الصين والسلطة تبحثان مشروع "طريق الحرير"
نشر بتاريخ: 30/05/2017 ( آخر تحديث: 31/05/2017 الساعة: 01:35 )
رام الله - معا - استقبل وزير الخارية د. رياض المالكي في مكتبه بمقر الوزارة في رام الله اليوم المبعوث الصيني لعملية السلام قونغ شياو شينغ بحضور السفير مازن شامية مساعد الوزير لشؤون آسيا وإفريقيا والسفير الصيني لدى فلسطين تشي شينغتشونغ ووفدين رفيعي المستوى من الجانبين.
وعبَّر شينغ عن بالغ سعادته لوجوده في فلسطين، شاكراً المالكي على ترتيب هذا اللقاء المهم والذي يأتي بعد مؤتمر مدريد الذي حضراه كليهما الاسبوع المنصرم.
وبين ان هذه الزيارة تأتي للتأكيد على أن الصراع في الشرق الأوسط وعلى رأسه الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي يقع على سلم أولويات القيادة الصينية، وأن وجهة النظر الصينية تقضي بحل هذا الصراع الذي طال أمده ليتم التفرغ للبناء والتخطيط لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، قائلاً: "يصيبنا القلق بسبب استمرار التحديات التي تواجهنا هنا، ذلك بسبب وجود قضايا ساخنة، فالمنطقة ملتهبة وحرارتها لا تقتصر على المنطقة فحسب بل تتعدى ذلك لتصل إلى كل ركن على هذه الأرض"، مضيفاً أن "الجهود الصينية ستظل منصبَّة لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية طبقاً لقرارات الشرعية الدولية".
"فالصين ترى في إستمرار المواجهة خطر لا بُد من وضع حدٍ له"، ويقول شينغ: "تعمل الصين على الدفع ببناء طريق الحرير ليس من أجل الربح والنهوض بالوضع التجاري فقط بل ليتعدى ذلك للتغلب على التحديات، وبناء وضعاً سياسياً يسمح للجميع بالإطمئنان وبناء الثقة نحو إنهاء الصراعات وإستتباب الأمن والسلام للجميع". فقد لاقى منتدى الحزام والطريق الذي إنعقد في العاصمة الصينية بكين ترحيباً واسعاً من قبل جميع الأطراف، فعديد الأطراف التي شاركت أبدت إستعداداً للتنسيق والتعاون من أجل إنجاز هذه المبادرة وتحقيقها على أرض الواقع.
وفي سياق آخر أكد شينغ أن زيارة الرئيس الأمريكي وتفاصيلها لمنطقة الشرق الأوسط أثارت شجون وإهتمام القيادة الصينية على إختلاف مستوياتها، مشيراً إلى أن الرئيس محمود عباس كان وضعه ليلة أمس بصورة شاملة للقائه بالرئيس ترامب، وحرصه على الدفع بالعملية السلمية قدماً، فنرجو النجاح لكل جهد مبذول للوصول بالمنطقة إلى بر الأمان.
وأبدى شينغ رغبة بلاده الجامحة لدعم فلسطين وتقديم المشاريع التنموية وفي مجال البنى التحتية، وهذا ما تم نقاشه مع الطرف الإسرائيلي امس، مشدداً على أن جمهورية الصين الشعبية ستبقى على مواقفها المعهودة الداعمة للقضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية وستواصل هذا الموقف حتى تحقيق الشعب الفلسطيني لطموحاته بإقامة الدولة وتقرير مصيره على تراب وطنه.
من جانبه قدَّم المالكي شرحاً مفصلاً حول القضية الفلسطينية وتأثيرها وتأثرها بمجريات الأوضاع في المنطقة والعالم، حيث أكد على ما قدَّمه في مؤتمر مدريد الأخير والذي أشار فيه إلى أن المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص هم جزء أصيل من النسيج الإجتماعي، منوِّهاً: "ستفقد فلسطين شخصيتها الإعتبارية إذا خرج المسيحيون منها، ولا يمكن أن تسمى هذه الأرض مقدسة بدون مسيحيين"، فنحن نؤمن بالمساواة والمواطنة للجميع.
وأشار المالكي إلى إتفاقه مع رؤية القيادة الصينية بأن النزاعات لا تجلب إلا الدمار، والسلام ما هو الا تتويج لحوار جاد بين طرفين متصارعين، مؤكداً على أن أقصر الطرق هي الواقعة بين نقطتين وعلى خط مستقيم، فأقصر الطرق وأكثرها إستقامة وتحقيقاً للعدل تكمن في إنهاء الإحتلال الاسرائيلي البغيض ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته المستمرة منذ مئة عام.
وتساءل المالكي قائلاً: أما آن الأوان لهذا الظلم أن ينتهي؟، أما آن الأوان لهذا القيد أن ينكسر؟ أما آن الأوان لضمير العالم من أن يصحو وينتصر للحق وقراراته القاضية بحق الشعب الفلسطيني بدولته على تراب وطنه وحقه في تقرير مصيره؟.
وفيما يتعلق بالصراع الدائر في سوريا أكد المالكي على أن موقف القيادة واضح وهو عدم التدخل بالشأن الداخلي السوري، وأننا على استعداد لتقديم كل ما يمكن خدمةً لسوريا وشعبها وإنهاء محنتها التي تدمي القلوب، فنحن على تواصل مع النظام وأقطاب المعارضة الديمقراطية التي ترى بضرورة إنهاء الصراع الدامي والوصول إلى حل يحقن دم الشعب السوري ومسلسل الدمار، وقد حدث مثل هذا اللقاء أثناء زيارتنا لروسيا في وقت سابق. أما فيما يتعلق بمنتدى الحزام والطريق الذي عقد في بكين، فالحضور وحده أكد على نجاح هذه الفكرة، علماً بأن هذا المنتدى له جانبان الأول يتعلق بأوروبا، والثاني يتعلق بمنطقتنا، وأشار المالكي إلى أننا سعداء بمخرجاته، خاصة وأنه سيربط فلسطين بشبكة طرق مهمة، فالحزام والطريق لا بدّ وأن يكون أداة الصين في الحركة وممارسة نفوذها في المنطقة والعالم، فهو مفيد على الصعيدين السياسي والتجاري.
وناقش الجانبان زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة وأبعادها وبكل تفاصيلها وقد وضع كل طرف ما عنده بهذا الخصوص من رؤى وأفكار، مشددين على ضرورة تشجيع أي طرف مؤثر وعلى رأسها الطرف الأمريكي لما له من ثقل سياسي على الساحة الدولية للدفع بعملية السلام قدماً وإنجاز السلام بوصفه الهدف الذي يرمي إليه كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي.
وأشار المالكي لقد تم الإتفاق خلال زيارة الرئيس ترامب على تقديم دعوة للطرفين كلاً على حدة والبحث في ثلاثة ملفات وهي السياسية والإقتصادية والأمنية، فإذا تحقق تقدماً بهذه الملفات، فإن هذا سيساعد الإدارة الأمريكية بتشكيل إطار عمل، يمكِّنها من تشكيل رؤية واضحة للتسوية والحل بين الطرفين.
وفي نهاية اللقاء تم الإتفاق بأن يبقى التواصل مستمراً، وأن تتواصل الجهود الصينية المهمة للمساعدة في الوصول إلى حل سلمي يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.