذه الخطوات قد تكون السماح للفلسطينيين بالبناء في منطقة "ج"، التي تخضع للسيطرة العسكرية والمدنية الإسرائيلية بشكل كامل.
نتنياهو أطلع وزراء "الكابينت" على التفاهمات التي تحققت مع إدارة ترامب بالنسبة للبناء في المستوطنات، حيث خرج وزراء اليمين راضون. وكان الإحساس أنه في عهد ترامب انتهى عهد التجميد، ومن الآن فصاعداً سيكون ممكناً البناء في المستوطنات، وإن لم يكن "العربدة".
قرار المجلس الوزاري المصغَّر ينطوي على إنجازات ليست قليلة لنتنياهو، إذ لا يوجد تجميد رسمي وكامل للبناء في المستوطنات، وظاهراً، لا توجد قيود على البناء في الأحياء اليهودية الواقعة وراء الخط الأخضر في شرقي القدس، ولا يوجد أي تمييز بين البناء في كتل المستوطنات والبناء في المستوطنات المعزولة.
أضف إلى ذلك أن البيت الأبيض طلب من نتنياهو العودة إلى التفاهمات بين الرئيس الأسبق جورج بوش، ورئيس الحكومة الأسبق اريئيل شارون، التي تُحدد بأن البناء سيتم فقط داخل مناطق البناء في المستوطنات. وقد رفض نتنياهو ذلك، وبشكل خاص بسبب حقيقة عدم وجود احتياط للأرض في المناطق المبنية.
ونجح نتنياهو في نهاية المطاف بتحديد سياسة جديدة، بحيث يمكن البناء إلى جانب خط مناطق البناء، وبهذا الشكل زيادة عدد المستوطنين وتوسيع مناطق نفوذ المستوطنات.
في المقابل، لن تسمح السياسة الجديدة (وفق التقارير الإسرائيلية) بضم مستوطنات إلى إسرائيل، ولن تسمح بالبناء في المنطقة المتنازع عليها (إي1) التي تربط بين معاليه ادوميم والقدس، ولن تسمح بتشريع بؤر غير قانونية وتحويلها إلى مستوطنات جديدة، علماً أن نتنياهو حصل على موافقة صامتة من قبل الإدارة الأميركية ببناء المستوطنة الجديدة لمستوطني "عامونة".
وسط التفاهمات الإسرائيلية – الأميركية حول الاستيطان، سجَّل الاتحاد الأوروبي احتجاجاً على هدم بيوت الفلسطينيين في المناطق (ج) في الضفة الغربية، فقد سلَّم سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل لارس فابورغ – أندرسون، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، رسالة شديدة اللهجة باسم كل دول الاتحاد الأوروبي، تُطالب إسرائيل بوقف هدم المباني الفلسطينية في المناطق (ج)، وبشكل خاص إلغاء أوامر الهدم في قرية خان الأحمر البدوية، القريبة من مستوطنة معاليه ادوميم، لأن هذا الأمر سيؤدي إلى ترانسفير قسري للسكان، ويشكّل خرقاً لمعاهدة جنيف.
وقد احتجَّت إسرائيل على الرسالة الأوروبية، وجرى إبلاغ نائب سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، مارك جلاغر، من قبل مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل تعتبر البناء في قرية خان الأحمر قرب معاليه ادوميم، والذي تمَّ تمويل غالبيته من قبل الاتحاد الأوروبي، "غير قانوني"، ومصير البناء غير القانوني في إسرائيل معالجته حسب القانون.
واستهجنت إسرائيل "الانشغال المهووس" في الاتحاد الأوروبي في مسألة هدم البيوت في المناطق (ج)، رغم وجود عشرات الأزمات الإنسانية في أنحاء العالم.
التعليقات الإعلامية
موضوع القمة الإقليمية التي تسعى الإدارة الأميركية لعقدها في واشنطن، شكَّلت محوراً لتعليقات المحللين والمعلقين الإسرائيليين الذين شككك بعضهم في إمكانية نجاح هكذا قمة في إنجاز تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، معتبرين أن الظروف الحالية لم تنضج بعد للمفاوضات، أو لـ "صفقة" على حد تعبير ترامب.
وأشاروا إلى أن ترامب يعتقد أن أبو مازن، يتوق لصنع السلام، وكذلك دولاً عربية، ولكن ما ينسونه هو أنه إذا كانت الآن انتخابات بين الفلسطينيين في الضفة الغربية فإنَّ حماس ستفوز، وهي لا بد ستعرقل أيضاً كل تسوية مستقبلية مع السلطة الفلسطينية لا تكون مقبولة عليها.
وتطرَّق محللون ومعلقون آخرون إلى موضوع الاستيطان، معتبرين أن قرار "الكابينت" الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل التطوّع لتقييد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، ومبررات نتنياهو لوزرائه من أجل الموافقة على ذلك، أوضحت أنه في عهد ترامب أيضاً، فإنَّ سياسة البناء في المستوطنات توضع في البيت الأبيض وليس في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية. ولذلك أضاف المحللون، في إسرائيل بدأوا يشتاقون لأوباما في وقت مبكر أكثر مما كان متوقعاً، لأنه ساهم في أمن إسرائيل أكثر من أي رئيس أميركي آخر.
المصدر: الميادين نت