السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما هو دور الصليب الاحمر خلال اضراب الاسرى؟

نشر بتاريخ: 17/04/2017 ( آخر تحديث: 17/04/2017 الساعة: 12:54 )
ما هو دور الصليب الاحمر خلال اضراب الاسرى؟

القدس -معا- اعلن رعد الحسبان نائب منسق شؤون الحماية لدى بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة، ان مهمة الصليب الاحمر خلال فترة اضراب الاسرى تتمثل في تكثيف زيارتهم للمضربين وزيادة الكوادر البشرية، واطلاع الاهل على اخر مستجدات اوضاع الاسرى الصحية والانسانية، دون الخوض في تفاصيل حالات الاسرى مع وسائل الاعلام.

وقد اصدر رعد الحسبان رسالة في يوم الاسير الفلسطيني جاء فيها:

بمناسبة "يوم الأسير الفلسطيني" الذي تحلّ ذكراه اليوم، تجتاحني مشاعر التعاطف مع آلاف المحتجزين الذين نزورهم في أماكن الاحتجاز الإسرائيلية. ولا تغيب عن خاطري تلك الفجوة بين الآمال التي تعلّقها عائلات آلاف المحتجزين الفلسطينيين على ما يمكنني تقديمه لهم، ونطاق المهمة المنوطة بالمنظمة التي أعمل بها.

على مدار أكثر من خمسين عامًا، زرنا محتجزين فلسطينيين في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية. وظل هذا العمل في مقدمة أولوياتنا لعقود. ومع مرور الزمن، يتغير المحتجزون، وكذلك مندوبو اللجنة الدولية. لكن مهمّة اللجنة الدولية الصليب الأحمر ومسؤولياتها تظل راسخة دون تغيّر.
وتهدف زياراتنا إلى مرافق الاحتجاز دائمًا إلى تقييم المعاملة التي يتلقاها المحتجزون وظروف احتجازهم. ولطالما كان هدفنا النهائي – وسيظل دائمًا – هو ضمان وجود معاملة إنسانية وظروف احتجاز مقبولة. وبخلاف ما يظنّه الكثيرون، نحن لا نناقش أسباب الاحتجاز، ولا نطالب الإفراج عن المحتجزين.
اسمي "رعد الحسبان،" أنا زوج وأب لطفلتين. أنا مسؤول عن إدارة الزيارات التي تنفّذها اللجنة الدولية إلى جميع المحتجزين الفلسطينيين في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية منذ ثمانية عشر شهرًا. زرت في إطار منصبي الحالي جميع مراكز التحقيق في إسرائيل واثني عشر سجنًا من سجونها. ودار بيني وبين ما يزيد على مائة محتجز أحاديث طويلة. التقيت المحتجزين من كبار ممثلي الفصائل الفلسطينية كافة. ولم نترك في أحاديثنا شيئًا لم نتطرق إليه: الطموحات، ومشاعر الأبوّة، والسفر والترحال، وكذلك الاحتجاز الإداري، والعزل المطول، والتواصل مع الأحباب.

منذ شغلت منصبي الحالي قبل ثمانية عشر شهرًا، تابعت عن كثب 24 حالة إضراب فردي عن الطعام، وحالة إضراب جماعي واحدة وقعت في صيف عام 2016.

من المفهوم أن تجذب الإضرابات عن الطعام اهتمام الإعلام. وهذا الاهتمام الإعلامي يلقي بنا وبالمحتجزين المعنيين في دائرة الضوء. غير أنه يجلب معه وللأسف حزمة من الآمال التي تُعلّق في غير موضعها على جهات عديدة، من بينها اللجنة الدولية.

إن الإضراب عن الطعام وسيلة من وسائل التعبير عن الاحتجاج. ونحن نحترم قرار أي محتجز بخوض إضراب عن الطعام، ولا ندعم هذا القرار أو ندينه. وبوصفنا وسيطًا إنسانيًا محايدًا، نحن لا نُقدِم أبدًا على الضغط من أجل إنهاء إضراب عن الطعام، أو لكي توافق السلطات المعنية على مطالب المضرب عن الطعام.

إذن فما الذي نفعله بالضبط عندما تقع حالة إضراب عن الطعام؟
في حالة وقوع إضراب جماعي عن الطعام، نرفع وتيرة زياراتنا ونزيد الكوادر البشرية التي تُجري هذه الزيارات. فيزور مندوبونا وطبيبنا المحتجزين بشكل منتظم طوال مدة إضرابهم عن الطعام. فيبصّرونهم بعواقب الإضراب عن الطعام على صحتهم ورفاههم، ويضمنون احترام السلطات المُحتجِزة رغباتهم كمرضى. ووفقًا لمبادئ السرية الطبية، نحن لا نكشف علانية عن مستجدات الحالة الطبية للمضرب عن الطعام حتى وإن ألحّت علينا الأوساط الأعلامية في طلب ذلك.
غير أننا نُطلع أقارب المحتجزين المضربين عن الطعام على أحوالهم نزولًا على رغبات المحتجزين أنفسهم. وهي بلا شك مهمة عسيرة يكتنفها فيض من المشاعر.

كثيرون هم المحتجزون الذين يطلبون منّا إخفاء حقيقة تدهور أحوالهم الصحية – كنتيجة مباشرة لإضرابهم عن الطعام – عن عائلاتهم. برّر أحدهم طلبه بأن أمّه المُسنّة تعاني من مرض بالقلب. فكان يخشى إن علمت بحالته الصحية السيئة أن تحدث لها مضاعفات خطيرة. لا سيما وأنها تمثل له الصّخرة الشامخة التي يستمد منها صموده، ولا يمكنه تخيل ما يمكن أن يحلّ به إذا فقدها.

أنا أتفهم شعور اليأس الذي يسيطر على المحتجزين، وحاجتهم للّجوء إلى طريقة غير عنيفة للاحتجاج أو للحصول على بعض المطالب. بيد أنني أعي كذلك العواقب الصحية الوخيمة التي قد يسفر عنها الإضراب عن الطعام، وكذلك الضغط العاطفي الذي يضعه الإضراب عن الطعام على عائلات المحتجزين، لا سيما إذا ما أُذيعت معلومات حساسة حول الحالة الصحية للمحتجز على الملأ.

واليوم، مع انطلاق الإضراب عن الطعام، فإنني أود أن أغتنم الفرصة لأناشد المحتجزين، وممثليهم القانونيين، والسلطات المختصة إعطاء أولوية للحوار والوصول إلى حلول تُجنّب حدوث عواقب لا رجعة فيها على صحة المحتجزين. وأود كذلك أن أناشد الجهات ذات الصلة أن تتجنب إذاعة أحوال المحتجزين الصحية فذلك لن يجلب سوى أطنان من الألم النفسي والحزن تثقل كاهل عائلات المحتجزين وأحبائهم.

ومع هذا، فإنني أؤكد التزامي الراسخ والتزام اللجنة الدولية ببذل كل ما بوسعنا في نطاق مهمتنا، وأن ننهض بمسؤولياتنا كما يجب.

أتفهم ذلك التفاوت بين ما نقدمه وما ينتظر الكثيرون منا أن نقدمه، لكنّ هذا التفاوت لا وجود له إلا في أذهان الناس. فلقد كنا دائمًا صرحاء وواضحين بشأن ما نقدمه، ونحن مستمرون فيه.


بعد ثماني سنوات من العمل في مجال الإحتجاز، بات لديّ يقين لا يتزعزع في أنّنا نُحدث فرقًا إيجابيًا. ولقد تردد ذلك على مسامعي من المحتجزين أنفسهم. فقال لي أحدهم ذات مرة: "أنا على استعداد لأن أبيع كل ما أملك لقاء ما تنقله لي من أخبار عن عائلتي". في حين قالي لي محتجز آخر يقبع في الحبس الانفرادي: "أنت الشخص الوحيد الذي أراه منذ وقت بعيد جدًا. أنت شعاع الأمل الذي أطلّ عليّ".

إن سماع كلمات كهذه يشعرني بالاعتزاز، وكذلك إيماني العميق أنني وزملائي قادرون على إحداث فرقٍ في حياة الكثير من الناس، وإن لم تُلبَّ جميع التوقعات

"رعد الحسبان " هو نائب منسق شؤون الحماية لدى بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة. لديه خبرة تربو على 11 عامًا في مجال العمل الإنساني. عمل في الكثير من البلدان من بينها السودان، اليمن، تشاد، الصومال وجورجيا.

حقائق وإحصاءات
يبلغ متوسط عدد زيارات السجون التي يجريها مندوبو اللجنة الدولية إلى مرافق الاحتجاز الإسرائيلية 400 زيارة سنويًا.
قامت اللجنة الدولية بتسهيل ما يقرب من 3.5 مليون زيارة عائلية منذ عام 1968.
تبادل محتجزون فلسطينيون وعائلاتهم أكثر من 160,000 رسالة من رسائل الصليب الأحمر بمساعدة مندوبي اللجنة الدولية منذ عام 1967.
تبادل محتجزون فلسطينيون وعائلاتهم ما يزيد على 76,000 رسالة شفهية (سلامات) بمساعدة مندوبي اللجنة الدولية منذ عام 1980.