نشر بتاريخ: 12/06/2017 ( آخر تحديث: 14/06/2017 الساعة: 12:37 )
بيت لحم- معا- كالضفدع الذي يطهى رويدا وريدا في القدر وبخطوة إثر أخرى، تتقدم غزة دون ان نلاحظ الاخطار نحو نقطة الغليان هذا الصيف.
دون ان يكون هذا الوصول هدفا معلنا لاي طرف ودون أي مصلحة يمكن للتصعيد ان يحققها ويخدمها نرى اسرائيل وحماس تقتربان من نقطة المواجهة والصدام المحتمل، بتشجيع نشط وغير مألوف من السلطة الفلسطينية حسب تعبير "عاموس هرئيل" المحلل العسكري لصحيفة "هأرتس" الناطقة بالعبرية، صاحب هذا التحليل المنشور اليوم "الاثنين" والذي قال فيه دون تصرف او تدخل في الترجمة:
"ان قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيادة الضغوط الاقتصادية على حكم حماس في غزة هو السبب الاساسي للتوتر الجديد.
بعد عشر سنين على رد فتح والسلطة الفلسطينية من قطاع غزة ورفض قيادة حماس المهين والمذل لتقديم أي اشارة او رمزا يشير الى سلطة وصلاحية السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، يبدو ان عباس قد شعر بالملل من تمويل خصومه السياسيين.
تشكل العقوبات التي فرضتها السلطة على غزة مثل خصم ثلثي رواتب موظفي السلطة في غزة، وتقليص المخصصات المالية التي تدفعها لمحرري صفقة شاليط، وتقليص حاد في الكهرباء المكون الاساسي والرئيسي لهذه الصورة.
تزود اسرائيل قطاع غزة في الايام العادية بـ 123 ميغاواط من الكهرباء عبر عشرة خطوط ناقلة، فيما تنتج محطة كهرباء غزة 60 ميغاواط اضافية "لأنها تعمل بنصف طاقتها الانتاجية لاعتمادها على مادة السولار المستورد من اسرائيلي" و23 ميغاواط اضافية تأتي من مصر عبر خطين ناقلين وذلك في حال عدم وجود خلل يمنع عملية النقل هذه.
توقّف السلطة الفلسطينية عن دفع فاتورة سولار غزة التي يتم حسم قيمتها من اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لصالح السلطة وتهدد بوقف تمويل خطوط الكهرباء القادمة من اسرائيل الى غزة ما يعني وفي حال الدمج بين هاتين الخطوتين ان كمية الكهرباء الواصلة الى غزة ستنخفض الى اقل بكثير مما هي عليه اليوم، حيث يتم تزويد السكان بالكهرباء لأربع ساعات فقط لا غير الامر الذي يجبر السكان على اللجوء الى المولدات الخاصة ويمس بشكل خطير بعمل المستشفيات ويعرقل بشكل كبير عملية تنقية المياه العادمة اضافة لعرقلة امكانية تزويد السكان بمياه الشرب.
وكل هذا يحدث مع بداية صيف غزة حيث وصلت درجات الحرارة حاليا الى مستويات غير محتملة.
اجرت القيادة السياسية والأمنية الاسرائيلية العليا خلال الاسبوعين الماضيين سلسلة نقاشات تتعلق بأزمة كهرباء غزة وخطر التصعيد العسكري هناك و"اليوم" بحث مجلس الكابينت هذه القضية.
مسؤولون اسرائيليون كبار ومن بينهم (وزير الجيش) افيغدور ليبرمان اعلنوا ان اسرائيل لن تحل مكان السلطة ولن تدفع الديون المتراكمة بدلا منها فيما ترفض حكومة نتنياهو الظهور بمظهر الخاضع للابتزاز الفلسطيني.
ومقابل كل هذا حكومة اسرائيل ملزمة بان تأخذ باعتبارها ان الديون المتراكمة "عشرات ملايين الشواقل شهريا" اقل بكثير من التكلفة الاقتصادية ليوم قتال واحد في قطاع غزة وذلك دون أن نذكر الخسائر البشرية المتوقعة.
في مرات سابقة حين احتاجت حماس دعما اقتصاديا تصدت دولة قطر بموافقة مصرية لهذه المهمة، لكن قطر منشغلة حاليا بالحصار الذي فرضته السعودية عليها بدعم واضح من مصر، وهذه التطورات من شانها ان تدفع حماس مرة اخرى الى احضان ايران.
وتجري الكثير من الاحداث في خلفية الصورة فسبق جهاز الشاباك أن اعلن انه احبط خطة اعدتها حماس بالتعاون مع "مجرمين" من عرب اسرائيل لاغتيال ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي انتقاما لاغتيال مازن الفقها، كما ان حماس توقفت عن منع المظاهرات الاحتجاجية من الوصول الى السياج الامني كما كانت تفعل سابقا، وانتقلت من منع المظاهرات الى تشجيعها "قتل فلسطينيان بنيران الجنود الاسرائيليين خلال الاسبوعين الماضيين".
اعلنت وزارة الجيش الاسرائيلي خلال الاسابيع الماضية نيتها توسيع عملية اقامة عائق جديد مضاد للأنفاق المتجهة من غزة الى اسرائيل عبر الحدود، وبناء هذا العائق سيزيد من الضغوط على حماس لان ذراعها العسكري يخشى ان يجرد العائق الجديد كتائب القسام من ذخر استراتيجي بنته خلال السنوات الماضية بكد وجهد كبيرين.
اضطرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاسبوع الماضي الى الاعلان عن اكتشافها نفقا اسفل مدرسة تابعة لها في غزة، الامر الذي اكد ادعاءات اسرائيلية سابقة بهذا الخصوص، علما ان هذا الامر ظهر وتم اثباته ايضا خلال عملية الجرف الصامد حيث اثبتت الوقائع استغلال حماس المؤسسات الانسانية لأهداف عسكرية.
استغل رئيس الوزراء نتنياهو الفرصة ليدعو في مستهل جلسة حكومته الاسبوعية الى تفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وطالب الامم المتحدة باعادة دراسة جدوى وجود هذه الوكالة التي تخصص نشاطاتها لدعم عائلات قدامى اللاجئين الفلسطينيين واحفادهم.
نتنياهو على علم بموقف ادارة ترامب العدائي اتجاه مواصلة تمويل نشاطات الامم المتحدة، ولكن هذا النقاش والدعم الامريكي للموقف الاسرائيلي قد يكسب اسرائيل نقطة ضد الفلسطينيين، لكنه يجب ان لا يحرف النقاش عن الموضوع الرئيسي والمتمثل بضرورة منع حرب اخرى لا حاجة لها في غزة".