وعدد المحللون السيناريوهات المتاحة إلى جانب المصالحة أمام حماس في حال تخلت عنها قطر، ومن بينها اللجوء إلى المواجهة مع إسرائيل أو التوجه نحو التحالف مع إيران وهنا ستفقد الحركة جزءا من دعمها السني، وسيزيد من عزلتها، لاسيما أنّ مصر هي المتحكم بمعبر رفح الذي يعتبر الشريان الرئيس لقطاع غزة.
ومن جانبه، يتفق المحلل السياسي من غزة طلال عوكل مع هذا الرأي، بقوله لـ معا إن الخيار المتاح أمام حماس أن تقدم كل التنازلات المطلوبة لتسليم قطاع غزة، واعادتها لحضن السلطة الفلسطينية، وهذا اقل الخيارات تكلفة أمام حماس في ضوء الضغط الدولي الذي تتعرض لها.
ولا يختلف رأي الكاتب السياسي مصطفى الصواف في ذلك، فيرى أنّ خيار المصالحة ضرورة وطنية إلى جانب اهمية انفتاح حماس على أكبر عدد من الدول العربية، وتحسين وتطوير العلاقات معها دون استثناء.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال يوم الثلاثاء إن على قطر القيام بعدة خطوات تتضمن إنهاء دعمها لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة الإخوان المسلمين من أجل إعادة العلاقات مع دول عربية كبرى أخرى.
وأشار القيادي في حركة حماس د. أحمد يوسف في حديث لـ معا إلى استعداد حركة حماس لمغادرة قطر حال ارادت الدوحة ذلك، قائلا: العديد من قيادات الحركة غادرت قطر طوعاً، لعدم وضع الدوحة في موقف محرج امام أي طرف كان، وإن حماس مستعدة لنقل مكتبها السياسي لأي مكان في حال طلبت قطر ذلك، من اجل تخفيف الضغط عليها".
السيناريو الثاثي:
ومع عودة ملف العلاقات بين إيران وحركة حماس، للطفو مجدداً على سطح الأحداث السياسية بعد فتور طفيف خلال الفترة الماضية، جراء ما تقول الحركة أنّه اختلاف النظرة والمواقف من الأحداث الدائرة على الساحة العربية، فهل يكون التحالف مع إيران كبديل لقطر واحداً من الخيارات المتاحة؟
يعتقد المحلل السياسي د. عوض أنّ قطر لن تتخلى عن حماس سريعاً وبطريقة دراماتيكية كما يخيل للبعض، ولكن ربما تخفف قطر علاقتها بحماس وتقوم باجراءات من شأنها أن ترضي الاطراف التي قاطعتها؛ لأن هذه العلاقة مهمة لقطر التي تعتبر حماس احد اذرعها في المنطقة.
وفي حال اتخذت قطر اجراءات "قاسية" تجاه حماس فقد تضطر الأخيرة إلى التقرب أكثر من إيران وتركيا؛ لضمان استمرار تدفق الدعم للحركة، لكن في المقابل إن هذا الخيار سيغضب مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وهو خيار خطير وله فاتورة مكلفة.
من جهته، قال المحلل عوكل إن أيّ توجه نحو إيران كبديل سيضع حماس في خانة صعبة جداً، ولا مجال للهروب من نتائجها والثمن الكبير التي ستدفعه، وستكون حماس في عين العاصفة وتخضع لحرب من كل الاطراف العربية والدولية.
لكن الكاتب الصواف كان له رأي مغاير، حيث يرى أنّ علاقة حماس اخذت بالتحسن مع إيران منذ عدة اشهر أي قبل اندلع الأزمة الحالية في قطر، انطلاقاً من قاعدة حماس تنص على أنّ "كل من يمد يده للشعب الفلسطيني فحماس تمد يدها له"، وعليه فالعلاقة وثيقة منذ القدم ولم يكن ذلك انتحاراً في السابق، فلماذا لا تعزز العلاقة معها إذا كانت دون أي اثمان سياسية أو تنازلات؟
وتعود العلاقة بين إيران وحماس إلى تسعينات القرن الماضي، عندما شارك وفد منها في مؤتمر لدعم الانتفاضة في طهران في تشرين الثاني (نوفمبر) 1990. كما كان "حزب الله" أحد مفاتيح التقارب بعد إبعاد عدد كبير من قادة "حماس" إلى لبنان أواخر العام 1992.
السيناريو الثالث:
ويكاد يجمع المحللون على أنّ خيار المواجهة العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي، هو الأخير أو الابعد بالنسبة لحماس للخروج من تحت الضغط الدولي الذي تتعرض له.
وأشار د. عوض إلى أنّ الهوامش والخيارات تقل أمام حماس وكلما ضاقتْ يبقى لديها خيارا ذو كلفة عالية وهو المواجهة العسكرية مع إسرائيل؛ من أجل خلط الأوراق في المنطقة.
أما المحلل السياسي عوكل فيظن أنّ الخيار العسكري في هذا الظرف بمثابة خيار "انتحاري" إذا ذهبت إليه حماس، ويكون اقل ضرراً وكلفة لو بادرت به إسرائيل.
ومن جانبه، الصواف اعتبر أنّ خيار المواجهة مع إسرائيل سيكون الأخير عندما تنقطع كل السبل أمام حماس، ولكن الحركة تحاول عدم الوصول إلى هذه المرحلة؛ لأن الشعب الفلسطيني منهك واثار العدوان الأخير على قطاع غزة لم تزال اثاره بعد.
احتمالات اخرى
وفيما يتعلق بعلاقة حماس مع مصر، فيرى المحللون أنّ الحركة ستضطر لاتخاذ خطوات جديدة مع مصر في سبيل تحسين العلاقات، خاصة وأنّ احتمال أن ترفع قطر يدها عن حماس يبقى خياراً وارداً في ظل المتغيرات بالمنطقة، ويعني ذلك وقف الدعم القطري والمشاريع عن قطاع غزة.
ولفت عوكل إلى أنّ
مصر حتى الان لا تثق بحماس، حتى بعد إعلان وثيقة الحركة التي قدمتها، ويعتبر اغلاق معبر رفح هو تفسير لممارسة مصر دورها الضاغط، متوقعاً أن تطرح مصر على حماس أخر الاسئلة فيما يتعلق بمواقفها، وتقدم لها الخيارات المتاحة في ظل الوضع الحالي حتى لا تتحمل مصر المسؤولية في حال واجهت حماس خيارات صعبة مستقبلاً.أما د. عوض فشدد على ضرورة أن تصمت حماس حالياً "صمتاً ايجابياً" وتبدي مرونة عالية؛ لأن الهجمة القادمة ستكون قوية على الحركة.
وكانت عدة دول أبرزها السعودية والإمارات والبحرين قطعت علاقاتها مع قطر بسبب "رعايتها لجماعات إرهابية"، ودعمها لمخططات إيران في المنطقة، وانضمت كل من الحكومة اليمنية الشرعية ومصر وحكومة شرق ليبيا وجمهورية المالديف ومورشيوس للدول الخليجية بقطع علاقاتها مع قطر، فيما طالبت منظمة التعاون الاسلامي الدوحة إلى الالتزام بتعهداتها.