المبعدون مستاؤون من أداء السلطة وعجزها عن إنهاء ملفهم ويشتاقون للعودة إلى بيت لحم دون ملاحقة إسرائيل
نشر بتاريخ: 05/10/2005 ( آخر تحديث: 05/10/2005 الساعة: 11:26 )
غزة- معا- يقطنون في مدينة غزة منذ أربع سنوات ، يحبون أهلها ويحبونهم، يشاطرونها فرحة الانسحاب الإسرائيلي، ويحملون همومها ويستنكرون الخلافات الداخلية ويحذرون من آثارها.
اليوم وبعد أن حل شهر رمضان الثالث عليهم في رحاب غزة يتساءلون هل من عودة إلى بيت لحم المهد حيث الأهل والأحبة والأصدقاء والبيت المهجور ؟ فبعضهم يشتاق إلى مساحة خضراء يعزّ عليه فراقها، وبعضهم يشتاق إلى الجبال والمرتفعات، وبعضهم يود لو يذهب إليها ولو زاحفاً ويموت أو يستشهد بين ذويه، ولسان حالهم يقول متى سيكون موعد اللقاء مع ترابها؟ وهل من نهاية لصفقة إبعادهم عن بيت لحم إلى غزة التي بدأت في العاشر من مايو/أيار 2002 ؟ أم هل من مدة محددة فقط كي يطمئن القلب، ويتخذ من غزة مرحلة مؤقتة يعرف نهايتها؟
حاتم حمود، ناجي عبيات وفهمي كنعان من مبعدي كنيسة المهد الذين وافقت السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي على إبرام صفقة بإبعادهم الى هناك على أن يعودوا بعد حين يتساءلون متى نهاية هذه الصفقة؟ وهل ينتهي ملفهم ويطوى إلى الأبد؟ وإذا كانت السلطة عاجزة عن إنهاء هذا الملف فلماذا لا تقول لهم، وتدعهم يأخذون من غزة مستقراً ومكانا؟.
ناجي عبيات قال لـ "معا": "الرئيس أبو مازن أبلغنا إننا سنعود إلى بيوتنا في بيت لحم، وهذا رئيس وليس أي مواطن من الشارع فلماذا لم تترجم هذه الوعود على أرض الواقع ؟ فمنذ سنتين قالوا لنا إن بإمكاننا العودة في ظرف ثلاثة أيام وقمنا جميعا بتجهيز حقائبنا وأمتعتنا وأبلغنا أهلنا الذين استعدوا لاستقبالنا ولكن الأيام الثلاثة طالت حتى وصلت شهور وسنين، فلماذا هذا التلاعب بأعصابنا".
ويتساءل عبيات الذي يعيل أسرتين إحداها في بيت لحم حيث زوجته التي خلفها شقيقه الشهيد حسين بسبعة أطفال وعائلته الصغيرة في غزة :" لماذا لا يتم تحديد مدة لإبعادنا؟ ولماذا عاد المبعدون الذين أبعدوا من سجون الاحتلال إلى غزة بعد انتهاء مدة إبعادهم التي حددت إما لأشهر أو سنتين ولم يلاحقهم الاحتلال هناك؟".
عبيات الذي أبعد إلى غزة برفقة 26 آخرين, أبعد شقيقه ابراهيم أيضاً إلى أوروبا مع 13 ممن حاصرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في كنيسة المهد, فيما عرف بحصار الكنيسة، كما استشهد شقيقه الأكبر وطارد الاحتلال رابعاً من أشقائه يؤكد لـ "معا" شوقه الكبير للأم التي لا تفارق خياله مشتاقاً للالتقاء بها وخاصة في شهر رمضان حيث التجمع الأسري الكبير في اليوم الأول.
اما المبعد حاتم حمود فيقول: "طرقنا كافة الأبواب من السلطة للأحزاب والتنظيمات حتى المؤسسات نطالب برفع قضيتنا وإسماع صوتنا خاصة قبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وأضاف:" رفعنا رسالة للرئيس أبو مازن نذكره بقضيتنا التي اعتقدنا انها حلّت قبل عامين عندما كان رئيساً للوزراء حيث شمل لقاء شرم الشيخ ملفنا بشكل رئيسي ولكن ليس هناك حتى الآن أي حل ونحن لا زلنا ندفع ضريبة لا نعرف ما هي ومتى ستنتهي".
وتابع: "كلما توجهنا لأحد من السلطة قال لنا إن الاهتمام الآن مسلط على قضية الانسحاب, صحيح ان هذه القضية كبيرة جداً ولكن أين سنذهب نحن", وتابع "كان من ضمن شروط التهدئة إنهاء ملف مبعدي الكنيسة ولكن لا حل حتى الان يلوح في الافق, مؤكداً ان لجنة من المبعدين رفعت رسالة إلى مدير المخابرات المصري عمر سليمان عندما أتى إلى غزة ولكنه حسب تعبير حمود" طرح الموضوع وغادر المنطقة دون حل".
وتسائل حمود: "لماذا لا تحل السلطة موضوعنا وتعيدنا إلى بيت لحم بين أهلنا وإلى بيوتنا؟ وإذا كانت عاجزة عن ذلك فهي لم تبلغنا بعجزها" مسجلاً تعجبه من الحديث الأخير لصائب عريقات المفاوض الفلسطيني عندما قال إن السلطة لا تعد أي إنسان بأية ضمانة، متسائلاً:" هل ذلك يعني أننا إذا عدنا إلى بيت لحم سنظل ملاحقين من قبل الاحتلال، فنحن دفعنا ضريبة الوطن بهذا الإبعاد فهل سندفعها مرة أخرى؟".
وأعرب حمود الذي جلب عائلته المكونة من أربعة أفراد من بيت لحم إلى حيث مكان الإبعاد في غزة عن أمله أن يذهب ولو زاحفاً إلى مدينته بيت لحم ومن ثم تقدر له الأقدار ما تشاء، آملاً ان يموت أو يستشهد بين أهله ولكن كل ما يسكن أفكاره هو العودة.
ويؤكد حمود لـ "معا" أن العديد من المناسبات السعيدة والحزينة حدثت في بيت لحم بين ذوي المبعدين، دون ان يتمكن واحداً منهم المشاركة فيها سوى بالاتصال الهاتفي.
ويتعجب المبعد فهمي كنعان "أبو محمد" من الفصل بين الضفة والقطاع بهذا الشكل، مؤكداً على ان الشعب الفلسطيني واحدا وان ما يفصله هو حاجز واحد.
وقال: "نتأمل من السلطة أن تنهي هذا الملف، وقد سمعنا وعودات بإنهائه عند انسحاب الاحتلال من بيت لحم، فلماذا لا تجتهد السلطة على ان يكون الانسحاب من بيت لحم باكورة الانسحاب من الضفة".
ويكاد المبعدون وعائلاتهم الذين ألتقت بهم "معا" في أماكن سكناهم المؤجرة في أبراج مدينة غزة، يتفقون على أمنية واحدة وهي العودة إلى بيت لحم في أقرب وقت ممكن، مشددين على أن غزة واهلها محلاً للثقة والأمان لهم، مطالبين السلطة وكافة الفصائل بحقن الدم الفلسطيني وأن يبادر العقلاء من كافة الأطراف لدرء أخطار الفتنة والاقتتال الداخلي وأن يقوموا بواجبهم لمنع أي تصدع في الشارع الفلسطيني محذرين من آثار هذا الاقتتال بعد أن تحررت مدينة غزة.