هل ستنجح عبلة جابر باضافة تاء التأنيث لأمير الشعراء؟
نشر بتاريخ: 11/04/2017 ( آخر تحديث: 11/04/2017 الساعة: 11:42 )
بيت لحم- دعاء شمروخ- خاص معا- "ميزة ومنحة ومحنة" بهذه الكلمات وصفت الشاعرة الفلسطينية عبلة جابر (28 عاما) فقدانها لحاسة السمع، التي استبدلت بها عالم الضجيج بالخيال لتصنع لنفسها اسما ومكانا يحفر في أذهان الجميع.لم تولد عبلة بإعاقة في حاسة السمع، بل بدأت بفقدانها تدريجيا منذ الصف السادس الإبتدائي، وقد شعر والداها بوجود مشكلة ما، إلا أنها كانت تكابر رافضة الاعتراف بذلك، حتى أنها حاولت مرارا خداع الأطباء أثناء اختبارات السمع، من خلال النظر في عيونهم انتظارا لاشارة تجعلها تضغط كبسة الإيجاب بسماع الأصوات.جابهت عبلة الطفلة كل الصعوبات وعاشت في عالم صامت فارغ، اعتمدت فيه على نفسها وبذلت أضعاف ما يبذله أي طفل آخر فقط لتظهر أنها طبيعية، ودائما ما كانت الأولى على صفها."إن كان هناك ياباني لا يستطيع تكلم اللغة العربية أو الإنجليزية وتقابل مع عربي لا يتحدث اللغة اليابانية والإنجليزية فكيف سيتواصلان؟ هل سيعتبر كل واحد منهما الآخر معاقا؟، وهكذا هم الصم وضعاف السمع"، تقول عبلة لـ معا.وأضافت أنها لا تعتبرها إعاقة بقدر ما تراها تحديا للبحث عن مصدر آخر للمعلومات، مضيفة أن الكتب كانت ملاذها للوصول الى ما تريد، فكانت تقرأ كثيرا حتى باتت تعتبر نفسها من قوارض الكتب.
"ورثت موهبة الشعر عن جدي عبد الوهاب الذي كان يقرأ علي قصائده ويسحرني إيقاعه، تمنيت كثيرا أن أصبح شاعرة مثله، وعندما سألتني المعلمة في الصف الرابع عن أمنيتي في المستقبل، قلت لها: شاعرة، وعندما قرأت إحدى كتاباتي دعمتني وأصبحت تناديني الشاعرة الصغيرة عبلة، وبدأت حينها بكتابة الأناشيد المدرسية مع والدتي"، قالت عبلة.وأضافت، "المعاناة تولد الإبداع، فحين ابتعدت الأصوات عني بدأت أشعر بفراغ حولي فاستمد أشعاري من عزلتي التي أعيشها معظم الوقت، ففقدان ضوضاء الصوت أتاح لي مساحة من الأخيلة والهذيان والجنون".تقول والدة عبلة أثينا زاهدة لـ معا، "اكتشفت موهبة عبلة وعمرها 4 سنوات كنت أقرأ لها القصص وبعض أناشيد الأطفال، وكنت أراها تحاول الإنشاد وحدها فأحضرت دفترا وكتبت ما كانت تدندن حتى أنني أحتفظ به حتى الآن، استمريت بالكتابة على هذا النهج حتى كبرت وصارت تكتب ما يجول بخاطرها"."والدي رحمه الله علّم عبلة بحور الشعر وكان يستمع لقصائدها ويقول لها إن لديها صورا شعرية رائعة وكانت تسأله هل سأكون مثل فدوى طوقان فيبتسم ويجيبها وأحسن"، تابعت زاهدة.
كثيرون لم يعرفوا بالعالم الصامت المحيط بعبلة، حتى أرادت إعلان ذلك على الملأ في فترة الجامعة، فقد كانت قادرة على خداع الجميع حتى قررت الاعتراف، تقول عبلة لغرفة تحرير وكالة معا" الأمور مع الوقت تصبح أصعب ومقدار التحمل والمداهنة يزداد، كما أن المشكلة تتفاقم كل ذلك دفعني للاعتراف".أما والدة عبلة فقالت لـ معا، إنها كانت تتوقع ذلك لوجود عامل وراثي وهو والد عبلة، وأن ذلك لم يشكل فارقا كونها اجتازت المرحلة التأسيسية في التعليم لوحدها.كبرت عبلة وكبر معها شغف الكتابة حتى باتت تلقي الشعر، وكتبت الكثير ونشرته في عدد من المجلات الالكترونية والمطبوعة والمواقع والمنتديات، كما أن لها رواية بعنوان "اندثار" نشرتها عام 2016 تتحدث عن واقع المرأة الفلسطينية واسقاطات عن واقع الثورات العربية والتهويل بها.
عبلة وبرنامج أمير الشعراء
بينت عبلة لوكالة معا، أنها شاركت في برنامج أمير الشعراء عام 2015 ووصلت الى مرحلة الارتجال فقط، وتعتقد أن سبب خروجها آنذاك متعلق بالصعوبات السمعية وحدوث مشاكل سمعية حالت دون استمرارها.وقررت أن تكمل مسيرة التحدي العام الحالي 2017 من خلال المشاركة في الموسم السابع من البرنامج مرة أخرى، ومواجهة المعدين بخصوص المشكلة لتفادي أي مشاكل صوتية، مشيرة إلى أن الطاقم كان متعاونا معها ووفر لها كل السبل الممكنة لتيسير مشاركتها، حتى أنهم وفروا لها مترجما للغة الإشارة ساعدها على اجتياز البث المباشر.المشاركة في البرنامج حلم راودها منذ العام 2007 بعد مشاركة تميم البرغوثي في البرنامج بقصيدته الشهيرة عن القدس.وأشارت الى أنها إن ربحت اللقب الذي طالما كان للذكور متمنية أن تضيف له تاء التأنيث، ستتبرع بنصف الجائزة الى الأطفال الصم في فلسطين.
وعن بعد دراستها عن موهبتها، قالت عبلة إنها درست الصيدلة لتكمل دراستها العليا في التكنولوجيا الحيوية، محاولة دمج الشعر مع العلم وأن تكون عالمة وشاعرة في ذات الوقت، فدرست علم العروض وتحليل النص الأدبي والفني، بالإضافة الى بحور الشعر.وتفضل الكتابة على شعر التفعيلة والشعر العمودي وعلى البحر الكامل والوافر، أما القصيدة النثرية فمحاولاتها قليلة فيها كونها تحتاج أكثر الى تكثيف الصور والأخيلة والايقاع الداخلي حسب تعبيرها.ووجهت عبلة رسالة لأهالي الصم، أن يؤمنوا بأبنائهم ويعلموهم القراءة لأنها وسيلتهم الوحيدة ونافذتهم للحياة، وأن يفهموا كل شيء، كما أن عليهم أن يثقوا بأطفالهم وأن لا يجعلوا ذلك عقبة أمامهم.أثبتت عبلة أن الإعاقة ليست عائقا أو سببا للاستسلام والفشل، وأن الإعاقة إعاقة العقول لا الجسد.
مقتطفات شعرية من كتابة عبلة جابر
أرى سربا من الأوجاع فيناأرى وطنا يمزقه الأنينُإلى اي البلاد أدير وجهيوكل الأرضأشواكٌ وطينُ"أيلول يدخل في الغياب المر"ثقبٌ ليتّسع المدىورصاصةٌ في القلب تكفي كي أعود إلى هناموج الحكاية عالقٌ ما بين ارصفة الندىغيمٌ يطلّ على البلاد كأنّما يجتث نبض الأرض من بِلَورهيروي حكايةُ حلمنا:شوق الحياةِ إلى الحياةهي حكمة العشاق في زمنٍ مضىمرّوا على بعضي هنا*ألقوا السلام ولا تقولوا للفؤاد إلى اللقاءموتٌ يكفنه البقاءهي سورةُ الاسراءفي وطنٍ مؤجلوالجوع أول فتنةٍومرارة العشق احتمالٌ للغيابهو ملحُ عمرٍ راح يعجنه السرابوأنا أعانق ما تبقّى من ضبابمطرٌ على ظهر الزجاج كأنه وشم الحبيب وظلّ ليلكةٍ يلحنها الربابمرّوا على بعضي هناك*أصبحتُ أكثر واقعيةْوابتعدتُ عن الخيالفرأيت أوجاع المرايا في دميوسمعتُ صرخات الرمالورأيت أحزانا على كتفِ الجبال"طفلٌ" يبيع الحلم في الأسواق طول الوقتأمٌ تراوغ ظلّها في الليل ترفض أن تنامكي تعجن الحلوىوأقراص الفطار"بنتٌ" تدربّ قلبها للعشق تحلم أن تصير كشهرزادشيخٌ" يردد سورة الإخلاص أنهكه الرحيل"تعبٌ يحاور مستحيلوطنٌ يسافر في دميوالحلم عانقه الجليلعُشر الحكاية ان اطلّ على هنا لأظل أرسمه الندىوأنا أحاول أن أكون كما أنا*لي أمنياتٌ يا الهيأن يولد الحبّ بين قذيفتينْتتبادلان النار ألسنة اللهبتتعنقان للحظةٍ أو لحظتينْتتناسيا جرح في ثلج الغضب*لي أمنياتٌ يا إلهيان تستريح قلوبنا نحن" البشر"أن تستضيئ دروبنا بالنور حينا بالمطريا ربُّ جمّله القدر*ياربّ هذي حالنا شعبٌيساوره القلقْيمشي سريعا في الطريقيتفقّد الأسعار والأسواقويصيبه داء الأرقمتوحدا في ظلّه..مستوحشا من ارضهمتربصا من نفسهيخشى الغرقلنصير شعبا من ورق*ما بيننا خيطٌ رفيعٌ من تعبمتداخلون بجرحنانتشارك اللاشيءَ في شيءٍ وحيدتركيبة الوجع المسافرِ في الوريديتشابه الظلّ الأخيرجسدٌ يغيّر لونهوطنٌ يصادق جرحهطفلٌ سيحمل حلمهليصير طيرا في النشيد*لي أمنياتٌأن يصير الشعر مثل الخبزِ نصطاد الغيومونلقح الأحزان دمعاكي ننجب النايات فجراهذا مديحٌ آخرٌ للحزن في زمنِ الجنون*أيلول يدخل في الغياب المرّيستلقي على وجعٍيناشد غيمة ًفي القلبِيستدعي المطرأيلول أنهكه السفرهذي شهادة مولديووثيقةٌ للجرح في زمنٍ جريح*هذي انا بنتٌتكحل عينها بالصمتِتدخل في الرحيل الحرّمن وطنٍ إلى منفىومن منفى إلى وطنٍليسكنها الرصيف*هذي انا تعويذةٌ للحبّفي زمنِ الخريفأيلول عانقني طويلاواهتدى نبضي الضعي